المحتوى الرئيسى

فى الذكرى 42 لتحرير سيناء الطريق لاسترداد طابا محفوف بجهود دبلوماسية شاقة (1-3)

04/21 21:06

العربى يسجل رؤيته لحرب 1967 كما عاصرها فى الأمم المتحدة

هزيمة 5 يونيو حولت الصراع العربى الإسرائيلى من نزاع وجود إلى حدود

صدمة هائلة وسط أفراد البعثة المصرية فى نيويورك بعد تأكيد نبأ الهزيمة

حملة هجوم عربية على عبد الناصر عقب العدوان الإسرائيلى على قرية السموع الأردنية

مصر تطلب سحب قوات الطوارئ الدولية من سيناء فى 16 مايو 1967 رضوخا للضغوط العربية

الأمم المتحدة لم تقم بمحاولة حقيقية فى الوقت المناسب لتهدئة الأوضاع المتأزمة التى تنذر بالانفجار

جفاء بين وزير الخارجية محمود رياض والسفير عوض القونى بعد مكالمة مع سامى شرف

الخجل يمنع أفراد البعثة الدبلوماسية من تقديم طلب الوقف الفورى لإطلاق النار والشافعى عبد الحميد يتولى المهمة

«الطريق لاسترداد طابا رحلة شاقة من العمل الدبلوماسى والقانونى، استغرقت نحو 7 سنوات، بدأت فى 25 أبريل 1982، مع رفع العلم المصرى على حدود مصر الشرقية عقب الانسحاب الإسرائيلى، وانتهت فى 15 مارس 1989، بعودة جزء عزيز من أرض سيناء إلى حضن مصر عقب معركة التحكيم الدولى، بفضل جهود كوكبة من الخبراء ورجال القانون والدبلوماسية والتاريخ المصريين الذين شكلوا اللجنة القومية لاسترداد طابا.

وفى هذا الكتاب الصادر عن دار الشروق «طابا.. كامب ديفيد.. الجدار العازل.. صراع الدبلوماسية من مجلس الأمن إلى المحكمة الدولية»، يقدم الدكتور نبيل العربى وزير الخارجية الأسبق والأمين العام لجامعة الدول العربية السابق، سجلا لمجريات ملف المفاوضات المصرية - الإسرائيلية لاسترجاع طابا بوصفه رئيس الوفد المصرى فى تلك المفاوضات».

شكلت هزيمة 5 يونيو عام 1967 صدمة هائلة ليس للمجتمع المصرى وحده بل للعالم العربى بأسره، فقد «قلبت موازين القوى فى الشرق الأوسط»، وألقت بظلالها على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، قبل أن تمثل تحديا عسكريا لاسترداد الأرض التى استولت عليها القوات الإسرائيلية صبيحة العدوان.

فى هذه الأثناء كان الدكتور نبيل العربى ضمن فريق البعثة المصرية الدائمة فى الأمم المتحدة بنيويورك، ويقول إنه لم يكن يدور بخلد أحد عندما التحق بالبعثة الدائمة فى إبريل 1966 أن هذه الفترة سوف تشهد اندلاع حرب 1967 التى «أدت إلى تغيير جذرى فى علاقات دول المنطقة». وملخصا الموقف بقوله «يكفى أن أشير إلى أن السمة الغالبة للنزاع العربى الإسرائيلى قبل حرب 1967 كان نزاعًا على وجود، إسرائيل، ولكن بعد الحرب وبعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 242 (1967) أصبح نزاعا على حدود».

وفى السطور التالية من كتابه «طابا.. كامب ديفيد.. الجدار العازل» يقدم الدكتور العربى إطلالة واسعة للأحداث التى عاصرها وشارك فى جانب منها داخل أروقة الأمم المتحدة بتسجيل صادق أمين يعكس شخصيته المتزنة الهادئة ويقول:

«عندما نقلت إلى نيويورك أول إبريل 1966 ذهبت إلى مكتب مدير إدارة الهيئات الدولية ـ الذى كان وقتئذ السفير إسماعيل فهمى ـ وطلبت النصح حول متطلبات العمل فى الأمم المتحدة، وكان رأيه ـ رحمه الله ـ أن أعمل فى اللجنة الرابعة التى تختص بالشئون الإفريقية وبإنهاء الاستعمار بصفة عامة، وبالفعل ذهبت إلى مكتبة الوزارة (الخارجية) واطلعت على الكثير من المشاكل الإفريقية، كما أعطانى هو بعض مستندات الأمم المتحدة حول هذه المشاكل».

ذهب الدكتور العربى إلى نيويورك وكل تفكيره أنه سيعمل فى الشئون الإفريقية، فقد سبق أن «عملت فى هذه الشئون لمدة عامين أثناء عملى فى إدارة الأبحاث بوزارة الخارجية، وكنت سعيدا بهذا لأنه فى ذلك الوقت كانت المسائل الإفريقية تمثل جانبًا مهمّا من الشئون السياسية ولها رونق خاص بالنسبة لجميع الدبلوماسيين، ولكن فور وصولى إلى نيويورك كان المندوب الدائم السفير محمد عوض القونى له رأى مخالف؛ فقد قرر أن أتولى الشئون القانونية فى البعثة».

يواصل الحديث «لا أخفى أننى لم أكن سعيدا بهذا القرار؛ فالشئون القانونية لم يكن لها أى بريق، أو رونق كما أن أعضاء البعثة الذين لهم خلفية قانونية أو خريجى كلية الحقوق لم يكن أحد منهم يرغب فى حمل هذه المسئولية، ويبدو أن السفير القونى شعر من انطباعاتى أو مما بدا على وجهى عندما كلفنى بهذه المهمة أننى لم أكن فى قمة السعادة فاستطرد ـ رحمه الله ـ قائلا: «ولكننى فى نفس الوقت سأكلفك بمتابعة الشئون القانونية فى اللجان السياسية».

فى بداية دورة الجمعية العامة فى سبتمبر 1966 لم يكن لى أى علاقة بالموضوعات الخاصة بالنزاع العربى الإسرائيلى ومشاكل الشرق الأوسط بصفة عامة؛ فقد كان عملى ينصب على المسائل القانونية التى تتناولها اللجنة السادسة فضلًا عن بعض المسائل المتفرقة مثل معاهدة الفضاء الخارجى ومعاهدة منع الانتشار النووى.

كانت الأمور تبدو بصفة عامة هادئة إلى أن حدث الهجوم الإسرائيلى فى نوفمبر 1966 على قرية «السموع» فى الأردن وكان هجومًا كالعادة شرسًا قتل فيه الكثير من المدنيين. وثارت ضجة كبرى فى العالم العربى وقضى مجلس الأمن عدة أيام يدرس رد فعله إزاء العدوان الإسرائيلى الشرس والصارخ على قرية «السموع».

وبدلًا من أن يكون التركيز فى العالم العربى على ما اقترفته إسرائيل من عدوان بدأت بعض الدول العربية حملة هجوم على مصر وعلى سياسة الرئيس جمال عبد الناصر ونُشرت مقالات عديدة فى العالم العربى تحوى تساؤلات وتلميحات بها مساس بمصر وبمركزها وسياستها. وتساءلت وسائل الإعلام العربية: كيف تسمح الشقيقة الكبرى والدولة العظمى فى المنطقة أن ترتكب إسرائيل هذه الأعمال الوحشية وترتع كما تشاء فى الشرق الأوسط ولا تتدخل مصر؟!

كما بدأت أصوات بعض الجهات تردد أن مصر تحتمى وراء ستار القوات الدولية مما سبب حرجا شديدا لمصر وللرئيس عبد الناصر شخصيًّا، ولا أستبعد أن هذه الحملة كانت لها تداعيات مباشرة ساهمت فى النهاية فى الإقدام على قرار سحب القوات الدولية فى مايو 1967.

وقبل أن أنتقل إلى تسجيل انطباعاتى عن المعالم الرئيسية لأحداث حرب 1967 كما عاصرتها فى الأمم المتحدة أجد من الضرورى البدء بالإشارة إلى الخلفية التاريخية لدور الأمم المتحدة الرئيسى فى تناول النزاع العربى الإسرائيلى وإلى الإطار القانونى والسياسى الذى كان سائدًا عام 1967 والذى بدأ عام 1947 وصولًا إلى أزمة السويس وحرب 1956 «العدوان الثلاثى على مصر»، ويمكن اختزال هذا الإطار السياسى والقانونى فى ثلاثة أمور معظمها يعتبر فى نظرى ثمنًا سياسيا قدمته مصر مقابل انسحاب إسرائيل من سيناء فى مارس 1957.

ما بعد حرب السويس

وتحت العنوان الفرعى «مرحلة ما بعد حرب السويس» يقول المؤلف إن مصر قبلت أن تتواجد داخل أراضيها قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة التى أنشئت بمقتضى القرار رقم 1000 الصادر فى نوفمبر 1956، وكانت مهمة القوات فى البداية هى التحقق من وقف العمليات الحربية طبقا لقرار وقف إطلاق النار وانسحاب قوات إسرائيل إلى ما وراء خطوط الهدنة وإبلاغ الأمم المتحدة بالتطورات. لكن فى شهر يناير 1957 أصدرت الجمعية العامة القرار رقم 1125 الذى نص على أنه بعد الانسحاب الذى تم فى مارس 1957 تكون مهمة القوات الدولية المراقبة على جانبى خط الهدنة فى المنطقة التى يتوافق فيها خط الحدود الدولية مع خطوط الهدنة.

وبالرغم من أن القرار كان يقضى بأن تكون المراقبة على جانبى الحدود إلا أن إسرائيل رفضت أن تسمح للقوات الدولية بالتواجد على الجانب الآخر، فى حين سمحت مصر بتواجدها. واستمرت القوات الدولية تقوم بدورياتها داخل الحدود المصرية لمسافة خمسة كيلو مترات من الحدود منذ يناير 1957 وحتى طلبت مصر سحبه يوم 19 مايو 1967 قبيل نشوب الحرب فى يونيو 1967.

كما سمحت مصر لكتيبة من قوات الطوارئ الدولية أن تتواجد فى شرم الشيخ لمراقبة حرية الملاحة فى خليج العقبة، ويقال إن مصر قدمت تعهدات غير مباشرة بعدم التعرض للملاحة الإسرائيلية فى خليج العقبة، أقول: «يقال»؛ لأننى لم أطلع على أى وثيقة حول هذا التعهد الذى قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل بناء على نوع من التفاهم مع مصر.

كذلك قبلت مصر الاختصاص الإلزامى لمحكمة العدل الدولية فيما يتعلق بإدارة قناة السويس طبقا لأحكام اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، وبمقتضى هذا القبول أصبح يمكن للدول أطراف المعاهدة وورثتهم مقاضاة مصر أمام محكمة العدل الدولية إذا خالفت مصر التزاماتها الواردة فى المعاهدة حول إدارة القناة. وقد قدمت مصر هذا التعهد رسميًّا فى 18 يوليو 1957 وإن كان قد سبق الإعلان عنه فى إبريل 1957.

هذه الأمور الثلاثة كانت تمثل الإطار القانونى وبالتالى الإطار السياسى الذى كان قائمًا عندما طلبت مصر سحب قوات الطوارئ الدولية فى 16 مايو عام 1967.

تؤكد وثائق الأمم المتحدة الرسمية أن الطلب المصرى الذى أبلغه ضابط الاتصال المصرى العميد عز الدين مختار إلى الجنرال «إندار ريكى» (Indar Rikhye) قائد قوات الطوارئ الدولية لم يطلب فى البداية سحب جميع القوات الدولية بصفة نهائية لأن الطلب كان مجرد إبعاد قوات الطوارئ الدولية عن منطقة الحدود بين مصر وإسرائيل، ولم يتعرض الطلب المصرى إطلاقا إلى القوات الموجودة فى غزة أو إلى تواجد قوات الطوارئ الدولية فى شرم الشيخ، ولكن للأسف الشديد كان رد الفعل من جانب الأمم المتحدة ليس على مستوى حساسية الموقف فى الشرق الأوسط، وكان خطاب «أوثانت» (U Thant) الأمين العام للأمم المتحدة إلى الرئيس عبد الناصر: «إما أن تسحب القوات كلها أو تبقيها كلها» بمثابة إغلاق أبواب أى تحرك سياسى لتسوية الأزمة وتفادى اندلاع الحرب التى كانت إسرائيل تخطط لها.

مقال فى سحب القوات

شكلت قضية سحب قوات الطوارئ الدولية موضوعا لمقال كتبه السفير العربى نشر فى مجلة كلية الحقوق بجامعة نيويورك فى ديسمبر 1968، حلل فيه الموقف بالنسبة لشرعية الطلب المصرى وأبرزت فيه سوء إدارة الأمم المتحدة للأزمة سواء من جانب الأمين العام أو من جانب الأعضاء فى مجلس الأمن، ويشير إلى أن الأمين العام كان يجب عليه أن يفكر فى أسلوب احتواء الأزمة بدلًا من تصعيدها بإبلاغ الرئيس عبد الناصر فى رسالة وزعت على أعضاء مجلس الأمن بأن يختار بين بقاء القوات كلها فى مواقعها دون أى تعديل لهذه المواقع، وبين أن يلجأ إلى الخيار الثانى، ويتمثل فى أن تنسحب القوات جميعها، وهو ما لم تطالب به مصر فى البداية. فالطلب المصرى لم يتعرض إلى السحب الكامل للقوات الدولية.

وعندما ننظر إلى الوراء فإنه يجب الاعتراف بأن معالجة الأزمة من جانب مصر لم تكن مدروسة بأسلوب جاد بل كانت انفعالية، وقد استغلت إسرائيل هذا الموقف. وقد تبين من كتاب صدر مؤخرًا للكاتب الإسرائيلى «توم سيجيف» (Tom Segev) أنه كان هناك ضغط كبير فى إسرائيل للإقدام على مواجهة عسكرية شاملة ـ وفى نظرهم حاسمة. وكما يبدو أيضًا واضحًا مما كتبه «سيجيف» بعد بحث متعمق وطويل فى المستندات الإسرائيلية أن القيادة الإسرائيلية اقتنعت تمامًا فى ذلك الوقت أن الدولة التى سوف تقوم بالضربة الجوية الأولى سوف تنتصر فى الحرب. وقد نجحت إسرائيل التى كانت تقف لمصر بالمرصاد فى اقتناص الفرصة لتدمير الجيش المصرى.

حماس خارج التوقعات

ولكن كيف كانت البعثة المصرية فى نيويورك تتصرف فى ظل هذه الأزمة؟.

يشير الدكتور نبيل العربى الى أن البعثة كانت تتحرك بناء على تعليمات القاهرة التى كانت تصور موضوع سحب القوات على أن مصر تتصرف من مركز قوة. فصدرت التعليمات أثناء بحث اللجنة الاستشارية الخاصة بالقوات الدولية بضرورة إقناع الهند ويوغوسلاڤيا بالإعلان عن سحب قواتهما فورا استجابة لمطلب مصر.

وكان السفير المصرى متحمسا جدا لسرعة رحيل القوات الدولية بناء على تعليمات القاهرة بالرغم من أن المستشار الشافعى عبد الحميد كان غير متحمس ويردد بأن سحب القوات يمثل «الفتنة نائمة لعن الله من يوقظها» ولكن اتصالات السفير القونى مع كبار المسئولين فى القاهرة كانت تعطى انطباعًا بأن زمام الموقف فى يد مصر وأن جميع الاحتمالات مدروسة بعناية. وأتصور أن هذا الانطباع ـ الذى لم يكن قائمًا على حسابات صحيحة ـ كان السبب وراء رفض محمود رياض وزير الخارجية اقتراح الأمين العام للامم المتحدة التقدم بـ«رجاء» (appeal) إلى الرئيس عبد الناصر لإعادة النظر فى طلب سحب القوات قبل أن يصدر الأمين العام قرار السحب. وبالرغم من تحمس السفير القونى الشديد لفكرة سحب القوات فإنه بعد مقابلته مع الأمين العام يوم 18 مايو وبخبرته الطويلة وحنكته الدبلوماسية طلب منه مهلة حتى يتشاور مع القاهرة. وعاد مساء نفس اليوم لمقابلة الأمين العام وأبلغه أنه اتصل بوزير الخارجية محمود رياض الذى أكد ضرورة عدم الإقدام على هذه الخطوة لأن مصر سوف ترفض طلب إعادة النظر مما سوف يسبب حرجًا شديدًا للأمين العام.

وطبقا لرواية رمسيس نصيف المستشار الصحفى للأمين العام فقد قام السفير القونى بإعادة الاتصال بالأمين العام فى نفس اليوم وتحدث معه ورجاه أن يصدر طلب إعادة النظر.

المحصلة النهائية: لم يصدر من الأمم المتحدة أى محاولة حقيقية فى الوقت المناسب لتهدئة الأوضاع المتأزمة التى تنذر بالانفجار، وكما هو معروف يرى بعض كبار المحللين السياسيين فى العالم العربى أنه كانت هناك مؤامرة شاركت فيها ـ بوسائل مختلفة ـ إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا للإيقاع بمصر فى حرب 1967.

ينتقل الدكتور نبيل العربى بعد ذلك إلى رصد الموقف فى البعثة الدائمة للأمم المتحدة فى نيويورك فى فجر 5 يونيو 1967 ويقول «اتصل بى المستشار الشافعى عبد الحميد حوالى الساعة 4 صباحًا أو شىء من هذا القبيل وقال إن السفير القونى قد اتصل به وطلب الحضور فورًا إلى مقر البعثة، وطلب الشافعى أن أتوجه فورًا إلى مقر البعثة وكان سكنى فى واقع الأمر الأقرب إلى مقر البعثة الدائمة، مجرد خمس دقائق على القدمين، وعندما وصلت إلى مقر البعثة الدائمة بدأنا نسمع نشرات الأخبار الأمريكية فى الراديو التى كانت تذيع أنباء عن اندلاع قتال عنيف بين مصر وإسرائيل. وفى نفس الوقت كانت إذاعة القاهرة تذيع أنباء عن انتصارات باهرة حققتها القوات المسلحة المصرية.

وسرعان ما اتضح أن ما كنا نسمعه ونقرأه من أن هناك انتصارات عسكرية مصرية لا أساس لها من الصحة. كنا فى حالة ذهول تام لا نصدق، ونعتبر أن ما نسمعه لا يعدو أن يكون مجرد دعاية صهيونية وأن هناك هجومًا مضادًّا قادمًا لا محالة كما يذاع من إذاعة القاهرة وكان السكرتير العام قد اتصل بالسفير المصرى وتساءل عما إذا كانت مصر ترغب فى طلب وقف إطلاق النار فجاء الرد من القاهرة برفض قبول وقف إطلاق النار، ثم انعقد مجلس الأمن صباح يوم 5 يونيو ودارت مناقشات طويلة احتدمت لهجتها لمواكبة خطورة الموقف وكان محور النقاش يدور حول نقطتين:

النقطة الأولى: هل يصدر قرار بإدانة إسرائيل لهجومها السافر على مصر؟

النقطة الثانية: هل يصدر قرار وقف إطلاق النار مرفقًا به مطالبة إسرائيل بالانسحاب إلى خلف الحدود الدولية؟

مصر والدول العربية والدول الاشتراكية والعديد من دول عدم الانحياز كانت تطالب بالإدانة والانسحاب إلى الحدود الدولية.

أما إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا والكثير من الدول الغربية فقد كانت تصر على رفض الإدانة ورفض المطالبة بالانسحاب إلى الحدود الدولية.

بعد عدة أيام كنا فى مكتب السفير القونى وجاءت مكالمة من وزير الخارجية محمود رياض وطلب منه أن يعمل على الوقف الفورى لإطلاق النار وبالفعل تمت صياغة خطاب وجه إلى السكرتير العام بأن مصر ترغب فى وقف إطلاق النار فورًا.

هنا يجب أن أُشير إلى أن الصدمة والذهول اللذين كانا قد أصابانا جميعا فى البعثة خلال الأيام السابقة كانا بمثابة حاجز نفسى منع جميع أعضاء البعثة من قبول التوجه إلى سكرتارية (الأمم المتحدة) وتسليم الخطاب، وكنا فى حالة يرثى لها من الحزن بل الخجل أيضا، وعندما ذهبنا إلى الأمم المتحدة جاء عدنان الباجه جى وزير الدولة العراقى الذى كان سفيرا من قبل فى نيويورك ويعرفه الجميع وتحدث مع السفير المصرى وطالب الباجه جى أن يتحقق القونى من أن من طلبه من القاهرة كان محمود رياض وأشار إلى أن الإسرائيليين أحيانا يقلدون الأصوات وأمورًا من هذا القبيل، وأضاف أنه لا يعقل أن الدول العربية كلها تكون قد فشلت وهزمت بهذه السرعة.

وبالفعل ثارت الشكوك لدى السفير المصرى وتحدث مع أعضاء الوفد واتجه الرأى إلى أنه لا يوجد ضرر من أن يتحقق وبالفعل طلب السفير القونى وزير الخارجية محمود رياض ولكن لسبب ما لم يتم الاتصال فاتصل بالسيد سامى شرف سكرتير الرئيس للمعلومات الذى أكد أننا يجب أن نطلب وقف إطلاق النار فورا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل