المحتوى الرئيسى

العطلة الصيفية.. متنفس للاجئين سوريين في ألمانيا

06/16 12:34

العطلة الصيفية أصبحت على الأبواب ولم يتبق على انطلاقها سوى أسابيع معدودة. عائلة السيد بشار الأزهري من حمص في سوريا تعيش في العاصمة الألمانية برلين منذ قدومها إلى ألمانيا في صيف عام 2015 . تتكون العائلة الحمصية من طفلين يدرسان في إحدى المدارس الابتدائية المجاورة لشقتهم في حي لشتنبارغ. فوق طاولة مستديرة في طرف غرفة الجلوس مجموعة من المجلات السياحية. أما في الجهة المقابلة اصطفت حقائب سوداء اللون جاهزة للسفر.

"نحن على أهبة الاستعداد للسفر. العائلة بأكملها تنتظر حلول العطلة الصيفية، التي ستبدأ خلال الأيام القليلة القادمة. وجهتنا هذه السنة ستكون جنوب إسبانيا، في منطقة كوستا دل سول، لنقضي هنالك أسببوعين على شاطئها الذهبي، شاطىء الشمس". هكذا استهل الأب الحمصي حديثه مع DW عربية، ملقياً بنظرات إلى المجلات السياحية التي حصلت عليها العائلة من إحدى وكالات السياحة والسفر، ومضيفاً بأنه منذ حصول عاىلته السنة الماضية على الإقامة القانونية لثلاث سنوات، بات يستغل العطلة الصيفية ليقضيها رفقة عائلته الصغيرة بعيداً عن ضجيج المدينة. وبالرغم من محدودية دخله الشهري، إلا أن رب الأسرة يسعى بكل ما لديه من إمكانيات مالية لإدخال البهجة والسرور على طفليه وزوجته، كما كرر أكثر من مرة.

يرغب بشار الأزهري وعائلته في زيارة المزيد من الأماكن حول العالم ما أمكنهم ذلك

يعمل بشار الأزهري منذ ما يزيد عن السنتين، بعد انتهائه من دورة تعلم اللغة الألمانية، في مخزن لتوزيع الطرود البريدية. وبالرغم من راتبه المتواضع، إلا أنه يحاول من خلال حياته الجديدة في ألمانيا التعرف على دول أوروبية أخرى. واسترسل بشار، وقد بدت عليه مظاهر السعادة والطمأنينة، بأنه لم يحلم قط بقضاء العطلة الصيفية خارج سوريا، إذ كان يعمل في مدينته حمص نجاراً في ورشة صغيرة تقع في زقاق ضيق داخل المدينة العتيقة.

وحول وضعه المالي في سوريا ما قبل الحرب، يقول بشار إنه لم يكن قبل قادراً على قضاء إجازته في مكان آخر مع أن قضاء الاجازة في مكان ما ليس أمراً مألوفاً في وطنه. ثم يمضي بالقول: "قضينا أسبوعين من الصيف الماضي في كرواتيا. لقد كانت سفرة رائعة". كانت هذه الإجازة في كرواتيا هي الأولى من نوعها في حياة العائلة السورية، وقد كانت من الجمال والراحة، بحسب ما يقول بشار الأزهري، بحيث دفعته إلى الحفاظ على هذه العادة. فهو ينوي زيارة دول أخرى كلما استطاع ذلك.

مقتل فتاة ألمانية في الرابعة عشرة من عمرها، حسب الشبهات الأولية من طرف طالب لجوء عراقي مرفوض يشغل منذ أيام وسائل الإعلام الألمانية. وسيُحاكم المشتبه به بعدما نُقل من أربيل العراقية إلى ألمانيا. (11.06.2018)

رغم ارتفاع طفيف في عدد اللاجئين على طريق البلقان بشكل مفاجئ، إلا أن عدد طلبات اللجوء عموما في دول الاتحاد الأوروبي قد تراجع خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام بسنبة 20% ليصل إلى عدد 176.000 طلب. (05.06.2018)

ويستطرد اللاجئ السوري بالقول: "سأظل أسافر مع عائلتي ما حييت. أريد أن يكون أطفالي على غرار رفاقهم الألمان في المدرسة، الذين يقضون بدورهم إجازاتهم الصيفية في مناطق أخرى من العالم". لكنه يستدرك بأنه يسعى من خلال تلك الرحلات إلى نسيان ما قاساه وعائلته من صعوبات في بلده سوريا أثناء الحرب، وما لاقاه من مصاعب وصدمات خلال رحلة اللجوء، حتى ولو لبرهة وجيزة.

رغبة جامحة في اللقاء بعد غياب طويل

كان الطقس جميلاً والسماء صافية والشمس ساطعة في كبد السماء حينما التقت DW عربية بغيث وعبد الرحمن في البيت الذي يقطنانه منذ حوالي سنتين، بعد أن قدما من سوريا إلى ألمانيا ضمن فوج كبير من اللاجئين السوريين عبر طريق محفوفة بالمخاطر. يخطط الشابان سوية، بالتعاون مع إدارة مركز إقامة القصّر حيث يسكنان، لزيارة الأهل والأحبة في لبنان، إذ يقول عبد الرحمن، وقد بدت ملامح الفرحة الممزوجة بالحزن على وجهه: "لم أر والدي وإخوتي منذ ما يزيد عن السنتين. أنا مشتاق إليهم جميعاً وسوف أزورهم قريباً".

"لو لم تكن تذكرة الطائرة بحوزتي لما صدقت أنني سأسافر حقاً لرؤية عائلتي" كما يقول عبد الرحمن الأسعدي

اليوم يبلغ عبد الرحمن الأسعدي سن الثامنة عشر، وبصفته مقيماً بطريقة قانونية في ألمانيا، بات القانون الألماني يسمح له بحرية التنقل والسفر إلى بلبنان، بحسب ما يؤكد أندرياس شومان، الموظف في منظمة "برو آزول" المعنية بشؤون طالبي اللجوء. ويضيف شومان: "نحن نشجع السوريين في سن الرشد على زيارة أهلهم إذا كانوا يعيشون خارج الأراضي السورية. كما ننصح كل سوري كيفما كان وضعه بعدم دخول الأراضي السورية، لأن قانون اللجوء الألماني يمنع ذلك منعاً باتاً". ويوضح الموظف المنظمة غير الحكومية أن كل سوري تطأ قدماه سوريا سيكون مهدداً بفقدان إقامته في ألمانيا. أما بخصوص اللاجئين الشبان مثل عبد الرحمن وغيث، فيقول أندرياس إنه لا خوف عليهما من الناحية القانونية لانهما يزوران عائلتيهما في لبنان.

غيث المصعب هو الآخر بلغ في شهر فبراير/ شباط سن الرشد، ومشتاق جداً لعائلته التي تتألف من والديه وإخوته الأربعة. لم يتمكن الشاب السوري - كالعديد من الشبان القصر من الوافدين الجدد - منذ قدومه الى ألمانيا من رؤية ذويه، الذين ظلوا في مخيمات للاجئين السوريين في لبنان.

وحول استعداده للسفر إلى لبنان يقول غيث: "لقد حاولت بكل ما لدي من جهد بالتعاون مع منظمة برو آزول استقدام عائلتي إلى برلين، الا كل المساعي باءت بالفشل. ها أنا أخيراً قد بلغت سن الثامنة عشر، والقانون يسمح لي بالسفر دون وكيل".

أثناء الحديث، أخرج عبد الرحمن تذكرة الطائرة ثم شرع يقول والدموع تترقرق في عينيه: "لو لم تكن هذه التذكرة بحوزتي لما صدقت أنني سأسافر حقاً لرؤية والدي وإخوتي".

لقد سهر كل من غيث وعبد الرحمن خلال إقامتهما في المبيت على ادخار شيء من المال من المبلغ المالي الشهري الضئيل الذي يحصلان عليه من قبل مكتب رعاية الطفولة والشباب. كما علمت DW عربية من إدارة المركز الذي يقيمان فيه أنه جمع بعض التبرعات المالية من مؤسسات خيرية قامت بتحمل تكاليف سفرهما جواً.

غيث و عبد الرحمن على أهبة الاستعداد للسفر إلى لبنان في غضون الأيام القادمة بعد أن اشتريا بعض الهدايا من ملابس وحلويات، عساها تدخل الفرحة والبهجة على قلوب عائلتهما.

في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.

مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.

عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.

كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.

أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.

على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.

وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.

وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل