المحتوى الرئيسى

علي السبعاوي لـ «اخبارك نت»: الفنان الواثق لا يُجاري الموضة

2024-04-21
يحتار الملحّن والمغنّي العراقي علي السبعاوي في وصف «طوفان» أغنيات تعجز عن لمس الروح. المصطلح بين المزدوجين له، إذ يشبّه فورة التسرّع بجرفٍ لا يُبقي جمالاً على حاله.

أعرب "السبعاوي" عن اندهاشه كيف لأغنية هابطة أن تحقق ملايين المشاهدات، ويحسم موقفه في حوار مع «اخبارك نت»: «بعض الأرقام مضخّمة وغير حقيقية. ليس صحيحاً أنّ جميع مَن يشاهدون الأغنية سيُعجبون بالضرورة بها. ما يحصل هو خداع بالنجاح».«تموت البراءة بتدخّل المال في فرض المعادلات».

وتابع: «بالمال، تُشترى أرقام وتتضاعف مشاهدات لتصبح الشفافية موضع شك. لستُ عقلية القرون الوسطى ولا أرفض مبدأ التغيير. لكن الفارق هائل بين أغنيات الماضي وأغنيات الحاضر. هذا زمن السلق».يقصد بالسلق الأغنية المصنوعة على عجل، غير القابلة للعيش ما يزيد على عشرة أيام. يرمي أسئلة يحلو التمهّل أمامها: «لِمَ نلجأ إلى أغنيات عمرها نحو ثلاثين سنة لإظهار فرادة المواهب؟ لماذا لا نزال نغنّي قديمنا؟ أغنيات اليوم ابنة ساعتها، تتبخّر بانتهاء حفلات التطبيل والتزمير».

برأي مغنّي «خليلي مزاجك رايق»، «لم تعد المنافسة الفنية الحقيقية موجودة». ينتقي مفردة «ثوابت» للحديث عن قيم يرفض أن يمحوها الزمن: «تماماً كالشمس والهواء؛ وهي في الأغنية الكلمة الحلوة، اللحن الحلو، الصوت والتوزيع البديعان. التركيبة تشبه سلّماً من أرجل، لا يستقيم بالتواء رِجْل. عندها، السقوط حتمي».

يشكو علي السبعاوي، التكاليف الباهظة لإصدار أغنية، ويكشف أنّ أغنية من ألحانه اكتملت قبل سنتين وصوّرها بفيديو كليب مع المخرج عادل سرحان، لم تصدر بعد: «لا شركة إنتاج تتبنّاها ولا إمكانات فردية لإطلاقها. كنا نروّج للأغنية عبر إذاعة ومحطة. اليوم مائة إذاعة ومائة محطة تلفزيونية. عدا عن السوشيال ميديا حيث الزحمة؛ يوتيوب، وتيك توك، وإنستغرام، وتويتر... المطلوب ميزانية كبيرة للوصول إلى الناس».

يعتب على بعض نجوم الصف الأول «وقد صنعنا المجد في الماضي وتشاركنا النجاحات»؛ ويتساءل: «أين الأغنية العراقية والإيقاع الجميل اليوم؟». أي جواب لهذا السؤال؟ يرفع نسبة الفنانين المراهنين برأيه على السرعة: «نحو 95 في المائة يسعون خلف مجاراة العصر. كأنهم بالمحافظة على مستوى الأغنية سيصبحون خارج الزمن. انظروا ماذا فعلت مجاراة العصر وإلى أين أوصلت الفن! الفنان هو الموضة، وليس عليه اللحاق بها. والنجم الواثق بنفسه لا يطارد موضة تهدّد اسمه».

يكرر للتوضيح: «أنا مع التطور، لا التقهقر. الفن ليس لإقامة الحفلات وجمْع المال. هو مسؤولية». لكن، لنكن واقعيين، لا مجال لإنكار التحولات ومراقبة القطار يجري من دون اللحاق به. هذا عبث. والمرء العنيد بأفكاره «المثالية»، قد يلقى أسهل مصير: الاستبعاد وكفّ الأيدي عن طرق بابه. لا ينكر هذه الحقيقة: «إنه صراع أخوضه مع نفسي من دون التفريط بالثوابت. التطوّر ضروري بتحديث الموسيقى والإيقاعات، لا بنسف مستوى الكلمة وعدم إعطاء أهمية للحن. ماذا أضاف تيك توك للفن؟ لا شيء، على العكس أضرّ. يصبح شرطاً أن يطلّ الفنان بسذاجة للنجاح عبره. إذن، بلاه».متعب الوقوف طوال الوقت في وجه العاصفة، وقد علّمت الحياة علي السبعاوي «الانحناء» قليلاً، كما الأغصان، لجعل الهبوب يعبُر دون كسره: «أرفض تسميتها تنازلات. إنها أخذ وردّ لئلا أكون ممن يغلّبون العناد على الليونة».

من هنا، يكشف زحمة مشروعات: «أغنية أصبحت جاهزة مع راغب علامة، بانتظار تحديد موعد طرحها. وأغنيتان أو ثلاث قيد التحضير مع نجوى كرم، تشبه لونها في ذاكرة الناس بلمسات عصرية. وإنني على وعد بلقاء نانسي عجرم على أمل التعاون. نعمل على لقاء مع إليسا، وأغنيات مُنتظرة مع ملحم زين وزين العمر. التقيتُ أيضاً ماجدة الرومي في انتظار جلسة مقبلة لوضع النقاط على الحروف».

يعود إلى الواقع بوصفه «سيلاً يجرف الجميع»، ليقول إنّ «التسطيح لا يقتصر على الفن، بل يتعداه إلى المعاني والقيم». يستغرب البكاء على الأمس واعتباره أكثر جدوى من اليوم، ومع ذلك، الاتجاه الجماعي تقريباً واحد نحو الخواء.

يتساءل من موقعه كمطرب وملحّن: «لِمَ أجتهد في العمل على أرشيفي والسعي إلى تاريخ عريق، إذا كان السهل بطلَ هذا الزمن؟ لِمَ الكدّ والتخطيط؟ كانت الكلمة الفصل للملحّن فيما مضى، لتصبح للفنان والجهة المنتجة. غيرُ معايير. غيرُ مقاييس».يخشى أنه يتكلم في مسائل قد لا تعني المتلقين، مع ذلك يتمسّك برأي يعلم تماماً أنه يندر، فيما تتوسع دوائر السابحين مع التيار الهانئ، غير المتّكل على موهبته في التدفّق والاندفاع.

يرى أنّ شركات الإنتاج لعبت دوراً في إنقاذ سمعة الفن حين كانت تفرض أغنية على فنان، فلا يعترض: «اليوم، لم يعد الفنان يؤمن بالملحّن. ولم يعد ملحّن يمون على فنان. يسمع من هنا وهناك لاختيار أغنيته».ينعى الزمن الجميل وصفحات مجيدة طُويت: «كانت المراحل الفنية عبارة عن 20 إلى 25 سنة، لتُطوى مرحلة وتولد أخرى. اليوم، تفصل بين المرحلة والمرحلة ستة أشهر! لا عافية في فن قدره الانطفاء.

Comments

عاجل