المحتوى الرئيسى

على هامش ثورة 1919 (22).. تحرير المرأة بين مؤيد ومعارض في الصحف المصرية

03/22 17:09

الكشكول: جريدة الهوانم مثل السفور تدعو إلى مبدأ جديد وإلى غرض غريب فضلا عن إنها تدعو النساء إلى رفع الحجاب

الكشكول: نحن نعجب لأمثال هؤلاء الذين لا يعبأون بعادات الشرقيين.. ويتبعون مبدأ «خالف تعرف»

السفور: فكرة أن المراة ما خلقت إلا لتكون موضع الزينة والشهوة.. أنتجت كثيرا من الشرور التي تئن منها الأسرة المصرية

السفور: المرأة المنفردة في بيتها قد تندفع في طريق الفساد.. فيقع أكبر ما يخشاه «الحجابيون»

السفور: لو أن المعارضين تحرير المرأة يفكرون برؤسهم يدركوا أن حياة المرأة أطول من أن تقضيها فيما يحددونه لها من الوظيفة البيتية

تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس، إبراز مجموعة من الأخبار والموضوعات والطرائف واللطائف التي نشرتها الصحف المصرية في شهور فبراير ومارس وأبريل 1919، تزامنا مع اندلاع ثورة 1919، في محاولة استرجاع صورة للمجتمع المصري أيام الثورة، بعيدا عن السياسة، بالتركيز على الأنشطة والأحداث الاجتماعية والثقافية والفنية.

مع بدايات القرن التاسع عشر باتت القضايا الاجتماعية، مثل تحرير المرأة وتعليمها، موضوعا للنقاش، وتجلت معاني تحرر المرأة بشكل تلقائي مع الأيام الأولى لأحداث ثورة 1919؛ إذ إنها خرجن وشاركن في التظاهرات وسقط منهن شهيدات مثل الرجال المطالبين بتحرير بلادهم.

وفي 3 أكتوبر 1919 نشرت جريدة الكشكشول خبر بعنوان «السفور والهوانم» أشارت فيه إلى أن هناك جريدة جديدة صدرت في الإسكندرية تدعى «جريدة الهوانم» وهاجمتها «الكشكول» وصفتها بأنها مثل زميلتها «السفور».

ولم نجد في أي من الأرشيفات المتاحة أعدادا لجريدة الهوانم، أما السفور هي جريدة أسسها عبد الحميد حمدي عام 1915 واستمرت في الظهور حتى عام 1922، وآثر صحافة الرأي عن صحافة الخبر، وتعرضت جريدته لقضايا الحجاب وتحرير المرأة، وإصلاح الجامعة المصرية وأضاءت صفحات الجريدة مقالات وروايات عدد من أنجب رموز الفكر المصري منهم: طه حسين، محمد حسين هيكل، المنفلوطي، مصطفى عبد الرازق وعلي عبد الرازق.

أما جريدة الكشكول كان يملكها سليمان فوزي، وتميزت بالأسلوب النقدي الساخر الذي وصل إلى حد التجريح في بعض الشخصيات، وكان للموقف الذي اتخذته عند صدورها هو الانحياز التام للحكومة وانتقاد حزب الوفد الذي اعتبرها جريدة حكومية وليست مجلة خاصة.

نعود إلى الخبر الذي أشرنا له في البداية، حيث قالت «الكشكول» فيه: «ظهرت في هذه الأيام جريدة تصدر في الإسكندرية تدعي جريدة الهوانم وهي كزميلتها السفور تدعو إلى مبدأ جديد وإلى غرض غريب، فضلا عن إنها تدعو النساء إلى رفع الحجاب، فإنها في الوقت نفسه تريد أن تساعد المرأة وتأخذ بنصرها وتنشىء للسيدات قهاوي ومطاعم وبارات ليسترحن فيها إذل تعبن ويلعبن فيها النرد والشطرنح إذا طلبن...

تضيف الكشكول: «هذا ما تقوله جريدة الهوانم وقد أطلعنا على العدد الأول منها وهذا ما يدعو إليه (الهوانميون) ونحن نعجب لأمثال هؤلاء الذين لا يعبأون بعادات الشرقيين ولا يحفلون بمدد شريفهم، ولا ندري ما الذي يقصده أمثال هؤلاء بهذه المبادىء، اللهم لا شيء غير (خالف تعرف)...فالتهنأ جريدة السفور بزميلتها الجديدة».

فلم تهدأ السفور بعد تلك الحملات والدعوات، وبالبحث في بعض أعداد الجريدة وجدنا أن عبد الحميد حمدي كتب سلسلة من المقالات على صفحات الجريدة الأولى لعدة أسابيع تحت عنوان «تحرير المرأة» فيستعرض مثلا في المقال السادس المنشور في 12 أكتوبر 1920، مبدأ الجريدة وغرضها من هذه الحملة ويتهم معارضيها قائلا: «من أمهات المسائل التي يتذرع بها المعارضون في تحرير المرأة تقديمهم مسألة العفاف، فهم يخشون إذا حررت المرأة من قيود العادات أن تندفع في طريق الشر والقمار.. من أجل هذا هم يقولون بوجوب تحجيبها وسجنها وعدم تعليمها إلى غير ذلك مما يقولون به».

تستكمل السفور: «يقولون أن المرأة الخلوقة تكون زوجا وتربي وترضع الأبناء، وركزوا في ذلك طبيعة المرأة فكرة أنها ما خلقت إلا لتكون موضع الزينة والشهوة وهذه الفكرة انتجت كثيرا من الشرور التي تئن منها الأسرة المصرية، والمتتبع لسير أمرها يعلم مقدار ما كان لهذه الفكرة من الأثر السيء في حياتنا الاجتماعية».

ويشرح عبد الحميد حمدي حال المرأة المصرية من وجهة نظره: «هذه المرأة السجينة في بيتها بلا عمل إلا أن تجذب إلى جمالها ورونقها عواطف زوجها لا يرضيها من ذلك الزوج إلا أن يبذل كل جهده في إظهار رضائه، وإذا قصر في إظهار ذلك، يبدأ الشقاق بين الزوجين، وهي تتهم وهو يبرىء، وهي معذورة لأنها لا تفهم من معاني الحياة غير الجهة اليومية ولا ترى من حق الرجل أن يعمل شيئا غير تحقيق المعنى الذي تفهمه من الحياة، والرجل معذور لأنه لا يستطيع أن يحبس حياته على تحقيق المطامع البهيمية دون أن يشترك مع قومه في العمل لانعاش الحياة الفكرية والأدبية في الأمة».

«ترى المرأة من زوجها ما تعده انصرافا عنها فتبدأ تراقب حركاته وسكناته وترسل إليه العيون لتتبع خطواته، وتستمع لرسل الشر اللواتي يؤنسها في خلوتها، من تروي لها عن ذلك الزوج اللعين أنواعا من الأقاصيص أشبه بحكايات ألف ليلة وليلة.

«هذه المرأة المنفردة في بيتها الحاملة في رأسها فكرة السوء من ناحية زوجها المحملة بوصفات الشر والفساد غير المتزودة بسلاح العلم والتربية الفاضلة، لا تتردد في اقتناص الفرص للانتقام من ذلك الزوج الذي تتوهمه جافا، ومن هنا تندفع المرأة في طريق الفساد غير معنية بشرف أوعفاف فيقع أكبر ما يخشاه الحجابيون وهكذا يكون ما تخيلوه رادعا للمراة دافعا لها.

«لو أن المعارضين في تحرير المرأة يفكرون حقيقة برؤسهم يدركوا أن حياة المرأة أطول جدا من أن تقضيها فيما يحددونه لها من الوظيفة البيتية. وأنه ليس لهذا التحديد غير إحدى نتيجتين، فإما أن تترك المرأة على جهلها وعدم تربيتها لا تفكر في غير الحياة البهيمية وفي هذه الحال ترى، كما بينا، أن رغباتها غير محققة من ناحية زوجها فتندفع في سبيل الفساد.والأمثال على ذلك عندنا كثيرة يضيق عنها نطاق الحصر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل