المحتوى الرئيسى

«الفرح».. من «التختروان» إلى «زفة المرسيدس» | المصري اليوم

06/16 08:18

«من الهودج والتختروان والمواكب إلى الفنادق الـ٥ نجوم والسيارات الليموزين والمرسيدس والاحتفالات على الشواطئ وفى الميادين العامة.. تعددت طرق الاحتفال، والفرحة واحدة فى «ليلة الزفاف»، التى تختلف طقوسها من مكان إلى آخر، وعلى قدر «الحسب والنسب» والوضع الاجتماعى.. و«سلو البلد».

فوفق ما ورد فى «قاموس العادات والتقاليد» للكاتب أحمد أمين أنه كان لا يصح فى عرف المصريين أن يرى الزوج زوجته قبل زواجهما إلا بواسطة الخاطبة أو أمهاتهم أو أخواتهم أولا، حتى إذا ارتضينها يرسل الزوج الشبكة، وهى هدية قبل العقد ثم يعقد العقد، وحينئذ يمكن أن يراها.

ويضيف أحمد أمين أنه جرت عادات قبل الزواج فى إقامة العرس منها ليلة الحنة وليلة الدخلة، وأن الزواج يختلف بين الطبقة الغنية والفقيرة، فالأغنياء ينفقون على حفلات الزواج ببذخ ويصل بهم الأمر لإقامة 3 ليالٍ قبل الدخلة غير النفقات الأخرى فى دعوة الأصدقاء الذين يغنون على أدوات موسيقية، ويرسل العريس العربات الفخمة مع والدته لأخذ العروس من بيت أهلها، وتكون العربة المخصصة لها مبالغ فى زينتها وتجرها 4 خيول فى حراسة 2 من المخصصين لذلك يسمون «الضوية»، ويسير هذا الموكب فى طريق عودته بالشوارع المعروفة ومع وصول الموكب لبيت العريس يتقدم العريس لاستقبال عروسه فتتمنع فيما يشبه التظاهر بالخجل، ولا تهبط من العربة إلا بعد إلحاح، ثم تنحر الذبائح على عتبة الباب ويسير العريس مع عروسه لداخل البيت محجوزين بالشيلان الكشميرية حتى لا يراهما الناس، ثم يستقبلهما العوالم «الراقصات والمغنيات» ويسرن أمامهما إلى الكوشة ثم تبدر البدر «وهى نقود ذهبية صغيرة فئة الخمسة قروش أو فضية فئة القرش الواحد» يبدرها العريس أو أقارب الزوجين.

ويجىء هذا من قبيل قناعة مفادها صرف النظر عن العروسين منعا للحسد، ويخرج العريس بعد تناول العشاء يحوطه جماعة من أصدقاؤه يحملون باقتى ورد ويتقدمه بعض الأصحاب يحملون الفنايير ويؤلفون موكب الزفة للعريس، ويسير أمامهم عازفو الموسيقى ويواصلون سيرهم حتى يصلون إلى الجامع القريب حيث يصلى العريس ركعتين، ثم يعود بنفس هذا الموكب إلى المنزل ويدخل على العروس ويرفع عن وجهها النقاب ليراها لأول مرة، ويجلس بجوارها ويقدم لهما الشربات ثم يختفيان عن العيون، ومن أشهر الأفراح وأكثرها أبهة وفخامة كانت أفراح الأنجال «أبناء الخديو إسماعيل»، هذه طقوس الزواج قديما لدى الأثرياء والقادرين.

أما طقوس الزواج قديما لدى الفقراء، فهو متواضعة الحال والتكلفة فتحمل فيه المشاعل بدلا من الفنايير «مصابيح»، وبدلا من الموسيقى يكون الطبل البلدى والبوظة بدلا من الشربات أو الخمر، ويرقص الناس رقصا شعبيا على المزمار والطبول وتمشى العروسة فى ناموسية بدلا من الشيلان الكشمير وتركب «التختروان» إلى منزل العريس، هذا بعض ما ورد فى قاموس العادات والتقاليد لأحمد أمين.

وتقول كتب التراث الأخرى إن اختيار العروس كان يخضع لأكثر من مرحلة وأكثر من تطور منذ بداية القرن العشرين، حيث كان الشاب لا يعرف شيئاً عن عروسه، فالأم تقوم باختيارها العروس من الأقارب، وعرف الريف المصرى بعادة قطع السرة، إذ عند لحظة مولد البنت وصراخها الأول تُنذَر لابن عمها أو خالتها أو عمتها أو ابن أحد المعارف أو الجيران، وقد تختارها الأم من السوق أو الحقل أو المولد، إلى أن تقدمت أساليب وطرق اختيار العروس خطوة بدخول التصوير الفوتوغرافى الى مصر، حيث كانت الخاطبة تنشط بألبوم صور غامض، ورائع مع ملف معلومات لا يفوته شىء، إلى أن أصبح الاختيار بعد ذلك بسنوات شخصياً ومباشراً، وخاصة بعد الاختلاط فى الجامعات وأماكن العمل والنوادى، ثم عرفت إعلانات الزواج طريقها إلى الصحف.

ومن احتفالية اختيار العروس الزيارات المتكررة لأم العريس، لترى عن قرب مهارة العروس فى الواجبات المنزلية، والتأكد من أخلاقها وهيئتها وطاعتها وسمعتها وإمكانات أسرتها «مستواهم الاجتماعى»، وأيضا للوقوف على «خصوبة أمها»، وجمال العروس، ومقاييس الجمال بدورها تطورت بشكل لافت للنظر وخاصة فيما يتعلق بالحجم.

أما أهل العروس، فكانوا يبحثون دائماً لابنتهم عن رجل جاد مجتهد ابن أصول، وعقب عمليات الاستطلاع التى تقوم بها أم الشاب المقبل على الزواج، يتم القبول وتبدأ المفاوضات عادة بقراءة الفاتحة، حيث يذهب فى موكب كبير عدد من كبار السن من أسرة الشاب إلى أهل العروس لقراءة الفاتحة، والتحدث فى المهر، ويسمع العريس هذه الجملة وهى نفسها حتى الآن: «الخفيفة عليك والثقيلة علينا»، وغالبا ما يحدث العكس فيما يلى ذلك من إجراءات، وفى مقابل المهر يحضر أهل العروس الجهاز، وبعد الفاتحة يأتى دور الشبكة، التى تقدم فى حفل كبير يدعى إليه الأقارب والجيران وتعلق فيه الإضاءة، ويتم توزيع الشربات، وفى الريف للرجال مكان منفرد مع العريس، وآخر مخصص للنساء مع العروس، وتقرأ الفاتحة علناً فى مكان الرجال، ثم تضج قاعة النساء بالزغاريد، ثم تقدم أم العريس الشبكة للعروس، وهى غالباً من الذهب، أما «دبلة الخطوبة» فلم تكن شائعة، ثم اصبحت أساسية، وطوال فترة الخطبة يتحين الخاطب الفرص لرؤية مخطوبته، وكانت التقاليد تحتم على الخاطب أن يزور منزل العروس.

وعند المسلمين من الضرورى تقديم هدايا بمناسبات مثل عاشوراء ومولد النبى و27 رجب ونصف شعبان وأول رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى ورأس السنة الهجرية وغيرها مما يرهق كاهله، وعند الأقباط تقدم الهدايا فى عيد القيامة وعيد الميلاد، وتقدم الهدايا من جميع الخاطبين المصريين لمخطوباتهم فى أعياد ميلادهن وميلاد أمهاتهن وأشهر الهدايا فى مولد النبى إذ تشتمل على الحلوى «العروسة الحلاوة» وهذه تقاليد تراعى تقريبا حتى الآن.

وارتبط عقد القران لسنوات طويلة فى القرن العشرين بمواسم بيع المحاصيل، وخاصة موسم القطن الذى تتم معظم الزيجات فى الخريف بعد بيع القطن، وتتم ليلة الجمعة أو ليلة الاثنين، ويدعى الأقارب، والدعوة للفرح كانت تتم- ولا تزال- بشكل شخصى من العريس أو والديه وأخوته وتطورت الدعوات إلى كروت مكتوبة ومطبوعة بأناقة شديدة حسب الدرجة الاجتماعية التى يشغلها أهل العروسين ولكن الجيران فى الريف والمناطق الشعبية بالمدن لا بد أن يروا فى وضح النهار هدايا العريس لعروسه قبل عقد القران يحملها أهله إليها من سكر وحلوى وصابون وحناء وشموع وشربات وقماش الفستان الأبيض و«زجاجة الريحة» ومناديل الرأس.

وفى يوم عقد القران تتجمع نساء عائلة العروس فى بيتها لتنظيف المكان وإعداده وطهو الطعام للمدعوين، أما الرجال فيقومون بتزيين البيت بالكلوبات أو اللمبات وبعد صلاة المغرب يحضر المأذون لعقد القران ويسأل المأذون عن وكيل العروس ليجلس أمام العريس وتقرأ الفاتحة، ثم كلمة من المأذون عن فضل الزواج كما أمر به الله وقضت به الشريعة، ثم يضع وكيل العروس يده بيد العريس، ويغطى المأذون اليدين بمنديل أبيض، (والذى يتبارى الجميع فى خطفه بعد عقد القران، ويلقن المأذون الاثنين المتصافحين عبارات متبادلة عن طلب الزواج والقبول به على المهر المسمى بينهما، وتنطلق الزغاريد، ويتلقى العريس التهانى، ثم يبدأ الغناء والطبل والزمر، وبعد عقد القران يتسلم أهل العروس المهر، ويبدأون فى تجهيز ابنتهم، وجهاز العروس تطور جداً فى السنوات الاخيرة، ولكنه كان دائماً مواكباً لذوق العصر ولقدرات العروسين.

وجرى العرف أن يتم إرسال «الجهاز»، وبعض الأمتعة لبيت الزوجية فى زفة كاملة، وفى كتاب قديم بعنوان «الناس فى صعيد مصر: العادات والتقاليد»، للباحثة الإنجليزية وعالمة الأنثروبولوجيا، وينيفرى دبلاكمان، ترجمة أحمد محمود، من خلال رحلة استغرقت 6 سنوات بقرى صعيد مصر، فى عشرينيات القرن الماضى، وثقت الكاتبة لعاداته وتقاليده بعدما عاشت معيشة كاملة بين الفلاحين، فالعروس يوم زفافها كانت تذهب إلى بيت زوجها وقت الغروب، آتية إليه فى هودج يحمله أحد الجمال، ووراءها صديقاتها وقريباتها محمولين بنفس الطريقة، فى موك بتصحبه فرقة موسيقية، وذلك إذا كان الزوج يقيم فى قرية أخرى، أما إذا كان مقيمًا بنفس القرية فإنها تذهب إليه على حصان، وفور وصولها تنطلق الزغاريد والموسيقى.

وكان الزوج يقيم وليمة ضخمة فى بيته، وتبقى العروس بأعلى غرفة بالمنزل بصحبة السيدات من قريباتها وصديقاتها يرقصن، كما تقوم صديقات العروس بإهدائها مبالغا مالية، غالبًا ما تكون معدنية، ويضعونها على وجهها، الذى يكون مرفوعًا لأعلى.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل