المحتوى الرئيسى

الضربات الإيرانية على إسرائيل وحسابات الانتخابات الأمريكية

04/15 02:38

مازالت أصداء هزيمة واحدة من أقوى الدول عسكريا بالشرق الأوسط أمام جماعة وليست جيشا نظاميا، ومحاصرة منذ أكثر من سبعة عشر عاما، تثير جنون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو، وهو الرجل السياسي المحنك الذي يبذل كل نفيس وغالي من أجل البقاء على رأس السلطة ضاربا عرض الحائط بكل الشعارات التي يلوكها في المحافل الدولية بوصف إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة بالمنطقة. 

ولأن خيوط اللعبة تخرج رويدا رويدا من بين أصابعه، لاسيما بعد الاعتصامات المهددة لوضعه الانتخابي وبقائه بعيدا عن المحاكمات التي تنتظره، فكان عليه أن يخطط ليوسع من ضرباته بالمنطقة ليشغل الجميع عن القضية الأساسية وهي الأسري والحرب الدائرة من العام الماضي ولم ينتصر بها رغم العتاد والأسلحة وقبلهم الدعم الدولي الغاشم.

فكان عليه أن يتوسع في الحرب شرقا وغربا ويسعي بكل جهده إلى جر إيران القوة العسكرية غير الحليفة معه المتبقية بالمنطقة من وجهة نظره، فتارة يقصف حزب الله في لبنان وتارة يتجه صوب العراق ويناوش وكلاء إيران، وكل ذلك وإيران تلتزم ضبط النفس، وأخيرا لم يجد بدا إلا من ضربة مباشرة وموجعة ليخرج المارد الفارسي عن صمته، فقام بالهجوم على القنصلية الإيرانية في سوريا قبل أسبوعين ويقتل 7 من القادة العسكريين، لتكسر إيران حزام الصبر، وتعلن الرد على الهجوم. 

والحقيقية أن كل ما يقوم به نيتنياهو، هو دعم لمنصبه بعيدا عن مصالح الجميع، حتى حلفائه الداعمون له، وهو ما جاء على لسان وزير الدفاع لويد أوستن، وغيره من كبار مسؤولي الدفاع، اللذين يعتقدون أنه كان ينبغي على إسرائيل إبلاغهم مسبقًا بسبب آثار الضربة على المصالح الأمريكية في المنطقة. فإسرائيل تلعب من خلف حليفتها.

وهو ما يقلق المسؤولون الأمريكيون من اندلاع حرب متعددة الجبهات ويخشون أن تؤدي ضربة دمشق إلى هجمات على أفراد عسكريين أمريكيين متمركزين في العراق أو سوريا أو أجزاء أخرى من الشرق الأوسط. 

وقبل أيام أعلن البيت الأبيض أن هناك مشاورات سرية تجرى بين الولايات المتحدة وإيران، هل كانت تلك المشاورات حول نوعية وحجم الضربة التي ستوجهها إيران لإسرائيل، احتمال بعيد، فالولايات المتحدة، غاضبة من أفعال نيتنياهو، والخطوة التي أقدم عليها في دمشق دون تشاور مسبق أثارت غضب البيت الأبيض فضلا عن استمرار الهجوم على رفح وغزة حتى الآن. هل كانت الموافقة على الهجوم الإيراني نوعا من شد الأذن لرئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته المتطرفة ليعرف كل منهم حجمه الحقيقي، كل شيء جائز مع السياسة.

كما أن بايدن حاليا يستعد للانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم، ووضع حكومة بايدن كله مهدد داخليا، فالتضخم الاقتصادي يطحن البلاد، والرئيس السابق دونالد ترامب يسعي بكل السبل للوصول للبيت الأبيض للدفاع عن نفسه أمام قائمة الاتهامات الموجهة إليه أيضا. فالحرب ضروس بلا شك والوعود الانتخابية تنهال من كل صوب.  

كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية لحملة الرئيس السابق دونالد ترامب، زعمت في لقاء معها عقب الرد الإيراني على هجوم إسرائيل، أن الرئيس جو بايدن "شجع" إيران من خلال إلغاء العقوبات التي فرضها سلفه سابقًا على البلاد. أن هذا لم يكن ليحدث لإسرائيل لو كان الرئيس ترامب لا يزال في البيت الأبيض ومن وجهه نظر كارولين أن ترامب وقع على عقوبات تاريخية على النظام الإيراني، وقطعت رقاب الإيرانيين. وأصبحوا أكثر ضعفًا، وأكثر إفلاسًا. وفي غضون سنوات قليلة فقط، قام جو بايدن بعكس جميع سياسات الرئيس ترامب، وقد اكتسبت إيران الآن المزيد من الجرأة. ووقع العدوان. والعالم في حالة من الفوضى الآن بسبب ضعف جو بايدن.

ولم تكتف ليفيت، بتلك التصريحات النارية، بل أكدت أن ترامب ينوي إعادة فرض العقوبات على إيران في حالة فوزه بالمنصب. ولديه خطة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا وإجبار الصين على التراجع عن تايوان.

فالوعود الانتخابية لها رنين الذهب هنا. بايدن، الذي أمر بإرسال طائرات ومدمرات للدفاع الصاروخي الباليستي إلى المنطقة خلال الأسبوع الماضي، كأنه كان يعلم مسبقا بخطوة إيران إن لم يكن متفق عليها أيضا، وفي بيان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أمس، قال إن القوات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط اعترضت العشرات من الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية، مضيفًا أن القوات العسكرية الأمريكية لا تزال متمركزة لحماية القوات الأمريكية ودعم الدفاع الإسرائيلي. ودعا إيران إلى تهدئة التوترات ووقف الهجمات على إسرائيل.

أما الوعد الانتخابي الذي جاء على لسان وزير الدفاع فهو نحن لا نسعى إلى صراع مع إيران، لكننا لن نتردد في التحرك لحماية قواتنا ودعم الدفاع عن إسرائيل. فالمليارات التي تغدق بها الولايات المتحدة على إسرائيل، أصبحت تزعج المواطن الأمريكي الذي بدأ يضيق من جنون الأسعار، وهو في الوقت ذاته يسعد رجال المال والأعمال لأن الحرب تدر عليهم آلاف الدولارات من بيع الأسلحة، لكن رجل الشارع يتساءل أين أموال الضرائب التي تقتطع منا لرفاهيتنا، وهو ما جرأ ولاية ميتشجان وسكانها بالخروج في الشوارع والهتاف بالموت لأمريكا.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل