المحتوى الرئيسى

الفنان التشكيلي عمر طوسون: جيلي كان محظوظا.. وحققت 1% من أحلامي (حوار)

12/09 23:36

حكى الفنان العالمي عمر طوسون، عن مسيرته الفنية، وما قبل ذلك، بدأ من حيث نشأ، ومَن مِن الفنانين ترك أثر كبير في حياته، وكيف كان تكوين جيله وقتها، ويقول: من حسن الحظ جيلى تربى على مواد ثقافية غاية فى الرقى عن طريق برامج الإذاعة والتلفزيون عندما كان قناة واحدة!. وأكد "طوسون" في حواره لـ"الدستور" أنه بالرغم من أنه كان هناك انتقائية إلى حد ما، إلا أن أغلب ما كان يقدم من برامج علمية وثقافية وموسيقى وسينما ومسرح كان مساعدا فى تثقيف الجيل الذي انتمى له، وأوضح أن أول لوحة فنية له كانت "زيتية"، وأنه لم يحقق سوى 1% فقط من أحلامه.. إلى نص الحوار:

• بدايةً حدثنا عن طفولتك.. كيف كانت؟

- أنا من مواليد مدينة الإسكندرية ونشأت وتعلمت بها حتى أنهيت دراستي الجامعية، وتخرجت في كلية التربية النوعية شعبة التربية الفنية - جامعة الإسكندرية، وفي طفولتي كنت أهوى صناعة بعض الألعاب بنفسي، كما كنت أسعد لوجود أى مشروع حفر للشوارع نظرا لتوفر الطمي الأسود المتماسك والذي يخرج من أعماق خنادق الحفر التي كنت أصادفها كثيرًا أثناء طفولتي، وكان لتشجع مدرِّسة الفصل لى بالمرحلة الابتدائية أثر كبير فى ثقتي فيما أرسم، وكان لأخى الأكبر أثر كبير في عشق الرسم؛ حيث كان موهوبا بالفطرة وكنت أنبهر بما يرسمه من صور شخصية للعائلة خاصة وهو يكبرني بخمس سنوات مما جعله أستاذي الأول في الفن، وفى كل مرحلة من مرحل دراستي ما قبل الجامعية كان هناك دائما معلم عظيم للتربية الفنية مؤمن بموهبتي ومشجع لي.

• هل كان للأسرة دور فى تكوينك الفنى؟

- كان أبى بشجعنى بإحضار أدوات الرسم والنحت التي عرفها بحكم عمله بالتربية والتعليم، لكن دوره كان مهم بتشجيعة الدائم لى فيما يخص الفن، لكنه كان على النقيض فيما يخص الرياضة، فقد كنت مميزا جدًا فى كرة السلة والتى حاولت مرارا إقناعه بالموافقة على التحاقي باختبارات كرة السلة بنادي الاتحاد السكندري، وكان وقتها وحش إفريقيا في كرة السلة ولازال أحد أهم وأعرق فرق مصر والقارة، وأزعم أننى كنت مشروع لاعب كرة سلة مميز، ولم أنقطع عن ممارسة هذه الرياضة، والتحقت بفريق المدرسة الثانوية بمدرسة الناصرية الثانوية العسكرية وبعدها بمرسة الرمل الثانوية بنين المجاورة لها بحي باكوس العريق.

أما والدتى فكانت تغذى طفولتى بحكايات توارثتها عن جدتى وكثير من الغناء الذى اكشفت فيما بعد أنها من التراث المصري العريق على سبيل المثال أغنية (بقرة حاحا) والتى سمعتها بشكلها الحديث مقارنة بالأصل بصوت الشيخ إمام.

ومن حسن الحظ أن جيلي تربى على مواد ثقافية غاية فى الرقي عن طريق برامج الإذاعة والتلفزيون عندما كانت قناة واحدة وحتى بداية ظهور قناة ثانية، وبالرغم من أنه كان هناك انتقائية إلى حد ما، إلا أن أغلب ما كان يقدم من برامج علمية وثقافية وموسيقى وسينما ومسرح كان مساعدا فى تثقيف جيلنا وتأجيج الشعور بالانتماء وقيمة الوطن، وكانت هناك قيم الأحياء الشعبية والعلاقات الودودة بين سكان الحي والتقارب الشديد فى المستوى الاجتماعى وشكل المنازل وحتى نوع الطلاء وألوانه لدرجة تقترب من التطابق بين كل منزل والآخر قبل أن تتوغل العشوائيات التى توحشت لشكل كبير منذ ربع قرن.

وكانت "شقاوتنا" التى اعتبرها أولياء أمورنا بأنها فساد، كانت استغلالنا لأى خروج مبكر من المدرسة لفراغ أحد الحصص الأخيرة بأن نهرع إلى شاطئ البحر القريب من المدرسة مثل شاطئ جليم ومظلوم لنلهو ما يقرب من الساعة على رمال الشاطئ أو السباحة قبل أن نعود إلى المنزل، فأصبح البحر جزء رئيسي من حياتنا وكان خط الـفق لغزا محيرًا لنا نتأمله ونتخيل ما ورائه ونتوحد مع رائحة اليود وهواء البحر النقي.

• ما هى الصعوبات التي واجهتها في حياتك؟

- الصعوبات جزء كبير من متعة الحياة وما مررت به من صعاب اعتبرها دافعا كبير للاستمرار وزادتنى قوة، منها على سبيل المثال عدم التحاقى بكلية الفنون الجميلة بالمنيا والتى كانت هى الوحيد المتاحة من كليات الفنون الجميلة الثلاث وقتها (الإسكندرية - القاهرة - المينا) وكانت كليتى الإسكندرية والقاهرة قد أغلقتا أمامى بسبب المجموع ولم يكن متاح إلا فنون جميلة المنيا، والتى واجهت معارضة كل العائلة للتقدم لها نظرا لبعدها عن الإسكندرية وعدم وجود أى أقارب بها، ومن ثم التحقت بكلية التربية النوعية ببورسعيد نظرًا للتشابه الثقافي بينها وبين الإسكندرية ووجود جزء كبير من عائلتى ببورسعيد، وقضيت العام الأول فقط بها وتم اختيارى طالبا مثاليا كأول طالب مثالى فى تاريخ الكلية كوني من الدفعة الأولى.

• هل كان لأساتذتك في الجامعة دور في اكتشاف مواهبك؟

- وجدت دعما كبير من سيدتان عظيمتان هما العالمة الكبيرة الدكتورة هدى القناوي أول عميد للكلية فكانت وكانت نعم الأستاذة والأم لنا جميعا، وكانت مؤمنة بموهبتى وتتباهى بى بين الأساتذة باعتباري طالب موهوب وإسكندرانى (بلدياتها) والعظيمة الدكتورة عزة حلمي أستاذ الأشغال الفنية وكانت منتدبة من كلية التربية الفنية جامعة حلوان والتى اكتشفت موهبتى فى النحت، ولعدم تخصصها فى هذا المجال كانت تستعير كتبا فى النحت من كليتها الأم كل أسبوع وتحملها لى فى حقيبتها لأتعلم منها ثم تستبلدلها بكتب جديدة كل أسبوع.

لكن لصغر سنى وقتها حيث كنت أصغر دفعتى سنًا لم أكن أعرف أن دعم عميدة الكلية ورئيسة القسم ليس على هوى أحد الأساتذة، فكان يغضب من انشغالى بالنحت فى أوقات الفراغ ولم يشفع لى عنده أننى كنت الأول على الدفعة ليس فقط فى شعبة التربية الفنية بل على كل الشعب، فقرر رسوبى فى مادة تاريخ التربية الفنية! الأمر الذى جعلني أقرر التحويل إلى كلية التربية النوعية بالإسكندرية، وكانت المفاجأة أن الكلية تعاقدت مع أغلب الأساتذة العظام من كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، إضافة إلى ذلك التحقت بمدرسة جماعة الفنانين والكتاب بأتلييه الإسكندرية، وتعلمت هناك الكثير، كما كان يحيط بنا ورشة النحت والخزف، ونادى الكاميرا، وصالون ثلاثاء الفنان الكبير عصمت داوستاشى، وحفلات موسيقى الكلاسيك لعازف الفلوت العالمى الراحل محسن عبدربه، وعروض السينما العالمية لجماعة الفن السابع، بالإضافة إلى عروض الفن التشكيلى والموسيقى والندوات الفنية بالمراكز الثقافية الفرنسي والأسباني والألماني والروسي واليوناني.

• هل تتذكر أول لوحة فنيه لك؟

- أول لوحة فنية كانت لوحة زيتية فى الأسبوع الأول من السنة الأولى فى الكلية، وهى التى لم تجف أبدا لأننى خلطت اللون بزيت بذرة الكتان فقط، دون معرفة ضرورة خلط الزيت بالتربنتين النباتى نظرا لرغبتى فى استخدام الألوان قبل أن يأت لنا أستاذًا فى هذا التخصص.

• من الفنان التشكيلي الذي له تأثير على شخصيتك الفنية؟

- كل أساتذتى كان لهم دور كبير فى بناء شخصيتى الفنية، كمان أن هناك أساتذة لهم دور غير مباشر، نظرا لأننى كنت أحب أعمالهم مثل الفنانين الكبيرين الدكتور أحمد عبدالوهاب، والدكتور طارق زبادي.

• كيف نضج تكوينك الثقافي بعد هذه البدايات؟

- فى صغري.. أول من كان له تأثير فى شخصيتي عالميًا، كانت الكاتبة أجاثا كريستي، لما تحمله رواياتها من تشويق وإثارة، ومحليًا زكي نجيب محمود وخصوصا كتابه (الشرق الفنان) والذى اعتبره من أهم الكتب فى فلسفة الفن على صغر حجمه إلا أننى كنت أراه مختلفا مع كل قراءة، كما أعشق جمال حمدان، وفى الروايات إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ.

- نجمي المفضل فى الغناء عبدالحليم حافظ، ومن النساء ليلى مراد، ومن المعاصرات أنغام، وشيرين.

قديما أحمد زكي، وزكي رستم.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل