المحتوى الرئيسى

علانية المناقشات الدستورية! | المصري اليوم

03/22 14:15

■ استقرت الدساتير عندنا منذ قرن من الزمان، على أن الأصل أن تكون جلسات مجلس النواب علنية وعلى الهواء مباشرة، مهما حملت من حسنات أو موبقات، لأنها تعبر عن الحقيقة، وشاهدنا من قبل ومنذ قديم، مناقشات البرلمان علنية بشأن نواب القروض ونواب المخدرات ونواب سميحة، الذين أسقطت عنهم العضوية وهى وقائع مازالت في ذاكرة التاريخ، وقد جرت علانية الجلسات واهتم الناس بمتابعتها ومشاهدتها على الهواء مباشرة، دون أن يصيبها مونتاج أو يحجبها رقيب، وجرت العلانية بالمادة 98 من دستور 1923 والمادة 45 من لائحته منذ كان لدينا «مجلس النواب.. ومجلس الشيوخ» وما بعدها، ليتمكن الشعب من رقابة وكلائه من السادة النواب، وفى ذات الوقت فإن من حق الوكيل أن يعرض أعمال وكالته على الشعب كله، فضلًا عن إحاطة الرأى العام بحقيقة ما يحدث تحت قبة البرلمان، سواء كانت المناقشات لموضوعات يناقشها المجلس، وهى في الأصل تستهدف صالح الشعب وحده، أو كانت المناقشة عند إعداد التشريعات أو السياسة العامة للدولة أو الخطط والموازنة أو ممارسة وسائل الرقابة على الحكومة.

■ لهذا الأسباب كانت علانية الجلسات عند مناقشة نصوص الدستور «أبوالقوانين» وبثها على الهواء مباشرة أولى وأشد، لأنها الوثيقة الوحيدة التي تربط الدولة بمواطنيها والتى تعتبر عقدًا اجتماعيًا تحدَّد بها الحقوق والواجبات والحريات وتحدَّد فيها الضوابط والأحكام، ولم تكن العلانية واجبة بنصوص دستورنا الحالى فقط، وإنما أتت بكل الدساتير السابقة، وأيضًا بقانون لائحة المجلس الحالى إعمالًا لحكم الدستور، ومنذ الاقتراح الذي تقدم به 155 من أعضاء مجلس النواب، ومناقشة المجلس للتعديلات الدستورية من حيث المبدأ، وموافقة 495 عضواً، وإحالة الموضوع إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، واهتمام الرأى العام بها..

.. ومشاركة الصحافة والإعلام بالرأى حول تلك التعديلات الواردة على النصوص القائمة بالتعديل أو الإضافة، وتعُهد المجلس بإجراء حوار مجتمعى، وإعلان لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية عن تخصيص جلسات للحوار، وجمع كل الآراء التي نشرت أو قدمت إليه، وأنها سوف تعكف على صياغة النصوص الدستورية المقترحة، ولقد كان حسنًا ما تعهد به المجلس من إجراء حوار مجتمعى على التعديلات المقترحة، لأن المناقشة ليست سرية كما كانت أمام لجنة العشرة أو لجنة الخمسين التي أعدت مشروع الدستور والتزمت بعدم الإعلان عنه أثناء المناقشة.

■ والسؤال هنا هل يكفى مناقشة التعديلات الدستورية تحت قبة البرلمان وبعدها الإعلان عن إنهاء التعديلات في جلسات غير علنية استصحابًا لما يتبعه المجلس، ثم عرضها للاستفتاء العام؟، أم أن جلسات النقاش تحت القبة يجب أن تكون علنية احترامًا لأحكام الدستور والسوابق البرلمانية- وهو التزام دستورى- بإذاعة جلسات المناقشة على الهواء مباشرة بعد أن صارت علانية الجلسات فرض عين، لا تقبل الالتفاف أو التحايل، لما تحققه إذاعتها علنا، من إحاطة الناس بمواد التعديل وحكمتها وفلسفتها، لجميع المواطنين قاطبة سواء، من يقرأ منهم ومن لا يقرأ، لأن الجميع له صوت معدود في جداول الانتخابات عند الاستفتاء؟.

■ وحتى يكون التصويت جامعًا ومعبرًا عن حقيقة التعديلات الدستورية وموقف النواب منها ومدى إيجابية النقاش والمشاركة وإبداء الرأى، بعد أن حظيت النصوص الدستورية والتعديلات السابقة كلها على مدى التاريخ بالعلانية وامتدت لعدة جلسات علنية جمعت كل طالبى الكلمة، والتصويت نداءً بالاسم، لهذا وجب أن تكون جلسات النقاش لمواد التعديلات الدستورية علنية وعلى الهواء مباشرة.

■ ولا يغنى عن علانية الجلسات، حضور السادة الصحفيين والإعلامين بقاعة مجلس النواب لنشر ما يجرى من مناقشات، إذ لا يكفى النشر عما يدور تحت القبة، لأنه مهما كان ما يجرى نشره، حتى لو كان بحرفية مهنية وحيادية فإنه يعبر عن رأى مجريه، ولا يحقق ذلك العلانية المقصودة التي تجعل لكل مواطن الحق في المعرفة ومشاهدة الجلسات علنًا كما لو كان حاضرًا جلسة المناقشة، لأن كل مواطن له رأيه ومشاهدته وتقييمه للنقاش الذي يجرى بشأنها وكيفية تقديره.

■ حقًا إننا أمام مشهد تاريخى، لمناقشة تعديلات المواد الدستورية على الدستور القائم، وهى تعديلات أتت من المجلس نفسه، ولم تأت من الرئيس، ومن حق الناس أن تقف على حقيقة المواد وفلسفتها، وما يدور في الجلسات بشأنها ورأى كل عضو فيها، لأن ذلك يسجله التاريخ بكل أمانة، دون تزيين أو تزييف.

■ وتعنى العلانية يا حضرات أن كل مواطن يشاهدها كما لو كان حاضرًا بالجلسات خاصة أن المجلس وفقًا للوائحه لا يسمح بالحضور إلا لأعضائه أو من يصرح لهم بالحضور، لهذا كانت العلانية فرض عين حتى تحقق غايتها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل