المحتوى الرئيسى

الحراك المصري.. أسباب متعددة ونهايات محتملة

09/21 17:31

مظاهرات في عدة محافظات مصرية انطلقت فيما بدا أنه استجابة لدعوة المقاول والممثل المصري المقيم في إسبانيا محمد علي والذي أثارت مقاطع الفيديو الذي نشرها على الإنترنت زلزالاً مدوياً في مصر، ما دفع الرئيس المصري بنفسه للخروج في مؤتمر مخطط له من قبل ولم يكن على الأجندة الرئاسية للرد على اتهامات له ولقيادات بالجيش المصري بالفساد وإهدار المال العام.

الحراك الأخير في الشارع المصري قوبل بترحيب كبير من جانب مثقفين وعلماء وسياسيين مصريين:

لكن هناك من شكك في وجود حراك أو تظاهرات في الشارع من الأصل:

يؤكد النظام المصري بشكل مستمر من خلال وسائل إعلامه -الذي يتردد بقوة أن الأجهزة الأمنية تسيطر عليها- أنه يؤسس لدولة حديثة من خلال مشروعات كبرى ومساعدات للأسر الفقيرة ومحاولة للنهوض بالقطاعات المختلفة للدولة.

لكن على جانب آخر، لا يبدو أن رجل الشارع قد لمس أي تحسن في حياته اليومية خصوصاً بعد برنامج التقشف الذي تسبب بحسب تقديرات دولية في زيادة نسبة الفقر بشكل كبير. فوفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد ارتفعت معدلات الفقر إلى 32.5% للعام المالي 2017/2018  في مقابل 27.8 في العام المالي 2015/2016. يأتي ذلك في الوقت الذي يؤكد فيه النظام المصري على نجاح خطط الإصلاح الاقتصادي والاستشهاد في ذلك بتقارير البنك الدولي عن الارتفاع المستمر لنسب النمو وتراجع نسب التضخم .

غضب قطاعات كبيرة من المصريين الذين يعانون شظف العيش بشكل تتزايد حدته، فجرته الأرقام والادعاءات التي تحدث عنها محمد علي، الذي دعا لخروج المصريين إلى الشارع اعتراضاً على سوء الإدارة والفساد المستشري في مصر، وهو ما استجابت له أعداد ليست بالقليلة:

على شبكات التواصل الاجتماعي تنتشر الكثير من التفسيرات بشأن ما حدث ويحدث في مصر. البعض عزا الأمر إلى أن ما تحدث عنه محمد علي لامس المعاناة اليومية التي يتعرض لها المواطن البسيط في حين يرى حجم الإنفاق على قصور رئاسية واستراحات ومقابر فاخرة وغيرها يتم بناءها من أموال الدولة، إلى جانب تعاظم الدور الاقتصادي للجيش المصري على حساب القطاع الخاص.

لكن آخرين ذهبوا لأبعد من ذلك، وهو أن هناك تململ واسع في عدة قطاعات هامة وحيوية في البلاد -وخصوصاً من داخل الجيش والشرطة بحسب ما قال محمد على في أحد الفيديوهات- من حجم الفساد الذي تم الحديث عنه، والسيطرة الهائلة لرأس النظام المصري وأبنائه وعدد محدود من الدائرة اللصيقة به على كافة مقدرات الأمور، وأن ما يحدث هو صراع أجنحة بين الأجهزة الأمنية المصرية:

ويدلل هؤلاء على ذلك بالطريقة التي خرج بها محمد علي من البلاد وحجم المعلومات والتفاصيل التي يعرضها بشكل يثير التساؤلات. ويشير بعض الناشطين إلى أن من رتب لتصاعد وتيرة الأحداث بهذا الشكل في مصر كان يريد إيصال رسالة للقيادة السياسية المصرية عن طريق الشارع وبشكل غير رسمي، وإذا ما كانت الأمور ستخرج عن السيطرة للتحول إلى "ثورة" فعلية فسيتم سحقها بشكل هائل.

فور اندلاع التظاهرات في مصر، قام الإعلام المعارض للنظام المصري بعمل تغطية حية ومكثفة للأحداث حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، دار أغلبها حول تشجيع المزيد من المصريين للنزول إلى الشارع. لكن على الجانب الآخر، استغرق إعلام النظام المصري وقتلا طويلاً قبل أن يبدأ الحديث عن الأمر.

النائب والصحفي والإعلامي البارز مصطفى بكري وأحد أشد المدافعين عن النظام الحالي حذر من أن تؤدي التظاهرات إلى سقوط البلاد وأن يتخذ الإخوان المسلمون من الأحداث الحالية ذريعة لعودتهم إلى الساحة السياسية، لكنه في تغريدة أخرى أشار إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطن المصري ومحاولات النخبة لتحقيق "إصلاح سياسي" فيما يبدو اعترافاً منه بوجود أزمة سياسية واقتصادية وإعلامية

فيما تحدث الإعلامي المصري عمرو أديب عن أدوار خفية لدول "معادية" للنظام المصري عملت على تأجيج الاحتجاجات وصولاً إلى مشهد المظاهرات في الشارع إلى جانب ما قال إنه تلاعب بالصور والمشاهد واللجوء إلى فيديوهات قديمة من جانب بعض القنوات الإخبارية:

على شبكات التواصل الاجتماعي يدور نقاش بين المدونين والنشطاء السياسيين وحتى النخبة حول السيناريوهات التي قد يسير وفقا لها المشهد الحالي في مصر.

مصير الحراك وفق المعطيات الموجودة حتى ساعة إعداد هذا التقرير مفتوح على كافة الاحتمالات. بيد أن ناشطون ومحللون يرسمون بعضاً منها. السيناريو الأول: حدوث تغيير من داخل النظام بالاتفاق مع السيسي وتدبير خروج آمن له ولأسرته من مصر دون التعرض لمصير حسني مبارك وأسرته وخوض مسار السجن والمحاكمات. السيناريو الثاني: أن لا يتم التوصل إلى اتفاق بين المعترضين على إدارة السيسي للبلاد من داخل الدوائر العليا في البلاد لتحول الأمر إلى "إخراج خشن" وهنا قد يتم القبض على السيسي وقيادات نظامه ومحاكمتهم.

أما السيناريو الثالث فهو أن تستمر تظاهرات لتخرج عن إطار السيطرة وتتحول إلى ثورة على غرار ما حدث في يناير 2011 لكن هذا السيناريو وهذا المسار الذي قد ينتهي ليس فقط بسقوط السيسي وإنما بالنظام الذي يحكم مصر منذ عام 1952 ستكون تكلفته هائلة على الجميع.

السيناريو الرابع والأخير وهو أن يقرر السيسي الاستجابة للضغوط والقيام بعدة عمليات لتعديل المسار وفتح هامش للحريات السياسية والصحفية والإعلامية وتخفيف القبضة الأمنية على المشهد المصري ومحاولة إرضاء الأطراف الساخطة في الدولة بحسب ما يقال.

يبقى سيناريو خامس وارداً: يقل زخم الحراك وينتهي إلى اللاشيء.

وفقاً لمؤشر حرية الصحافة لعالم 2019 القائم على التصنيف السنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، تتصدر تونس قائمة الدول العربية في التصنيف العالمي لحرية الصحافة. وحققت تونس هذا العام قفزة ملحوظة إذ تقدمت بخمسة وعشرين مركزاً لتحتل المركز الـ 72.

رغم أن وسائل الإعلام اللبنانية تعمل في جو من الحرية، كما تقول مراسلون بلا حدود، إلا أنها "تتميز بالتسييس وبحدة الاستقطاب". وقد تراجعت لبنان مرتبة واحدة في التقرير السنوي لحرية الصحافة لتصبح في المرتبة 101. وبحسب التقرير فإنه "غالباً ما يحكم على الصحفيين بدفع غرامات أو بالسجن الغيابي".

تراجعت قطر في مؤشر حرية الصحافة في عام 2019 ثلاث مراتب لتصبح في المركز 128. وتقول مراسلون بلا حدود إن الصحفيين المحليين يواجهون "ترسانة قانونية قمعية إضافة إلى نظام رقابة صارم". وتضيف بأن الصحفيين الذين يقتربون من "الخطوط الحمراء لدول الخليج (الحكومة والعائلة الحاكمة والدين) يكون مصيرهم السجن".

بقيت المغرب في المرتبة 135 في نسخة 2019 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، كما كانت في عام 2018. وتقول مراسون بلا حدود إن "السلطات المغربية تتعمد عرقلة عمل وسائل الإعلام الوطنيّة والأجنبية التي عملت على ملف حراك الريف أو ملف الهجرة الذي يُعتبر ممنوعًا".

تراجعت الجزائر خمسة مراكز في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019 لتحتل المرتبة 141. وتقول مراسلون بلا حدود إن حرية الإعلام في الجزائر "مهددة"، مضيفة أن "السلطات تواصل تضييق الساحة الإعلامية من خلال دعاوى قضائية ضد الصحفيين". وبحسب المنظمة "لا شيء يؤشر إلى تحسن وضع حرية الإعلام (في الجزائر) خلال سنة 2019".

رغم تقدم العراق أربعة مراكز في المؤشر السنوي لحرية الصحافة ليصبح في المرتبة 156، إلا أن الصحفيين "مازالوا ضحايا الهجمات المسلحة والاعتقالات والتخويف من طرف ميليشيات مقربة من الحكومة أو حتى من قوات نظامية"، كما تقول صحفيون بلا حدود، مشيرة إلى أن التحقيقات حول الفساد أو الاختلاس "خطيرة" على الصحفيين.

تقول منظمة مراسلون بلا حدود إن مصر "أصبحت أحد أكبر سجون الصحفيين في العالم" في عام 2018، مضيفة أن بعضهم "يقضي سنوات في الإيقاف التحفظي دون توجيه أي تهمة ودون محاكمة، وتصدر في حق آخرين أحكام ثقيلة بالسجن تصل إلى المؤبد في إطار محاكمات جائرة". وتراجعت مصر في نسخة 2019 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة نقطتين لتحتل المرتبة 163.

تراجع اليمن في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019 مرتبة واحدة ليصبح في المرتبة 168. ويتعرض الصحفيون في اليمن للاعتداءات وعمليات الاختطاف والتهديدات "بشكل يومي، هذا إذا لم يكونوا ضحية المواجهات التي يقومون بتغطيتها"، كما تقول مراسلون بلا حدود. وتشير المنظمة إلى أن الإعلام المستقل حول الصراع نادر، ووسائل الإعلام مراقبة من قبل كل الأطراف المتدخلة في الصراع.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل