المحتوى الرئيسى

محمود درويش ظاهرة شعرية وإنسانية نادرة.. انتسب إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي.. واعتقل بسبب تصريحاته ونشاطه السياسي

08/08 15:23

محمود درويش: ظل تائهًا بين سوريا وقبرص والقاهرة وتونس وباريس بيع من دواوينه العربية أكثر من مليون نسخة ساهم في إبراز البعد الإنساني والفني للقضية الفلسطينية

لم يكن الشاعر محمود درويش الذي تحل اليوم الذكرى العاشرة لرحيله وفيًا لغير الحرية، لذلك كان يكتب المطولة جنبًا إلى جنب مع الشذرة الخاطفة.

كان «درويش» قلقًا بامتياز، فهو لم يكن يأنس إلى أسلوب بعينه أو إيقاع محدد أو بنية بذاتها، فالشعر عنده ليس رديفًا للنمط المتماثل والتسليم اليقيني، بل رديف الشكوك والتجدد والانقلاب على الذات، ولم يتردد في العودة بين حين وآخر نحو النظام الإيقاعي الخليلي.

يعد محمود درويش واحدًا من أهم الشعراء في تاريخ الشعر العربي، وتعد دواوينه التي خلفها علامات أثَّرت في الوجدان العربي، وسيمتد أثرها إلى العقود والقرون المقبلة، على المستويين الفكري والجمالي.

يظل «درويش»، صوت القضية الفلسطينية، فقد عبر عنها طوال ما يزيد على ثلاثين عامًا، وساهم في إبراز بعدها الإنساني والفني في الضمير العالمي، وأن تظل حية متجددة باعتبارها أكثر وأوضح القضايا عدلًا في التاريخ الحديث، وأنها، إلى جانب بعدها السياسي، قضية إنسانية كبرى، وقضية شعب مناضل يكافح من أجل تحرره وخلاصه من قسوة الاستعمار وتجبره، في ظل مساندة غير عادلة من القوى الدولية الكبرى للمحتل الذي اغتصب الأرض وشرد الشعب، وحفل شعره بالتجريب والإدهاش، كما تطور باستمرار على عدة مراحل، حتى صار في قمة نضجه الفني في دواوينه الأخيرة، وارتقى إلى مكانة عالية من الشفافية والسمو والصفو قلَّما يصل إليها الشعراء، فرسَّخ بذلك مكانته كأحد أهم الأصوات الشعرية العالمية وأنقاها.

ونجح «درويش» الإنسان والشاعر في جمَّع المختلفين سياسيًّا وفكريًّا على حبه، وعلى الالتفاف حوله كظاهرة شعرية وإنسانية نادرة، فلم يكن على خلاف مع أحد، ولم يتحيز لفكرة ضد أخرى ولا لشخص أو حزب ضد آخر، بل شغلته القضية الفلسطينية بنقائها وعدالتها في المقام الأول والأخير، بالدرجة نفسها التي اعتنى فيها بشعره والأسس الجمالية والفنية والفكرية التي قام عليها مشروعه الكبير المتفرد.

وارتبط اسم «درويش»، بشعر الثورة والوطن، يعتبر أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه، ويمتزج شعره بحب الوطن، وبالحبيبة الأنثى.

محمود درويش هو شاعرٌ فلسطيني وعضو المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وله دواوين شعرية مليئة بالمضامين الحداثية.

ولد «درويش»، عام 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل قرب ساحل عكا، وكانت أسرته تملك أرضًا هناك، وخرجت برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948 إلى لبنان، ثم عادت متسللة عام 1949 بعد توقيع اتفاقيات الهدنة، لتجد القرية مهدمة وقد أقيم على أراضيها موشاف «قرية زراعية إسرائيلية»، فعاش مع عائلته في القرية الجديدة.

بعد إنهائه تعليمه الثانوي في مدرسة بني الثانوية في كفرياسيف، انتسب إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي وعمل في صحافة الحزب، مثل "الاتحاد" و"الجديد" التي أصبح في ما بعد مشرفًا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة "الفجر" التي كان يصدرها مبام.

اُعتُقِل محمود درويش من قبل السلطات الإسرائيلية مرارًا بدءًا من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972، حيث توجه إلى للاتحاد السوفييتي للدراسة، وانتقل بعدها لاجئًا إلى القاهرة في ذات العام، حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علمًا أنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجًا على اتفاقية أوسلو، كما أسس مجلة الكرمل الثقافية.

شغل «درويش»، منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر مجلة الكرمل، وكانت إقامته في باريس قبل عودته إلى وطنه، حيث إنه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحًا بالسماح له بالبقاء وقد سمح له بذلك.

وفي الفترة الممتدة من سنة 1973 إلى سنة 1982 عاش في بيروت وعمل رئيسًا لتحرير مجلة شئون فلسطينية، وأصبح مديرًا لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية قبل أن يؤسس مجلة "الكرمل" سنة 1981، بحلول سنة 1977 بيع من دواوينه العربية أكثر من مليون نسخة، لكن الحرب الأهلية اللبنانية كانت مندلعة بين سنة 1975 وسنة 1991، فترك بيروت سنة 1982 بعد أن غزا الجيش الإسرائيلي بقيادة ارئيل شارون لبنان، وحاصر العاصمة بيروت لشهرين وطرد منظمة التحرير الفلسطينية منها، وأصبح درويش "منفيًا تائهًا"، منتقلًا من سوريا وقبرص والقاهرة وتونس إلى باريس".

ساهم في إطلاقه واكتشافه الشاعر والفيلسوف اللبناني روبير غانم، عندما بدأ هذا الأخير ينشر قصائد لمحمود درويش على صفحات الملحق الثقافي لجريدة "الأنوار" والتي كان يترأس تحريرها، وكان الراحل يرتبط بعلاقات صداقة بالعديد من الشعراء منهم محمد الفيتوري من السودان، ونزار قباني من سوريا، وفالح الحجية من العراق، ورعد بندر من العراق، وسليم بركات من سوريا، وغيرهم من أفذاذ الأدب في الشرق الأوسط.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل