المحتوى الرئيسى

إقالة وزير الداخلية التونسي.. هدية رئيس الحكومة لحركة النهضة

06/09 16:27

قرار إقالة وزير الداخلية التونسي لطفي براهم، ليس سوى انعكاس لحالة الانقسام السياسي الذي تشهده تونس خلال الفترة الأخيرة، حيث تصاعدت حدة الأزمة السياسية التي تغرق فيها البلاد منذ أشهر، عقب صدور القرار الذي شهد ردود أفعال متباينة.

فبعد ثلاثة أيام على حادثة غرق مركب صيد ينقل مهاجرين غير شرعيين بالقرب من سواحل مدينة قرقنة في تونس، والتي خلفت وراءها 68 غريقاً وفقدان العشرات من المهاجرين، أصدر رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد قرارًا بإقالة وزير الداخلية عقب انتقادات متتالية اتهم فيها الهيئات التابعة لوزارة الداخلية "بعدم الانتباه" لتجمع قرابة 180 مهاجرًا غير شرعي والإبحار في مركب صيد متهالك تجاه إيطاليا، إذ يبدو أن قرار لطفي براهم بإعفاء عدد من كبار المسؤولين في وزارة الداخلية لم يشفع له عند رئيس الحكومة.

وشهدت تونس تحولا كليا في المشهد، فمنذ أیام طالب حزب نداء تونس وبعض قوى المعارضة والاتحاد العام التونسي للشغل بإقالة حكومة یوسف الشاهد ضمن "وثیقة قرطاج 2" وهو ما عطل تفعیل الوثیقة رغم الاتفاق على بنودها الـ63 المتعلقة ببرنامج العمل والإصلاحات الهیكلیة، وبقیت النقطة الأخیرة 64 المتعلقة ببقاء رئیس الحكومة وحدث الانقسام بعد رفض حركة النهضة، لما اعتبرته عبثا بمؤسسات الدولة من خلال التغییرات المستمرة للحكومات مع الموافقة على تعدیل جزئي.

اقرأ أيضا : هل تطيح «قرطاج 2» بـ«الشاهد» من الحكومة التونسية؟

لكن بعدما أعلن رئیس الحكومة إقالة وزیر الداخلیة على خلفیة مأساة قرقنة وفشله في إلقاء القبض على وزیر الداخلیة السابق ناجم الغرسلي الهارب بعد القضایا الخطیرة المنشورة ضده ومنها التآمر على أمن الدولة، تعالت بعض الأصوات من داخل حزب نداء تونس رافضة قرار الإقالة، كما شاركهم الغضب الجبهة الشعبیة المعارضة.

واحتجاجا على قرار الإقالة، شهدت مناطق متفرقة من تونس احتجاجات شعبية للمطالبة باستقالة الشاهد، والتنديد بقراره بإقالة وزير الداخلية، ويخطط غاضبون إلى نقل الغضب الشعبي إلى مقر الحكومة والرئاسة، لرفض قرارات الشاهد.

ونظم محتجون مظاهرة شعبية ‏الجمعة، بولاية سوسة التي ينحدر منها وزير الداخلية المقال، بينما زحف غاضبون آخرون على ضاحية "القصبة" التي تحتضن مقر رئاسة الحكومة التونسية.

اقرأ أيضا : وسط حالة من الجدل.. «الجيش والشرطة» أمام صناديق الاقتراع في تونس

ورأى سياسيون متضامنون مع براهم، أن الإقالة تعبر عن تسرع الشاهد في إصدار قرارات غير محسوبة العواقب، على خلفية أن الوزير المُقال ساهم في عودة الاستقرار وتحجيم ظاهرة العمليات الإرهابية، حسب "الخليج".

إقالة وزير الداخلية تسببت في جدل واسع، وصل إلى حد تنظيم مسيرات احتجاج، والتي جاءت بعد الكشف عن صراع خفي بين براهم ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، وبعد أن أظهرت حركة النهضة التي لا تخفي عداءها للوزير المقال، تضامناً مع الشاهد للبقاء على رأس الحكومة، رغم رفع حركة نداء تونس الغطاء السياسي عنه.

ويرى مراقبون أن الشاهد قدم بإقالة وزير الداخلية هدية مهمة لحركة النهضة، التي أطلقت منذ أشهر حملات دعائية معادية للطفي براهم، وصلت إلى حد اتهامه بالإعداد لانقلاب أمني، والتحالف مع قوى خارجية لتنفيذه، والسعي للسير على خطى الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في الاستحواذ على مقاليد السلطة وقمع المعارضين، على حد قولهم.

اقرأ أيضا : إجراءات النقد الدولي في تونس.. نهضة اقتصادية أم انتكاسة طاحنة؟

كما يشير المراقبون إلى أن الإطاحة ببراهم تعتبر إحدى بوادر دخول معركة تكسير العظام استعداداً لانتخابات 2019، في ظل تصاعد شعبيته التي حققها انطلاقاً من قيادته لجهاز الحرس الوطني، لا سيما في الحرب على الإرهاب والتطرف، وإلى خلفيته الأمنية التي دفعت به إلى سدة الوزارة في حكومة الشاهد الثانية، حسب "البيان".

وأعد محللون أن قرار الإقالة هو بمثابة "صفقة سياسية" بين حركة راشد الغنوشي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي يحصد دعمًا استثنائيًّا من الحزب الإسلامي مقابل تخلي حزبه "نداء تونس" عنه.

وأمام سيل الاتهامات ضد الحركة عن قيامها بدور سلبي في ضرب استقرار الحكومة الحالية، اضطرت إلى نفي هذه الاتهامات الموجّهة إليها بالوقوف وراء إقالة وزير الداخلية، مشيرة إلى أنه لا دخل لها في هذا القرار، حسب "إرم نيوز"

وقال القيادي البارز محمد بن سالم، إن قرار إقالة براهم "مرتبط بالحادثة المأساوية التي انتهت بغرق مهاجرين تونسيين وأفارقة في عرض البحر، ولا دخل للحركة في إعفاء الوزير من مهامه".

ويؤكد الناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني، أن إقالة وزير الداخلية من مهامه ليس موضوعا شخصيا بين براهم ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.

وفي تصريح لـ"شمس إف إم" أفاد إياد الدهماني بأن فاجعة غرق مركب مهاجرين في سواحل جزيرة قرقنة هي السبب الرئيس للإقالة خاصة في ظل وجود تقصير، على حد قوله.

وعلى خلفية إقالته، طفت على السطح زيارات وزير الداخلية التونسي الأخيرة إلى السعودية، والتي أثارت موجة من الجدل في حينها.

الناشط والمحلل السياسي التونسي جوهر بن مبارك، أكد أن السعودية والإمارات كانتا تريدان دورا سياسيا للوزير المقال لطفي براهم، لافتا إلى أن زيارة الأخير للسعودية مؤخرا هي زيارة سياسية ولم تكن أمنية.

اقرأ أيضا : الغزو التركي يثير غضب «التوانسة».. وأصوات المقاطعة تتعالى

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل