المحتوى الرئيسى

لدغ الحية لأبي بكر في غار ثور حقيقة أم افتراء

08/31 21:20

تحتفل الأمة الإسلامية اليوم السبت، ببداية السنة الهجرية الجديدة، وأكثر ما شاع في روايات السيرة النبوية في الهجرة النبوية، قصة نسيج العنكبوت والحمامتين في غار ثور، وكذلك لدغ الحيّة لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فهل وردت أخبار صحيحة عن هذه القصص.

أكد علماء الدين، أن هذه الروايات ضعيفة وغير مؤكدة، وذكرت في كتب السيرة على سبيل الإعجاز، مشددين على أنه لا يوجد نص يدل على وجود بيض حمام أمام غار ثور، كما اختلفت الروايات عند عدد الحمام فقيل واحدة واثنتان.

وقال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن قصة العنكبوت والحمامتين أمام غار ثور أثناء الهجرة روايات غيرة مؤكدة ذكرت في كتب السيرة على سبيل الإعجاز وقدرة الله تعالى على تضليل المشركين.

وأضاف الجندي لـ«صدى البلد» أن قصة نسج العنكبوت أمام غار ثور مروية من طرق، وقد ضعفها بعض المحدثين وحسنها بعضهم، وممن ضعفها الألباني، وممن حسنها الحافظان ابن كثير وابن حجر.

وأشار المفكر الإسلامي، إلى أنه لم يرد نص يدل على أنه كان أمام غار ثور بيض الحمامتين، مشيرًا إلى أن الروايات اختلفت حول عدد الحمام، فقيل اثنتان وثلاث وقيل واحدة.

وأكد أن القرآن الكريم لم يذكر وجود عنكبوت أو حمام أمام غار ثور، كما في قوله تعالى: «إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» التوبة 40.

ولفت إلى أن قصة لدغ الحية لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وهو في الغار أثناء الهجرة لم تثبت في حديث صحيح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

وألمح إلى أن قصة لدغ الحية لأبي بكر -رضي الله عنه- في الغار ذكرها المناوي في كتابه «فيض القدير» دون ذكر سند، وأوردها علاء الدين في كتابه «كنز العمال»، والسيوطي في كتابه الدر المنثور، وابن كثير في البداية والنهاية وقال: أخرج البيهقي في الدلائل عن عمر: «أن أبا بكر جعل يمشي بين يدي رسول الله تارة وخلفه أخرى وعن يمينه وعن شماله، وفيه أنه لما حفيت رجلا رسول الله حمله الصديق على كاهله، وأنه لما دخل الغار سد تلك الأجحرة كلها وبقي منها جحر واحد فألقمه كعبه فجعلت الأفاعي تنهشه ودموعه تسيل، فقال له رسول الله: لا تحزن إن الله معنا»، قال ابن كثير: وفي هذا السياق غرابة ونكارة.

ونوه بأن هذه القصة ذكرت في سيرة ابن هشام بطريقة مختلفة عنِ الحسنِ البصري قال: انتهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأبو بكر إلى الغار ليلًا، فدخَل أبو بكر - رضي الله عنه - قبلَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلَمَس الغار لينظرَ: أفيه سَبُعٌ أو حيَّة، يقي رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بنفسِه؛ دخَل أبو بكر -رضي الله عنه- الغار ولُدِغ وهو يُطهِّر الغارَ، ولما آلَمَه اللدغُ بكَى ونزَل دمعه على وجهِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو نائمٌ في حجرِه، فدَعا له النبيُّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبصَق في مكان اللدْغِ، فبَرَأ بإذن الله تعالى.

ونبه المفكر الإسلامي، على أن هاتين الروايتين أو غيرهما لم تذكر بسند صحيح أو مقبول فهي ضعيفة.

بدوره، أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن وجود اليمامة التي تبيض وخيوط العنكبوت أمام غار ثور الذى اختبأ فيه سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصديق –رضى الله عنه- عندما هاجرًا من مكة إلى المدينة تعد من الروايات التى لا سند على صحتها فى الهجرة النبوية.

من جانبه، نوه الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، بأنه قد وردت قصة نسج العنكبوت على الغار ووقوف الحمامتين عليه وقت الهجرة النبوية الشريفة في كتب السنة المشرفة والسيرة المطهرة برواياتٍ صحيحةٍ مشهورةٍ مروية من طُرق كثيرة.

وذكر المفتي في إجابته عن سؤال: «هل ذكر العنكبوت والحمامتين في هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحيح؟» أن الإمام أحمد أخرج في "مسنده" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تعالى: «وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوك» [الأنفال: 30] قَالَ: "تَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ لَيْلَةً بِمَكَّةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصْبَحَ فَأَثْبِتُوهُ بِالْوَثَاقِ، يُرِيدُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ اقْتُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ أَخْرِجُوهُ، فَأَطْلَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ، فَبَاتَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم حَتَّى لَحِقَ بِالْغَارِ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ يَحْرُسُونَ عَلِيًّا رضي الله عنه يَحْسَبُونَهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَوْا عَلِيًّا رضي الله عنه رَدَّ اللهُ مَكْرَهُمْ فَقَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكَ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْجَبَلَ خُلِطَ عَلَيْهِمْ، فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ فَمَرُّوا بِالْغَارِ، فَرَأَوْا عَلَى بَابِهِ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ، فَقَالُوا: لَوْ دَخَلَ هَاهُنَا لَمْ يَكُنْ نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ، فَمَكَثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ".

وواصل: كما أخرجها عددٌ كبيرٌ من أئمة الحديث؛ كالإمام عبد الرزاق في "مصنفه"، والحافظ أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر الصديق"، والإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، والحافظ الطبراني في "المعجم الكبير"، وذكرها أيضًا الإمام جلال الدين السيوطي في "الدر المنثور"، والملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"، وغيرهم، كما أوردها المؤرخون وأهل السير في أحداث الهجرة النبوية الشريفة من غير نكير، سيما أنه قد التزم جماعة منهم الصحة أو القبول فيما يذكرونه.

وواصل: أنه قد صحح جماعات من كبار المحدِّثين هذه القصة، وحسَّنوها؛ منهم الحافظ ابن كثير؛ حيث قال في "البداية والنهاية" (3/ 221، ط. دار إحياء التراث): [وهذا إسناد حسن وهو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار، وذلك من حماية الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل