المحتوى الرئيسى

محمد فوده يكتب: ‏«طايع»‏ كيف أعاد عمرو يوسف إنتاج نفسه؟

06/08 22:30

يستحق مسلسل «طايع»، الذى يقوم ببطولته النجم عمرو يوسف أن يكون أحد الأعمال الدرامية المتصدرة السباق الرمضانى الجارى، وبرغم أن البعض قد تناول ‏المسلسل بشىء من الانتقاد، فإن الإقبال الكبير على مشاهدته يكفى لجعله أحد أهم الأعمال فى الموسم.‏

ويجب عدم إغفال ما تضمنه العمل من وجود عناصر فنية وبشرية متميزة، مثل أداء الممثلين، ونجاح الأحداث فى كسر حالة الملل، والانتقال من مشهد إلى آخر بسلاسة ‏واضحة، بالإضافة إلى تحقيقه متعة المشاهدة دون الوقوع فى فخ التطويل، أو الإيقاع البطىء.‏

لذلك كله، يمكن القول إننا أمام مسلسل يعد أحد أهم وأبرز الأعمال الدرامية فى رمضان، بالإضافة إلى عدد آخر من المسلسلات التى سنتناولها فيما بعد.‏

الحبكة المتميزة أهم عناصر نجاحه.. والثأر من النساء وبعثة التنقيب أبرز الانتقادات

لتحليل عناصر نجاح المسلسل، نبدأ أولًا بالقصة، التى نجدها فى غاية الحبكة والإتقان، فقد كتب المسلسل المؤلفان المتميزان محمد دياب وخالد دياب، وهما كاتبان معروفان بالتدقيق فى اختيار الموضوع ‏الذى يتناولانه، وهنا يكمن السر وراء جذب المشاهد للعمل منذ اللحظة الأولى.‏

المسلسل تميز بالقصة الجيدة، التى تدور حول شاب صعيدى، خريج كلية الطب، له وجهة نظر مختلفة تجاه قضية الثأر، وخلال الأحداث يقع فى العديد من المشكلات، منها تورطه فى تهريب الآثار. ‏اللافت للنظر فى مسلسل «طايع» نجاحه فى إعادة تذكير المشاهدين بالحياة التى يتسم بها الصعيد، وفكرة الثأر التى لا تموت، ولا تزال تتوارثها الأجيال، جيلًا بعد الآخر.‏

ورغم نجاح المسلسل إلا أن أهم أوجه النقد إليه كان بسبب عدم منطقية بعض الأحداث المتعلقة بالثأر، خاصة فكرة أخذ أهل الصعيد بالثأر من «سيدة»، وهو ما اختلف حوله كثيرون، وعبر العديد منهم ‏عن رفضهم فكرة محاولة أخذ أبناء «حربى» بالثأر من «مهجة»، الشخصية التى تجسدها الفنانة صبا مبارك.‏

كما أثار مشهد تصوير بعثة كاملة للتنقيب عن الآثار بشكل غير شرعى، ضمن أحداث المسلسل، ردود فعل متباينة، وغضب الأثريين، لتناوله أعمال التنقيب عن الآثار بهذا الشكل، البعيد كل البعد عما ‏يحدث فى الواقع. وعرض المسلسل فكرة وجود بعثة أثرية أجنبية، لديها سيارات مجهزة بأحدث أجهزة الاتصال بالأقمار الصناعية، وبوابات الكشف الإلكترونية التى تعمل وسط صحراء ممتدة، للقيام ‏بأعمال تنقيب «غير شرعية»، ليس ذلك فقط، بل امتلكت أيضا خرائط للآثار التى لم تكتشف بعد.‏

صبا مبارك تفوقت على نفسها.. وظهور خاص لـ«المرشدى»‏

إذا انتقلنا لأداء الفنانات فى العمل، فإن صبا مبارك كان لها دور مهم فى مجريات الأحداث، خاصة بعد أن سادت بين المشاهدين حالة من الحزن والصدمة، بسبب مقتل «مهجة»، الشخصية التى تجسدها، ‏على يد تاجر الآثار «حربى»، الذى ينشر الشر والحقد فى القرية الصعيدية، محل الأحداث، ويجسد دوره الفنان عمرو عبدالجليل.‏

ويعد مسلسل «طايع» اللقاء الثانى، الذى يجمع بين الفنان عمرو يوسف والفنانة الأردنية صبا مبارك، بعد أن قدما سويًا فيلم «الثمن» العام قبل الماضى، ويمكننى القول إن هذا العمل منح «صبا» دفعة ‏قوية فى سباق النجومية على شاشة الدراما، لذا يمكن اعتباره من أبرز الأعمال التى قدمتها، متفوقًا على دورها فى «حكايات بنات» و«أفراح القبة».‏

وإلى جانب تألق «صبا»، يجب القول إن الفنانة القديرة سهير المرشدى قدمت دورًا محوريًا فى المسلسل، من الصعب تخيله مع ممثلة أخرى، بعد أن استطاعت أن تلفت الأنظار إلى أدق التفاصيل فى ‏شخصية ابنها، الذى يجسده عمرو يوسف.‏

وبعيدًا عن كونها فنانة كبيرة ومتألقة دائما، إلا أن تجسيدها شخصية الأم الصعيدية، التى تربى أبناءها على ثقافة الأخذ بالثأر، جاء متميزا، لدرجة أننا وجدنا أنفسنا أمام دور ربما لن يتكرر مرة أخرى، بعد ‏أن جسدت شخصية المرأة الصعيدية بقدر كبير من الروعة والإتقان، أضاف الكثير إلى عناصر نجاح المسلسل، ومنحه درجة عالية من الدقة والإتقان فى التمثيل.‏

أما الوجه الجديد مى الغيطى، فقد كانت على موعد مع الحظ، بعد مشاركتها فى المسلسل الناجح، الذى سيصبح بمثابة مرحلة فارقة فى حياتها الفنية، تجعلها قادرة على أن تضع قدميها فى طريق ‏الظهور بشكل قوى، خلال السنوات المقبلة.‏

ومن خلال متابعتى أداء «مى»، أعتقد أنها بهذه الموهبة، التى ظهرت بها فى المسلسل، يمكن أن تصبح فيما بعد فنانة قادرة على أن تشق طريقها نحو التميز.‏

بطل العمل يضع قدمه على سلم النجومية.. وعمرو عبدالجليل يتوهج

فيما يتعلق بالممثيلن، يعد النجم عمرو يوسف كلمة السر فى نجاح مسلسل «طايع»، وتميمة الحظ التى كانت سببًا فى حصوله على هذا القدر الكبير من الاهتمام والنجاح، وسط كل الأعمال، التى ‏اكتظت بها شاشات الفضائيات.‏

‏«يوسف» استطاع عن جدارة أن يكون محط الأنظار، نظرا لكونه أصبح قادرًا على القيام بالبطولة المطلقة، كما فعل العام الماضى، لذا فإن نجاحه فى «طايع» لم يأت من فراغ، وإنما يعد ‏استكمالًا لمسيرة النجاح الكبير، الذى سبق أن حققه فى رمضان الماضى، من خلال قيامه ببطولة مسلسل «جراند أوتيل»، الذى نجح بامتياز.‏

ولإلقاء الضوء على موهبة عمرو يوسف، ونجاحه فى مسيرته الفنية، يجب النظر إلى بدايته، فقد بدأ حياته المهنية فى وقت مبكر كموديل إعلانات، إلى جانب ظهوره كموديل فى بعض كليبات ‏الأغانى، رغم أنه كان يدرس وقتها فى كلية الحقوق، وتخصص فى دراسة القانون الدولى، كما حصل على ليسانس حقوق إنجليزى.‏

البداية الحقيقية لمشواره الفنى كانت عام ٢٠٠٢، حينما عمل مذيعًا بفضائية «روتانا»، ومنها انطلق نحو التمثيل، وشارك فى العديد من الأعمال، منها: «سرى للغاية، وتوم وشيرى، وعشم إبليس، ‏وكدبة كل يوم، وهيبتا، واستيفا، وولاد رزق، وظرف أسود، والحرب العالمية الثالثة، وعد تنازلى، وزين، ونيران صديقة».‏

ومن أعماله الأخرى: «طرف ثالث، والمنتقم، والمواطن إكس، ونونة المأذونة، وراجل وست ستات، والدالى، وواحد صحيح، ورد فعل، وبرتيتا، والقطة العميا، ونور عينى، ولحظات حرجة ٢، ‏وعايزة أتجوز، ومقلب حرامية، وهانم بنت باشا، وناصر». ورغم هذا الكم من الأعمال، فإن مسلسل «جراند أوتيل» كان بمثابة نقلة نوعية لـ«عمرو يوسف»، ففيه نجح فى تقديم رسالة قوية ‏للمشاهدين، مفادها أنهم أمام فنان يمتلك مقومات النجومية والتألق، وهو ما لمسناه بالفعل، وبشكل لافت للنظر فى مسلسل «طايع».‏

وفى «طايع»، تقلد البطولة المطلقة، التى وضعت قدميه على «التراك»، بل إنها منحته «صك» النجومية، وهو الأمر الذى يتطلب الحفاظ عليه، عبر التدقيق فى اختياراته المقبلة، لأن الحفاظ ‏على النجومية والتألق أصعب بكثير من تحقيق النجومية نفسها.‏

وهنا، فإننى أشد على يد عمرو يوسف مهنئًا، وأطالبه بالبعد عن الغرور الفنى، الذى يصيب الفنانين عادة، فى أعقاب تحقيقهم النجاح، وأقول له: حب الجمهور وارتباطهم بالنجم هو فى حقيقة الأمر ‏كنز لا تعادله كنوز الدنيا.‏

وإذا كان عمرو يوسف قد نجح فى التألق والنجومية، فإن من يشاهد أداء عمرو عبدالجليل وهو يجسد دوره المتميز فى المسلسل، يشعر كأنه أمام شخص صعيدى حتى النخاع، معجون بماء ‏‏«الصعايدة»، بعدما قدم اللهجة بإتقان شديد، فضلًا عن الأداء الذى استطاع أن يتفوق فيه على نفسه.‏

الأداء المتقن وتقمص الشخصية بكامل تفاصيلها الدقيقة استطاع أن يحظى بالمصداقية لدى المشاهدين، خاصة فى المشاهد التى تناولت عالم تجارة الآثار.‏

وأعتقد أن هذا الدور سيظل عالقًا فى الأذهان لفترة طويلة، ما يدفعنى إلى القول بأن عمرو عبدالجليل قدم «دور عمره» فى دراما رمضان لهذا العام.‏

عمرو سلامة يتفوق فى أولى تجاربه الدرامية.. وآل دياب يقدمون سيناريو ضد الملل

فى أولى تجاربه الإخراجية فى عالم الدراما التليفزيونية، نجح المخرج عمرو سلامة فى إثبات نفسه، بعدما قدم من قبل مجموعة من الأعمال السينمائية، التى أثارت حولها جدلًا كبيرًا.‏

ويعد المسلسل نقطة انطلاق قوية للمخرج، نظرًا لتميزه فى تقديم العمل بهذا الإتقان، وقدرته على اختيار أماكن التصوير بدقة، كما أن معظم المشاهد تم تصويرها فى مناطق مختلفة بالصعيد، مثل ‏محافظتى الأقصر وأسوان، ما أعطى للمسلسل مذاقًا خاصًا ومناخًا مختلفًا عن المسلسلات الأخرى.‏

وهنا يمكن القول إننا أمام عمل نجح مخرجه فى الحفاظ على إيقاع الأحداث، خصوصًا فى النصف الثانى من الحلقات، حتى إنه جعل من مسلسله الوجهة المفضلة لهؤلاء الذين يبحثون عن أعمال ‏أقل مللًا من تلك التى تابعوها منذ بداية رمضان، عبر شاشات الفضائيات المختلفة.‏

ورغم ذلك، لم ينجح المسلسل بسهولة فى لفت الانتباه فى البداية، لكنه ومع تصاعد الأحداث ومخالفة التوقعات التقليدية للمشاهدين، ورؤيتهم فكرة الصراع بين الخير والشر، نظرا لسقوط أكثر من ‏بطل قتيلًا خلال الأحداث- أصبح المتفرج على قناعة تامة بأنه أمام دراما مختلفة، تقدم الصراع الإنسانى بشكل يخالف الأشكال المعتادة.‏

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل