المحتوى الرئيسى

أطباق الصبر على مائدة الجوع.. سيدات غزة يتطوعن لإعداد الإفطار للنازحين

03/28 12:13

صفير أمعائهم الخاوية وبطونهم الفارغة، بات أشد صخبا من وقع سقوط الصواريخ ليل نهار، رغم ويلات الحرب يكافحون من أجل إطعام أطفالهم، ينبشون أنقاض منازلهم ومخيماتهم، بحثا عن قطع خبز متناثرة تارة، بينما تعكف المتطوعات على إعداد الطعام تارة أخرى لسد رمق الصغار الذين يصومون قسرا منذ أكتوبر الماضى، فيما يضطر الرجال إلى قطع آلاف الأميال يوميا في رحلة شاقة للحصول على كسرات الخبز أو الأعشاب أو حتى البيض ليعودوا إلى أماكنهم، ليحاول النساء إعداد «لقمة هنية تكفي عشرات البطون».

وأمام إحدى خيام النازحين شمال غزّة، جلست «سلوى أبوكويك»، البالغة من العمر 48 عاما، خلف إناء كبير من الألومنيوم، يحتوى على شرائح الفلفل الأخضر المكبوس، المعدّ كوجبة إفطار لأكثر من 20 نازحا من جيرانها: «كنا زمان بنستخدم الفلفل الأخضر، سواء المكبوس أو المخروط كصوص لكل الأكلات والوجبات، لكن هاد اليوم نستخدمه كإفطار للصائمين وكوجبة لسد جوع الأطفال، وهاد اللي متوفر جبت فلفل أخضر مخروط وحطيت ملح وصلصة بسيطة علشان أعمل وجبة إفطار لأكثر من 20 نازحا».

استخدام الأعشاب وكل ما هو أخضر في إعداد وجبات بسيطة لإطعام الصغار

لم تكن «سلوى» المتطوعة الوحيدة لإعداد إفطار الصائمين، بل جلست «هنية شبات»، البالغة من العمر 81 عاما، أمام أحد مخيمات شمال غزة، تُعد كسرات الخبز للنازحين من منازلهم بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع، فبالكاد حصلت المُسنة على حصتها من الدقيق الذي توزعه المؤسسات المختلفة: «ما صدقت جبت حصة الدقيق، فعملت خبز صاج لعشرات النازحين، هاد اليوم باعمل أكتر من 200 رغيف خبز دائري لسد رمق الكبار والصغار، حتى كسرة الخبز ما بقت متوفرة، لكن بنحاول، وبصعوبة حصلنا على بيض، فبنعمل أقراص البيض لسد الجوع مع الخبز».

أمام مخيم جباليا شمال غزة، والذى كان في السابق مركزا تجاريا تسويقيا، انهمكت «محمودة السلوت»، في توزيع الخبز المملوء بالبيض أو الجبن على الأطفال: «بنحصل على الخبز والبيض بصعوبة، وهاد الأكل المتوفر، بنجلس كلنا ونعمل لفافات الخبز وبداخلها البيض أو الجبن أو البندورة، وبعدين نرصّها على الصوانى ويوزّعها الصغار على كل اللي في المخيم».

«ماجدة الدهوك»: عايشين على الحساء والمعلبات 

في العام الماضى، كانت سيدات غزة يجهزن اللحوم واللبن والملوخية والدجاج وغيرها من أصناف الأكل، بينهن ماجدة الدهوك، المتطوعة لإعداد طعام لنازحي غزة: «هاى كان الأبيض والأخضر أكلنا في رمضان زمان، كنا بنعمل الدجاج المحشى، واللبن الرايب والملوخية أو هاي الأكلات الشهية، لكن هاد الأيام عايشين على الحساء والمعلبات، على علبة فول ولانشون، بقيت أجيب كل ما توافر منها ونعمله خلطة ونأكل النازحين».

حبات الزيتون المُخللة بالزيت والفلفل، هو كل ما استطاعت مروة البشير اقتناءه قبل نزوحها من وسط غزة إلى الشمال، لتكون تلك الحبات عونا لعدد كبير من النازحين في إفطار رمضان: «كنت مخللة زيتون كتير، وهاد الوحيد اللي أخدته، وها الحين بنطلع الزيتون ونعمل بيه وجبات مع اللانشون والفول للنازحين، إحنا بنقدم أطباق من الصبر على مائدة الجوع، لكن هاد الموجود، كل أملنا في الله أن تنتهي الحرب ونلاقي الخبز».

الأعشاب حاضرة على مائدة إفطار الغزيين النازحين، فبعد أن كانت الدواب تتناولها أصبحت وجبة أساسية للنازحين، حسب شيماء السلوت: «لما عجزنا عن توفير الأكل، بقينا بندخّل الحشائش والأعشاب في أكلاتنا، أي حاجة خضراء نعملها تسد رمق الأطفال، بقينا بنعمل صواني من الأعشاب الخضراء ونوزع على المخيمات، لقمة شهية بتكفي مليون مش مية».

 «سلوى أبوكريك»: الفقر حوّل المخروط أو صوص الطعام إلى وجبة كاملة

بين الأنقاض والركام تبحث السيدة ضحى دويدار، المقيمة بحى الشجاعية، عن بقايا الأرز، لتُعد طعاما لنحو 30 فردا من أسرتها وجيرانها، بالكاد حصلت السيدة الخمسينية على كيسين من الأرز وكيس عدس، لتُعد بهما وجبة دسمة للأهل والجيران: «هون ما في حد بيقول أنا وأسرتي وبس، الكل بيقدم ما عنده والسيدات بيتطوعن لإعداد إطعام رمضان للجميع، ما تبقى من رجالنا يتحدى الصواريخ من أجل الحصول على كسرات الخبز، ونحن نعمل الطعام مما يجود به الرجال والشباب، ونجلس على الأنقاض لتناوله معا، ولو لقينا العدس والأرز يبقى بالنسبة لنا أكلة دسمة».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل