المحتوى الرئيسى

بعد أنباء مقتل أبو أسامة المصرى.. التنظيم الإرهابى فى أزمة فراغ قيادى

06/24 23:15

من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد 

صاحب بيعة داعش 2014 جند للتنظيم شبابا من الإخوان والسلفيين

سقوط القيادات فى داعش سيناء يضاعف من عجلة الانشقاقت بين فلول التنظيم

 أجنحة القاعدة السابقة فى صفوف بيت المقدس تعلن العصيان والتمرد وتقرر الانفصال

تكون داعش سيناء باندماجات بسيطة بين أفراد وربما خلايا ناشئة لا هوية محددة لها. بيد أن انهيار التنظيم يسير بالطريقة ذاتها ولكن على نحو عكسى.

بسقوط قادة التنظيم واحدًا تلو الآخر، يفقد التنظيم عصبه وأعصابه.. وينهار رويدًا رويدًا.. الفراغ القيادى سيدمره نهائيًا حتمًا.

إن الدلالة الأهم فى الخبر غير المؤكد لمقتل أبو أسامة المصرى، الزعيم الإعلامى والشرعى والأمنى لداعش سيناء/ أنصار بيت المقدس سابقًا، أن التنظيم الإرهابى قد فقد آخر أعمدته الرئيسية.

المصرى كان حامل لواء البيعة لداعش فى نوفمبر 2014، بينما تولى عمليات تجنيد واسعة استهدفت شباب الإخوان والسلفيين وجماعة حازمون أواخر العام 2014 أوائل العام 2015.

ومع تواصل تصفية القادة الحركيين والكبار فى داعش سيناء أصبح التنظيم بلا أجنحة والأهم بلا عقل.

تمكنت الخطة الأمنية المحكمة من جانب الجيش وبمعاونة الشرطة المدنية من تضييق الخناق على جميع قادة التنظيم، ما أدى إللى شله حرفيًا.

إذا صح نبأ مقتل أبو أسامة المصرى يكون التنظيم قد فقد ملهمه الأكبر.

صاحب الفيديوهات التحريضية والحماسية لو لقى حتفه سيفقد أنصار بيت المقدس ودواعشه آخر أبواقه السامة إلى الأبد.

السؤال من هو أبو أسامة المصرى؟.. المعلومات المتاحة قليلة للغاية، وعليه سنكتفى بالإشارة هنا إلى ما يتبناه الباحث فى شؤون الجماعات المسلحة ماهر فرغلى، والذى يشير إلى أن المصرى يلقب بـ«عمدة الدواعش»، وهو صاحب أشهر التهديدات بالقتل لضباط الجيش والشرطة المصرية.

اسمه الحقيقى هو «محمد أحمد على»، وهو ينتمى لإحدى العائلات الكبرى بمدينة العريش بشمال سيناء. وهو زعيم تنظيم أنصار بيت المقدس الذى تحول اسمه إلى «ولاية سيناء» بعد مبايعته تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وفق فرغلى لم تعلن الجهات الأمنية معلومات مؤكدة عن هويته إلا أن اتحاد قبائل سيناء قال إنه ينتمى لإحدى العائلات الكبرى بمدينة العريش فى شمال سيناء، ويتراوح عمره بين 37 و40 عامًا، وقد ظهر فى عدد من فيديوهات داعش بسيناء وهو يرتدى قناعا يخفى وجهه فيما عدا العينين.

ويجزم فرغلى بأن الإرهابى العتيد خريج جامعة الأزهر، وكان يعمل قبل 25 يناير 2011 فيما يسمى العلاج بالقرآن، وكان متحدثًا إعلاميًا قبل أن يتولى منصب قائد دواعش سيناء بعد مقتل أبو همام الأنصارى.

تردد بوكالات الأنباء أنه هو من قرأ بيان مبايعة ولاية سيناء لتنظيم داعش الإرهابى فى نوفمبر 2014، لكن حرص التنظيم على عدم إظهار وجهه بالتمويه والتشويه؛ كى يتخفى من الأجهزة الأمنية، وتابع فرغلى بأن ذكرت تقارير عالمية تلقيه تدريبات عسكرية فى غزة وسوريا، للمشاركة فى عمليات إرهابية فى مصر، بالإضافة إلى مشاركته بالحرب الدائرة فى سوريا لمدة أربع سنوات.

من الثابت أنه تبنى عملية تحطم الطائرة الروسية فى سيناء عام 2015، قائلًا: نحن من أسقطناها موتوا بغيظكم.

ويشير فرغلى كذلك إلى ما يترضض عن أنه مريض بالبهاق، وذلك بعد ظهوره فى العديد من مقاطع الفيديو، وهو يتحدث عن التنظيم وشرعية ما يقوم به من عمليات، وظهر فى تلك الأشرطة وبدت على يديه علامات مرض البهاق، ومن مقاطع الفيديو التى ظهر فيها: مقطع الفيديو الخاص بتفجير كمين كرم القواديس، وفى فيديو آخر وهو يؤم أعضاء التنظيم فى صلاة العيد. كما قالت تقارير أخرى إن والد أسامة المصرى مُقيم فى محافظة الشرقية، واعتنق الفكر الجهادى منذ عدة سنوات، ويعد من أخطر العناصر الجهادية وله شخصية مؤثرة فى كل من حوله من العناصر الجهادية داخل وخارج سيناء.

السؤال التالى ما تأثير اختفاء أبو أسامة المصرى عن المشهد داخل ما تبقى من فلول داعش سيناء؟.. الإجابة الشافية، سيتواصل تمزق وتشرذم التنظيم وستتصاعد عمليات الانشقاقات فى صفوفه.

والثابت خلال الأشهر القليلة الماضية، أن حرب الدواعش والمنشقين عن التنظم الإرهابى فى سيناء صارت فى أشدها.

وقبل فترة ليست بالقصيرة عاد تنظيم جند الإسلام، صاحب الولاء والبيعة للقاعدة، والعداء لداعش وشريعته وخليفته المزعوم، لتعلن عن مجابهتها لرجال «تنظبم الولاية»، بفيديو شرس، ولكن هذه المرة يتضمن اعترافات لمنشق عن الجماعة الدينية المتطرفة.

تناول الفيديو المصور، أقوال كادر داعش سابق خرج عن قسم الولاء للتنظيم، قبل أن يفضح أسرارًا كثيرة كان شاهدًا عليها إبان كان لا تزال عضوًا منتظمًا.

منها أن الدواعش مسؤولين عن عملية مسجد الروضة التى جرت نهاية نوفمبر الماضى، حيث سقط أكثر من 300 ضحية بريئة، إلى جانب الهجوم على سيارات شركة الأسمنت بوسط سيناء وقتل 9 سائقين وحرقها، فضلًا عن تأكده العداء التام فى الوقت الحالى بين رجال البغدادى وحركة حماس الفلسطينية.

الفيديو تضمن كذلك شهادة تفيد بوجود مقاتلين أجانب فى صفوف داعش سيناء إلى جانب، انضواء أعضاء التنظيم تحت لواء شباب مغرر به، وكثير منهم يتسم بالانفلات الأخلاقى.

المنشق وصف كذلك أهوال التعذيب التى تصل إلى حد الحبس والاعتداء البدنى والقتل لكل من يحاول الهرب من جحيم الدواعش وبيعتهم السوداء.

على هذا النحو، وعمليًا، خرجت الانشقاقات فى صفوف ما تبقى من دواعش سيناء «تنظيم الولاية» إلى العلن.. فعدد المقاتلين فى تناقص، ومن ثم لم تعد هناك رفاهية لترك الحبل على الغارب.

وعليه كان الضرب بيد من حديد على من يسقط متورطًا فى محاولة فرار من نار التنظيم المترنح، وبخاصة إذا ما صحت أنباء مقتل الملهم أبو أسامة المصرى.

ويبرز الفيديو الدموى الشهير الذى بثته مواقع إلكترونية تابعة للدواعش فى فضاء الإنترنت مطلع يناير الماضى، ويظهر عملية إعدام منشق عن التنظيم، جراء اتهامه بالتعاون مع حركة حماس وتهريب سلاح وعتاد لها، كنموذج لمحاولات أخيرة من جانب «الولاية» لإيقاف مسلسل الانشقاقات المتصاعد بين صفوفها.

الفيديو المشار إبيه كان تضمًا تهديدًا واضحًا للحركة الفلسطينية، جنبًا إلى جنب توعد المنشقين عن التنظيم بالقتل.

ظهر فى الفيديو شخص تم تعريفه باعتباره القاضى الشرعى للتنظيم، حيث تلا حكمًا بالإعدام على أحد عناصر التنظيم من الغزاوية.

القاضى الشرعى قال نصًا:  اليوم سننفذ حكم الإعدام على أحد المرتدين لتهريبه سلاح لكتائب عز الدين القسام وعشرات الأفراد من منطقة العريش لقطاع غزة.

بعدها باغت الفيديو الجميع، حينما أظهر شابًا عُرف فيما بعد أنه نجل قيادى بارز فى حماس أيضًا انضم حديثًا لصفوف داعش سيناء، صوب فوهة مسدسه تجاه رأس المتهم بالانشقاق والخيانة بالتعاون مع حماس، قبل أن يرديه قتيلًا بهدوء شديد.

على الأرجح، فإن الفيديو الذى بثه تنظيم «جند الإسلام»، جاء للرد على فيديو الإعدامات الداعشية.

وعمومًا يعانى داعش فى مختلف ولايته وأفرعه، فى سوريا والعراق وليبيا والمغرب العربى وحتى بمصر والجزيرة العربية، لموجات لا تنتهى من الانشقاقات على أثر انهيار التنظيم على مختلف الجبهات.

شرعيون كبار ومقاتلون أجانب وعرب واستراتيجيون يفرون من جحيم التنظيم، أو إن تحرينا الدقة يقفزون من سفينته التى توشك على الغرق نهائيًا.

ويتعامل داعش بعنف شديد مع كل محاولة انشقاق، معتبرًا الخروج عليه نوعًا من الردة والكفر لا يكفر عنها إلى قتل صاحبها بأبشع الطرق الممكنة.

وبالنسبة للحالة المصرية، وفى حقيقية الأمر، لا تحدث انشقاقات كبرى أو مؤثرة وملموسة فى ولاية سيناء الداعشية، الاسم الأكثر رواجًا لتنظيم أنصار بيت المقدس، الذى يستوطن شبه الجزيرة، فيما أنه يدين بالولاء والبيعة للخليفة المزعوم، أبو بكر البغدادى.

ما يجرى واقعيًا أن التنظيم ينهار بشكل ممنهج، تارة على يد الأمن وضرباته العسكرية المتواصلة والمركزة والمتطورة، وتارة أخرى بيده عبر إصراره على تعديد واجهات العداوة ضده، من قبائل كالترابين، وتنظيمات منافسة تدين بالولاء للقاعدة، كجند الإسلام، أو عبر استعداء المنشقين عنه.

الانشقاق الأضخم كان فى التأسيس، أو إن تحرينا الدقة، فى التحول من كيان سلفى جهادى إلى منصة داعشية دموية.

فى نوفمبر 2014، تحلل ضابط الصاعقة المفصول، هشام عشماوى ورجاله من بيعة التنظيم عبر أبو أسامة المصرى، على خلفية مبايعة الأخير نفسه لداعش، وتحوله إلى ولاية سيناء.

بالتوازى مع ذلك رفضت بعض الجماعات والخلايا التى كانت تعمل تحت مظلة أو بالتنسيق مع أنصار بيت المقدس، السير فى ركابه الداعشية الجديدة. من تلك الجماعات «جند الإسلام».

ولمن لا يعرف، وحسب الباحث فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، محمد جمعة، فإنه من أبرز نتائج بيعة «أنصار بيت المقدس» لداعش، انفصال بعض التنظيمات التى كانت قد اتحدت تحت مظلتها من قبل، ومنها جماعة «جند الإسلام» التى تمثل «القاعدة فى سيناء».

وكانت جماعة «جند الإسلام»، وفق جمعة، قد تبنت فى بيان لها عملية تفجير مبنى المخابرات الحربية برفح فى 12 سبتمبر 2013، والذى راح ضحيته 6 شهداء من الجنود وأصيب 17 آخرون ثم اختفت بعدها، مما يرجح أنها كانت قد اندمجت مع «أنصار بيت المقدس»، وانتظرت عامين تقريبا حتى بثت بياناها فى نوفمبر 2015، فى صورة تسجيل فيديو زعمت أنه لبعض عملياتها فى مواجهة الجيش فى سيناء، فضلًا عن تفجير مدرعات تابعة للجيش أو الشرطة، فى بدايته بثت لقطات لجانب من تدريبات عناصر الجماعة، ربما فى إشارة إلى ضمها عناصر جديدة خلال الفترة الماضية، كما ظهر وجود تدريبات بسيارات الدفع الرباعى حملت عليها أسلحة ثقيلة، لتوضح مهارات مقاتلى الجماعة فى حروب العصابات.

وحسب رؤية جمعة، فإنه ربما كان هذا الشريط (الذى تم بثه فى نوفمبر 2015)، رسالة إلى أصدقاء الأمس «أنصار بيت المقدس»/ ولاية سيناء، وليس موجها للحكومة المصرية، بمعنى أن «جند الإسلام» أرادت أن تقول لأنصار بيت المقدس، إنها موجودة وستعود لتنافسها وتتمدد على أرضها فى سيناء.

فيما مثل بيانها الصوتى الأخير الصادر 11 نوفمبر 2017 فيما كان يروى تفاصيل معركة مع الدواعش جرت فى أكتوبر الماضى، إعلانًا واضحًا بأنها قد بدأت الحرب المفتوحة ضد رجال البغدادى أو فلولهم فى سيناء عمليًا.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل