المحتوى الرئيسى

«التحرير» تسأل الخبراء: هل حان وقت ترتيب أولويات الإنفاق الحكومي؟

09/19 01:26

تسيطر حالة من القلق الشديد على الخبراء العقاريين، بسبب الارتفاعات الكبيرة والمتتالية في أسعار العقارات، رغم التراجع الملحوظ والكبير في الطلب عليها، وهو ما اضطر غالبية شركات التطوير العقاري للجوء إلى إلغاء مقدمات الحجز، وزيادة فترات السداد، وإلغاء الفوائد على الأقساط، لتفادي الركود وتحريك السوق.

في المقابل أعلنت الحكومة على لسان رئيسها الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بالعمل على إقامة 20 مدينة جديدة، بمساحة إجمالية حوالى 580 ألف فدان.

في الوقت الذي تعاني فيه آلاف المصانع من الإغلاق، ومئات أخرى في الطريق إلى الغلق، نتيجة الارتفاع الكبير في قيمة رسوم التشغيل، الذي أعلنت عنه هيئة التنمية الصناعية لتجديد الترخيص، وهو ما اضطر عشرات المصانع بالقاهرة الجديدة وجنوب بورسعيد إلى التوقف عن تجديد تراخيص التشغيل.

فهل تحتاج الدولة المصرية إلى هذا الكم من الكتل الخرسانية التي تكلفها مئات المليارت من الجنيهات؟ أم نحن في حاجة إلى ترتيب أولويات الإنفاق الحكومى؟ والتوجه للاستثمار فى الصناعات التحويلية والتصديرية والتشغيلية ذات صفة الاستدامة؟

«التحرير» توجهت للخبراء والمتخصصين، في محاولة للإجابة عن سؤال مفصلي: هل حان الوقت لترتيب أولويات الإنفاق الحكومى؟

خبير عمراني: هل نحن في حاجة ماسة لـ20 مدينة

أكد الدكتور سامح العلايلي، عميد كلية التخطيط العمراني الأسبق، أنه يجب التغيير في الأولويات الآن قبل غدًا، ولا بد من وقفة حاسمة، موضحًا أن ما يتم التركيز عليه الآن هو الإنتاج الكمي وليس النوعي، فقد حان الوقت لتغيير الفكر الحكومي الباحث عن التوسع العقاري غير المدروس، خاصة لأنه يستنزف مقدرات الدولة.

ووجه العلايلي تساؤلاً: «هل اقتصاد مصر الآن، يحتمل إنشاء 20 مدينة جديدة؟ أم من الأجدى والأولى التوجه للصناعة والإنتاج، خاصة في ظل وجود 5000 آلاف مصنع مغلق، يحتاجون إلى حل مشاكلهم»، مضيفًا أنه بات من الضروري العمل على تأهيل الشباب العاطلين، وتوجيههم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتركيز على صناعات بعينها، سواء أكانت «تكنولوجية، زراعية، سياحية»، فلا توجد دولة تنتج كل شيء.

وفيما يخص الـ20 مدينة التي يتم إنشاؤها، أريد أن أعرف هل تم إجراء دراسات جدوى اقتصادية واجتماعية لتلك المدن، وهل نحن في أمس الحاجة إليها الآن، وأركز على الآن، وهل تم مناقشة دراسات الجدوى تلك، أم لا.

اقرأ أيضًا تستوعب 30 مليون نسمة.. 20 مدينة جديدة تعرف على تفاصيلها 

هاني توفيق: إما الاستدامة أو 5 مشاكل

يرى الخبير الاقتصادي هاني توفيق، الرئيس التنفيذى لشركة مصر لرأس المخاطر، أن هناك إهدارًا يقدر بمئات المليارات فى الإنفاق، سواء على المستوى الشخصى لكل أصحاب هذه الوحدات العقارية، وعلى الاقتصاد الوطنى أيضًا، الذى كان سيستفيد من كل هذه الأموال المجمدة فى طوب وأسمنت، فكان بمقدوره بدلاً من ذلك ضخها فى شرايين البنوك وتمويل الأنشطة التجارية والصناعية ذات صفة الاستدامة.

وأشار توفيق، إلى ضرورة ترتيب أولويات الإنفاق الحكومى وتشجيع الاستثمار فى الصناعات التحويلية والتصديرية والتشغيلية التي تتسم بالاستدامة، على حساب الإنفاق على قطاعى المقاولات وانشاء المدن، موضحًا أن القطاع العقارى لا يتسم بالاستمرارية مثل القطاع الصناعى أو الزراعى أو حتى السياحى، ورغم ذلك يأتي فى المرتبة الثانية بعد البترول والغاز من حيث حجم الاستثمارات السنوية، وفى المرتبة الأولى من حيث مساهمته فى الناتج القومى «١٣٪، و١٦٪»، على الترتيب، وتأتى خطورة هذا التركز إذا ما علمنا أن هذه النسبة أقل من ذلك بكثير فى معظم دول العالم الثالث، مما ينذر بوجود «فقاعة عقارية» محتملة، بل وبدأت ملامحها فى فرض نفسها.

اقرأ أيضًا ارتفاع جنوني للأسعار وتراجع في الطلب.. هل تنفجر «الفقاعة العقارية»؟ 

وفنَّد الخبير الاقتصادي الآثار السلبية المتعلقة بالفرق بين إحداث نمو، وديمومة -استدامة- هذا النمو، وبشكل بسيط الفرق بين الأثر الاقتصادى لإنشاء عقار، أوإنشاء مصنع، قائلًا: «أثر مضاعف التوظف والنمو، فالقطاع العقارى يشغل عناصر الإنتاج مرة واحدة أثناء عملية الإنشاء، بينما الصناعة لها صفة الاستمرار فى التشغيل، وهناك الأثر التصديرى، فالإنشاءات غير قابلة للاتجار دوليًا، باستثناء المبيعات للأجانب، والمصريين بالخارج، والمنشآت السياحية، بينما الصناعة بالطبع يمكن تصدير منتجاتها، وعلى صعيد الأثر التضخمى، فالعقارات هى الآلية الوحيدة للهروب من الأثر التضخمى للتعويم، فقد أثرت زيادة الطلب على الاستثمار العقارى على إحداث المزيد من الركود والتضخم، أى أنها كانت سببًا ونتيجة فى نفس الوقت للركود التضخمى».

وتابع توفيق سرد الآثار السلبية المتعلقة بالفرق بين إحداث نمو، وبين استدامته: «هنا أثر ضريبى، فالنمو فى الناتج العقارى لا يصاحبه نمو فى الإيرادات الضريبية، وذلك لعدم تفعيل منظومة الضرائب العقارية حتى الآن لأسباب سياسية واجتماعية، ناهيك عن أثر التمويل العقارى، فمقولة ما حدث فى أمريكا عام ٢٠٠٨، لا يمكن أن يتكرر فى مصر لعدم تفعيل نشاط الرهن العقارى، أصبحت تحتاج للتصحيح، فإذا لم يكن البيع بـ٥٪ مقدم، والباقى على ١٠ سنين ليس رهنًا عقاريًا، فماذا يكون إذن!».

وختم الرئيس التنفيذى لشركة مصر لرأس المخاطر، أنه إذا أفلس مصنع فقد أفلس، وانتهت القصة، أما انهيار أسعار العقارات، فلها آثار سلبية على سلسلة المقترضين والمقرضين والشركات والأطراف ذات الصلة من بنوك ومطورين ومقاولين وموردين وشركات التخصيم والمسوقين العقاريين، الذين -إذا ما بدأ مسلسل الشيكات المرتدة- يدخلون جميعًا فى سلسلة لا تنتهى من الإفلاسات المتتالية كالدومينو لكل المشاركين فى هذا القطاع.

اقرأ أيضًا بالأرقام.. 10 إجراءات تنفذها الحكومة لترشيد الإنفاق العام 

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل