المحتوى الرئيسى

سيناريوهات بريطانيا للخروج من مأزق بريكست

01/16 12:54

بعد أن صوّت البرلمان البريطاني الثلاثاء (16 يناير/كانون الثاني) بغالبية ساحقة ضد الاتفاق بشأن بريكست الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي، بات أمام ماي أو من يخلفها في منصبها سيناريوهات محدودة للمناورة من أجل التوصل إلى اتفاق لتنظيم خروج بريطانيا من التكتّل الأوروبي الذي انضّمت إليه قبل خمسة عقود.

وحذّر الاتحاد الأوروبي من أن التصويت الذي يغرق بريطانيا في المجهول يفاقم مخاطر خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.

رغم أن ماي خاطبت النواب قبيل التصويت قائلة إن الواجب يفرض عليهم تطبيق ما صوت من أجله البريطانيون في استفتاء 2016، إلا أن بريطانيا وقبل نحو شهرين من موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/ مارس لا تزال منقسمة بشدة بشأن ما يجب أن يحدث لاحقاً.

وسيكون على ماي الآن أن تقرر ما إذا كانت ستطلب تصويتاً جديداً أو التعرّض للإقالة أو تأخير بريكست أو ما إذا كان بريكست سيحصل فعلاً. وإذا ما حصل، فبأي شكل وأي خسائر ومكاسب؟

فيما يلي سيناريوهات ما قد تحدث بعد رفض البرلمان البريطاني اتفاق ماي مع الاتحاد الأوروبي:

بعد الرفض الكبير من جانب النواب لاتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قدم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن الثلاثاء مذكرة لحجب الثقة عن حكومة تيريزا ماي المحافظة.

ويرى مراقبون أن مبادرته لا تواجه حظوظاً كبرى في النجاح، لأن حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ماي وحليفه الحزب الصغير المحافظ في إيرلندا الشمالية، الحزب الوحدوي الديموقراطي، لا يرغبان في أن يحل محلهم حزب العمال في قيادة البلاد.

زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن

لكن صحيفة "ديلي ميل" المحافظة المؤيدة لبريكست اعتبرت أن مصير ماي بات "معلقاً على خيط". كما رأى كاتب الافتتاحية في صحيفة "تايمز" ماثيو باريس أنه آن الأوان لكي يتولى البرلمانيون المعارضون ملف بريكست. وكتب: "ليس هناك أي قيادة، لا داخل الحكومة ولا في المعارضة قادرة على مساعدتنا على الخروج من هذا المستنقع".

يمكن لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التقدم بطلب لتصويت جديد بعد أن تطالب الاتحاد الأوروبي ببعض التنازلات لكن ذلك لا يضمن سوى فرصة ضئيلة للنجاح.

فمن جانبه أكد وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير بالقول: "لا يمكن إعادة التفاوض بشكل أساسي بشأن الصفقة التي توصلت إليها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً: "لكن إذا اقترحت الحكومة البريطانية شيئاً جديداً فلابد من مناقشته داخل الاتحاد الأوروبي، ومعرفة ما يعنيه ذلك لنا..".

كما أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تشككه في أن الاتحاد الأوروبي سيعيد التفاوض بشأن اتفاق رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لخروج بلادها من التكتل. وطلب الرئيس الفرنسي من القادة البريطانيين البحث عن مخرج للأزمة بأنفسهم وتمنى لهم "حظاً سعيداً" في إيجاد طريقة للخروج من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/ مارس.

وقال ماكرون: "ربما نجري تحسينات على مسألة أو اثنتين، ولكنني لا أعتقد أن ذلك سيحدث حقاً لأننا بذلنا ما في وسعنا فيما يمكن أن نفعله بشأن الاتفاق"

يمكن لبريطانيا أن تقطع مفاوضات بريكست مع الاتحاد الأوروبي ببساطة، لكن ذلك ليس وارداً في قناعة البريطانيين الذين صوتوا لخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي بعد أن وافق 17.4 مليون بريطاني أي 51.9 في المئة من المشاركين في الاستفتاء على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 23 حزيران/ يونيو 2016.

السيناريو الرابع: إعادة التصويت على بريكست

يعد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير من أبرز الداعين لإجراء استفتاء ثانٍ بشأن خروج بريطانيا من عدمه. لكن في مواجهة الدعوات لإجراء هذا الاستفتاء الآخر لحل المأزق، قالت ماي إن هذا من شأنه أن يشكل خيانة لنتيجة استفتاء 2016 ويقوض ثقة الناس بالسياسة.

وأثارت هذه القضية مواجهة علنية غير عادية في وقت سابق بين ماي ورئيس الوزراء الأسبق توني بلير، أحد الداعمين الرئيسيين لاستمرار بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. فقد اتهمت رئيسة الوزراء بلير بإهانة الناخبين ومحاولة تقويض حكومتها من خلال بعد أن قام بلقاء مسؤولين أوروبيين في بروكسل.

بدوره، اتهمها بلير بأنها "غير مسؤولة"، لكن المطالبين باستفتاء آخر قالوا إن تصريحات ماي تظهر أن الفكرة تؤخذ على محمل الجد. فقد قالت مارغريت بيكيت، النائبة عن حزب العمال المعارض الرئيسي والمؤيدة للاستفتاء: "سيكون التصويت العام الجديد مختلفاً عن استفتاء عام 2016 لأننا نعرف الآن المزيد حول معنى بريكست.

ويدعم عشرات النواب من جميع الأحزاب استفتاء ثانياً، وهناك تقارير تفيد بأن المسؤولين يدرسون إمكان منح الرأي العام فرصة للتصويت.

يمكن لبريطانيا أن تعتمد النموذج النرويجي في علاقتها بالاتحاد الأوروبي، أي أن تبقي على التزامها بدفع المستحقات المالية وتطبق الكثير من الاتفاقات الأوروبية لكنها غير معنية بالتصويت.

وفي هذا السياق سبق لوزيرة العمل والمعاشات البريطانية آمبر رود أن قالت إنه إذا رفض نواب البرلمان اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فإنه يمكن إعداد ما يسمى بـ "نموذج النرويج المعدل". ويعني هذا النموذج البقاء في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي. والنرويج ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، لكنها ترتبط بشكل وثيق مع التكتل من خلال عضويتها في المنطقة الاقتصادية الأوروبية.

السيناريو السادس: عدم التوصل إلى اتفاق

إذا لم تتوصل تيريزا ماي التوصل إلى اتفاق داخلي بشأن اتفاق خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي حتى 29 آذار/ مارس المقبل، فإن ذلك سيعني وقف تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي في بريطانيا بين ليلة وضحاها، ما يهدد بحدوث عواقب فوضوية بالنسبة للاقتصاد والكثير من قطاعات الحياة الأخرى.

وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير بالقول: سيخسر الجميع في أوروبا..

وفي هذا السياق حذر وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير من عواقب الخروج البريطاني غير المنظم من الاتحاد الأوروبي قائلاً: "سيخسر الجميع في أوروبا.. وخاصة البريطانيين، في حالة خروجهم بشكل غير منظم من الاتحاد الأوروبي".

وتوقع الوزير الألماني العضو بالحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل بأن يؤدي مثل هذا الخروج لعواقب وخيمة سواء بالنسبة لمستوى الرخاء أو فرص العمل في بريطانيا، "(...) لكن هذا الخروج لن يمر بلا أثر على الاتحاد الأوروبي أيضاً".

تترقب الأوساط السياسية والاقتصادية تصويت البرلمان البريطاني على الاتفاق الموقع بين الحكومة وقادة الاتحاد الأوروبي، وسط انفتاح كامل على كافة السيناريوهات. ويشهد الثلاثاء (15 كانون الثاني/يناير 2019) تصويتا على خطة ماي، بشأن انسحاب المملكة من الاتحاد الأوروبي وعلاقتها المستقبلية معه.

اغتنم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن الفوضى المخيمة بسبب بريكست، ليدعوا مرة جديدة إلى انتخابات مبكرة في حال رفض الاتفاق، مؤكدا أن حزبه سيقدم "قريبا" مذكرة بحجب الثقة عن الحكومة. كوربن أكد بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيكون "كارثيا"، وأنه سيحبذ في هذه الحالة التوصل لاتفاق على إجراء استفتاء ثان.

حثت ماي النواب على إلقاء "نظرة ثانية" على اتفاقها الخاص بالخروج من الاتحاد، وحذرتهم من أن التصويت ضده قد يفتح الباب أمام تفكك المملكة المتحدة.

خشية مواجهة هزيمة مؤكدة، أرجأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تصويتا في البرلمان حول اتفاق خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي حتى كانون الثاني/يناير 2019، حتى يتسنى لها الحصول على دعم المزيد من المشرعين.

وطالما مرت العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بأوقات صعبة ومفاوضات معقدة بدأت من طلب بريطانيا لعضوية المجموعة الاقتصادية التي سبقت الاتحاد في عام1961، والتي لاقت اعتراضا فرنسيا أعاق المشروع لمدة 12 عاما. وبعد دخول المملكة المتحدة عضوا في المجموعة في عام 1973 بقيت العلاقة مشوبة بالتوتر والمشاحنات.

رئيس الوزراء البريطاني المحافظ هارولد ماكميلان تقدم بترشيح عضوية بلاده إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية ( السوق الاوروبية المشتركة) ، التي سبقت الاتحاد الأوروبي ومهدت له.

الجنرال شارل ديغول لجا إلى الفيتو للمرة الأولى معترضا على دخول المملكة المتحدة إلى السوق الأوروبية المشتركة ولجا إليه للمرة الثانية في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1967 لنفس الغرض.

رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث وقع وثيقة الانضمام الى المجموعة الأوروبية في 22 كانون الثاني/ يناير 1972. وبذلك اصبحت المملكة المتحدة عضوا في المجموعة الاقتصادية الأوروبية في الوقت نفسه مع ايرلندا والدنمرك ابتداء من الأول من كانون الثاني/يناير 1973.

رئيسة الوزراء المحافظة مارغريت تاتشر قادت البريطانيين للتصويت بنعم للبقاء في المجموعة الاقتصادية الأوروبية في الخامس من حزيران/يونيو 1975. واحتفت تاتشر بأوروبا مرتدية كنزة تحمل أعلام الدول الأوربية. وأيد 67 بالمائة من البريطانيين البقاء في المجموعة الاقتصادية الأوروبية.

لكن رئيسة الوزراء تاتشر طالبت بعد ستة أعوام من التصويت على الانضمام الى المجموعة الاقتصادية الأوروبية بحسم مقابل مشاركة بلادها في الموازنة الأوروبية وقالت كلمتها الشهيرة "أريد استعادة أموالي"، وهو طلب حصلت عليه في العام 1984.

وفي عام 1988 رفضت تاتشر في كلمة لها في بروج (بلجيكا) أي تطوير فدرالي للهيكلية الأوروبية. في الصورة لقاء تاتشر بالمستشار الألماني الأسبق هليموت كول في عام 1988.

ألمانيا وبريطانيا وقعتا معاهدة ماستريخت، العمل الثاني الأساسي للهيكلية الأوروبية بعد معاهدة روما في عام 1957. وتمتعت بريطانيا ببند استثنائي اتاح لها عدم الانضمام تحت مظلة العملة الموحدة ( اليورو) .

توصل رئيس الوزراء المحافظ جون ميجور إلى إقناع البرلمان بإقرار معاهدة ماستريخت بعدما لوح بالاستقالة. في اليوم نفسه وصف ثلاثة من وزرائه المشككين بأوروبا بـ "الجبناء". في الصورة احتفال القادة الأوربيين بمعاهدة ماستريخت.

رئيس الوزراء العمالي المؤيد لأوروبا توني بلير اعلن نيته تنظيم استفتاء حول الدستور الأوروبي الذي لم يتم إقراره في نهاية الأمر بسبب معارضة فرنسا والدنمرك. في الصورة توني بلير مع المستشار الألماني السابق غيرهارد شرويدر.

رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون تعهد في كلمة له إجراء استفتاء حول عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي في حال فاز حزبه في الانتخابات التشريعية في العام 2015.

تصدر حزب الاستقلال البريطاني المشكك بأوروبا والمعادي للهجرة نتائج الانتخابات الأوروبية مع أكثر من 26% من الأصوات ليحصل على 24 نائبا.

فاز الحزب المحافظ في الانتخابات التشريعية. وتبني القانون بتنظيم استفتاء قبل نهاية العام 2017 قبيل عيد الميلاد في 2015.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل