المحتوى الرئيسى

القمامة.. أزمة عابرة للحكومات

12/17 22:25

تحقيق – دعاء مهران / إشراف : نادية صبحي

يسعى البرلمان فى الوقت الراهن، لبحث وإيجاد حل لمشكلة القمامة التى باتت تشوه واجهة مصر الحضارية أمام العالم، فشركات النظافة الأجنبية التى تعاقدت معها الحكومة على مدار 15 عاماً، فشلت فشلاً ذريعاً، رغم نجاح تلك الشركات فى الخارج.

ومن جانبهم أبدى جامعو القمامة استعدادهم لحل المشكلة، مطالبين الحكومة بمنحهم الصلاحات والمزايا التى كانت تمنحها الحكومة لشركات النظافة الأجنبية، مؤكدين أن الحكومة لا تتعاون معهم فى حل مشكلة انتشار القمامة بجميع المحافظات.

قال النائب على عبدالواحد، عضو لجنة الإدارة المحلية: إن شركات تدوير القمامة، التى تعاقدت معها الحكومة كانت لها تجارب ناجحة فى الدول الأجنبية، ولكنها فشلت فى مصر، متسائلاً عن أسباب فشل تلك الشركات التى حققت ناجحاً باهراً فى مجال جمع وتدوير القمامة فى الخارج.

ولفت إلى أنه لا يطمح لتحقيق استفادة مادية من تدوير القمامة كما يحدث فى الخارج، ولكنه يجب أن تحقق عوائد إعادة تدوير القمامة تكاليف التشغيل.

وأكد «عبدالواحد» أن الاستثمار فى مجال إعادة تدوير المخلفات لم يعد ترفاً، وآن الأوان لاعتبار القمامة ضمن مصادر الدخل القومى، نظراً لأنها توفر مليارات الدولارات على الدولة بسبب توفير بدائل محلية لعدد من المنتجات المستوردة المستخرجة من إعادة التدوير مثل صناعة الورق وإنتاج الأسمدة العضوية ومشروعات توليد الطاقة، لافتا إلى أن هناك عدداً من الدول تستورد القمامة لإعادة تدويرها.

وأوضح «عبدالواحد» أنه تقدم بطلب إحاطة، إلى وزير التنمية المحلية ووزير البيئة، بخصوص قرار إنشاء شركة قابضة لجمع القمامة، لافتاً إلى أن إنشاء شركة قابضة للقمامة يحتاج إلى استراتيجية كاملة لمواجهة الأزمة، وآليات محددة تسير عليها الشركة لضمان نجاحها فى حل مشكلة القمامة بمصر.

وتساءل: هل قامت الوزارة بعمل الدراسات اللازمة لإنشاء هذه الشركة؟.. وما شروط التعاقد التى ستضعها الشركة مع الحكومة؟.. وهل سيتم الاتفاق بالأمر المباشر أم ستطرح مناقصات بطريقة تنافسية بين الشركات للحصول على أفضل الأسعار؟.. وما الخطة التى ستضعها هذه الشركة لجمع وتدوير القمامة بالمحافظات؟.. وما الفروع التى ستتضمنها هذه الشركة؟.. وهل قامت الحكومة بدراسة التجارب الأوروبية والأجنبية فى هذا المجال؟

ويرى «عبدالواحد» أنه لابد من دراسة كيفية تعظيم الاستفادة الاقتصادية من القمامة، والمساعدة فى تسويق المنتجات وتحسين مستوياتها حتى يتم تصديرها للخارج، بالإضافة إلى دراسة إمكانية تنفيذ تجارب الدول الأخرى مثل البرازيل التى تمكنت من الاهتمام بالقائمين بجمع القمامة وتدويرها، وكولومبيا التى أنشأت منتدى لتبادل التجارب والخبرات فى مجال تدوير المخلفات، والمكسيك التى أقامت مصنعاً لإنتاج الزجاجات البلاستيك للمشروبات من خلال بلاستيك معاد تدويره ويتم تصديره للصين برأسمال 10 ملايين دولار، وتشيلى وكوستاريكا اللتين وضعتا قوانين لتنظيم عمليات التدوير.

وأكد وجود 8 شركات تعمل في هذا المجال منها 3 شركات  أجنبية، حاصلة على ترخيص من وزارة البيئة «EIA» و5 شركات أخرى خارج المنظومة الرسمية تعتمد فقط على التجميع غير الآمن وتصدير المخلفات للخارج دون إعادة تدويرها مما يضيع الفرصة على مصانع التدوير المادة الخام اللازمة لتشغيل مصانعهم بصورة اقتصادية.

وأوضح أنه يتم إهدار المعادن النفيسة بتصديرها للخارج بأقل من قيمتها الحقيقية، عبر الشركات غير المرخص لها بإعادة التدوير طبقاً لمعايير وزارة البيئة، ويضاف للقائمة تجار الخردة الذين يتعاملون معهم نتيجة لاستحواذهم على ما يوازي 80% من سوق المخلفات الإلكترونية الحكومية والخاصة وهذه الشركات قد يكون لديها سجل تجاري وبطاقة ضريبية وليس لديها ترخيص من وزارة البيئة، ورغم ذلك تقوم بتجميع المخلفات من الحكومة والتي تمثل 30% من إجمالي المخلفات الإلكترونية على مستوى الدولة، ومن الشركات والأفراد والمنازل والتي تمثل 70% من المعروض.

تعددت وتنوعت الحلول للقضاء على مشكلة القمامة فى الشوارع، ولكن لم تستطع الحكومة إيجاد حل متكامل للقضاء على تلك المشكلة، وبعد أن أثبتت شركات النظافة الأجنبية فشلها فى تنظيف الشوارع المصرية، استقرت الحكومة على إنشاء شركة قابضة للقمامة خلال الأسابيع المقبلة، من أجل معالجة منظومة النظافة بشكل إيجابى.

وتواجه فكرة إنشاء الشركة القابضة للقمامة، العديد من المعوقات والبيروقراطية التى تواجهها جميع المشروعات القومية الأخرى، حيث تحتاج الشركة القابضة للقمامة إلى ميزانية عالية فيما يتعلق بالمخصصات المتعلقة بإعادة التدوير، بالإضافة إلى المخصصة لإنشاء محطات قمامة فى كل المحافظات، كما أن الشركة القابضة تواجه عجزاً مالياً يصل إلى 5 مليارات جنيه، ويجب على الحكومة توفير هذا العجز للبدء فى هذا الملف.

وتحتاج الشركة القابضة للقمامة إلى مسودة تشريعية تنظم عملها بشكل متكامل، وحتى تكون متوافقة مع القوانين الحالية، وحتى الآن لم تتوفر مشروعات القوانين المطلوبة لاستكمال المنظومة، كما تحتاج الشركة القابضة إلى 46 مدفناً للقمامة، إذ تشير الدراسات إلى أن الشركة المزمع إنشاؤها تحتاج إلى 48 مدفناً، فى حين تملك الدولة مدفنين فقط.

وأخيراً تواجه الشركة خلافاً بين ممثلى الوزارات المعنية، حول تبعية الشركة القابضة، وهل تتبع القانون 153 أم القانون 203، حيث ترى وزارة الاستثمار أن الشركة القابضة المنتظر إنشاؤها غير مطابقة للقانون 159، والأجدر إنشاؤها بناء على القانون 203 الخاص بشركات قطاع الأعمال.

وبحسب الدراسات التى أجريت على مقدار ما يتم جمعه من القمامة في مصر يقال إنها تحتوى على مكونات تجعل من الممكن تدويرها بنسبة 100%.

فطن الزبالة في القاهرة يتكون من 65% مواد عضوية عبارة عن بواقي خضراوات وفاكهة وخبز وغيرها من فضلات الطعام ومخلفات المطبخ، 15% ورق، 3% زجاج، 3% بلاستيك، 3% قماش، 1% عظم، 1% معادن، 9% مواد أخرى.

وتشير الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة البيئة إلى زيادة حجم القمامة عاماً تلو الآخر خصوصاً مع تزايد أعداد السكان وأن ما يتم رفعه منها لا يزيد على النصف في حين يظل قسم كبير في الشوارع، حيث كان حجم القمامة في شوارع القاهرة عام 2000 ما يقرب من 20 مليون طن، أصبح الآن يفوق الـ 30 مليون طن.

ووفقاً للدراسة يمثل غياب أو تفعيل القوانين الخاصة بالبيئة، وغياب الرقابة مع عدم تطبيق المعايير الفنية الدولية لتقييم أعمال منظومة إدارة المخلفات الصلبة والخدمات المقدمة، وكذلك مشاكل التخطيط العمراني في صيانة الطرق وكثافة المرور، وعدم تحديد مواقع صحيحة ومناسبة لإنشاء محطات النقل الوسيطة داخل مناطق أداء الخدمات، وعدم تخصيص أراضٍ مناسبة لإنشاء مدافن صحية سليمة، وعدم وجود رؤية واضحة للاستفادة من المخلفات الصلبة وإعادة استخدامها وتوليد الطاقة البديلة منها، فضلاً عن غياب الدور القوى لمنظمات المجتمع المدني، سبباً فى تزايد حجم مشكلة القمامة.

أثبتت العديد من الحكومات المتعاقبة فشلها فى إيجاد حلول لمشكلة تفاقم القمامة بجميع المحافظات، وطرحت وزارة البيئة العديد من المبادرات لجمع القمامة وإعادة تدويرها.. إلا أن جميع التجارب باءت بالفشل، إذ تأتى منظومة «الفصل من المنبع» فى أولها، خصوصاً مع توقف مصانع التدوير فى محافظة الجيزة والتى كانت أولى المحافظات تطبيقاً للمنظومة.

محاربة انتشار القمامة بدأت مع بداية التسعينيات، ووجدت حكومات الرئيس الأسبق حسنى مبارك حل الأزمة في التعاقد مع شركات أجنبية لإزالة القمامة من الشوارع بعقد مدته 15 عاماً، ينتهي في 2017، وبالرغم من محاولات الحكومة المصرية خلال تلك الأعوام طرح مبادرات لإعادة تدوير القمامة واستغلالها بكافة الطرق، إلا

وقامت وزارة البيئة بإصدار استراتيجية قومية لإدارة المخلفات الصلبة في نوفمبر 2014 برؤية واضحة تستهدف الحفاظ على بيئة نظيفة وآمنة صحية، وفي 22 نوفمبر 2015 أصدر رئيس مجلس الوزراء قرار رقم 3005 قرارًا بإنشاء جهاز تنظيم وإدارة المخلفات يتبع وزارة البيئة ويهدف لمتابعة ومراقبة كافة العمليات المتعلقة بإدارة المخلفات علي المستوى المركزي والمحلى.

ومع نهاية العقد الأجنبى اتجهت الحكومة، بقيادة المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء وبالتعاون مع البرلمان المصري لطرح مشروع قومي تكاتفت فيه جميع الأطراف للخروج إلى النور، بإنشاء شركة قابضة مصرية لجمع القمامة، ستكون بمثابة الأمل للقضاء على الأزمة الموجودة في كل الأحياء، وسيتم فتح فروع للشركة في جميع المحافظات، والاستعانة بالشركات المصرية الموجودة والعاملة في مجال جمع القمامة وإعادة تدويرها.

كما أثبتت أكشاك ومنافذ شراء القمامة، فشلاً قوياً بمحافظة القاهرة كتجربة أولى، وكان سعر كيلو الكانز «9 جنيهات» والبلاستيك بـ 3 جنيهات، والزجاج بـ 20 قرشًا والكارتون بجنيه واحد والورق بـ 80 قرشاً، إلا أن التجربة لم تحظ بإقبال الأهالي، فضلاً عن زيادة الأكياس «المنبوشة» فى الشوارع من قبل جامعى القمامة (النباشين).

وأخيراً قدمت الحكومة مقترحاً إلى البرلمان وناقشته لجنة الإدارة المحلية، ومن المقرر أن يخطو ذلك المشروع أولى الخطوات الجادة للانتهاء من مشكلة القمامة، إذ من المقرر أن تمتلك الحكومة 51% من أسهم الشركة، مقابل 49% لجامعى القمامة وشركات النظافة المصرية.

مؤسس أول شركة وطنية للتدوير.. يسأل: «هل رأيتم زبالاً أجنبياً يرفع شنطة قمامة؟»

قال عيسى هابيل، مؤسس أول شركة وطنية لتدوير القمامة ومسئول للتجميع ونقل المخلفات: إن أزمة القمامة بدأت تتفاقم فى مصر، منذ استقدام الحكومة شركات التنظيف الأجنبية، لافتاً إلى أن الزبالين المصريين هم من كانوا قائمين على تنظيف وجمع القمامة فى الأربعينيات من القرن الماضي، وهم من قاموا بتطوير وجمع القمامة دون مساعدة من الحكومة، كما أنه لم تكن هناك شركات نظافة أجنبية.

وأكد «هابيل» أن جلب شركات نظافة أجنبية ليس حلاً لأزمة القمامة فى جميع المحافظات المصرية، متسائلاً هل رأى بعض المصريين زبالاً أجنبياً أخذ شنطة الزبالة؟.. ولفت إلى أن الحكومة تدفع 40 مليون جنيه شهرياً لشركات النظافة الأجنبية، إذ تعاقدت مع تلك الشركات لمدة 15 عاماً تنتهى العام الحالى.

وأوضح «هابيل» أن الكثير من الشباب الذين يعملون فى جمع القمامة يدخلون فى خانة «الأيدى العاملة» ويخففون من حجم البطالة، مؤكداً أن هناك العديد من الشباب الذين أسسوا شركات لجمع وتدوير القمامة، وأنه هو من قام بتأسيس شركته، ولديه 90 عاملاً، ليست لديهم مؤهلات، قام بإعطائهم دورات فى جمع القمامة وتدويرها.

وطالب الحكومة بمنح الشركات الصغيرة التى تعمل فى مجال جمع وتدوير القمامة المزايا التى تقدمها لشركات النظافة الأجنبية، مؤكداً أن لديه سيارة موديل 1983، وتقدم منذ 6 سنوات فى هيئة تجميل القاهرة، لاعتماد منطقة يعمل بها فى أى منطقة وحتى اليوم لم يرد عليه أحد، كما توجد لديه سيارات جمع القمامة باللون الموحد، وزى موحد للعاملين، لكن البيروقراطية المنتشرة فى جدران الحكومة تقوم بتأخير وتعطيل أوراقهم.

ويشير «هابيل» إلى أنه توجد في مصر مصانع متخصصة لتدوير القمامة، ومقرها في منطقة منشأة ناصر، وهذه المصانع لا تعمل لأن عائدها أقل بكثير من التكلفة التي ستنفقها من أجل حمل ونقل وتجميع القمامة.

كما لا يوجد تعاون بين عمال النظافة والمصانع في إعادة التدوير، وأصبح هدف العامل الآن تأسيس عمل خاص به، ويقوم بجمع القمامة وتدويرها تحت إشرافه وإدارته، فهذا يقلل من التكلفة في النقل والتحميل، ما يعد هذا سبباً من ضمن الأسباب توقف عمل مصانع التدوير القمامة.

وأكد أن حل مشكلة القمامة سهل وبسيطة، وجميع شركات النظافة المصرية قادرة على تنظيف البلد، فى حال منحها الدعم من الحكومة والفرصة الكافية لإثبات أنفسهم، مؤكداً أن الشركات الوطنية التى تم تأسيسها من قبل الزبالين التقليديين، والبالغ عددها حتى هذه اللحظة 75 شركة، تضم كوادر مدربة ولديها امتيازات لا تمتلكها الشركات الأجنبية ولا المتعهدون، فالشركات تمنح للعاملين فيها حق التأمين الصحى بالإضافة إلى التأمين على العمل، بالإضافة إلى وضع ملصقات على العمارات التى تقع فى نطاق عمل الشركة، وتوعية السكان بكيفية فصل المخلفات الصلبة عن المخلفات العضوية.

ويجرى العمل حالياً على تصنيع سيارات فى مصانع الإنتاج الحربى مخصصة للفصل بين المخلفات بداخلها، فضلاً عن تخصيص مشرفين من قبل الشركة لمتابعة عمل الزبالين على الأرض، وتخصيص رقم لشكاوى المواطنين فى حال وجود خلل فى عمل الشركة.

واعتبر «هابيل» أن السماح للشركات الوطنية بالجمع السكنى للقمامة يحقق عدة مزايا، أهمها خلق منافسة قوية بين الشركات من أجل تقديم خدمة مميزة، فبدلاً من أن تحتكر المهنة 4 شركات أجنبية فقط، فالمجال سيكون مفتوحاً أمام العشرات.

وتنتج القاهرة وحدها 18 ألف طن مخلفات، مضيفاً: «إحنا لوحدنا بنشيل 9 آلاف طن رغم إمكانياتنا كأفراد، والشركات الأجنبية رغم إمكانياتها بتشيل 3 آلاف طن، والباقى بيترمى فى شوارع القاهرة».

نقيب الزبالين لـ «الوفد»: قادرون على تنظيف مصر.. «بس إدونا الفرصة»

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل