المحتوى الرئيسى

75% ويريد كلية الطب!

07/21 00:10

يوم الأحد الماضى كان وزير التعليم العالى الدكتور خالد عبدالغفار فى مجلس النواب، بمناسبة التصويت على إنشاء فروع للجامعات الأجنبية فى مصر. بعد أن انتهى وغادر المجلس التقى فى طريقه بشخصية عامة يفترض أنها على قدر من المسئولية. هذه الشخصية قالت للوزير بكل جدية: ابنى حصل على ٧٥٪ فى الثانوية العامة وعايزين ندخله طب!!!!.

الوزير رد عليه، أن مكتب التنسيق هو الذى يقرر وليس الوزير، وهذا الأمر ليس فى يدى بالمرة».

الرجل أصر على موقفه، وحتى هذه اللحظة كان الوزير يعتقد أنه يمزح، لكن عندما أدرك الدكتور خالد الأمر، قرر أن يمزح أيضا ورد عليه: «طيب طب صعب شوية، ممكن ندخله صيدلة؟!»، لكن الرجل، قرر أن يواصل الحديث الجاد وقال له: طب يعنى طب، الواد مش عايز صيدلة!.

بعدها استغرق الوزير وقتا حتى يقنع هذا الشخص بأن موضوع التنسيق لا يفرق بين ابن الرئيس والوزير والنائب وابن الفقير، وأن الكل سواء أمام التنسيق. وأن المجموع الذى حصل عليه ابنه لا يجعله يدخل طب أو صيدلة حتى فى الجامعات الخاصة، التى صار لديها أيضا تنسيق يقترب من كليات القمة بالجامعات الحكومية.

شخصية عامة أخرى التقت وزير التربية والتعليم د. طارق شوقى مؤخرا، وطلبت منه أن يتوسط لكى يلحق ابنه بمدارس المتفوقين، فقال له الوزير إن القبول بها يتطلب مجموعا مرتفعا جدا طبقا للقواعد، وان ابنك لم يحصل إلا على ٧٢٪، فكيف تطلب منى أن أكسر كل القواعد، التى تتحدث أنت عنها طوال الوقت، وتتهم التعليم بأنه «متخلف وتعبان»!.

وزير تعليم عالٍ سابق فى عهد حسنى مبارك جاءه نائب سابق وقال له: أريد أن ألحق ابنى بإحدى كليات القمة، فسأله الوزير وما هو مجموع ابنك، قال ٧٢٪، فرد عليه الوزير: إن كليات القمة تقبل من ٩٥٪ فما فوق، فقال له النائب طب ٧٢٪ قريبة من ٩٥٪ والبركة فيك!. فقال له الوزير: مينفعش!!. فرد عليه النائب: أنا عارف انك محرج من الناس دلوقت، إيه رأيك أمر عليك الساعة عشرة ليلا، ونخلص الموضوع بينى وبينك!!!. فقال له الوزير: هذا خطأ وخارج نطاق صلاحياتى، فرد عليه النائب: وما فائدة حضرتك كوزير إلا إذا قمت بتمرير هذا الموضوع الصعب، أو «الشمال»!

هذه الحكايات الغريبة سمعت بعضا منها خلال لقاء قبل أيام مع الوزيرين خالد عبدالغفار وطارق شوقى، وكانت الخلفية هى نتيجة الثانوية العامة، والرغبة المحمومة لبعض أولياء الأمور فى إلحاق أبنائهم بما يسمى «كليات القمة»، بحثا عن شهادة أو برستيج فقط، وليس عن وظيقة أو مهنة حقيقية يحتاجها سوق العمل.

لكن الدكتور طارق شوقى تطرق إلى موضوع أكثر خطورة هو أن بعضا من أولياء الأمور لا يمانعون فى الغش من أجل ما يعتبرونه مصلحة لأولادهم، بل ويقومون بتعليم وتعويد أولادهم هذا الغش.

ما يقوله الوزير صحيح مليون فى المائة، وقد سبق أن تطرقت إليه فى هذا المكان ذات يوم.

بعض أولياء الأمور يدفعون أموالا طائلة لمراقبى الامتحانات من أجل التساهل فى المراقبة، لكى يمكِّنوا أولادهم من الغش والحصول على مجموع كبير من دون وجه حق. بعضهم كان يقف أمام اللجان ممسكا بأسلحة آلية غير قانونية لإرهاب المراقبين. وعندما ينجح أولادهم ولو بمجاميع قليلة، ثم يتخرجون من الجامعات، يحاولون دفع رشاوى بمئات الآلاف لإلحاق أولادهم، بمهن يعتبرونها قيمة ومهمة وذات نفوذ، معظم هؤلاء الغشاشين هم أول من يلوم الحكومة على الواسطة والمحسوبية، وينسون أنهم هم أول من فعل ذلك!.

هم ينسون أن أولادهم الذين نجحوا فى الثانوية بالغش، والتحقوا بجامعة خاصة بمصروفات عالية، ثم التحقوا بوظيفة مرموقة بسبب «واسطة معتبرة»، لن يساهموا فى بناء المجتمع المنشود، بل ربما يكونون معول هدم وتدمير لهذا المجتمع.

هل نلوم هؤلاء الناس الغشاشين والباحثين عن الواسطة فقط؟!

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل