المحتوى الرئيسى

إيران وحلفاؤها ـ قوة إقليمية "عنيدة" في الشرق الأوسط

08/29 10:32

يعود الارتباط الإيراني السوري إلى عام 1979 حين وقفت سوريا عقب الثورة الإسلامية في إيران خلال الحرب العراقية الإيرانية كبلد عربي وحيد إلى جانب نظام الملالي. وبعد تولي بشار الأسد زمام الحكم في سوريا، تحولت إيران ـ بالاشتراك مع حزب الله الشيعي ـ إلى قوة حماية للحاكم الفتي. وتوطدت العلاقة ـ ومعها تبعية الأسد لطهران ـ بعد تفجر الثورة في عام 2011.

ومنذ مايو/أيار من تلك السنة دعمت طهران النظام في دمشق أولا بتجهيزات المراقبة وفي الشهور التالية بالعتاد العسكري. كما أوفدت طهران مقاتلين من الحرس الثوري ومستشارين إلى دمشق. وفي مايو/أيار تحدث رئيس فيلق القدس الإيراني، إسماعيل غاني في مقابلة بكل انفتاح عن وجود وحداته في سوريا.

وحتى في السنوات اللاحقة استثمرت إيران بقوة في بقاء حكومة الأسد. وتوجد تقديرات مختلفة بخصوص المبالغ التي أنفقت لهذا الغرض: فخبير الشؤون السياسية نديم شهادي ينطلق من مبلغ نحو 105 مليار دولار، فيما تتحدث وزارة الخارجية الأمريكية في المقابل عن نفقات بنحو 21 مليار دولار. وإلى جانب دعم نظام الأسد تريد إيران من خلال التزامها في سوريا بسط نفوذها كقوة مهيمنة رائدة ضد اسرائيل. "اليوم يبدأ طريق المقاومة من طهران ويصل إلى الموصل ودمشق وبيروت"، قال ولاياتي في يونيو 2017 لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

إيران متواجدة أيضا في لبنان من خلال حزب الله، المنظمة شبه العسكرية التي نشأت في عام 1982 في خضم الحرب الأهلية اللبنانية، وتأسست بهدف مواجهة القوى العسكرية الإسرائيلية التي تدخلت في تلك السنة أيضا في جنوب لبنان. وبعيد تأسيسها عزز نحو 1500 مقاتل من الحرس الثوري الإيراني الحركة بهدف تصدير الثورة الإسلامية إلى لبنان.

حليف طهران زعيم حزب الله حسن نصر الله، هنا صورة من عام 2015

وفي 1985 اعتنقت المنظمة لقبها الحالي حزب الله. وفي عام 2006 خلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله قدمت إيران للميليشيا، حسب صحيفة الشرق الأوسط السعودية نحو 11.500 صاروخ. كما تم تدريب نحو 3000 مقاتل تابع لحزب الله. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في عام 2007 "يجب علينا الاعتراف بأننا لا نقف في لبنان أمام ميليشيا من الميلشيات، بل أمام وحدة خاصة للجيش الإيراني".

وفي السنوات اللاحقة دعمت إيران ميليشيا حزب الله حسب تقديرات أمريكية بنحو 200 مليون يورو سنويا، وبتفجر الحرب في سوريا قفز هذا المبلغ بقوة إلى الأعلى. فكاتبة الدولة، سيغال مانديلكير المهتمة بقضايا مكافحة الإرهاب في وزارة المالية الأمريكية تنطلق حاليا من دعم سنوي بنحو 700 مليون دولار. وهذه الأموال هي أيضا تعويضا عن التدخلات العسكرية لحزب الله في سوريا، حيث أصيب العديد من أفراد الميليشيات أو قتلوا في المعارك. كما أن جزءًا من تلك الأموال يستخدمها حزب الله لاقتناء أسلحة ليعزز بها ترسانته الضخمة.

إيران موجودة أيضا في العراق، فبعد التدخل الأمريكي في عام 2003 استغلت إيران انهيار الدولة في البلد المجاور لتعزيز نفوذها. والقيادة في طهران تسعى من جهة إلى تفادي حرب مع البلد المجاور كما حصل في الثمانينات. ومن جهة أخرى محاربة منظمات إرهابية مثل القاعدة و"داعش".  وفي نفس الوقت تهتم إيران بالوحدة الترابية للبلد المجاور، لأن انهيار هذا الأخير سيؤثر أكثر  على الاستقرار الهش للمنطقة.

وهذه الأهداف تحاول إيران تحقيقها أيضا بوسائل دينية، بحيث أنها تدعم حج الملايين من مواطنيها إلى مدينتي النجف وكربلاء في الجنوب العراقي التي يتم تمجيدهما من قبل الشيعة الإيرانيين أيضا.

وكانت إيران تتمتع بتأثير كبير خلال فترة حكم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي (2006 ـ 2014) الشيعي الذي عاش خلال حكم صدام حسين بعض السنوات في المنفى. ومؤخرا فقدت إيران من قوة تأثيرها في العراق. فبعد انتخابات مايو 2015 ابتعد السياسي الشيعي الذي يملك قوة تأثير كبيرة في العراق، مقتدى الصدر عن طهران. وبهذا يكون الصدر قد استجاب لرغبة الكثير من الشيعة العراقيين الذين يريدون الحد من تأثير البلد المجاور.

وحتى في اليمن لا يمكن إغفال الدور الإيراني. فطهران، ممثلة هناك بالحوثيون الشيعة الذين يوجدون منذ نحو 15 عاما في خلاف مع الحكومة المركزية. فهم يشعرون بأنهم مهمشون وحقوقهم مهضومة. وبالنسبة إلى إيران يبقى النزاع في اليمن ليس فقط ساحة للحرب بالوكالة مع خصمه الأكبر السعودية، التي تقف على رأس تحالف دولي مكون في غالبيته من دول عربية يدافع عن الحكومة الشرعية بزعامة الرئيس عبد ربه منصور هادي ضد ثورة الحوثيين. وفي الوقت الذي يتحمل فيه التحالف تكاليف باهظة، تستثمر إيران بالمقارنة مبالغ محدودة، وهي تراهن بالخصوص على التجهيزات العسكرية للمتمردين. وفي عام 2018 قامت مجموعة خبراء مستقلة بتفويض من الأمم المتحدة بتحليل بقايا طائرات بدون طيار في  السعودية. وتوصل الخبراء إلى أن الحوثيين يدعون بناء تلك الطائرات. والتحليل التقني توصل إلى نتيجة أن " الطائرات المسيرة تم تركيبها من مكونات من الخارج ونُقلت بعدها إلى اليمن".

في ظهر طهران: المتمردون الحوثيون في اليمن

إيران عززت أيضا العلاقة مع حركة حماس التي تبسط نفوذها على قطاع غزة. إذ أن طهران دعمت في السنوات الماضية حماس ماليا وعسكريا. وقائد حماس يحيى السنوار أعلن في خطاب في مايو/أيار 2019 أن صواريخ غراد وفجر، التي تم إطلاقها من قبل على مدن مثل تل أبيب وبير شيفا الإسرائيليتين، قدمتها إيران أو تم تطويرها بدعمها المالي والفني في عين المكان.

وبغض النظر عن الاختلافات العقائدية ـ حماس منظمة سنية ـ فإن إيران ترى في وجودها في قطاع غزة إمكانية أخرى لتهديد اسرائيل أو على الأقل لبث القلق فيها. وتستقبل حماس تلك المساعدة بصدر رحب. وهو ما أكده يحيى السنوار بقوله "بدون دعم مقاومتنا من جانب إيران لما امتلكنا أبدا هذا القدر من الإمكانيات"، كما أشاد القيادي الفلسطيني في حركة حماس بإيران قائلا "أمتنا العربية تخلت عنا في اللحظات الصعبة في الوقت الذي دعمتنا فيه إيران بالأسلحة والعتاد والمعرفة".

لكن الدعم الإيراني بالنسبة لحماس ليس دائما إيجابيا، لأن طهران تدعم أيضا منظمة "الجهاد الإسلامي" التي سبق لها أن نفذت عمليات ضد مناطق إسرائيلية لا دخل لحماس بها.

وبرهنت إيران مؤخرا عن قوة ردعها في مضيق هرمز. فبعد تخلي الحكومة الأمريكية عن الاتفاق النووي زادت التوترات في ذلك المعبر البحري بين إيران وشبه الجزيرة العربية. ويُعتبر ذلك الطريق أهم ممر للملاحة البحرية في العالم، لاسيما بالنسبة إلى نقل النفط. وكرد فعل على إرسال حاملة الطائرات الأمريكية إلى المنطقة، نفذت إيران عدة أعمال تخريبية ضد سفن تجارية دولية من بينها سفينة تابعة للخصم اللدود السعودية.

وظهر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي واثقا في نفسه معلنا أن إيران ستصد أي هجوم للولايات المتحدة الأمريكية. وفي حقيقة الأمر ليس بإمكان إيران مواجهة أمريكا عسكريا، لكن بإمكانها وقف حركة الملاحة بالكامل أو جزئيا في مضيق هرمز مع عواقب وخيمة للاقتصاد العالمي. وقد تلعب قوات الحرس الثوري دورا مهما في زعزعة حركة الملاحة الدولية.

الحوثيون، هم جماعة سياسية - دينية (شيعية) مسلحة يطلق على تنظيمهم السياسي والعسكري "حركة أنصار الله". يرتبط اسمهم بمؤسس الحركة حسين الحوثي الذي قتلته القوات اليمنية في عام 2004. تأسست الحركة عام 1992 واتخذت من منطقة صعدة شمال اليمن مركزا لها. خاضت الحركة مواجهات مسلحة على مدى سنوات ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح راح ضحيتها الآلاف.

ينتمي الحوثيون إلى المذهب الزيدي الشيعي القريب من المذاهب السنية. يعيش أغلب الزيديين في شمال اليمن، أي في معقلهم؛ محافظة صعدة قرب السعودية. لكن الحوثيين زحفوا اليوم إلى مناطق جنوب اليمن. وقد مثل سقوط حكم صالح عام 2012 فرصة ثمينة للحوثيين لتعزيز موقعهم ونفوذهم في اليمن، حتى أنهم بسطوا سيطرتهم عام 2014 على العاصمة صنعاء.

حين اندلعت الثورة في اليمن عام 2011، شارك الحوثيون بقوة في الانتفاضة الشعبية وتبنوا مطالب الشعب اليمني، مما جعلهم يظهرون كحركة ديمقراطية مناهضة للديكتاتورية. بيَن الحوثيون منذ البداية أن غرضهم هو الدفاع عن حقوق أبناء منطقة صعدة، ليشمل تقديم خدمات اجتماعية وتعليمية، وتحول إلى مطالبة بإشراك المكون الحوثي في أجهزة الدولة.

يعتبر حسين بدر الدين الحوثي الزعيم الأول للحركة. وقد ارتبط ابن رجل دين زيدي بارز، في بداية مسيرته السياسية بحزب سياسي صغير كان يعرف باسم "الحق". فاز هذا الحزب بمقعدين في برلمان اليمن في انتخابات 1993، وشغل حسين أحدهما خلال الفترة ما بين 1993 و1997. بعد مقتله في عام 2004 تولى شقيقه عبد الملك الحوثي قيادة الحركة.

خاض الحوثيين صراعا مسلحا مع حكومة صالح. كما حضروا في الحروب الست التي دارت بين عامي 2004 و2010 في الشمال اليمني. غير أن الحوثيين تحالفوا فيما يعد مع قوات صالح في الحرب الدائرة ضد التحالف الذي تقوده السعودية دعما للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي اتخذ من الرياض مقرا له بعد هروبه من صنعاء.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل