المحتوى الرئيسى

"اليمن يحتاج معجزة لإنقاذه ومعركة الحديدة تبين مدى اليأس"

06/15 00:26

DW: التحالف الذي تقوده السعودية بدأ رغم كل التحذيرات والمناشدات ـ حتى من جانب الأمم المتحدة ـ هجوما ضد المدينة الساحلية الحديدة في اليمن. ماذا يعني هذا بالنسبة لنحو 400 ألف نسمة في المدينة وباقي البلاد؟

أفراح ناصر: إنه تطور محزن ومثير للقلق. إنه يكشف يأس جميع من يجتهدون من أجل التوصل إلى نهاية الحرب في اليمن، ويناشدون التحالف الذي تقوده العربية السعودية لترك هذه المدينة في هدوء وليس العمل على الزيادة من حدة الكارثة الإنسانية المستفحلة أصلا. وميناء الحديدية مهم للغاية، فواردات المواد الغذائية والمساعدات وكذلك سفر موظفي الإغاثة يتم عبر ميناء الحديدة. وفي حال تدمير هذا الميناء، فإن المساعدة الإنسانية ستتوقف.

تتجه الأنظار إلى الحديدة، حيث يستعد التحالف الذي تقوده السعودية للهجوم على أهم موانئ اليمن. مجموعة الأزمات دعت واشنطن لعدم إعطاء الضوء الأخضر لحلفائها، وردت الخارجية الأمريكية بالقول إنها "تراقب التطورات عن كثب". (12.06.2018)

تمضي القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها نحو خوض معركة استعادة مدينة الحديدة الاستراتيجية، على الرغم من تحذيرات من احتمال أن تعرّض عملية مماثلة حياة ملايين السكان إلى الخطر. (13.06.2018)

والكثيرون لديهم الانطباع بأن الحرب في اليمن لا نهاية لها. والمعركة حول الحديدة تبين مجددا كيف أن الوضع ميؤوس منه. السعودية والإمارات تريدان كسب هذه الحرب عسكريا. والناس في اليمن يدفعون الثمن.

تم الإعلان منذ مدة عن الهجوم ضد الحديدة. لكن يبدو وكأن التحالف السعودي لأسباب إنسانية ـ وربما كذلك أسباب عسكرية ـ سيكف عن ذلك. فلماذا أطلق التحالف بالرغم من ذلك والآن تحديدا هذا الهجوم؟

دائما كان هناك ارتباط وثيق بين الحديدة وصنعاء، العاصمة المحتلة من قبل الحوثيين. أعتقد أن الشخصية الرئيسية هنا هي ابن أخ الرئيس السابق علي عبد الله صالح، طارق صالح. هذا الجنرال، طارق صالح، نجا من المعركة التي قُتل خلالها في ديسمبر 2017 عمه من قبل الحوثيين.

الصحفية أفراح ناصر خلال مشاركتها في المنتدى الإعلام الدولي لمؤسسة دويتشه فيله

وتمكن طارق صالح من الهرب إلى مأرب حيث التقى العديد من الموظفين السعوديين. وأعتقد أنه طرح المخطط  الذي ينص على أنه إذا أردنا كسب المعركة حول صنعاء ودحر الحوثيين إلى الشمال، يجب المرور عبر الحديدة.

ولذلك أنا قلقة جدا مما سيعقب المعركة حول الحديدة. بالطبع جميع وسائل الإعلام تكتب عن الكارثة الإنسانية وعن الضحايا بين السكان المدنيين. ولكن عندما يتجه التحالف السعودي بالفعل إلى صنعاء، فإن ذلك سيتسبب في حمام دم رهيب. وبعدها سنشهد معركة رهيبة مثل تلك التي حصلت في حلب بسوريا أو في الموصل بالعراق.

هل يمكن أن يكون التحالف الذي تقوده السعودية، قد بدأ الهجوم على الحديدة دون الحصول على تأييد من واشنطن؟

قطعا لا. السعوديون يملكون المال، لكن ليس التجربة العسكرية. وبالتالي هم يعولون على الدعم العسكري واللوجيستي من الولايات المتحدة الأمريكية. وكذلك على مساندتهم الدبلوماسية، لاسيما في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن الدولي.

الحوثيون ـ خصوم التحالف السعودي ـ يُعتبرون بأنهم مدعومون من إيران. وبالتأكيد هناك بعض الدعم. لكن ما مدى سيطرة طهران بالفعل على الحوثيين؟

هم لديهم مصالح مشتركة ومشتركون دينيا أيضا. لكن لو أخذنا الأخبار حول صادرات الأسلحة، فاليمن كان دائما مليئا بالسلاح. فمن الناحية الإحصائية، عدد الأسلحة أكثر من عدد السكان. ولو قسمنا عدد الأسلحة على السكان، فإن نصيب الفرد منها فقط في الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مما في اليمن.

إرسال Facebook Twitter google+ Whatsapp Tumblr Digg Newsvine stumble linkedin

والإيرانيون استغلوا التقارير الإعلامية حول قربهم من الحوثيين لطرح أنفسهم كقوة مناهضة للسعوديين. ولكن عندما نتحدث مع الناس في صنعاء، نسمع شيئا آخر. فلو تكلمت مع والدتي، التي ليس لها أية علاقة بالسياسة، فإنها تسألني: هم يقولون بأنهم يحاربون إيران في اليمن، لا أفهم هذا، هنا لا يوجد إيرانيون. لماذا لا يقصفون إيران؟

ما الذي يمكن أن يجلب السلم لليمن؟

معجزة، نحتاج لمعجزة. كل المؤشرات تدل على أن هذه الحرب ستصبح مثل تلك التي كانت في أفغانستان، وتسود لدينا الفوضى مثلما في أفغانستان. كل عام من الحرب يعيدناعشر سنوات إلى الوراء. نحتاج إلى الإرادة السياسية لأطراف الحرب الأقوياء، وهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والعربية السعودية والإمارات. فإذا لم تكن لديهم إرادة للحل السياسي، فإننا سنسمع ضوضاء الأسلحة لسنوات قادمة.

أفراح ناصر صحفية ومدونة يمنية، تعيش حاليا في السويد.

أجرى المقابلة ماتياس فون هاين

حفلات الزفاف لا تسلم بدورها من آثار الحرب. ففي محافظة حجة قتل الاثنين (23 أبريل/ نيسان) ما لا يقل عن 20 مدنياً عقب قصف خيمة زفاف في محافظة حجة. القصف أكده البنتاغون وأدانته الأمم المتحدة مطالبة بإجراء تحقيق "سريع وشفاف"، بينما نسب المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران الذين يسيطرون على المحافظة حيث وقع الاعتداء، الغارات إلى التحالف العسكري بقيادة السعودية.

رد السعودية شمل تصريحاً أن القوات المشتركة للتحالف تتابع "باهتمام ما تمّ تداوله في وسائل الإعلام مؤكدة على حرص قيادة التحالف على تبني وتطبيق قواعد الاشتباك بما في ذلك "افتراض أن كل شخص في اليمن هو شخص مدني إلى أن يثبت العكس بشكل قاطع".

حفل زفاف آخر تحول إلى بيت عزاء، وذلك في 28 أيلول/ سبتمبر 2015 في المخا، ما أسفر عن مقتل 131 من المدعويين. القصف نسب إلى التحالف الذي نفى ذلك أيضاً، حسب الأمم المتحدة. توالي الهجمات في اليمن دفع بالمنظمات الدولية إلى توقيع اتفاقيات لم تنجح في إعادة الهدنة إلى البلد، وكانت الأمم المتحدة قد وقعت سبعة اتفاقات هدنة فشلت هي الأخرى في تحقيق هدفها.

تدخل الحرب اليمنية عامها الرابع بعد أن حصدت أرواح 10 آلاف يمني. الأمم المتحدة تصنف ما يجري في هذا البلد على أنه أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم حاليا: 22,2 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية ملحة و8,4 ملايين شخص مهددين بخطر المجاعة، فيما يعاني نحو مليون يمني من وباء الكوليرا. وأضعف الضحايا هم بالطبع الأطفال.

سبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش في سبتمبر/ أيلول 2017، أن اتهمت التحالف العربي بشن خمس غارات جوية أدت إلى مقتل 39 مدنيا بينهم 266 طفلا. كما صنفت الأمم المتحدة التحالف العربي ضمن "قائمة العار"، ووجهت في تقرير صدر لها عام 2016 اتهامات إلى التحالف بقيادة السعودية نددت فيها بقتل الأطفال وتشويههم وهدم المدارس والمستشفيات. كما وجهت المنظمة اتهامات مشابهة للحكومة اليمنية والحوثيين وتنظيم القاعدة.

من جهتها، اعتبرت منظمة العفو الدولية في عام 2016 أن ما يجري دمار و "جرائم حرب". وحسب الأمم المتحدة فإن غارة جوية للتحالف على مجلس عزاء في صنعاء، بتاريخ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، أودت بحياة 140 شخصا وأكثر من 500 جريح. وفي مارس/ آذار 2016 تم تشكيل "الحزام الأمني" الذي يضم ضباطا وعسكريين يمنيين من قبل حكومة الرئيس هادي. بالمقابل شكل الحوثيون في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 حكومة "إنقاذ وطني".

انطلقت الشرارة الأولى للأزمة اليمنية عام 2011، لكن الحرب لم تبدأ حتى سيطر الحوثيين على مؤسسات أمنية وحكومية ومنشآت هامة في صنعاء عام 2014. كما سقطت العاصمة في أيديهم وبدأت حرب ماتزال مستمرة حتى الساعة. الحرب اليمنية بدأت باحتجاجات ضد حكومة عبد ربه منصور هادي للمطالبة بتنازلات، وكان الحوثيون أول من أطلقها أواسط عام 2014.

بعد طلب هادي التدخل عسكريا لحماية اليمن وشعبه من "عدوان المليشيات الحوثية"، أطلقت السعودية في عام 2015 عملية "عاصفة الحزم"، التي ساهم فيها أكثر من عشر دول عربية. تدخل السعودية ضد الحوثيين تُرجم بشن غارات جوية استهدفت مواقع الحوثيين وحلفائهم، وتمكن حلفاء السعوديين فيما بعد من استعادة العديد من المناطق كمضيق باب المندب. لكن المنظمات الدولية نددت بالأوضاع المزرية، ليتغير اسم الحملة إلى "إعادة الأمل".

في 11مايو/ أيار 2017، أعلن عيدروس الزبيدي عن تشكيل "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي يدعو إلى إقامة "دولة ذات سيادة في الجنوب"، لكن الرئيس هادي رفض المجلس باعتباره مخالفاً للمرجعيات القانونية على المستوى المحلي والدولي أيضا. وحظي مجلس الزبيدي، الذي تمت إقالته من منصب محافظ بعدن، بدعم إماراتي. كما أن قوات التحالف العربي أنهت علاقتها بقطر مما أجبرها على سحب قواتها الجوية في نفس العام.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل