المحتوى الرئيسى

بدأ بأجر ربع جنيه.. رحلة شقاء وحب "الأسطى العوضي" لـ"الميكانيكا"

04/25 22:28

سيارات معطلة، وقطع سيارات تنتشر بالأرجاء، يتوسطها ذلك الأربعيني، أزرق العينين، قصير القامة، يرتدي بنطالًا اختلط نسيجه بالشحم والزيت، وفوقه تيشرتًا لا يختلف حالا عن سابقه، يتناول عدته ويبدأ عمله، "بإذن الله 10 دقائق تكون خلصانه"، هكذا يقول لزبونه وقد يستغرق العمل بعدها ساعات.

عالم يعيش فيه ذلك الأربعيني من صغره، فترات صعبة مر بها، تلاها أخرى قد تكون أصعب من سابقتها، ثم بصيص أمل فرجاء، "الرسالة" اقتحمت عالم ذلك الصنايعي واستمعت إلى قصته، كيف ترك المدرسة، وكيف أعاد إليها الكثيرون، تلك اللحظة التي بدأ فيها عمله طفلا في ورشة "ميكانيكا" يمتلكها خاله، بقرية نوى، في عام 1987، وحتى 1992، وعن تلك الفترة التي انطلق فيها للعمل في القاهرة بدلا من الأرياف، حتى افتتح ورشته الخاصة بقرية طحانوب، مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، تلك القرية التي ولد فيها عام 1976.

"أول ما اشتغلت كنت باخد ربع جنيه مصروف واتنين جنيه في الأسبوع، ومعظم الأيام ببات في الورشة، واليوم اللي عايز أروح فيه كنت أرجع الساعة 2 بليل، في طريق طويل مسافته خمسة كيلو، ببدأ الطريق بعد فلنكات السكة الحديد من 1 لـ100 وأرجع أعد تاني علشان مكنتش أعرف أعد بعد 100 إيه، المسافة كانت حوالي 5 كيلو عام 91، وكنت باجي قدام المقابر أقرأ المعوذتين وأجري".

"سبت المدرسة لأني كنت متوسط في التعليم، وخدت قراري، وأهلي وقفوا ضدي، بس أنا كنت اتعقدت من المدرسة، والناظر ضربني بالقلم أمام زملائي، فسبتها وأنا في 2 إعدادي ومسمعتش كلام حد، علشان محرجش نفسي".

يضيف "والدتي ست بيت وكنت بروح الغيط، والظروف مكنتش مساعداني، بس إخواتي متعلمين، أختي الكبيرة مدرسة أولى لغة عربية، وأخين حصلوا على الدبلوم".

يتذكر العوضي تلك اللحظة، في تلك الليلة الظلماء، وذلك الشتاء قارس البرودة، حينما نام أثناء عمله، بورشة "نوى"، ويقول "في الشتاء كانت الناس متغطية بدفايات وبطاطين وإحنا في الورشة اللي بينام الأسطى بيرمي عليه ميه ويضربه علشان يصحي يشتغل ولو معملش فينا كدا مكنش حد فينا اتعلم الصنعة علشان كنا كتير".

أزمة نفسية لم يحتملها الصغير

مسلسل اللحظات المؤلمة التي يعيشها الصغير لم ينتفى، فعندما حاول ركوب عربة "الخضار"، نهره وشمته صاحب العربة، "سواق العربية كان بيشتمني ويضربني علشان هدومي وسخة ومبدفعش أجرة علشان مش معايا، وفي مرة قعدت فوق وهو مخدش باله، العربية عطلت نزلت صلحتهاله ومن ساعتها بقى ينده عليا علشان يشوفني مروح ولا لأ".

يضيف: "في اللحظة اللي كان بيزعقلي علشان لبسي وسخ كنت بحس بالخنقة والندم، علشان اللي في سنى في البيت مرتاحين وأنا راجع مشي والدنيا بتمطر عليا".

بعد تلك الفترة، بدأ "العوضي" رحلته، في القاهرة، وتحديدا في شارع رمسيس، ويتنقل بعدها من ورشة إلى أخرى، لا لشيء سوى أنه يبحث عن المكان الأقرب، لمحطة القطار حتى يحلق بقطار 9 وثلث ليلا، ينتقل من رمسيس إلى بين الكنائس، ثم إلى الضاهر، بعدها شارع الترعة، وأخيرا بموقف أحمد حلمي".

وفي عام 94 قرر "العوضي" ترك العمل في القاهرة، واتجه للعمل بورشته الخاصة، على الطريق العمومي في قرية طحانوب، وباع "جاموسة" ليسدد مبلغ 5 آلاف جنيه، مقدمة العقد المفتوح وقيمته 100 جنيه في الشهر، يضيف "ومن وقتها وحتى الآن مش عارف أرخص الورشة ومعايا سجل تجاري وبطاقة ضريبية ولكن معرفتش أعمل رخصة علشان على الطريق العام".

ويحكي: "اشتغل معايا في ورشتي 7 صنايعية فاتحين ورش وحتى اليوم بيرموا السجارة لو شافوني وصبيان كتير حوالي 60 صبي اشتغلو معايا، وفي فترة الإجازة كان بيشتغل معايا طلبة علشان يساعدوا أهلهم وكان بيجلي طلبة عايزين يسيبوا المدرسة كنت بتكلم معاهم علشان أقنعهم يرجعوا المدرسة، وبعدين أضربهم وأقسى عليهم جامد علشان يرجعوا المدرسة وفعلا كتير منهم خاف ورجع المدرسة وعرف إنها أفضل من الورشة".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل