المحتوى الرئيسى

وجهة نظر: السيسي هو فرعون مصر الجديد

04/20 14:27

اللوحات الإعلانية الضخمة تملئ الشوارع. جميعها تحض الشعب على التصويت بـ"نعم" على التعديلات الدستورية التي تسمح للرئيس بالبقاء في السلطة ثلاث دورات متتالية مدة كل منها ست سنوات. ينص الدستور الحالي على حق الرئيس بالبقاء في سدة الرئاسة دورتين متتاليتين مدة كل منهما أربع سنوات. وقد بارك البرلمان التعديلات المقترحة بأغلبية ساحقة الثلاثاء الماضي.     

النتيجة معروفة كما يبدو للكثيرين، مثل صحيفة "الشروق" المصرية. المصريون سيوافقون على التعديلات. اللوحات ومظاهر الترويج للتعديلات يقوم عليها، إما مستفيدون من النظام ممن لا يمكنهم التهرب من تقديم الدعم الدعائي للنظام، حتى وإن لم يطلب منهم النظام ذلك بشكل صريح. أو فئة ثانية من أناس، يعتبرونها مناسبة لاتقاء أي شر محتمل. أما مظاهر الترويج والدعاية ضد التعديلات فلا وجود لها في الشارع.

على الرغم من كل ما سبق ذكره فإن الكثير من المصريين بالكاد يبدون أي تأثر؛ إذ أنهم يزدرون الدعاية الصارخة للسيسي عن طريقة الاستهزاء بفرقة "مسار إجباري". الفرقة أطلقت أغنية "انزل وشارك" لتشجيع المصريين على المشاركة والتصويت.

الصحفي في مؤسسة DW كيرستن كنب

يجري الاستفتاء في أجواء سياسية تبعث على الكآبة: عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين في السجن، اضطهاد وتعذيب لأصحاب الرأي المخالف، ووسائل الإعلام في البلد كلها تسير إلى حد كبير في ركب السلطة. ومن هنا يأتي إحجام شرائح من الشعب عن المشاركة. تلك الشرائح تعتبر مجرد المشاركة تنازل غير مقبول للنظام.

وبناء على ما سبق شرحه، يبدو أن "نعم" على التعديلات ستكون هي الفائزة. الكثير من المصريين محبطون. تحكم البلاد بطريقة استبدادية منذ ما يقارب السبعين عاماً، أي منذ انقلاب ما يسمى "الضباط الأحرار" لعام 1952. الدولة مصممة، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، على أن يكون جهاز القمع التابع لها هو الأداة الفعالة في إبقاء أي إيمان بأي منظومة أخرى، صغيراً قدر الإمكان.

من الواضح أن جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك وعبد الفتاح السيسي كلهم مستبدون، إذ أن كل منهم قد ساهم بدوره في ترسيخ الاستبداد. يطلق بسخرية على الأربعة في مصر لقب "الفراعنة". هجماتهم على التفاؤل السياسي كانت ناجحة وحققت مبتغاها، القضاء على أي إيمان بالتغيير، الذي بانت ملامحه في بداية الألفية ووصل ذروته في عام 2011 في ما يسمى بـ"الربيع العربي". في ظل حكم السيسي تحول ذلك الإيمان بالتغيير إلى استسلام للقدر. محاكمات جماعية لمعارضين من مختلف المشارب والمنابت، وتعامل فض مع المنافسين للسيسي في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، والذي أجبرهم على سحب ترشيحهم. كل ذلك وسائل لإعادة العفريت إلى القمقم، ووأد ليس الثورة فقط، بل أي شكل من بالإصلاح.

ما تبقى هو مفارقة: الدعم الشعبي المزعوم للتعديلات، التي تجعل قبضة السيسي على الحكم أكثر قوة، وهي قوية بما فيه الكفاية الآن، لن تعود بالخير لا على البلاد ولا على ثقافتها السياسية. نظام استبدادي، كما يبدو ، سيزداد استبداداً في عطلة نهاية الأسبوع هذه.

استطاعت مصر خلال فترة رئاسة السيسي أن تحصر بؤرة الحركات المسلحة في سيناء. وحققت، حسب مراقبين، نجاحات عديدة فيما يخص مكافحة الإرهاب. وبالرغم من اعتماد استراتيجيات جديدة، كـ "قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب"، في فبراير 2018، لا تزال مصر تشهد هجمات إرهابية بين فترة وأخرى.

تمكن السيسي خلال أربع سنوات من تنويع شركائه الإقتصاديين. إذ قام بعدة زيارات لبلدان عرفت علاقتها بمصر فتورا منذ ثورة 25 يناير، وكانت فرنسا وأمريكا من أهمها. وشهد التعاون بين الجيشين المصري والأمريكي تقدما ملحوظا، وهو ما أشار إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أيضا. كما تعتبر صفقات الأسلحة بين مصر وفرنسا وكذلك روسيا من النجاحات التي حققها السيسي.

شهد الاقتصاد المصري تحسنا خلال السنوات الأربع الأخيرة. وقد رصدت صحيفة "اليوم السابع" مؤشرات مهمة على ذلك، أبرزها: تراجع العجز في الميزان التجاري بمعدل 5 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية، وارتفاع حصيلة صادرات السلع الاستهلاكية بمعدل 11 بالمائة لتصل إلى نحو 5,8 مليار دولارا بالإضافة إلى زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتسجل نحو 6 مليارات دولار.

عرفت المشاريع في مصر قفزة نوعية خلال فترة رئاسة للسيسي، فقد تم إطلاق مشاريع عملاقة مثل توسيع قناة السويس، فضلا عن بناء عاصمة إدارية جديدة في شرق القاهرة،ن تتضمن بناء 240 ألف وحدة سكنية جديدة خلال خمس سنوات. كما تمت زيادة الرقعة الزراعية عبر مشروع "المليون ونصف فدان".

كان ملف الطاقة من بين الملفات الشائكة في مصر، لكنه عرف نوعا من التحسن مؤخراً. لا سيما مشكلة انقطاع الكهرباء التي عرفت انفراجا مهما بعد توقيع شراكات دولية، بينها أربع مذكرات تفاهم مع شركة سيمنس الألمانية لإقامة مشروعات في مجال الطاقة بإجمالي استثمارات تصل إلى عشرة مليارات دولار. وقال بيان لوزارة الكهرباء المصرية إن الشراكة شملت إنشاء محطات لتوليد الكهرباء بنظام الدورة المركبة.

توفر السياحة في مصر عائدات مالية مجزية، لكنها شهدت تراجعا في السنوات الأخيرة بسبب غياب الاستقرار الأمني حسب ما ذكر تقرير مجلس السياحة والسفر العالمي سنة 2016. وكان لسقوط الطائرة الروسية عام 2015، تأثير كبير على تراجع توافد السياح الروس إلى مصر. وتحاول القاهرة استقطاب السياح مجددا.

لم تنعكس بعض القرارات الهامة التي اتخذت في السنوات الأخيرة إيجابيا على المصريين. فقد أدى تحرير سعر صرف الجنيه المصري إلى ارتفاع كبير في الأسعار أثر بشدة على الأسر المصرية وخاصة الفقيرة، فضلا عن ارتفاع التضخم لمستويات قياسية، بالرغم من القروض التي حصلت مصر عليها من الصندوق الدولي.

في حين يتحدث خبراء وتقارير إعلامية عن وجود أزمة مياه في مصر، قال السيسي في تصريح له مؤخرا، إن الدولة والحكومة لن يسمحا بحدوث أزمة مياه في البلاد! وكانت مصر على خلاف مع إثيوبيا بشأن بناء سد النهضة، وهو مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية قيمته أربعة مليارات دولار، وتخشى القاهرة أن يقلص السد كمية المياه التي تصل لحقولها من إثيوبيا عبر السودان.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل