المحتوى الرئيسى

«الصبر الاستراتيجي»: لا تطاردوا «بوتين» في سوريا .. دعوه يفشل من تلقاء نفسه - ساسة بوست

10/14 10:06

منذ 2 دقيقتين، 14 اكتوبر,2015

مع كل خطوه تصعيديه لروسيا في سوريا يبدو ان الامور تزداد سوءا. تتراكم الانتقادات مستشهده بالامر علي انه احد شواهد «فشل» سياسه الرئيس «باراك اوباما» الخارجيه، داعيه «اوباما» الي القيام بشيء ما في مواجهه موسكو، ومعاقبتها علي سلوكها المتهور، من اجل تاكيد القياده الامريكيه. ولكن كيف ستكون الامور حقا؟

عبر مختلف الوان الطيف السياسي، هناك دعوات للولايات المتحدة لاتباع نهج اكثر قوه في سوريا. يتكلم البعض عن معارك بالوكاله، في حين يدعي اخرون انها حرب بارده جديده ويعلنون عن الحاجه الي التحرك لاستعاده مصداقيه الولايات المتحده. ولكن قبل ان تتورط الولايات المتحده في شيء ما فانه ينبغي علينا اخذ خطوه الي الوراء لنتساءل حول حقيقه ما يهدف اليه الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» من وراء هذا، ثم بالقياس علي اهدافه هذه علينا ان نحدد هل كان التدخل العسكري حقا هو الخطه المناسبه. اعتقد ان الجواب هو لا، وهو ما ينبغي ان ينعكس علي شكل الاستجابه الذي يمكن ان تتخذها الولايات المتحده.

دعونا نبدا من الهدف الذي حدده «بوتين» لتدخله في سوريا: محاربه «الدوله الاسلاميه». هذا الادعاء غير معقول الان نظرا لان عدد قليل من الضربات الروسيه تجري في الاراضي التي تسيطر عليها «الدوله الاسلاميه». وتركز الحمله الجويه علي المعارضه التي تقاتل «الاسد» في المقام الاول. هذا يتفق مع المنطق المقلوب لـ«بوتين» في الصراع، والمبني، كما ذكر خلال خطابه في الجمعية العامة للامم المتحدة الاسبوع الماضي، علي النحو التالي: «الاسد» ليس له فقط الحق في البقاء في السلطه ولكنه المفتاح لهزيمه تنظيم «الدوله الاسلاميه». علي عكس الولايات المتحده ومعظم دول العالم، الذين يرون في الرئيس السوري احد محركات الصراع، فان «بوتين» يري ان «الاسد» هو الحل.

الدافع الروسي ببساط هو حمايه «الاسد». ويري «بوتين» انه يدافع عن مبدا اساسي هو معارضه التدخل الخارجي لاسقاط حكومه حليفه حيث سبق له ان شاهد بغضب ما سبق ان وقع خلال الـ15 عاما الماضيه في صربيا والعراق وليبيا واوكرانيا والدور العسكري لروسيا في النزاع السوري ليس جديدا. لقد كانت هناك منذ البدايه باعتبارها واحده من حلفاء «الاسد» واحد الموردين الرئيسيين للاسلحه لنظامه. وكان الموظفون الروسيون متواجدون علي الارض طوال الوقت.

تصرفات «بوتين» يحكمها بشكل اساسي الخوف والضعف وليست الثقه والقوه كما يبدو. يري «بوتين» الحليف الوحيد له في المنطقه معلقا بالحبال وبالتالي كان علي روسيا ان تاتي للدفاع عنه. روسيا تريد الابقاء علي الثكنه العسكريه الوحيده لها في المنطقه والمتمثله في المنشاه البحريه الواقعه في طرطوس.

الان روسيا قررت ان تلقي بكل ثقلها وراء «الاسد» وذلك يعني انها من الضروري ان تبقي هناك لفتره طويله. قد تتمتع ببعض النجاحات الميدانيه التكتيكيه ولكن الاخطاء والهزائم سو تكون اكثر احتمالا (كما يتضح من الصواريخ الروسيه التي هبطت علي ايران) وبالنسبه لروسيا فان الحفاظ علي مكانتها سوف يحتاج امدادات متواصله من الموارد والتكاليف والتي سوف يكون من الصعوبه الحفاظ عليها علي مر الزمن.

يريد «بوتين» ايضا استغلال التدخل العسكري في سوريا للتغلب علي بعض متاعبه في الداخل لاسيما الوضع في اوكرانيا والانهيار الاقتصادي في روسيا. ويبدو ان هذا قد عمل علي المدي القصير. ولكن مثل اوكرانيا، حين تبدا الخسائر الروسيه في الظهور في سوريا فان الشعب الروسي من المرجح ان ينقلب تدريجيا علي هذا الامر.

واخيرا، هناك راي مفاده ان الاجراءات التي يتخذها «بوتين» هي محاوله للحفاظ علي مكانه بلاده الجيوستراتيجيه. علي اقل تقدير، «بوتين» يريد ضمان بقاء روسيا لاعبا في المنطقه. ولكن يدعي البعض ان «بوتين» يضع عينيه علي الجائزه الكبري: عن طريق التدخل في الوقت الذي رفضت فيه الولايات المتحده التورط، فان روسيا تتطلع لملء فراغ القياده.

التحالف المفتوح لـ«بوتين» مع كل من ايران وحزب الله و«الاسد» يزيد من عزله روسيا في المنطقه علي الرغم من كل شيء. وياتي التدخل الروسي بعد ان استثمرت دولا اقليميه مثل السعوديه وتركيا موارد هائله من اجل دعم المعارضه السوريه. سوف يجد «بوتين» نفسه في مزيد من العزله عن العالم.

عند اضافه هذه الامور الي بعضها البعض، فمن الصعب جدا ان نري ان تدخل «بوتين» في سوريا سوف ينتهي بشكل جيد لموقف روسيا في الشرق الاوسط، او في اي مكان. وعلاوه علي ذلك، يبدو من المرجح ان هذا الامر سوف يرتد علي روسيا مره اخري من خلال جعلها هدفا اكثر اغراءا بالنسبه للمتطرفين السنه.

ما الذي يجب ان تفعله الولايات المتحده حيال هذا الامر؟ اولا، يجب ان نواصل ادانه وعزل روسيا. هذا ينبغي ان يشمل استكشاف عقوبات اقتصاديه جديده، وثانيا، زياده الدعم للمعارضه السوريه المعتدله. علي الرغم من ان جهود الولايات المتحده لتجهيز وتصميم برامج التدريب قد تعثرت، هناك طرق اخري يمكن من خلالها تقديم الدعم العسكري المباشر للمعارضه، كما فعلت مع الاكراد في العراق.

ثالثا، الولايات المتحده وشركاؤها الاوروبيون بحاجه للحفاظ علي الوحده، وخاصه في التزامنا الجماعي تجاه اعضاء الناتو مثل تركيا. يمكن للمرء ان يتصور ان «بوتين» يحاول دق الاسافين في التحالف الاطلسي باثاره ازمه مع تركيا ومن المحتمل ان يستخدم الانتهاكات الاخيره كنوع من الاختبار اذا ما كان الاطلسي سوف يهب للدفاع عنها. ورابعا: علي الولايات المتحده وشركاؤها في التحالف التركيز علي مكافحه «الدوله الاسلاميه» والتاكيد علي ان التدخل الروسي لن يجبرنا علي التراجع.

في حين ان التصعيد الروسي يجعل الامور في سوريا تتجه نحو الاسوا تحتاج الولايات المتحده الي تجنب اي رد فعل غير محسوب. وبدلا من ذلك ممارسه «الصبر الاستراتيجي». علي الرغم من ان العديد من النقاد للسياسه الخارجيه يركزون علي اهميه المواجهه مع «بوتين» نحن بحاجه الي ان نتذكر انه حتي اهدافه المعلنه غير قابله للتحقق، كما هو الحال في اوكرانيا، فان «بوتين» قد ورط نفسه في موقف مكلف لا يعرف تحديدا كيف سيخرج منه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل