المحتوى الرئيسى

مصر ما بعد الصفقة!

04/15 19:38

فى عصر التحوّلات العالمية الكبرى؛ من تغيّر المناخ، وانتقال الطاقة، وحروب التجارة وسلاسل الإمداد، وصراع أشباه الموصلات، والتهافت على تدفقات أقل لرءوس الأموال الأكثر سخونة.. بات من المستحيل أن تحافظ أية دولة فى العالم على حالة من السكون أو الاستقرار عند وضعية اللاحركة. الصفقة الشهيرة المعروفة بصفقة رأس الحكمة ألقت حجرًا صغيرًا فى بحيرة الاقتصاد المصرى الساكنة. منحت الصفقة مصر فرصة جديدة للخروج من أزمة شح العملة الصعبة، وتداعياتها المؤلمة على تلبية احتياجات المواطنين، وسداد الالتزامات المتراكمة المستحقة للدائنين والمستثمرين. 

على أثر الصفقة، تمكّنت البلاد من تحرير ما قيمته ثمانية مليارات دولار من السلع المتراكمة فى الموانئ، والتى أدى تراكمها عبر الشهور إلى نقص المعروض السلعي، وارتفاع الأسعار بشكل متسارع. كذلك أمكن تحريك سعر صرف الدولار الأمريكى مقابل الجنيه، بنسبة لا تقل عن 55%، ما ترتب عليه استعادة بعض تدفقات الأموال الساخنة التى فقدتها مصر منذ مارس 2022. كما بدأت فى استعادة تحويلات العاملين فى الخارج التى انخفضت بنحو 30% خلال العام السابق. 

على صعيد آخر، تحركت بعض الاتفاقات المجمّدة مع مؤسسات التمويل الدولية، واستثمرت مصر تشديدها النقدى (رفع أسعار الفائدة) وتحريكها لسعر الصرف لزيادة قيمة قرض صندوق النقد الدولي، واجتذاب مزيد من التدفقات من الاتحاد الأوروبى والبنك الدولي.. وترتب على ذلك تغير النظرة المستقبلية لمصر من سلبية إلى إيجابية، فى تقييم صادر عن مؤسستى تصنيف ائتمانى دوليتين. 

لا نختزل النجاة من الوضع الاقتصادى المتأزم فى تغيير أو تعديل الحكومة، فتصحيح المسار الاقتصادى يقتضى تغيير السياسات لا الأفراد فقط. لكنّ «القرآن لا ينطق ولكن يتكلم به الرجال»، كما ورد عن الإمام علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه، ولله المثل الأعلى. وعليه، فإن كثيرًا من السياسات التى يراد تغييرها لن تتبدّل إلا بعقول وسواعد مختلفة. التحديات الجديدة يلزم مواجهتها بمهارات جديدة، وكفاءات أكثر قدرة على التكيّف وامتصاص الصدمات واستثمار الفرص، والتفاوض بغرض هيكلة الديون. 

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل