المحتوى الرئيسى

جميل راتب.. رجل فقد صوته فمات حزينًا

09/25 19:18

من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد 

أسس مدرسته الخاصة فى الأداء.. وقفز بموهبته فوق قوالب التصنيف

لم يكن رحيل جميل راتب مفاجئًا لأحد، فهو الفنان الكبير الذى تجاوز التسعين بحولين، ولكن حياته حملت الكثير من المفاجآت الدرامية، التى أدهشت الساحة الفنية طويلًا، فعلى مدار أجيال من السينمائيين عاصرهم جميل راتب، كان السؤال الأكثر إلحاحًا، هو لماذا تخلى عن رحلة صعوده فى السينما الفرنسية ليعود إلى الفن المصرى؟، وهو السؤال الذى يبقى بلا إجابة مقنعة، مع تهافت الأجيال المتلاحقة من النجوم، فى سعيهم نحو العالمية، والاحتفاء الكبير بكل الأدوار المحدودة فى السينما الأوروبية أو الأمريكية، رغم أن بداية جميل راتب فى خمسينيات القرن الماضى، سبقت تجربة الراحل عمر الشريف، التى تعد الأكثر وهجًا وقوةً فى اقتحام السينما العالمية، واللذان جمعهما فيلم «لورنس العرب»، قبل أن يشق عمر الشريف طريقه نحو الغرب، ويولى جميل راتب وجهه صوب الشرق، ليبدأ من جديد فى حقبة السبعينيات، رحلة أكثر مشقة فى دروب السينما المصرية والعربية.

تجربة جميل راتب الطويلة، وضعته فى مكانة خاصة لدى الجمهور المصرى والعربى، فهو فنان مصرى حقيقى، أسس مدرسته الخاصة فى الأداء، ورغم ميل السينما المصرية إلى قولبة الممثل، وحصاره طوال الوقت من قبل المنتجين والمخرجين ليبقى فى قالب واحد أحبه الناس فيه، إلا أن جميل راتب جنح إلى التنوع حتى فى داخل هذه القوالب، معتمدًا على رؤيته الخاصة للشخصية، وانفعاله بها وقربه منها، فهو الشرير المفضل للمخرجين، فى العقدين الأخيرين من القرن العشرين، وهو الذى امتلك القدرة على التعبير بمهارة كبيرة عن فلسفة الشرير الخاصة فى أعمال عديدة، كما فى شخصية «نبيه» فى فيلم «البداية»، أو «البهظ» فى «الكيف»، وهو القادر على مزج الشر بالسخرية دون انزلاق للهزل الذى يفسد متعة تلقى انفعالات حقيقية تمكن من الاستحوذ عليها وتشكيلها كما يحب.

قدم جميل راتب العديد من الأفلام المصرية، التى ساهمت فى تحقيق نجوميته وحضوره على الساحة، وعمل مع كثير من المخرجين الكبار، كما فى تجربته المبكرة مع كمال الشيخ فى «على من نطلق الرصاص»، ومشاركته ليوسف شاهين فى «وداعا بونابارت»، وحضوره المميز فى «البرىء» مع عاطف الطيب، وإسهامه فى تجربة «طيور الظلام» مع شريف عرفة، كذلك تجربة «عفاريت الأسفلت» مع أسامة فوزى، و«الساحر» مع رضوان الكاشف، و«جنينة الأسماك» للمخرج يسرى نصر الله، وجميعها تجارب أجمع الكثير منا على تميزها، كما أجمعوا على موهبة جميل راتب، فهو أيقونة تلفت انتباه المشاهد فى أى عمل يشارك فيه، حتى لو كان يقف فى الصفوف الخلفية، بمشاهد محدودة، ولكنه أبدًا لم يقدم أداءً محدودا فى أى من أعماله.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل