المحتوى الرئيسى

عيد الفطر فى أمريكا دونالد ترامب

06/15 00:22

قبل أيام قليلة استضاف الرئيس دونالد ترامب أول إفطار رمضانى خلال رئاسته التى خلت سنتها الأولى من مثل أى احتفال بالشهر الكريم. وجاء الإفطار الرمضانى فى بيت ترامب الأبيض كعودة لتقليد دأب عليه الرؤساء الجمهوريون والديمقراطيون خلال العشرين عاما الأخيرة. وكسابق حفلات الإفطار بالبيت الأبيض، دعا الرئيس الأمريكى أعضاء السلك الدبلوماسى من الدول ذات الأغلبية المسلمة، إلا أنه لم يدعو أى من زعامات المسلمين الأمريكيين الذين يبلغ عددهم ما يقرب من خمسة ملايين مواطن. وخلال الحفل قال ترامب «إلى كل واحد منكم وإلى المسلمين فى جميع أنحاء العالم: رمضان مبارك»، وأضاف، «بينما نستمتع بعشاء رائع فى البيت الأبيض، دعونا نسعى جاهدين لتجسيد النعم والفضائل وحسن النوايا التى تميز شهر رمضان».

ويرجع أول تاريخ موثق لاستضافة البيت الأبيض لحفل إفطار فى رمضان لأكثر من 200 عام خلت، عندما استضاف الرئيس توماس جيفرسون المبعوث التونسى سيدى سليمان يوم 9 ديسمبر من عام 1805، لمناقشة قضية القرصنة فى البحر الأبيض المتوسط، وحين أبلغ من قبل المبعوث بصيامه برمضان، أمر جيفرسون بتأجيل موعد تقديم خدمات الطعام لغروب الشمس حتى تتوافق مع العرف الإسلامى.

أصبح الإفطار الذى يستضيفه البيت الأبيض التجمع العام الأكثر أهمية ضمن البلاد لإيصال أصوات المسلمين وغير المسلمين، حيث استمر ثلاثة رؤساء للولايات المتحدة باتباع هذا التقليد بغية تعزيز الوحدة والتفاهم المتبادل ما بين الأديان، وفى عهد ترامب، يبدو الاحتفال بهذه المناسبة أكثر أهمية من أى وقت مضى بغية مساعدة الأمريكيين لاستيعاب الوجه الحقيقى السلمى للدين الإسلامى، وعلى خلاف ما يظهر ترامب الإسلام كديانة لا تدعو للسلام.

أثار ترامب توجس الأمريكيين المسلمين بخطابه الذى يستهدف الدين الإسلامى، والذى يمكن نعته فى أحسن الأحوال بأنه يثير حالة الشكوك فى المسلمين فهو الرئيس الذى طالب بإغلاق بعض المساجد ووضع بعضها الآخر تحت المراقبة، كما تعهد بإصدار بطاقة هوية خاصة بالمسلمين، وناقش إنشاء قاعدة بيانات فيدرالية لتتبع ورصد المسلمين المقيمين فى الولايات المتحدة، وبالطبع، تعهد بمنع المسلمين من دخول البلاد. ولم يقم ترامب بأى مجهود لتنديد الشكوك حول المسلمين، بل هاجم العقيدة الإسلامية ذاتها وقال فى مقابلة أجريت معه فى إبان حملته الانتخابية «أظن أن الإسلام يكرهنا»، ثم اتخذ موقفا أكثر اعتدلا داعيا للتفريق بين المسلمين بشكل عام والقلة من «الناس السيئين والخطرين» الذين يعتنقون أيضا الدين الإسلامى كما ذكر، ثم مدح المسلمين بالقول ذات مرة «أحب المسلمين، واعتقد أنهم بشر رائعون».

لا تختلف طرق الاحتفال بالأعياد الإسلامية عند مسلمى أمريكا عن مثيلتها فى مصر أو بقية الدول الإسلامية، فبمجرد معرفة موعد هذا العيد أو ذاك، يتبادل المسلمون التهانى، وتمتلئ المقاهى العربية المنتشرة والمطاعم فى مختلف ولايات أمريكا بالشباب يتبادلون عبارات التهنئة سواء كانت عيد مبارك، أو كل عام وأنتم بخير، عيد سعيد، ومبروك العيد «هابى عيد». ويمكن لأى فرد أن يستشعر أجواء العيد قبل حلوله بليلة أو ليلتين من كم الزحام والإقبال على المتاجر العربية والإسلامية لشراء احتياجات العيد. ورغم عدم اعتبار المناسبات الدينية الإسلامية عطلة رسمية حكومية، فقد أقر مجلس مدينة نيويورك، أكبر المدن الأمريكية وأشهرها، اعتبار عيد الأضحى وعيد الفطر عطلة رسمية فى مدارسها. ومع تنامى معرفة المجتمع الأمريكى بالإسلام والمسلمين أصبح الكثير من المؤسسات التعليمية والاقتصادية وأصحاب الأعمال والشركات تتفهم حق المسلمين فى الاحتفال بأعيادهم ولا تمانع فى منحهم عطلة غير رسمية. بل إن إدارات الجامعات والمدارس توصى الأساتذة بعدم عقد اختبارات فى أيام الاحتفال وعدم تكليف الطلاب بواجبات منزلية مجهدة. أما أهم ما يميز العيد فى الولايات المتحدة، كما يؤكد الدكتور يحيى عبدالمبدى من جامعة جورج تاون، هو إقبال أبناء الجالية على صلاة العيد واعتبارها فرصة سنوية للتجمع والتعارف. ومن الأمور اللافتة فى هذا السياق إقامة صلاة العيد فى أوقات مختلفة لكى يتسنى لأكبر عدد ممكن من المسلمين حضور الصلاة. وغالبا ما يعلن مسجد دار الهجرة بولاية فرجينيا، وهو أحد أكبر المساجد فى منطقة العاصمة واشنطن، عن إقامة صلاة العيد خمس مرات ابتداء من السابعة صباحا وحتى صلاة الظهر. وكان من المتعارف عليه خلال السنوات الماضية أن تقيم جميع المساجد المحلية فى واشنطن وضواحيها صلاة مجمعة فى صالة ضخمة يتم تأجيرها لهذا الغرض.

وفى الوقت الذى كانت فيه مساجد أمريكا تتميز بصغر مساحتها خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضى، بدأ المسلمون خلال السنوات العشرين الأخيرة فى بناء مساجد ضخمة لتستوعب الأعداد المتزايدة منهم خاصة مع بروز الجيل الثانى من المهاجرين المسلمين. وتتميز مساجد أمريكا بأنها أكثر من مجرد مكان للعبادة، فمعظم المساجد تحتوى على مكتبات كبيرة، ومدارس لتعليم اللغة العربية ولتحفيظ القرآن الكريم، إضافة لقاعات المناسبات الدينية والاجتماعية والترفيهية.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل