المحتوى الرئيسى

حق اللجوء في الاتحاد الأوروبي: أهم المعطيات والحقائق

06/16 16:48

تعد سياسة اللجوء حالياً واحدة من أكبر نقاط الخلاف بين أطراف الائتلاف الحكومي في ألمانيا. وهكذا فلكل من الحزب الديموقراطي المسيحي  والاتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري والحزب الاشتراكي الديموقراطي آراء مختلفة حول عدد اللاجئين المسموح لهم بدخول البلاد وتوقيت استقبالهم  وطريقة التعامل مع طلبات اللجوء. ولكن ما هي القواعد التي يجب على الجميع الالتزام بها، ليس فقط في ألمانيا، بل في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي؟ إن لوائح الاتحاد الأوروبي التي تم اعتمادها بشأن سياسة اللجوء، وأيضًا بشأن قضايا أخرى، تنطبق بشكل واضح على جميع الدول الأعضاء. لكن كيفية تأويل كل بلد لهذه اللوائح وتحويلها إلى قانون وطني يقع على عاتق كل دولة عضو في الاتحاد. ولهذا السبب لا تزال هناك اختلافات كبيرة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول بعض النقاط.

اللاجئون الذين يريدون طلب اللجوء في أوروبا، لا يمكنهم فعل ذلك في أي بلد كان. فمنذ عام 2003، بات عليهم الالتزام باتفاقية دبلن، والتي تقول بأن اللاجئ يجب أن يتقدم بطلب اللجوء في بلد الاتحاد الأوروبي، الذي دخل أرضه للمرة الأولى. لكن بالرغم من هذا لا تلتزم الدول الأعضاء دائمًا بشكل صارم بهذه القاعدة. ويمكنهم من خلال مع ما يسمى بـ "الدخول التلقائي" أن يقرروا بشأن إجراءات اللجوء الخاصة بالمهاجر، حتى لو كان قد دخل في البداية بلدا آخراً في الاتحاد الأوروبي. وعلى سبيل المثال فقد علقت ألمانيا العمل باتفاقية دبلن مرات عدة ورفضت ترحيل اللاجئين إلى دول أخرى.

اشتدت وتيرة الخلاف داخل حزب اليسار الألماني المعارض الذي عقد مؤتمره العام وسط تجاذبات حول سياسة اللجوء. رئيسة الكتلة البرلمانية سارة فاغنكنيشت اعترضت على موافقة أعضاء المؤتمر على فتح الحدود الألمانية لجميع اللاجئين. (10.06.2018)

يزداد الرفض لسياسة اللجوء التي تنتهجها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بحسب استطلاع للرأي أجراه معهد آرفورتر انسا والذي أظهر أن 65 بالمائة من المواطنين المستطلعة آراءهم يؤيدون غلق الحدود. (14.06.2018)

كما لم يتم في الآونة الأخيرة ترحيل أي لاجئين إلى المجر في صيف عام 2017. والسبب في ذلك يعود إلى مخاوف أمنية قانونية. من جهتها اتهمت مفوضية الاتحاد الأوروبي المجر بعرقلة إجراءات اللجوء لللاجئين في البلاد وفق ما يتماشى مع قانون الاتحاد الأوروبي المعمول به. وقد تكون المعايير الاجتماعية في دول الاتحاد الأوروبي المختلفة عنها في الدول الأخرى من الأسباب الأخرى لتعليق اتفاقية دبلن. فمثلاَ لم ترسل ألمانيا منذ فترة طويلة اللاجئين إلى إيطاليا، لأنه لم يتم على الأغلب إيوائهم بشكل ملائم هناك.

على الرغم من الاستثناءات، إلى أن  اتفاقية دبلن أدت إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى الدول الأعضاء التي تقع على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. منذ ذلك الحين، جرت محاولات لإنشاء نظام حصص على مستوى الاتحاد الأوروبي لإعادة توزيع اللاجئين من أجل تخفيف الحمل عن دول مثل إيطاليا واليونان. اعتماداً على عدد السكان، يتعين على الدول الأعضاء استقبال عدد معين من اللاجئين في حالات الأزمات. وبالرغم من ذلك، فشل مثل هذا التدبير حتى الآن في مقاومة الأزمة في بعض البلدان. وترفض كل من بولندا والمجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك استقبال اللاجئين الذين "سيُخصّصون" لهم بالقوة. في عام 2017، حاول الاتحاد الأوروبي من خلال "برنامج إعادة التوطين"، نقل 160 ألف لاجئ من اليونان وإيطاليا إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. لكن لم يتم استقبال سوى 26 ألف منهم بالفعل من قبل بلدان أخرى.

على الحدود بين ألمانيا والنمسا ، اضطر اللاجئون إلى الانتظار لفترة طويلة منذ عام 2015

إجراءات ضبط الحدود في منطقة "اتفاقية الشنغن"

لا تشمل منطقة "اتفاقية الشنغن" الاتحاد الأوروبي بالكامل. لأن ليس جميع دول الاتحاد الأوروبي أعضاء في منطقة "اتفاقية شنغن" (مثل بلغاريا ورومانيا)، ولكن بعض الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (على سبيل المثال أيسلندا والنرويج) هم أعضاء منتسبون في منطقة "اتفاقية شنغن". داخل هذا المجال يمكن للأشخاص التحرك بشكل عام، إذ لا توجد ضوابط على الحدود. غير أنه لا يتم العمل دائما بهذه القاعدة. خلال أزمة اللاجئين، أدخلت ألمانيا اجراءات ضبط الحدود في منطقة "اتفاقية الشنغن" في العام 2015 لمنع عدد كبير من اللاجئين من دخول ألمانيا من دون مراجعة أوراقهم. غير أنه سمح العمل باجراءات ضبط الحدود لفترة قصير وفي حالات الطوارئ، لكن ألمانيا قامت بتمديدها عدة مرات، في الآونة الأخيرة في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2017. وفي الوقت نفسه، تبرر الحكومة الاتحادية اتخاذ هذه الإجراءات من أجل السلامة العامة والحماية من التهديدات الإرهابية.

يلعب اختلاف تطبيق قانون اللجوء في الاتحاد الأوروبي من قبل الدول الأعضاء الدور الحاسم في معالجة طلبات اللجوء. بعض القواعد إلزامية، مثل القاعدة التي تلزم فتح المجال أمام طالبي اللجوء للولوج إلى سوق العمل في موعد لا يتجاوز تسعة أشهر بعد تقديم الطلب. وهناك قواعد أخرى أقل وضوحاً. وبحسب القانون الدولي للاجئين، يجب استيفاء شروط الاستقبال المتوافقة مع حقوق الإنسان. ويترك تحديد ماهية هذه الشروط لكل بلد على حدة. وتختلف معايير استقبال طالبي اللجوء بشكل كبير بين بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. إذ على سبيل المثال لا يستبعد وجود مراكز إيواء مكتظة للاجئين، والمباني التي تفتقر إلى المرافق الصحية الكافية أو حتى إلى الخيام للاجئين في بعض البلدان. وقد دفعت مثل هذه الظروف بالفعل ألمانيا إلى تعليق العمل باتفاقية دبلن وعدم إعادة ترحيل اللاجئين إلى هذه الدول.

في أواخر عام 2014 ومع اقتراب مرور أربع سنوات على الحرب السورية وتحقيق تنظيم "الدولة الإسلامية" مكاسب مهمة في شمال البلاد، تزايدت أعداد السوريين النازحين. وفي الوقت ذاته كان لاجئون آخرون يفرون هربا من دول أخرى كالعراق، أفغانستان، إيريتريا، الصومال، النيجر وكوسوفو.

بدأت أعداد كبيرة من السوريين تتجمع في مخيمات ببلدات حدودية في كل من تركيا ولبنان والأردن منذ 2011. مع حلول 2015 اكتظت المخيمات بشكل كبير جدا وفي غالب الأحيان لم يكن يجد سكانها عملا يعيلون به أسرهم كما لا يستطيعون تدريس أبنائهم وهكذا قرر الناس بشكل متزايد اللجوء إلى ما هو أبعد من هذه المخيمات.

في عام 2015 بدأ ما قدر بحوالي مليون ونصف مليون شخص رحلتهم من اليونان نحو أوروبا الشرقية عبر طريق البلقان مشيا على الأقدام. وإثر ذلك أصبح اتفاق شنغن، الذي يسمح بالتنقل بين معظم دول الاتحاد الأاوروبي بحرية، موضع تساؤل مع موجات اللاجئين التي كانت متجهة نحو أغنى الدول الأوروبية.

عشرات آلاف اللاجئين كانوا يحاولون أيضا الانطلاق في رحلات محفوفة بالمخاطر عبر البحر المتوسط على متن قوارب مكتظة. في أبريل 2015 غرق 800 مهاجر من جنسيات مختلفة بعد انقلاب القارب الذي كان يقلهم من ليبيا نحو سواحل إيطاليا. هذه الحادثة ليست سوى واحدة من حوادث تراجيدية أخرى، فحتى نهاية العام قضى نحو 4000 شخص غرقا وهم يحاولون عبور البحر نحو أوروبا.

الدول الواقعة على حدود الاتحاد الأوروبي واجهت صعوبات في التعامل مع هذا الكم الهائل من الوافدين إليها. شيدت الأسوار في هنغاريا، سلوفينيا، مقدونيا والنمسا. كما تم تشديد إجراءات اللجوء وفرضت عدة دول من منطقة شنغن مراقبة مؤقتة للحدود.

يتهم منتقدو المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. في سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل