المحتوى الرئيسى

المغرب بعد حملة المقاطعة.. الائتلاف الحكومي في مهب الريح؟

06/08 23:22

مازالت تداعيات حملة المقاطعة لشركات تجارية معروفة تتواصل، حيث توقعت الصحف المغربية الجمعة (الثامن من حزيران/ يونيو 2018) "نهاية حزينة" لحكومة "ضربها زلزال" المقاطعة، في ظل تكهنات بسقوط الائتلاف الذي يقوده حزب العدالة والتنمية لـ"عجزه" عن مواجهة الحملة المتواصلة منذ ستة أسابيع.

في هذا السياق يقول المحلل السياسي أحمد البوز لوكالة فرانس برس إن "المقاطعة هي بمثابة الضربة القاضية لائتلاف حكومي ولد ضعيفاً". 

وتستهدف الحملة التي انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي بدون أن يتبناها أحد منذ 20 نيسان/ أبريل الماضي، محطات توزيع الوقود "أفريقيا" ومياه "سيدي علي" المعدنية ومنتجات "سانترال دانون"، من أجل الضغط على هذه الشركات المستحوذة على حصة الأسد من السوق كي تخفض أسعارها.

حملة المقاطعة في المغرب تزداد اتساعاً من يوم إلى آخر، حتى أنها دفعت وزيراً إلى الاستقالة بعد مشاركته في مظاهرة ضدها. لكن الجدل بين أنصار المقاطعة ومعارضيها انتقل إلى العالم الافتراضي وصفحاته، حيث يدور تحت هاشتاغات متضادة (07.06.2018)

بعد حملة المقاطعة في المغرب تفجر موجة احتجاجات وإضرابات جديدة في الأردن اعتراضاً على زيادة أسعار المحروقات والكهرباء، فهل تؤسس الإضرابات في الأردن وحملات المقاطعة في المغرب لثقافة احتجاج جديدة في الشارع العربي؟ (01.06.2018)

من جانبها، لوحت الحكومة في وقت سابق بالملاحقة القضائية في حق مروجي نداءات المقاطعة ما عرضها لانتقادات واسعة. ثم سعت لإقناع المقاطعين بـ"المصالحة" والكف عن مقاطعة الحليب تحديداً حماية لمصالح الفلاحين الصغار وعمال شركة "سانترال دانون".

لكن العديد من المعلقين في مواقع التواصل الاجتماعي رأوا في هذه الدعوة وقوفاً إلى جانب "الشركات" بدل الضغط عليها لخفض الأسعار.

وجاءت الأنباء التي تحدثت عن استقالة وزير الشؤون العامة والحكامة لحسن الدوادي من منصبه الأربعاء لتؤكد هذا الشرخ. وبحسب هذه الانباء فقد اضطر الداودي إلى تقديم استقالته بعد موجة من التعليقات الساخرة، اعقبت ظهوره في وقفة نظمها عمال شركة "سانترال دانون" بالرباط للمطالبة بوقف المقاطعة وتدخل الحكومة لحماية مواقع عملهم.

وتوقعت شركة "سانترال دانون" هذا الأسبوع تراجع رقم تعاملاتها للنصف الأول من هذه السنة بـ20 بالمئة، معلنة تسريح عمال تربطها بهم عقود عمل موقتة وخفض التزود بالحليب الخام بنسبة 30 بالمئة.   

وتعد استقالة الوزراء أمراً نادراً في المغرب. ووصفت الصحف المحلية الداودي بأنه "وزير أحرقته المقاطعة"، و"شهيد" شركة "سانترال دانون". لكنه ليس الخاسر الوحيد من المقاطعة، ويرى المعلق السياسي عبد الله ترابي أن "كل وزراء حزب العدالة والتنمية بات ينظر إليهم كمدافعين عن مصالح حفنة من الشركات الكبرى بدل أن يمثلوا مصالح ناخبيهم".

وحمل ما سُمي بـ"الربيع العربي" عام 2011 هذا الحزب الإسلامي المعتدل لرئاسة الحكومة بعدما قضى سنوات عدة في المعارضة البرلمانية. واستطاع الإسلاميون الاستمرار في صدارة المشهد السياسي عندما حققوا فوزاً كاسحاً في انتخابات 2016، لكن إعفاء زعيمهم عبد الإله بنكيران من رئاسة الحكومة أضعف الحزب.

وتأثرت شعبيته أكثر عندما قبل سعد الدين العثماني الشروط التي رفضها سلفه لتشكيل الائتلاف الحكومي، وسط تساؤلات حول تماسك فريقه الحكومي. ويشير ترابي إلى أن "حملة المقاطعة تزيد من إضعاف العثماني الذي جاء أصلاً في ظل ظروف مأزومة".

موضع جدل حول تضارب المصالح؟

في المقابل، بات رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، الذي تصفه الصحافة المحلية بأنه مقرب من القصر، يتخذ صورة الرجل القوي في الساحة السياسية منذ توليه رئاسة هذا الحزب خريف 2016، وتشكيله تحالفاً من أربعة أحزاب، وفرض شروطه في تشكيل الحكومة.

وظل المراقبون إلى وقت قريب يرون فيه رئيس الحكومة المقبل، لكن تداعيات المقاطعة أثرت في هذا السيناريو، فقد وجد أخنوش نفسه على رأس المستهدفين بالمقاطعة كونه يملك شركة "أفريقيا" لمحطات الوقود، وموضع جدل حول تضارب المصالح بين ممارسة أنشطة تجارية وتولي مسؤوليات حكومية.

ويوضح المحلل السياسي أحمد البوز أن "أخنوش كان يستعد قبل أسابيع فقط ليشكل بديلاً من حزب العدالة والتنمية، لكن هذا السيناريو لم يعد قائماً اليوم"، ويستطرد ترابي مشيراً إلى أن "صورته تضررت بفعل المقاطعة".

وكانت هزيمة الإسلاميين في الانتخابات متوقعة من حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة سنة 2009، لكن فشله في ذلك جعل المراقبين يرشحون أحنوش لإداء هذا الدور.

حملة مقاطعة فريدة نوعها مازالت تتفاعل في المغرب

ويحاول حزب الأصالة والمعاصرة تحديداً الاستفادة من التداعيات السلبية للمقاطعة على منافسيه السياسيين، ونقلت عنه الصحف المحلية تلويحه بطلب حجب الثقة لإسقاط حكومة "عاجزة" عن مواجهة الأزمة.

ويرى ترابي أن "الظروف الحالية لا تتيح لأي حزب سياسي الاستفادة من ثمار المقاطعة، على العكس من ذلك، أتوقع أن يزداد انعدام الثقة بالأحزاب السياسية والمؤسسات بشكل عام".

ولا يشكل الاستقطاب العقائدي عادة عاملاً حاسماً في تشكيل الائتلافات الحكومية التي تعمل تحت توجيهات الملك محمد السادس. وباعتباره رئيس الدولة وحكماً فوق الأحزاب، يحدد الملك التوجهات الكبرى في القطاعات والمشاريع الاستراتيجية، وتسير الحكومة وفق هذه التوجهات. ويوضح البوز أن "هامش تحرك الحكومة يظل محدوداً بالنظر إلى صلاحياتها وعدم جرأتها وأهمية القصر".

ويلاحظ مراقبون أن حملة المقاطعة تثير مجدداً تساؤلات حول مدى قدرة أفرقاء سياسيين، لا يتمتعون باستقلال تام، على مواجهة أزمات مثل الاحتجاجات الاجتماعية التي هزت المغرب السنة الماضية.

يحتل المغرب موقعاً استراتيجيا يُسهل من مهمة تدفق الجماهير إلى هذا البلد الإفريقي، الذي يبعد بضعة كيلومترات عن القارة الأوروبية، أهم سوق كروي. علاوة على ذلك، فإن توقيت المغرب يتلاءم مع توقيت "غرينيتش"، مما يعد نقطة قوية في صالح الملف المغربي. في المقابل، ستضطر الجماهير إلى التنقل بين ملاعب ثلاث دول كبرى في حال نجاح ملف الترشح الثلاثي (أمريكا، كندا، المكسيك) في الفوز بتنظيم مونديال 2026.

يحظى ملف المغرب لتنظيم كأس العالم سنة 2026 بدعم شبه كامل من مختلف الدول الإفريقية (54 دولة)، فالقارة السمراء نظمت هذا العرس العالمي مرة واحدة فقط (مونديال جنوب إفريقيا 2010). كما أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "المسيئة" في حق بعض المهاجرين، خاصة من إفريقيا تقوي من إجماع الدول الإفريقية حول ملف المغرب.

كرة القدم هي الرياضة الشعبية الأولى في المغرب، حيث ستضمن نسخة كأس العالم 2026 بنسبة كبيرة حضوراً جماهيراً كثيفاً. كما أن مواطني حوالي 70 دولة يمكنهم دخول التراب المغربي من دون تأشيرة واكتشاف المغرب، الذي يُعرف بانتشار قيم التسامح والتعايش بين العديد من الديانات. وسيمثل المونديال فرصة لمن أراد زيارة المغرب والتعرف على حضارته.

أصبحت الدول الـ 211 المنتمية إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" هي من تختار البلد، الذي سيحظى بشرف تنظيم المونديال، بدل اللجنة التنفيذية، كما كان مُتعارفا عليه في السابق، وهو ما يُعزز من شفافية اختيار البلد الأنسب، خاصةً وأن شبهات الفساد لازالت تحوم حول "الفيفا"، الذي يريد تلميع صورته مع رئيسه الجديد جياني إنفانتينو.

أكدت لجنة ترشيح المغرب لاحتضان كأس العالم 2026 أن ملفها يحترم مواصفات الفيفا: الملاعب وفضاءات التدريب ووسائل النقل وأماكن الإقامة، وأضافت أن تنظيم هذا العرس الكروي العالمي سيعود بالنفع على المغرب وإفريقيا واللاعبين والفيفا.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل