المحتوى الرئيسى

محمد الباز: «في ظلال القرآن» التفسير الأكثر فسادا.. وسيد قطب وضعه لخدمة الإخوان (حوار)

03/26 02:42

أكد الإعلامى والكاتب الصحفى الدكتور محمد الباز أن برنامج «أبواب القرآن»، الذى يُقدّمه عبر قناة «إكسترا نيوز»، من أكثر البرامج جدية نحو تفسير كتاب الله وتجديد الفكر الدينى، وأن الإمام محمد عبده صاحب السبق فى فتح الباب أمام القراءات الحديثة للقرآن، فـ«ليس كل ما نُسب إلى الله، قاله الله.. وليس كل ما نُسب إلى الرسول نأخذ به».

وقال «الباز»، إنّ تفسير «الطبرى»، ملىء بالإسرائيليات ويشمل حكايات غير مقبولة عقلاً تتوارثها الأجيال وتردّدها على المنابر حتى أصبحت جزءاً من ثقافة الناس، وأضاف فى حوار لـ«الوطن»، أن مسلسل «الحشاشين» فارق، ويؤسس لمرحلة جديدة من العمل الدرامى، كما أن جماعة «الحشاشين» وضعت تفسيراً خاطئاً لآيات الله وطوّعت الدين لاستخدامه سياسياً، وترى نفسها الجماعة الوحيدة المسلمة وأن الآخرين كفار.

«أبواب القرآن» يقدّم تفسيراً جديداً للقرآن الكريم.. متى بدأت الفكرة؟

- البحث عن تفسير جديد للقرآن الكريم فكرة قديمة لدىّ، وتشغلنى منذ سنوات، لقناعة أساسية، وهى أن القرآن الكريم دائم العطاءات، ولم ولن يكشف عن أسراره مرة واحدة، فبعض المفسرين يقولون إن «كل جيل وله رزقه فى القرآن الكريم، لكن هذا الرزق يجب أن تبحث عنه»، فالتفسير يجب أن يتواكب مع تطور المجتمعات، فكل تطور مجتمعى يتجاوب معه القرآن، والمهم إيصال الرسالة أو المعنى، وسبق أن شغلتنى الفكرة لسنوات طويلة، وشجعنى هذا العام وجود الدكتور محمد سالم أبوعاصى، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، فبرنامج «أبواب القرآن» برنامج حوارى، ومنذ أعلنت عنه وعن فكرته بأنه بحث لوضع تفسير جديد للقرآن، وجدت البعض يهاجم ويقول «محمد الباز خارج علينا يفسّر القرآن»، ونحن نعرف وظيفتنا جيداً والمساحة التى نقف فيها جيداً، فنحن قادرون على إدارة حوار مع عالم وفقيه لديه رؤية جديدة فى التفسير.

ما الجديد الذى يقدمه د. أبوعاصى فى تفسيره؟

- د. محمد سالم أبوعاصى لديه طرح مختلف ورؤية مختلفة، فهو ليس قارئاً للتفاسير يعرضها، بل لديه رؤية لتفسير القرآن، وبعدما استمعت إليه على مراحل، اكتشفت علمه، فأنا عرفت الدكتور محمد أبوعاصى من خلال جلسة جمعتنى بالشيخ خالد الجندى، ثم استضفته فى أكثر من لقاء، وجمعتنا جلسات كثيرة، فوجدت لديه رؤية، ومنذ سنوات، تقدمت بمقترح أن يقوم شخص بمهمة تفسير جديد للقرآن الكريم، فالشيخ محمد متولى الشعراوى، قدّم تفسيراً منذ الثمانينات والتسعينات والحياة فى مصر والعالم اختلفت منذ ذلك التوقيت، والطفرة التكنولوجية اختلفت، وخلّفت وراءها معادلات جديدة فى العلاقات والمعاملات، فكنت منذ 2016 وأنا أحاول أن أدفع بهذه الفكرة، وهى تفسير جديد للقرآن ويقوم به الشخص بشكل منتظم، وفى ضوء المستجدات يقدّم قراءة مختلفة، فالشيخ الشعراوى قدّم قراءة مناسبة لتلك الفترة التى عاصرها، رغم أن الفترة الزمنية بيننا وبين جيل الشيخ الشعراوى ليست كبيرة، ولكن التغيرات التى حدثت تقول إن الفجوة الزمنية كبيرة بسبب التطور المتسارع.

وما الجديد الذى يقدمه تفسير «أبواب القرآن»؟

- البرنامج حوار مشترك بينى وبين الدكتور أبوعاصى، ونحن دخلنا من أرضية البحث العلمى، وهى نقد التفاسير السابقة، فقُمنا بنقد تفسير الطبرى إلى تفسير الشيخ الشعراوى، الذى يُعد آخر تفسير للقرآن الكريم، رغم أنه لم يكن يحب أن يُسمى رؤيته بأنها تفسير، بل يقول عنها «خواطر»، وحينما نسعى إلى تقديم رؤية جديدة أو تفسير جديد، لا بد أن نكون مطلعين على خريطة التفاسير السابقة للقرآن الكريم، ونطلع عليها ونقدم فيها رؤية نقدية.

وماذا وجدتم فى نقدكم للتفاسير السابقة؟

- كنا أمام التفسير الغارق فى اللغة والنحو والصرف، والتفاسير الفاسدة التى يتم استخدام القرآن فيها لتحقيق مصالح سياسية، وأهم نموذج لهذا النوع من التفسير «فى ظلال القرآن» لسيد قطب، فهو صورة لاستخدام القرآن وتسخيره سياسياً لتحقيق أهداف معيّنة، وتوضيح الفروق بين التفاسير، وللأسف معظم التفاسير تعتمد على روايات من السيرة النبوية، وتلك الروايات معظمها كانت مدسوسة من الإسرائيليات، والتى وجّهت القرآن بدلاً من أن يكون كتاب علم وتفكير وتأمل إلى مساحة للخرافة والخيال، وتفسير ابن جرير الطبرى يُعد أكثر تفسيرات القرآن التى تحتوى على إسرائيليات، وبه حكايات غير مقبولة عقلاً تم توارثها وترديدها على المنابر حتى أصبحت جزءاً أساسياً من ثقافة الناس.

وكيف سيواجه «أبواب القرآن» تلك المغالطات؟

- أرى أن «أبواب القرآن» أكثر البرامج جدية نحو تفسير القرآن وتجديد الفكر الدينى، خاصة أن التجديد هنا يركز على نقاط الخلاف بشكل مباشر، وأطلقنا عليه التفسير المصلحى، أى الذى يراعى مصالح الناس، من خلال قراءة القرآن وفق قاعدة الشيخ المراغى «ائتونى بما يصلح الناس أئتكم عليه بدليل من القرآن»، بما يؤكد أن مصالح الناس مقدّمة على النص، بمعنى أن النص جاء لتحقيق مصالح الناس وسعادتهم، «فالتفسير المصلحى أنك تقرأ وجه المصلحة فى الآية الكريمة، ويوصل صورة الدين الحقيقية بأن الدين يسر لا عسر».

الإمام محمد عبده فتح الباب أمام القراءات الحديثة للقرآن

هل لدى الجميع القدرة على تفسير القرآن الكريم؟

- الإمام محمد عبده صاحب السبق فى فتح الباب أمام القراءات الحديثة للقرآن، ووضع 11 شرطاً لمن يُفسر القرآن، وفى برنامجنا دمجها الدكتور سالم أبوعاصى فى 5 شروط، وهناك أمور بديهية كالحفظ والعلم باللغة والحديث والسيرة، ولكن يجب أن ينظر المفسّر الحديث إلى القرآن بنظرة شمولية بمعنى عدم تفسير الآيات بمعزل عن شبيهاتها، والتفسير بحالة من التجرّد بمعنى ألا يعزم على التفسير وهو لديه فكرة مسبقة يريد إثباتها، وإنما يبحث وراء الألفاظ، فالرسالة الأساسية هى هدايات القرآن، بمعنى الهداية إلى الأفضل والصورة الأطيب، ولا بد من وجود مواصفات لمفسّر القرآن، وللأسف هناك مدرسة تقليدية تقول إن من يفسر القرآن هم أهل الدين، لكن مثلاً لو عرضنا تفسيراً لسورة العلق قدّمه الفيلسوف المصرى الدكتور زكى نجيب محمود، فهو تفسير فلسفى مقبول، ونؤكد مرة أخرى أننا نستهدف هداية الناس، ونرى أن التفسير ليس قائماً على مجال الدين، بل نحتاج إلى فلاسفة وأساتذة علم نفس وأساتذة علاقات دولية، ومثقفين ومفكرين لتوضيح الصورة الخاصة بمقاصد القرآن بشكل كبير.

وماذا عن موقف القرآن من التكفير؟

- لما وضعنا الشروط الأساسية الخاصة بالتفسير، طالبنا بالنظرة الشمولية للقرآن، وألا تخرج الآيات من سياقها الزمنى ومن سياقها المكانى، وبالحديث عن التكفير، فقد تم استخدام آيات من القرآن على وجه الخطأ، وإخراجها من سياقها الزمنى وتطبيقها على الإطلاق، فهناك أمور عامة وأخرى خاصة فى القرآن الكريم، وأرى أنه «مش كل القرآن كلام ربنا»، بمعنى أن هناك مقولات نتداولها على أنها من ربنا، وهى ليست كذلك، فربنا مش هو اللى قالها يعنى مثلاً فى سورة يوسف لما قال «إنه من كيدكن أن كيدكن عظيم»، فمن قال ذلك عزيز مصر، وآية أخرى «وليس الذكر كالأنثى»، فمن قالت ذلك امرأة عمران أم السيدة مريم، وهو ليس حكماً إلهياً، بل رواية على لسان آخرين، وهى قضية مهمة جداً وتفتح لنا الباب حول أنه ليس كل ما نُسب إلى الله قاله الله، وليس كل ما نُسب إلى الرسول نأخذ به.

وهل كل ما قاله الرسول يُؤخذ به؟

- ستجد الرد الطبيعى «آه طبعاً»، لكن حين تُدقّق النظر تجد أن الرسول له ثلاثة أقوال، قول نبى مُرسل من السماء، وهو يؤخذ به كلياً، وقولٌ كرئيس دولة، وقولٌ ثالث كقائد عسكرى: «يعنى مثلاً قول النبى «من أحيا أرضاً مواتاً فهى له»، اليوم لا يمكن تطبيق ذلك، فهذا كلام رجل دولة، وكذلك تجارة الآثار بدأت من الفكرة نفسها «مطلع خبيئة من أرضك فهى لك»، هذا الكلام لا يتناسب مع العصر، وكذلك قول النبى كقائد عسكرى، لست ملزماً به، ففى غزوة بدر حينما اختار النبى مكاناً فقال له أحد أصحابه «يا رسول الله! أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزله الله، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأى والحرب والمكيدة؟ فقال: بل هو الرأى والحرب والمكيدة.. فقال: يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى تأتى أدنى ماء من القوم، فننزله ثم نغور «أى ندفن» ما وراءه من القلب، ثم نبنى عليه حوضاً فنملأه ماءً، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون».

هل نحن أمام تفسير جديد للقرآن؟

- نحن فى كل عصر نحتاج إلى تفسير جديد، وهذا السؤال طُرح قبل ذلك وسيُطرح بعد ذلك، فبعد عشرين أو ثلاثين سنة ستظهر مستجدات فى الحياة تحتاج إلى قراءة جديدة للقرآن الكريم، والثلاثون حلقة فى البرنامج هى البداية، وأعتقد أنه مشروع كبير، وأتمنى أن يُتاح تقديم تفسير د. محمد أبوعاصى، ويتم توفير المناخ والإمكانات ليصبح لدينا برنامج مستقل يفسّر فيه القرآن على منهجية الشيخ الشعراوى، وأتمنى ذلك، لأنه هو الحقيقة بما رأيته، خاصة أن الدكتور محمد أبوعاصى يستوعب ضرورة مساهمة الآخرين فى وضع هذا التفسير، أطباء يدلون برأيهم فى مسائل طبية، وفى مسائل نفسية، وعلاقات بين الدول من خلال طرح فكرى مستند إلى النص القرآنى يتناسب مع كل المتغيرات التى حدثت فى الحياة.

نتابع مسلسل «الحشاشين» ونجد استخدام جماعات الإسلام السياسى تفسير الدين حسب مصلحتهم؟

- جماعة الحشاشين، وكل الجماعات التى تكفّر الآخرين وضعت تفسيراً خاطئاً لآيات الله وطوعت الدين لاستخدامه سياسياً، وترى نفسها الجماعة المسلمة الوحيدة والآخرين كفاراً، فاستخدموا تأويلات فاسدة للقرآن، ووضعوا تفسيرات كثيرة جداً تخدم مصالح الجماعات، لكنها أضرت بالإسلام ضرراً بالغاً، والتفسير الأكثر فساداً هو تفسير سيد قطب، لأنه وضع آيات القرآن فى خدمة سياسة جماعة الإخوان الإرهابية.

هل برنامج «أبواب القرآن» يفتح الباب لقراءة جديدة للسنة النبوية؟

- السنة النبوية تحتاج إلى برنامج آخر للحديث عنها، فللأسف الشديد على مدار العقود الماضية، كانت هناك جُرأة على السنة، فالقرآن الكريم جمع وحفظ، والله عز وجل وعد بحفظ القرآن، لكنه لم يعد بحفظ السنة، فالسنة تحتاج إلى دراسات وبحث شديد، وستكون موضع برنامج جديد للحديث عنها.

تفسير «الطبرى» ملىء بالإسرائيليات ويضم روايات غير مقبولة عقلاً تُردّد على المنابر حتى أصبحت جزءاً من ثقافة الناس.. وليس كل ما نُسب إلى الله قاله الله.. وليس كل ما نُسب إلى الرسول نأخذ به

حلقات المرأة فى القرآن بها رؤية جديدة حديثة، وستكون مفاجأة البرنامج، فهناك تناول جديد للمرأة فى القرآن الكريم، لم يسبقه أحد لهذا التناول، خاصة تصحيح الصورة الذهنية الراسخة فى مسألة «المرأة أصل الخطيئة»، والمساواة بين الرجل والمرأة والعدل بينهما، وسنُقدم رؤية جديدة فى مسألة الميراث، وأعتقد أن آيات الميراث ستثير جدلاً كبيراً.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل