المحتوى الرئيسى

محمد أبو عمرة يكتب: كيف كنا وكيف أصبحنا؟

05/08 02:32

لا ينكر أحد الأضرار التى تكبدها القطاع الزراعى جرَّاء أحداث يناير 2011، حينما زحفت المبانى والكتل الأسمنتية على الأراضى الزراعية وتسببت فى بوار ما لا يقل عن 250 ألف فدان للأبد، ما تسبب فى تهديد الأمن الغذائى المصرى، الذى يعانى من رقعة زراعية محدودة؛ 10 ملايين فدان، بواقع قيراطين لكل مواطن، تؤثر فيها كل قطعة أرض تقتطع بالبوار، كما عانت وتعانى مصر من آثار التغيرات المناخية التى أصبحت تضرب بكل عنفوان فتتسبب فى ظهور آفات مدمرة «دودة الحشد» فى الذرة، و«ذبابة الفاكهة» فى الفواكه، وغيرهما الكثير والكثير، فضلاً عن الأمطار التى تتحول لسيول تجرف المزروعات وتُضعف نموها، كما لا ينكر أحد ولا يمكن أن ننسى ما تعرضت له الصادرات الزراعية قبل عام 2014 من رفض دخولها العديد من الأسواق الدولية بسبب المبيدات والتلوث، ما تسبب فى فقدان أسواق مهمة فى الخليج وأوروبا.

كل هذه التحديات التى فرضتها هذه الأحداث الطارئة تضاف إليها الزيادة السكانية المتضخمة -كل دقيقتين 10 مواليد جدد حسب الإحصاء السكانى- تطلب ممن يخطط للجمهورية الجديدة مع بداية العام 2024 البحث عن حلول غير تقليدية تراعى شح الموارد المائية وثباتها -55.5 مليار متر مكعب، بواقع 500 متر للفرد فقط- وتدبير تكاليف التنفيذ التى تصل لمئات المليارات من الجنيهات، فضلاً عن صبر فى التنفيذ لاستثمار مالى يحتاج لسنوات لجنى ثماره، كل ذلك والدولة المصرية تستورد 50% من القمح، وأكثر من 90% من الزيوت، فضلاً عن 35% من اللحوم الحمراء، وغيرها من السلع الأساسية التى تحقق فيها اكتفاءً ذاتياً فى الوقت الحالى ربما لا نشعر به.

بتخطيط وعمل وصبر على النتائج، نفذت القيادة السياسية مخطط التنمية الزراعية الشاملة الذى حول 2 مليون فدان من أراضٍ صحراء مقفرة لا زرع فيها ولا حياة، لأرض مُنتجبة تطرح الخير، وفى توشكى وغرب المنيا ومشروع مستقبل مصر بالدلتا الجديدة، وغيرها من المناطق فى وسط وشمال سيناء، خاضت الدولة المصرية معركة التنمية الشاقة بعزيمة الرجال، فلا يعلم قدر الزراعة فى الصحارى إلا من جربها، حيث لا حياة ولا ماء، فتم استكمال شق الترع فى توشكى لزراعة 2.5 مليون نخلة لتدخل موسوعة جينيس، باعتبارها الأكبر فى العالم، كما تم زراعة آلاف الأفدنة بالخضر والفاكهة، وفى غرب المنيا تم زراعة آلاف الأفدنة بالبنجر، ما وفر المحصول لإنشاء مصنع عملاق لإنتاج السكر، وفى مشروع مستقبل مصر الزراعى تم زراعة ما يزيد على نصف مليون فدان بالخضر والفاكهة التى وجدت طريقها للأسواق الدولية، فضلاً عن آلاف الأفدنة الأخرى التى تم زراعتها بالبنجر.

قبل عامين تقريباً وفى صباح الرابع والعشرين من فبراير 2022 استيقظ العالم على حرب روسية - أوكرانية، كانت كارثة على الأمن الغذائى لأغلب دول العالم التى تعتمد على الاستيراد لسد فجواتها الغذائية، وأصبح التحوط وغلق الأسواق هو السمة السائدة بين الدول حفاظاً على ما تنتجه من قمح وزيوت وسلع استراتيجية، فى مصر، التى تعد الدولة الأكبر استيراداً للقمح فى العالم، نجت من هذه الأزمة بفضل جهود استباقية اتخذت فى سنوات سابقة تمثلت فى المشروع القومى للصوب الزراعية الذى وفر خضراوات على مدار العام، وعلى مستوى القمح ساهمت الصوامع المعدنية فى الحد من الهدر والفاقد الذى وصل فى أوقات سابقة لـ20%، كما ارتفعت الإنتاجية لتقلص الاستيراد لنسبة بلغت 50% فقط بعدما كانت 60% فى السابق.

ثمار التنمية والجهد والعرق سوف تتحقق بالكامل بحلول عام 2026 مع استكمال جهود زراعة 2 مليون فدان أخرى فى الدلتا الجديدة، وهو ما قد يرفع قيمة الصادرات المصرية من 9 مليارات دولار حالياً إلى 18 مليار دولار، بعدما يتم مضاعفة الصادرات الزراعية إلى 10 ملايين طن، وفقاً لما هو مخطط، حيث تعد الأراضى فى الدلتا الجديدة من أجود الأراضى التى لم تلوث من قبل، والمناخ فيها هو الأنسب لجميع المحاصيل -بحر متوسط- وموقعها الجغرافى، القرب من موانئ البحر المتوسط، يجعلها سهلة التصدير للأسواق الأوروبية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل