المحتوى الرئيسى

ترحيل ألمانيا لسامي أ. إلى تونس ـ دولة القانون على المحك!

07/19 19:18

تواجه ألمانيا في شخص وزير داخليتها هورست زيهوفر اتهامات بترحيل تعسفي طال رجلا تونسيا يُشتبه بكونه إسلاميا متشددا، ويتهم بأنه كان يعمل حارسا شخصيا لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، على الرغم من حكم قضائي سمح له بالإقامة في ألمانيا. ورحلت السلطات سامي أ. إلى مسقط رأسه تونس على الرغم من مخاوف سابقة باحتمال تعرضه للتعذيب لدى عودته لبلاده ورغم حكم أصدرته محكمة إدارية قبل يوم من ترحيله.

وفي حوار مع DW أكد سيف الدين مخلوف محامي سامي أ. في تونس أن موكله " تعرض لإهانة كبيرة في ألمانيا، تعرض لسوء معاملة، مُنع من الاتصال بمحاميه وبعائلته وبطبيب. تعرض للتعرية. كل ما حصل لسامي أ. هو خارج القانون الألماني". غير أن وزير الداخلية زيهوفر أكد أن ولاية شمال الراين ـ ويستفاليا التي رحلت سامي أ. تصرفت وفقا للقانون في الحالات التي تتعلق بإسلاميين متشددين. وأكد مخلوف أن التعذيب وسوء المعاملة لا يزال العمل يجري بهما في تونس، مستغربا من ترحيل موكله في تلك الظروف.

لفهم قضية ترحيل سامي أ. لابد من وضعها في سياق سياسي داخلي يتسم بالتوتر بين المستشارة أنغيلا ميركل ووزير داخليتها هورست زيهوفر، توتر كاد ينهي التحالف التاريخي بين طرفي التكتل المسيحي الديمقراطي. ففي الوقت كان فيه زيهوفر يصر على إعادة اللاجئين الذين دخلوا ألمانيا بعد أن سجلوا أنفسهم في دولة أخرى داخل الاتحاد الأوروبي، كانت ميركل ترى ضرورة ألا يتم ذلك إلا بشكل توافقي مع الدول الأوروبية المعنية. وبعد مسلسل من التصريحات المشحونة بين الجانبين كادت تعصف بالائتلاف الحكومي، توصل الطرفان لحل وسط يقضي بأن يشمل ذلك فقط اللاجئين الذين تقدموا بطلب لجوء بالفعل في بلد أوروبي آخر. غير أن جروح تلك الأزمة لم تندمل بعد، ذلك أن زيهوفر يسعى لأن يظهر كل مرة كوزير صارم في التعامل مع قضايا الهجرة، خصوصا تلك المرتبطة بالإجرام أو التطرف.

ارتدادات هذه القضية امتدت إلى أعلى سلطة في البلاد حيث قال الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير "مبدأ سيادة القانون هو ما يميزنا عن كل أشكال الحكم الأخرى، حتى ما يعرف بالديمقراطيات الليبرالية. استقلال القضاة والالتزام بالقرارات القانونية، بغض النظر عن كيفية صدورها، يعد أحد المبادئ المهمة التي يجب ألا نتخلى عنها".

وانتقد عدد من قادة المعارضة الألمانية طريقة إدارة وزارة الداخلية لملف سامي أ. وقال روبرت هابيك زعيم حزب الخضر "لقد خرقت (الوزارة) القانون". وذهب فولفغانغ كوبيكي نائب زعيم الحزب الديمقراطي الحر المعارض في نفس الاتجاه موضحا "إذا لم يكن باستطاعة المحاكم من الآن فصاعدا الاعتماد على السلطات في قول الحقيقة فإن الأمور ستبدو حالكة في ألمانيا".

ودافعت وزارة الداخلية عن نفسها بالقول إنه كان من المهم سياسيا ترحيل المشتبه به بسرعة. ونفت في الوقت ذاته أن تكون قد ضغطت على السلطات في ولاية شمال الراين وويستفاليا لتعجيل إجراء الترحيل وهو إجراء يدخل في اختصاص الولايات الألمانية. ويذكر أن مكتب شؤون الهجرة واللاجئين أكد أنه لم يكن يعلم بحكم المحكمة الإدارية الذي يقضي بوقف الترحيل إلا بعد ركوب المشتبه به الطائرة المتجهة لتونس.

واتخذت القضية أبعادا جديدة بعدما قضت المحكمة الإدارية بمدينة غلزنكيرشن بعدم جواز ترحيل سامي أ. من الناحية القانونية؛ لأنه قد يكون مهددا بالتعرض للتعذيب في بلاده، ولكنها لم تبلغ بالقرار إلا عندما كان سامي إيه. في الجو بالفعل. من الناحية القانونية، كان القضاة يفترضون أن الترحيل ليس وشيكا بشكل مباشر على هذا النحو؛ لأنه كان قد تم إلغاء رحلة الترحيل التي كان مخططا لها في الأساس ليوم الخميس الماضي. ووصف القضاة الترحيل بأنه "مخالف للقانون بشكل فج "، وشددوا على ضرورة إعادة سامي إ. إلى ألمانيا فورا على نفقة هيئة شؤون الأجانب في مدينة بوخوم.

هز اغتيال قادة سياسيين علمانيين كمحمد براهمي وشكري بلعيد تونس في عام 2013. وبشكل روتيني تشهد البلاد مظاهرات تدعو إلى إحقاق العدالة في القضيتين.

قبل اندلاع "ثورة الياسمين" قبل سبع سنوات كان الجميع يخشى من ظله: الحيطان لها آذان. اليوم يشعر التوانسة بالفخر بحرية الرأي التي ينعمون بها.

"نملك اليوم، على الأقل، حرية الكلام"، هذا هو لسان حال ابن الشارع في تونس. وأضحت مقاهي كالبرلمان منتديات للنقاشات التي أطلقتها الثورة من قمقمها.

المتحف الوطني التونسي باردو كان مسرحاً لهجوم إرهابي عام 2015 خلفا 24 قتيلاً. وما يزال يعاني الاقتصاد الذي يعتمد إلى حد كبير على السياحة من تبعات ذلك الهجوم وآخر أكثر دموية على فندق بالقرب من سوسة.

إلى جانب متحف باردو شهدت مدينة سوسة اعتداء إرهابياً ذهب ضحيته 38 سائحاً. كما تشكل تونس البلد الأول الذي ينحدر منه أكبر عدد من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي.

يشكو بعض الشباب التونسي من أن المجتمع يركز جل اهتمامه على كرة القدم أكثر من الأمور السياسية في تونس ما بعد "ثورة الياسمين"، متجاهلاً مشاكل جدية.

في فبراير/ شباط الماضي دخل تشريع يجرم العنف ضد المرأة حيز التنفيذ. انخرطت وفاء فراوس في النضال من أجل المرأة وهي بنت خمسة عشر عاماً. ويعد الثورة كانت أحد الشخصيات التي صاغت مسودة الدستور، بما يضمن المساواة بين الجنسين. واليوم هي مديرة "بيتي"، وهو الملجأ الوحيد للنساء المعنفات.

بالنسبة للكثير من التونسيين فإن الخيار الوحيد للهروب من براثن الفقر هو ركوب البحر إلى أوروبا في رحلة هجرة غير شرعية ومحفوفة بالمخاطر والأهوال نحو "الفردوس الأوروبي". في عام 2017 وصل أكثر من 6000 تونسي السواحل الإيطالية.

في أحد مقاهي العاصمة، يتحلق رجال حول طاولة بلاستيكية تعلوها فناجين قهوة وعلى الأرض تتناثر أعقاب السجائر. "هذه هي البطالة"، يقول أحد الجالسين. ثلاثة من الجالسين في المقهى على الأقل تم ترحيلهم من إيطاليا بعد وصولهم هناك بشكل غير شرعي.

أحد رواد المقهى الدائمين يقول إن الكثير من التونسيين اتجهوا إلى الخارج للهروب من أحكام بالسجن والإنفاق على عائلاتهم في الوطن أو قطع أي علاقة لهم بالماضي. "ركبنا البحر أنا وخمسة آخرين إلى لامبيدوزبا، حيث قضيت أربع سنوات في شمال إيطاليا وأنا أتاجر بالمخدرات لإرسال ما يكفي من النقود لعائلتي".

قضى المئات من التونسيين نحبهم أثناء محاولاتهم الوصول بحراً وبشكل غير شرعي إلى أوروبا. على طول الشاطئ التونسي على المتوسط تتناثر قبور لأشخاص مجهولي الهوية. بيناس جيردزيوناس/ خ.س

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل