حسن كامى فى حوار قبل رحيله: أعيش وحدة قاتلة

رحل الفنان حسن كامى عن عالمنا، اليوم الجمعة، وشيعت جنازته، وتنفرد «الدستور» بنشر حوار معه، أجرته منذ أسابيع، فى ذكرى ميلاده في الثانى من نوفمبر الماضي.

وخلال الحوار، يحكى الممثل والمغنى الأوبرالى الراحل كيف عاش عزلة قاتلة فى أيامه الأخيرة، بعد وفاة زوجته «نجوى»، وقبلها ابنه «شريف»، ويكشف قصة مكتبته التى يديرها فى وسط القاهرة، ويتردد عليها صباح كل يوم، مسترجعًا فى الوقت ذاته أيام الشقاء والعمل «شيال» لتعلم الغناء الأوبرالى فى إيطاليا.

■ بداية.. كيف تقضى يومك الطبيعى؟

- أعيش فى وحدة وفراغ قاتلين لا يتحملهما بشر، لأن أصدقائى هجرونى بعد وفاة زوجتى «نجوى»، التى كانت تصنع نوعًا من البهجة بيننا وكانت محبوبة، ودمها خفيف وكانت علاقاتها واسعة، وبالتالى كانت هى حلقة الوصل بين أصدقائنا.

تخيل الجميع أننى سأتزوج بعد رحيلها، وهذا ما رفضته، فلم أتخيل أى امرأة أخرى تحل محل زوجتى، وشعرت بأن من حولى يعطفون علىّ، وبالتالى قررت فرض عزلة حولى، والانفراد بنفسى، وأستثمر معظم وقتى فى القراءة والمشاهدة والرياضة، أو حضور حفلات الأوبرا، والاستماع إلى الغناء الأوبرالى.

■ لماذا لم تتزوج بعد وفاة زوجتك؟

- رفضى الزواج ليس حالة نفسية، ولكن زوجتى نجوى كانت «ست لا مثيل لها»، وكانت دائمًا ترسم الفرحة والابتسامة على وجوه من حولها، حتى لو لم تكن سعيدة، ورغم أننى كنت محاطًا بكثير من المعجبات، فإننى لم أستطع أن أحب امرأة مثلها، ولم أتخيل حياتى مع إنسانة غيرها.

■ كيف تغلبت على وفاة زوجتك وابنك؟

- وفاة ابنى «شريف» كانت قاسية جدًا، ولولا وجود «نجوى» فى حياتى فى ذلك الوقت لم أكن لأستطيع التحمل، وكنت وقتها فى إنجلترا، وعدت على الفور بعد معرفة الخبر، وتعبت جدًا بسبب وفاته، أما وفاة «نجوى» فكانت قاسية بشكل يفوق الخيال، وأصابنى المرض، وظللت أعانى منه فترة طويلة، لحين تماسكت وأيقنت بأنه علىّ أن أكمل حياتى حتى يحين وقت رحيلى.

- على المستوى الشخصى لا يوجد، ولكن فكرت كثيرًا فى تدشين جائزة باسم «أميرة كامل»، فى الأوبرا، ولكن فشلت فى ذلك بسبب الميزانية، وأميرة كامل هى فنانة أوبرالية رفعت علم مصر عاليًا فى أكثر من دولة، من خلال أداء «أوبرا عايدة»، وتستحق منا ذلك.

■ كيف أصبحت مطربًا للأوبرا عالميًا؟

- بدايتى مع الغناء الأوبرالى كانت فى مصر، حيث تعلمته من خلال وجودى مع إحدى الفرق التى تقدم الغناء الأوبرالى، لكن عرفت بعد ذلك أنه يتوجب علىّ أن أتعلم هذا الفن فى إيطاليا، لكى أحترفه، وفعلت ذلك عن طريق عملى فى إحدى شركات الطيران بروما، حيث تعلمته هناك.

■ ما الصعوبات التى واجهتك لكى تحقق هدفك؟

- منذ صغرى، كانت طموحاتى كبيرة، وليس لها سقف أو حد معين، وكنت أعرف جيدًا مدى صعوبة تحقيق أهدافى، لذلك كنت أسعى لها بكل جهد ممكن، وأذكر أننى فى بداية وجودى فى إيطاليا اشتغلت «شيال» من أجل المال، لكى أتعلم الغناء الأوبرالى، رغم أننى كنت أنتمى إلى عائلة كبيرة وثرية، ولكنهم لم يقتنعوا بما أسعى إليه ورفضوا مساعدتى، لذلك قررت الاعتماد على نفسى.

■ كيف كان شعورك فى كل مرة تصعد فيها على خشبة المسرح؟

- منذ بدايتى وحتى اعتزالى، دائمًا كان ينتابنى شعور واحد فقط عند صعودى للغناء على المسرح، وهو الخوف والتوتر، ويذهب هذا الشعور بعد تحية الجمهور لى، وهذا الشعور أغضب زوجتى منى، فأتذكر فى أحد الحفلات خارج مصر عندما وجدتنى متوترًا، تساءلت كيف يصيبنى هذا التوتر رغم كل هذا العمر والخبرة فى المجال وتصنيفى ضمن أفضل ٥ مطربين للفن الأوبرالى على مستوى العالم، لكننى أعتبره شعورًا طبيعيًا.

■ لماذا قررت اعتزال الغناء الأوبرالى رغم عشقك له؟

- قررت الاعتزال وأنا فى أفضل حال، لكى يتذكرنى الجمهور دائمًا هكذا، وأنا مقتنع تمامًا بأن طبيعة الحياة تفرض علينا الوصول إلى القمة ثم الهبوط مرة أخرى، وأتذكر العرض الذى اعتزلت فيه الغناء الأوبرالى، كان «أوبرا عايدة»، وكان قائد الأوركسترا يتعجب منى لأننى كنت بارعًا، وأقدم العرض دون بروفات، لكن فى هذا العرض بالتحديد شعرت أنه الأخير، وقد كان.

■ ما الحفلات التى قدمتها ولا تنساها؟

- حفلان قدمتهما خلال مسيرتى، لا يمكن محوهما من ذاكرتى إطلاقًا، وفى العرضين بكيت، الأول أثناء تقديمى لأحد الحفلات فى إيطاليا، وكان بعد وفاة نجلى مباشرة، وأثناء غنائى وصلت إلى مقطع كان يحبه نجلى «شريف»، ودون أن أشعر وجدتنى أنفجر بالبكاء، أما فى المرة الثانية فبكيت فى آخر حفلاتى الذى كان بمثابة مباراة اعتزال.

■ عرفك الجمهور كممثل وليس كمطرب أوبرالى عالمى.. لماذا؟

- بالفعل هذا الكلام صحيح، لأن جمهور الأوبرا محدود، ومن طبقات معينة، ولذلك فشهرتى فى الشارع المصرى جاءت بعد دخولى عالم التمثيل، وأذكر الفنان الراحل حسن عابدين، عندما قال لى: «نجاحك فى الأوبرا يساوى ٥ آلاف فرد يعرفونك، أما دخولك فى مجال التمثيل فيساوى ١٢٠ مليون مصرى وعربى».

■ ما هو أصل الغناء الأوبرالى؟ وهل يوجد مطربو أوبرا مشهورون فى مصر؟