المحتوى الرئيسى

«الفسطاط» تتحول لمقلب عشوائى للقمامة.. والأهالى: «مش قادرين نعيش.. وأولادنا الضحية»

06/18 14:09

أرض خاوية تحولت بمرور السنوات من مقلب قمامة صغير إلى جبال من المخلفات بمختلف أنواعها، وصل ارتفاعها فى الوقت الحالى إلى أكثر من 5 طوابق، وتوسعت رقعتها وأصبحت ملاصقة تماماً لحديقة الفسطاط ولا تبعد سوى أمتار قليلة عن منازل المواطنين، وتقع جبال القمامة هذه تحديداً فى أرض جمعية أهالى المنيل بحى مصر القديمة، وصارت مكاناً يؤوى الحيوانات الضالة خاصة الكلاب التى تهاجم يومياً النساء والأطفال، وأعرب أهالى المنطقة عن غضبهم الشديد تجاه هذا الوضع وحرق المخلفات المعدنية بهذه المنطقة، التى تسبب تلوثاً وأمراضاً صدرية.

يقف «هانى مجدى»، 33 عاماً، داخل مصنع الأحذية الذى يمتلكه، ويعمل فى تلك المنطقة منذ عام 2013، وعقب عامين تزوج وأصبح من سكان تلك المنطقة، موضحاً أن المشكلة الكبرى لديهم تتمثل فى جبل القمامة والمخلفات، وقال إنهم أبلغوا وزارة البيئة أكثر من مرة، ولديه الكثير من البلاغات والمحاضر مُسجلة باسمه، وتابع: «الموضوع أخطر من مجرد مقلب للقمامة والمخلفات، فيه ناس جوه بتسيح المعادن وبتحرق الألومنيوم والنحاس، والأماكن اللى بيصهروا فيها المعادن واضحة فى الأرض جوه المقلب، وفيه مرة قبضنا أنا وأمين الشرطة بنفسنا على واحد بيحرق المعادن»، ويتحدث «هانى» عن مرة أخرى ذهب فيها بصحبة أمين الشرطة إلى المُسيطرين على مقلب المخلفات، قائلاً: «فى مرة تانية اتثبت أنا وأمين الشرطة جوه فى جبل المخلفات، وكان بدايتها إن أمين الشرطة تردد فى الدخول، فدخلت معه عشان أشجعه شوية، وكلمناهم وقلنا لهم يا جماعة انتو بتحرقوا المعادن، ولكن الكلام بينا تطور وبدأت مشادة كلامية، ووصل إن أمين الشرطة كان هيتاخد منه سلاحه، وأنا ساعتها اتدخلت وفصلت بينهم وفهمتهم إننا مش جايين نضرهم فى أكل عيشهم، بس احنا عندنا أطفال وتعبت، ده كويس إنى خرجت سليم من هناك»، أبلغ «هانى» بشكواه وزارة البيئة أكثر من مرة على «الفيس بوك»، وتواصل معهم وبعد عدة أشهر أرسلوا مجموعة من الأفراد يتبعون الحى، مثلما أكد «صاحب مصنع الأحذية»، متابعاً: «أول ما جاءوا للمنطقة وشافوا المنظر، وجيت لسه بكلمهم قالوا لا احنا ملناش دعوة بالكلام ده، على الرغم من إن حى مصر القديمة فى وش الجبل أو المقلب مباشرة».

«هانى»: اتثبت أنا وأمين شرطة وكان هيتاخد منه سلاحه لما فكرنا ندخل نتكلم معاهم.. وابنى تعب من دخان الحريق وأبعدته عن المنطقة شهرين وهددونى بحرق عربيتى وعيلتى وشغلى.. ورئيس حى مصر القديمة: جبال الزبالة موجودة منذ 20 عاماً.. ووزارة الآثار هى الجهة المنوطة بإزالتها

أضرار جبال المخلفات وصلت إلى منزل «هانى» وأسرته، عندما مرض ابنه الصغير بمشاكل فى صدره نتيجة الأدخنة، حاكياً: «فى يوم من كتر الدخان اللى بيحرقوه وكان بيوصل لميدان الباشا فى المنيل أصلاً، ومحدش كان فاهم الدخان ده جاى منين لأن الدنيا كلها كانت مغيمة، بس طبعاً أنا كنت فاهم وعارف مصدر الدخان ده لأنى ساكن قدامه، وكان 4 أيام دخان متواصل، وابنى الصغير اللى كان عنده شهور فى سنة 2015 مقدرش يستحمل الدخان ده وتعب فعلاً، والدكتور قالى إنه عنده مشاكل على صدره ولازم يبعد عن المنطقة، ويقعد فى مكان نضيف، واضطريت أوديه يقعد عند جده نحو شهرين بعيد عن المنطقة خالص، وأنا قبل كدة برضه رحت للدكتور عشان تعبت أنا كمان، بس مش مهم أنا المهم ابنى اللى عنده شهور وميقدرش يستحمل هذا الجو خالص».

وعن علاقة أهالى المنطقة بالقائمين على هذا المقلب العشوائى الضخم من أبناء عزبة «أبوقرن» يقول «هانى»: «المشكلة إن الناس دى مينفعش لا تتناقش ولا تتخانق معاهم، لأن اللى هيتخانق مالوش دية، ولما اتكلمت معاهم قبل كده هددونى وقالوا لى خلى بالك على عيالك وشغلك وعربيتك أحسن تتحرق، ده غير إنى اتصاحبت على شوية عيال عشان أفهم الدنيا جوه ماشية إزاى، قالوا لى إنهم بيجيبوا الخردة والمعادن المسروقة وبيسيحوها هنا فى الجبل ده، وكمان بياخدوا مقابل مادى من أى حد عايز يرمى مخلفات أو يحرق خردة»، مؤكداً أنه لا أحد يعرف من صاحب تلك القطعة من الأرض فى الأساس، وكل طرف أو جهة تنسبها إلى صاحب مختلف.

«وليد»: المقلب يتوسط منشآت تخص حى مصر القديمة وهيئة الآثار ووزارة السياحة وقسم مصر القديمة.. و«صابر»: جبل المخلفات تخرج منه عقارب وثعابين وحشرات تصل للأدوار العليا فى المبانى

ويختتم «صاحب مصنع الأحذية» كلامه قائلاً: «مشكلة الكلاب فى المنطقة ما بيعديش يوم أو اتنين إلا لما كلب يهاجم طفل أو بنت، والكلاب بتنزل بالليل من على الجبل لما الدنيا تبقى هادية شوية وبتتقلب المنطقة كلها لمستعمرة كلاب، وممكن يبقى فى الشارع اللى قدامى ده نحو 40 كلب، ولو حد نسى يقفل باب بيته بيطلعوا البيوت كمان، ده مراتى برضه هجم عليها كلب لولا جارى اللى ضرب الكلب بالعصاية ساعتها ولحق الموقف»، ويرى «هانى» أنه لا توجد أى جهة رقابية على تلك المنطقة نهائياً.

أما «وليد رجب»، 40 عاماً، صاحب مدبغة بمصر القديمة، وأحد أهالى المنطقة، فيحكى تاريخ تلك القطعة من الأرض التى تحولت إلى جبال من المخلفات، قائلاً: «الأرض دى أصلاً كانت أرض فاضية تبع وزارة الآثار، وبدأ جبل القمامة ده يتكون من بعد ثورة 25 يناير على طول، وكل شوية تيجى عربية ترمى المخلفات وتمشى، لحد ما بدأ الارتفاع الكبير للجبل ده يظهر كده من نحو 3 سنين، لحد ما وصل دلوقتى لأعلى من مستوى العمارات».

يتحدث «وليد» عن حرق الكابلات المعدنية داخل تلك الجبال قائلاً: «أخطر حاجة بيعملوها هنا هى حرق الكابلات، بيسرقوها ويحرقوها هنا عشان يطلعوا منها النحاس، والمقلب ده بيشتغل من الساعة 10 بالليل لحد الساعة 7 الصبح، وبنعرف إنهم بدأوا من صوت العربيات الكبيرة والقلابات وهى بتقلب الزبالة، دول بيكسبوا آلاف فى اليوم، ومش بيهمهم حد خالص، وكل الجهات الحكومية تعلم وساكتة»، موضحاً أن الكثير من الأهالى تقدموا بشكاوى إلى المحافظة ووزارة البيئة وحى مصر القديمة، ولكن لا حياة لمن تُنادى، على الرغم من أن المسئولين داخل الحى إذا فتحوا النوافذ سيرون المخلفات أمامهم.

عمليات تسييح المعادن تتواصل من العاشرة ليلاً حتى السابعة صباحاً والأدخنة تصيب الأطفال بأمراض صدرية

وعن أكثر المشاكل التى تواجههم نتيجة وجود تلك الجبال أمام منازلهم يقول «وليد»: «أخطر المشاكل هى مهاجمة الكلاب للأهالى، والأدخنة اللى بتطلع نتيجة حرق المعادن والكابلات وده بيتم 3 أو 4 مرات فى الأسبوع، الدخان والرائحة اللى بتطلع محدش بيستحملها، وكل الناس بتقفل شبابيك بيوتها، ومن كام يوم صحيت إخواتى اللى قاعدين معايا فى شقق بنفس البيت لأنى كنت شامم ريحة دخان أو حريق، خفت تكون فى البيت أو تكييف فيه مشكلة أو حاجة، وبعدين فى الآخر اكتشفنا إنه من مقلب المخلفات».

ويوضح «صاحب المدبغة» أن هذا المقلب يتوسط مبانى تخص حى مصر القديمة وهيئة الآثار، ووزارة السياحة، وقسم مصر القديمة، والمتحف الجديد، ومجمع الأديان، وحديقة الفسطاط، ورغم ذلك لا أحد يهتم أو يتحدث عنه، مضيفاً: «لولا إن شقتى داخل بيت العائلة، وصعب إنى أمشى منها كان زمانى مشيت من المنطقة دى خالص».

«وليد»: المقلب يتوسط منشآت تخص حى مصر القديمة وهيئة الآثار ووزارة السياحة وقسم مصر القديمة.. و«صابر»: جبل المخلفات تخرج منه عقارب وثعابين وحشرات تصل للأدوار العليا فى المبانى

Comments

عاجل