المحتوى الرئيسى

«المحروسة» تحتضن 5 ملايين لاجئ من ضحايا الحروب فى آسيا وأفريقيا

08/16 10:48

عشرات الآلاف من اللاجئين يعيشون فى مصر بعد أحداث الربيع العربى التى بدأت عام 2011، وسبقهم لاجئون آخرون من السودان وبعض الدول الأخرى بداية من 2000، وكشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، فى آخر إحصائية لها، عن ارتفاع عدد إجمالى اللاجئين وطالبى اللجوء فى مصر ليصل إلى 209393 شخصاً بنهاية شهر يوليو 2017، مقارنة بما سجله فى نهاية شهر مايو من العام ذاته، الذى بلغ 208968 شخصاً، بزيادة قدرها 425 ألف لاجئ وطالب لجوء بنسبة 0.2%.

وأوضحت المفوضية أن السوريين كان لهم النصيب الأكبر من إجمالى عدد اللاجئين وطالبى اللجوء فى مصر، حيث بلغت حصتهم 58%، تلاهم السودانيون بنسبة 17%، والإثيوبيون بنسبة 7%، والإريتريون بنسبة 5%، ومواطنو جنوب السودان 4%، والصوماليون 3%، وتساوى معهم العراقيون بنسبة 3%، ومعهما مجموع حصص باقى الجنسيات بنسبة 3%. وأشارت المفوضية إلى أن 74% من إجمالى اللاجئين وطالبى اللجوء فى مصر يقيمون فى القاهرة الكبرى، تليها من حيث استقبال اللاجئين محافظة الإسكندرية، ثم محافظة الشرقية، ثم دمياط، ثم الدقهلية.

وأكد مسئول فى المفوضية، لـ«الوطن»، أن الأرقام المعلنة من قبَل المفوضية هى الأرقام الرسمية ولأعداد اللاجئين المسجلين رسمياً للحصول على المساعدات المحددة، وهناك الآلاف من اللاجئين الموجودين فى مصر وغير مسجلين خشية من الترحيل أو من أى مشاكل أو عقبات أخرى يظنون التعرض لها. وأوضح المسئول أن القيادات المصرية سبق أن صرحت بأن أعداد اللاجئين فى مصر وصل إلى 5 ملايين شخص، لكن مفوضية اللاجئين لا تعلن إلا عن الأسماء المسجلة لديها وفى كشوفها الرسمية.

وأشار المسئول إلى أن مصر تعد بلد عبور للاجئين وراغبى اللجوء إلى دول أخرى، خاصة اللاجئين الإريتريين، والإثيوبيين، والعراقيين، والصوماليين، والسودانيين، وكذلك اللاجئون الفلسطينيون الفارُّون من سوريا. ونتج عن الأزمة الجارية فى سوريا منذ 2011 وصول أعداد كبيرة من السوريين إلى مصر. فمع نهاية شهر سبتمبر 2013، سجلت المفوضية ما يزيد عن 120000 سورى يقطنون فى المناطق الحضرية فى أنحاء مصر، ووصل عدد السوريين المحتاجين إلى المساعدات إلى 180000 شخص بنهاية عام 2013، وهى الفترة التى تلت الأحداث فى سوريا.

وتأثر وضع اللاجئين وملتمسى اللجوء فى مصر بالظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، وتشمل الارتفاع الكبير فى الأسعار والتضخم، وقلة فرص التوظيف، والنظرة السلبية لجنسيات معينة، وتدهور البيئة الأمنية بصفة عامة جراء عدم الاستقرار السياسى، إضافة إلى ذلك لا يزال الاتجار باللاجئين وملتمسى اللجوء وتهريبهم من مصر وعن طريقها أحد تحديات الحماية البالغة الأهمية، وهو الذى تواجهه السلطات المصرية بشتى الطرق. ويحصل اللاجئون السوريون والسودانيون على الرعاية الصحية فى المرافق الصحية العامة فى مصر، ويسمح لهم بالالتحاق بالمرافق التعليمية والحصول على الخدمات، من خلال المساعدات التى تقدم لهم بشكل مباشر أو عن طريق الحكومة المصرية.

«من يأتى إلى مصر يذوب فيها.. ولكنها لا تذوب فى أحد».. كلمات بدأت بها الدكتورة سامية قدرى، أستاذة علم الاجتماع بكلية البنات، جامعة عين شمس، عند حديثها عن مصر وأبوابها المفتوحة دائماً على مصراعيها، مستقبلة جميع الزائرين إليها بالترحاب، مقدمة يد العون لهم، وذلك على حد قولها: «مصر طول عمرها أم الدنيا، وبابها مفتوح أمام جميع البلاد العربية الشقيقة.. ولم تمنع أحداً يوماً من الدخول والوجود فيها».

«الملامح المصرية».. ليس هناك شىء يستطيع التغيير فيها أو التعديل عليها، بحسب «سامية»: «ملامح مصر مفيش حاجة قدرت تغيرها، لا احتلال ولا لجوء قدر يشكل ملامح مصر، بالعكس تماماً، مصر أثرت فى ملامح جميع من احتلوها من يونانيين وإيطاليين وفرنسيين، وغيرهم، بجانب من لجأوا إليها خلال الآونة الأخيرة».

ثراء مصر الثقافى جعلها أول دولة تحضر فى ذهن من اضطرته الظروف إلى الفرار لبلد آخر، نظراً لسهولة الإجراءات اللازمة للدخول إلى مصر، وذلك على حد تعبير «سامية»: «مصر من أكبر الدول التى تتمتع بالثراء الثقافى والتاريخى، بجانب مساحتها الكبيرة ومواردها العديدة أيضاً، والتى جعلت لديها القدرة على استيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين إليها، واندماجهم فى المجتمع المصرى من تعليم وصحة ومأكل ومسكن ومشرب».

«مصر كانت مستعمرة للفرس وجاء بعدهم اليونانيون ثم الإيطاليون والبيزنطيون، أما الأرمن فاضطهدتهم الدولة العثمانية، ومصر فتحت لهم الطريق لأن بريطانيا كانت مُسيطرة على مصر فى تلك الفترة»، بتلك الكلمات بدأت الدكتورة «لطيفة سالم»، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المتفرغ بكلية الآداب جامعة بنها، حديثها عن دور مصر التاريخى فى استقبال الجاليات من كافة الجنسيات، مضيفة: «لبلبة ونيلى وأنوشكا وميمى جمال من ضمن المشاهير من الأرمن»، مشيرة إلى أن الأجانب جاءوا إلى أرض مصر، خاصة المدن الساحلية، وأهمها الإسكندرية، التى كانت قبلة للعديد من الجنسيات المختلفة، وعندما جاء محمد على إلى مصر من أجل بنائها، جاءت جنسيات مُتفرقة إلى مصر من أجل تنفيذ مشروعاتهم الاستثمارية، ولكن ظل «على» هو المُتحكم والمُسيطر فى كافة الأمور واستفاد منهم بشكل كبير، أما «عباس حلمى الأول» فلم يكن يشجع وجودهم على الأراضى المصرية، وسحب منهم الكثير من الامتيازات، ولكن عاد «محمد سعيد باشا» وفتح الأبواب على مصراعيها، وجاءوا إلى مصر من مختلف البلاد سواء إنجلترا أو إيطاليا أو إسبانيا وغيرهم الكثير، النوع الأول منهم جاء من أجل الاستثمار لصالحه، أما النوع الآخر فكان من حثالة البحر المتوسط الذين جاءوا من أجل فتح البارات وبيع وتجارة المواد المخدرة، متابعة: «فى أواخر عصر الخديو إسماعيل كانت هناك حركة ثقافية كبيرة من قبَل المصريين، وبدأوا يشعرون بأنهم أغراب فى بلادهم ورفعوا شعار مصر للمصريين».

أما عن مدينة الإسكندرية التى كانت قِبلة للجنسيات الأجنبية والثقافات المختلفة فتقول «لطيفة» إن الإسكندرية بطبيعتها على البحر الأبيض المتوسط، ونتيجة رواجها التجارى، استطاعت أن تأتى بثقافات مختلفة من بلدان عديدة، وبسطاء المصريين فى الإسكندرية كانوا يعملون مع الإيطاليين واليونانيين، وكانوا يجيدون الكثير من المصطلحات فى تلك اللغات من ضمنها مصطلحات تم تعريبها، وتمركزوا فى الإسكندرية، تتذكر «لطيفة» جيداً مواقفها مع جيرانها اليونانيين بالإسكندرية قائلة: «فى منطقة محرم بك كان البقال وصاحب الفرن والجيران جميعهم من اليونانيين والأرمن، وكانوا بارعين فى طهى الأكلات المصرية، وكنا نعيش سوياً ونذهب إلى البحر دون التفرقة بين المصرى وغيره، وهناك الكثير من المطاعم بالإسكندرية ما زالت بأسمائها اليونانية حتى وقتنا الحالى، واليونان بلد فقير ومصر بها الكثير من الخيرات إلى جانب الحرية الدينية، وعدم التفرقة بين المصرى والجنسيات الأخرى».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل