المحتوى الرئيسى

إنصافا لضحايا التعذيب.. ألمانيا تلاحق رئيس المخابرات السورية

06/15 12:51

الفرحة لا تزال تغمر المحامي السوري أنور البني المتأثر جدا بهذا النجاح الذي له نصيب فيه، ويقول "منذ سبع سنوات يأمل الضحايا في أن يهتم أحد بقضيتهم، ولم يفعل أحد ذلك، والآن يتجدد أملهم. لا تستطيع تخيل عظمة هذا الخبر بالنسبة للضحايا ولجميع السوريين". الضحايا ـ هم آلاف السوريين الذين كانوا في سجون التعذيب التابعة للأسد. الذين فقدوا أزواجهم وآباءهم وأصدقاءهم بسبب شبيحة الأسد.

وأحد كبار الشبيحة هو اللواء جميل حسن، رئيس المخابرات الجوية السورية، وأحد المستشارين المقربين من الأسد. منذ سنوات اسمه مدرج على قائمة العقوبات الصادرة من الاتحاد الأوروبي ووزارة التجارة الأمريكية. ورئيس المخابرات القوي يبدو أنه مسؤول عن تعرض مئات الناس منذ عام 2011 للتعذيب في السجون السورية، بعضهم قتل في تلك السجون تحت التعذيب.

وإن إصدار المدعي العام الألماني مذكرة بحث دولية ضده، يدل على أن العدالة الألمانية لديها أدلة على العنف الممنهج في سوريا، أكثر مما يتوقع نظام الأسد وويروق له. المحامي أنور البني، المقيم حاليا في برلين، سبق له وأن قابل جميل حسن مرتين وحصل فورا على الانطباع بأنه "من الناس الذين يعتقدون أنه فقط بالقوة والسلاح والتدمير يمكن الانتصار". وبعد تردد قصير يتابع البني في حواره مع DW "لا يمكن لي وصفه بالإنسان، حقا لا". لفهو يعرف ضحايا حسن. وكمحام سوري مرموق دافع البني عن ضحايا النظام السوري وشجب التعذيب ودافع عن حقوق الإنسان، وبسبب ذلك أمضى خمس سنوات في المعتقل.

المجتمع الدولي يظل مكتوف الأيدي

عندما جاء البني إلى المانيا، التقى مجددا الناجين من التعذيب وسجون النظام السوري. وفعل هنا أيضا ما يمكن أن يفعله محام لحقوق الإنسان. جمع إفادات الشهود والأدلة، وتشجيع الضحايا ورعايتهم، حتى يتمكن أحد ما في يوم من الأيام إجراء تحقيقات ناجحة.

البني لم يعول على محكمة الجنايات الدولية، لأن سوريا لم توقع على نظام روما الأساسي للمحكمة، وبالتالي فإن هذه المحكمة غير مختصة لمحاكمة مسؤولين سوريين. والأمل الآخر قد يكون مجلس الأمن الدولي الذي كان في إمكانه إطلاع المحكمة على فظائع النظام السوري، لو لم يكن هناك حق الفيتو الروسي.

وهو ما اشتكت منه المدعية العامة السابقة لمحكمة الجنايات الدولية، كارلا ديل بونتي هذا الأسبوع في حديث مع إذاعة ألمانيا، وقالت "لم يفعلوا شيئا البتة. لدينا حتى تقارير لجنة خاصة كانت في الحقيقة مذكرة اتهام. الإيزيديون، لقد كان ذلك إبادة جماعية. ولدينا ما يسمى تقرير سيزار حول التعذيب في السجون. كل هذه الأشياء فعلناها، ولكن لم يحصل شيء. لماذا؟ الإرادة السياسة غير موجودة".

لذا كان على محامي حقوق الإنسان البحث عن طريق قانوني آخر، وإقامة دعاوى حسب مبادئ القانون العالمي. الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، يمكن ملاحقتها في كل مكان حول العالم، سيان أينما ارتُكبت الجرائم أو من ارتكبها. وفي ألمانيا تم إدراج هذا المبدأ عام 2002 في القانون الجنائي الدولي. ومحامو حقوق الإنسان لدى المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، يستخدمون هذا المبدأ مع أنور البني، إذ أن ألمانيا هي البلد الوحيد الذي يقبل الشكاوى على هذا الأساس.

المحامي السوري أنور البني الذي ساهم في جمع الأدلة وإقامة الدعاوى ضد مسؤولين سوريين متهمين بانتهاك حقوق الانسان

المركز الأوروبي يقيم علاقات ويتواصل منذ عشر سنوات على مع محامين وحقوقيين مختصين بالقانون الدولي وضحايا العنف في مختلف دول العالم. وحتى مع ما يُسمى بمجموعة سيزار، وهو اسم مستعار لمصور عسكري سوري سابق هرب أكثر من 50 ألف صورة إلى الخارج. إذ كانت مهمته منذ 2011 تصوير الجثث داخل السجون السورية. هذه الصور الفظيعة هي الآن أدلة هامة على التعذيب المنهجي في سجون الأسد.

وحتى المحامي باتريك كروكر الذي شارك في إعداد الدعاوى الجنائية المرتبطة بسوريا، لا يخفي سروه الكبير بإصدار مذكرة اعتقال دولية بحق اللواء جميل حسن، ويقول "بهذا أوضح المدعي العام أنه تحقق بنفسه من النظام وجمع أدلة كافية ضد نظام التعذيب، ليصدر مذكرة الاعتقال". ومنذ عام 2011 يحقق رئيس الادعاء العام في خرقات حقوق الانسان في سوريا، وألمانيا تلعب بهذا دورا رياديا. وهذا يعود أيضا للعمل الدؤوب الذي قام به المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان. ففي السنة الماضية أقام أربع دعاوى جنائية، ثلاث منها بالاشتراك مع الناشط الحقوق السوري مازن درويش والامحامي أنور البني، ودعوى مع مجموعة سيزار، لدى المدعي العام.

وعندما كتبت مجلة "دير شبيغل" الألمانية على موقعها الإلكتروني عن مذكرة الاعتقال ضد جميل حسن، فوجئ المحامون لدى المركز الأوروبي. وتساءلوا لماذا تم تسريب مذكرة الاعتقال. ولماذا ذُكر اسم جميل حسن؟ لأنه عادة يقال "شخصية مهمة أو مسؤول كبير". وباتريك كروكر ليس بوسعه إلا التخمين والاعتقاد بأن "الكثير من الناس التقطوا الآن الإشارة، على أنه لا يمكن أن يستمر الوضع على ما هو عليه إلى ما لا نهاية، بل إن هناك مساع جدية مثل مذكرة الاعتقال هذه". ويأمل كروكر والبني في أن تحرك هذه الإشارة البلدان الأوروبية الأخرى أيضا. ولذلك يطالب البني بإجراء تحقيقات في جميع البلدان الأوروبية، ويقول "من المهم البرهنة على أنه لا يمكن السيطرة على القانون من قبل السياسة. هذا مهم لنا وللعالم". ويعتقد أن الرسالة وصلت لسوريا أيضا، بأن العالم يهتم بما يجري في أقبية التعذيب السورية.

تلقت الأمم المتحدة شكاوى أهالي سجناء في ليبيا تفيد بانتهاكات حقوقية داخل السجن حيال بعض الموقوفين من قادة النظام السابق، منهم الساعدي نجل العقيد الراحل معمر القذافي. كما أعلن حقوقيون العثور على جثث قرب مدينة بنغازي، لأشخاص تمت تصفيتهم بالرصاص وتبدو عليها آثار تعذيب. وتتبادل جماعات إسلامية متشددة مسلحة وقوات الأمن الاتهامات بشأن اختطافات وعمليات التعذيب.

بعد ثلاثين عاما على توقيع اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب نددت آمنستي بانتشار التعذيب "على المستوى العالمي"، مشيرة إلى أنه بات يمارس بشكل "طبيعي" إثر الحرب على الإرهاب. وقال تقرير العفو الدولية الذي جاء تحت عنوان "التعذيب في 30 عاما من الوعود المنقوضة" إنه بعد "ثلاثة عقود من الاتفاقية وأكثر من 65 عاما بعد الاعلان العالمي لحقوق الانسان فإن التعذيب ليس فقط مستمرا بل إنه يتزايد."

وثق نشطاء وجماعات دولية لحقوق الإنسان انتهاكات ممنهجة داخل مراكز الاعتقال السورية تتضمن إذلال المحتجزات اللاتي يجبرن على خلع ملابسهن والجلوس بالملابس الداخلية فقط خلال جلسات الاستجواب، وأحيانا يتعرضن لعنف جسدي وجنسي. وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية غير الحكومية، أنها التقت العام الماضي بعشر سوريات سبق اعتقالهن وأن ثمانية منهن قلن إنهن تعرضن لانتهاكات أو تعذيب أثناء الاحتجاز.

تتهم منظمة العفو الدولية، جماعة "داعش" بعمليات خطف وتعذيب وقتل معتقلين في سجون سرية أقامتها على أراضٍ تسيطر عليها في سوريا. وحسب آمنستي، فإن من بين السجناء لدى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) أطفالا بالكاد يصل عمر بعضهم الى 8 سنوات وقاصرين تعرضوا للجلد والسجن مع بالغين في ظروف "قاسية وغير إنسانية". في الصورة لقطة من مسرحية "الكرسي" الألمانية الرمزيية عن التعذيب، وقد عرضت في بيروت.

تقرير الخارجية الأميركية لحقوق الانسان منظمات حقوقية تنتقد مصر بشدة "بعد الإطاحة بحكومة مدنية منتخبة والاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن بما يشمل القتل والتعذيب". الشرطة اعتقلت نحو 16 ألف شخص ضمنهم أطفال. وفي يوم 25 يناير/ كانون الثاني قتل فيه 49 شخصا أغلبهم من الإسلاميين خلال مسيرات مناهضة للحكومة. واستمر التعذيب في مراكز الشرطة في بعض من أسوأ السجون ومراكز الاعتقال المصرية سمعة.

رغم صدور حكم قضائي بالسجن لمدة عشر سنوات على شرطيين في قضية تعذيب الناشط خالد سعيد حتى موته عام 2010، والذي أثار مقتلة احتجاجات قادت إلى الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في 2011. فإن نشطاء ليبراليين ما يزالون يعتقلون ويعذبون في مصر، منهم قادة لحركة 6 أبريل أيقونة ثورة 25 يناير 2011.

يتسبب نزاع الصحراء في ضحايا. ويأتي"المغرب والصحراء الغربية ضمن حملة خاصة أطلقتها آمنستي على خمس دول في العالم، فيها ممارسات التعذيب منتشرة بصورة خاصة". كما أقر مجلس الأمن في أبريل/ نيسان 2014 قرارا ينص على أن المجلس "يؤكد أهمية تحسين وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومخيمات تندوف ويشجع الأطراف على العمل مع المجتمع الدولي لتطوير وتنفيذ إجراءات مستقلة وجادة لضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل