المحتوى الرئيسى

حرب غزة تعطل منظومة الأمن والعدالة وتثقل كاهل العشائر بفض المنازعات

05/08 11:33

تتزايد النقاشات بين مجموعة من الوجهاء والمخاتير الذين يعقدون جلستهم اليومية بعد العصر، لبحث كيفية معالجة مشكلة طارئة بين عائلتين فلسطينيتين إحداهما نازحة من جباليا شمال قطاع غزة والأخرى انتقلت من خان يونس إلى منطقة المواصي حول مشاجرة بالأيدي دبت بين أبناء العائلتين نتيجة خلاف على الممر الفاصل بين خيامهما.

يستمع القائمون على حل المشكلات بهدوء لرواية كل من الطرفين ثم يستدعيان شهود العيان بمكان حادثة الاعتداء قبل أن يخضعوا كل ما سمعوه للتدقيق فيفحصون المعلومات والشهادات بل ويستعينون باختصاصي قانوني يشاركهم الجلسة فيساعدهم بخبرته على الوصول إلى الحقيقة.

يواجه الرجال الذين أخذوا على عاتقهم الفصل في النزاعات الطرفين بالرواية الصحيحة للواقعة التي تسببت في إصابات طفيفة لبعض أفراد العائلتين، ويطلبون منهما الإقرار بما انتهوا إليه من تحميل مسؤولية الخطأ للجميع وما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات قبل أن يتدخل المختار طه الأسطل الذي يترأس الجلسة العرفية ويعرض الصلح.

يواصل الحاضرون التدخلات والحديث مع كل طرف على حدة لإقناعه بالعفو والصفح ثم يعود الجميع إلى جلسة الصلح العشائرية وقد وافقوا على التنازل المتبادل عن كافة الحقوق، قبل أن يوقعوا على وثيقة صلح تفض الاشتباك بينهما وتضمن عدم الاعتداء مستقبلا.

يتكرر مشهد الإصلاح العشائري هذا يوميا في ديوان المختار الأسطل الذي أقامه بجانب الخيمة التي نزح إليها في المواصي بالتعاون مع مجلس العائلات ومشاركة مجموعة من الوجهاء ومخاتير العشائر الذين أصبحوا مؤخرا مقصدا للراغبين في حل المشكلات المجتمعية وتفادي تفاقمها.

وتزايدت مسؤوليات وأنشطة رجال العشائر والإصلاح المجتمعي بقطاع غزة جراء الأوضاع الميدانية التي فرضتها الحرب ومنعت المحاكم والنيابات والأجهزة الأمنية وجهات أخرى مختصة بمعالجة المشكلات من ممارسة عملها مما استدعى تدخلات سريعة وعديدة للوجهاء والمخاتير لفض المنازعات الاجتماعية.

يؤكد المختار الأسطل أنه لطالما كانت العشائر الفلسطينية والإصلاح العشائري عموما جزءا من آليات التعامل مع المشكلات ومحاولة معالجتها بجانب منظومة القضاء والنيابة والشرطة والأجهزة المختصة قبل السابع من أكتوبر تشرين الأول، لكن الحرب ضاعفت مسؤوليات الوجهاء والمخاتير، فهم وحدهم القادرون على التنقل والعمل ميدانيا بين الأهالي وفي مناطق النزوح.

الأسطل الذي دمر القصف الإسرائيلي ديوانه شمال خان يونس واضطر لإعادة افتتاحه في المواصي، يوضح أن معدل التدخل لحل الخلافات بين المواطنين زاد كثيرا، لافتا إلى تفاقم المشكلات المجتمعية نظرا لنزوح أعداد كبيرة والتفاعل بين ثقافات متعددة تشمل المدينة والريف والمخيم والمستويات الثقافية المختلفة.

وقال "بجهد المخلصين من الوجهاء والمشايخ ورجال الإصلاح والتكاتف الاجتماعي كان هناك انضباط للحالة الأمنية وانضباط للكثير من القضايا الأمنية مثل تأمين القوافل وتأمين الجمعيات الخيرية وتأمين لبعض الشخصيات تم تشكيل جسم إسناد ومكمل للشرطة من أبناء العائلات لأن الوضع الأمني لم يكن يسمح بظهور الشرطة الفلسطينية على الساحة ولكن بفضل الله عز وجل ووجود الحكماء كان شباب الشرطة يتحركون بالزي المدني".

وأضاف "العشائر كانت وما زالت تمتلك آليات متعددة لتضبط المجتمع وتمنع الانفلات والانهيار بجانب الوسائل القانونية الأخرى، لذلك نجد قوتها في معالجتها السريعة لمعظم المشكلات الكبيرة ووأد الفتنة في مهدها بأغلب الأوقات".

ولا تقتصر الأعباء الملقاة على كاهل العشائر على التدخل لمعالجة المشكلات التقليدية اليومية كما هو معتاد، فقد أدت ظروف النزوح لتكدس مئات الآلاف من الفلسطينيين بمناطق محددة ومن ثم تعاظمت متطلبات هؤلاء النازحين الذين شهدت مناطقهم محاولات مستمرة للاستيلاء على قوافل المساعدات.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل