المحتوى الرئيسى

الغارمات.. التضحية مقابل السجن

06/08 05:04

من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد 

الخدمة بدلا من السجن.. «حوار مجتمعى وقانون تحت قبة مجلس الشعب»

مسلسل الغارمات يعكس معاناة المرأة المصرية بنسبة 25% من إجمالى الغارمين

إليزابيث شاكر: تقدمت بطلب لتعديل بعض مواد قانون الغارمات لأنهن ضحايا

وضعتهن ظروف الحياة فى اختبار صعب وطويل، قسا عليهن قانون مجتمع وظروف اجتماعية، الأمر الذى ترتب عليه تبرؤ الأهل منهن وإنكار أولادهن وجود أمهات لهم.

وبعد خروجهن من السجن يرفض أصحاب العمل توظيفهن، ليتحولن من سيدات ذوات خلق قسى عليهم القدر، لسيدات يحاولن التمرد على المجتمع ومحاولة العيش فيه.

وفقا لآخر الإحصائيات فإن الغارمات هن السجينات بسبب عدم قدرتهن على سداد مبلغ مالى يتم حبسهن وفقا للمادة 341 من قانون العقوبات المصرى، وتقبع فى السجون نحو 30 ألف غارمة وفقا لإحصائيات وزارة التضامن الاجتماعى يمثلن 25% من إجمالى الغارمين فى مصر، وعلى ذلك فكر بعض أعضاء مجلس النواب بتقديم قانون لمنع حبس الغارمات والاستفادة بهن فى العمل فى المنافع العامة.

  كيف ينظر إليهم النواب؟

فى البداية، قامت الدكتورة إليزابيث شاكر، عضو مجلس النواب، بتقديم طلب لتعديل بعض مواد قانون الغارمات، وقالت النائبة فى تصريحات خاصة لليوم الجديد: إن تفكيرها فى هذا الأمر بعد تكرار مطالب سداد ديون الغارمات، وأضافت أن الغارمة ما هى إلا مجرد ضحية، لذلك وجب الوقوف بجانبها ومساندتها، وتتكرر الظاهرة يوميًا، بعد موت الزوج أو منذ تولى المرأة مسئولية الإنفاق على الأسرة.

وأضافت أن القانون يسعى لحماية الغارمات، ويستهدف استبدال العقوبة بالعمل فى أعمال تتعلق بالمنافع العامة .

وقال النائب محمد أبو حامد، عضو لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، إن القانون يستهدف حل أزمة الغارمات نهائيا فى مصر، مضيفا أن تكون القضية الخاصة بهن جنحة وليس جناية، وأضاف أن القانون الجديد يستهدف استبدال عقوبة الحبس بالعمل فى المنافع العامة، مما يضمن للأسرة المصلحة بدلا من معاناتها من التفكك والانهيار، وأيضا ضمان المصلحة العليا للوطن، وأيضا أضاف أبو حامد أن القانون سينقذ الكثير من الأسر وخصوصا فى العشوائيات والصعيد والقرى الفقيرة.

وعن مدى قبول أعضاء النواب، قال أبو حامد، إن القانون الجديد لاقى ترحيبا جديدا سواء من أعضاء المجلس أو من الجمعيات الحقوقية والمواطنين.

السجن وصمة عار تلاحقهن أينما ذهبن

لم يكن السجن وحده عقوبة هؤلاء، حيث يجدن أنفسهن بعد سداد الدين أو انتهاء عقوبتهن يقبعن فى سجن آخر أكثر ضرارا قد تصل عقوبته لمدى الحياة عن طريق مايعرف بوصمة العار التى تلاحقهن فور خروجهن من السجن أينما ذهبن هى معهم كانت منيرة وداليا كغيرهن من النساء الغارمات فى مصر قادهن القدر لمصير محتم، تعرضن للاضطهاد وسوء المعاملة ونظرة المجتمع التى تصنفهن بـ«رد سجون».

تبلغ منيرة من العمر 45 عاما تقطن مع بناتها الثلاث فى محافظة الجيزة، منذ عشر سنوات أصبحت هى الأم والأب فى آن واحد بعد ما توفى زوجها فى حادث سير، اضطرت بعده منيرة للعمل بأحد مصانع الملابس الجاهزة لتحمل عبء تربيتهن وحدها، فى 2016 حكم عليها بالسجن ثلاث سنوات بعد تعثرها فى سداد ثلاث إيصالات أمانة بمبلغ 20 ألف جنيه كانت أخذتهم لتجهيز ابنتها المقبلة على الزواج لشراء أجهزة بالتقسيط فى مقابل إمضائها على أربعة إيصالات أمانة، سددت إيصالا من بينها وتبقى لها ثلاثة فقط.

تروى لليوم الجديد تفاصيل ذلك قائلة: «اتحبست فى 2016 قضيت سنة وخرجت بفضل جمعية خيرية سددت دينى خرجت من سجن صغير لسجن أكبر بكتير، سجن الناس اللى مبيرحمش، بنتى الكبيرة خطيبها سابها بعد ما اتحبست، وصاحب الشغل رفض يرجعنى أشتغل فى المصنع قالى إن ده هيضر بسمعة المكان دورت فى أماكن كتير عشان أقدر أصرف على عيالى فضلت شهرين بلف كل يوم على شغل، فى الآخر بقيت أنضف الخضار وأبيعه على فرشة».

وتتابع: «حلمى بسيط، بحلم أشتغل شغل أفضل أقدر من خلاله أصرف على تعليم بناتى وأجهزهم لو رجع بيا الزمن مكنتش همضى على الإيصالات اللى قلبت حياتى بالشكل ده ووقفت حال بناتى«.

أما عن داليا فكان صغر سنها لعنة أكبر تلاحقها حيث كانت تبلغ 28 عاما قبل الحكم عليها بالسجن عامين فى 2015 بعد تعثرها فى سداد إيصال أمانة بمبلغ 10 آلاف جنيه، قضت داليا عقوبتها كاملة وخرجت لتجد أمها المصابة بفشل كلوى توفت بعد سجنها بأشهر قليلة ولم يتبقَ لها أحد، عانت لعام كامل من نظرة المجتمع باعتبارها سجينة.

فتقول «الناس مبتفرقش بين اللى اتسجنت عشان تكفى مصاريف علاج أمها المريضة وبين اللى اتسجنت فى قضية آداب أو مخدرات، الاتنين واحد قدام الناس مفيش فرق، اتعرضت لإهانات كتير لدرجة إن واحد صايع من المنطقة اللى عايشة فيها عرض عليا أتجوزه عرفى لما رفضت قالى وانتى فاكرانى هتجوزك رسمى يا رد السجون «.

وتتابع: «حاليا أنا بشتغل فى مصنع للشغل الهاند ميد بعد ما حد ابن حلال عرف بحالى وفرلى الشغل وأجرت شقة خارج المنطقة اللى كنت عايشة فيها، إلى حد ما حياتى اتظبطت بس مين هيعوضنى عن اللى شوفته والسنين اللى راحت من عمرى عشان 10 آلاف جنيه وموت أمى بحسرتها عليا».

أما عن أمل عبد الوهاب 33 سنة من القاهرة فكانت كغيرها من الكثيرات، زوجة مصرية كما عرفناها، حمولة، مثابرة، وقفت بجوار زوجها واستدانت مبلغا ماليا حتى يستطيع زوجها شراء سيارة «ميكروباص» للعمل عليها لتغطية المصاريف بعد ما تم طرده من عمله أثناء حركة تغيير فى العاملين بأحد المصانع فأصبح الزوج بلا عمل.

تقول: «الراجل مرضيش يخلى الأقساط باسم جوزى قاله وأنا هعمل إيه بحبسك، المدام هى اللى هتمضى، فى الأول اتحايلت على جوزى كتير عشان يخلينى أمضى ونخلص كان رافض تماما لحد ما جالى فى يوم وقالى هنروح بكرة لحج عطية عشان تمضى على الأقساط كان يوم مشؤوم عمرى ما نسيته» استطاع الزوج تسديد الأقساط فى البداية وسرعان ما وجد صعوبة فى تسديد المتبقى فتزاحمت الأقساط إلى أن جاء يوم الحادث حاولت أستلف من طوب الأرض عشان نصلح الميكروباص ونشغله مفيش فايدة «تعثر زوج أمل فى الدفع حتى تحرر محضر ضد أمل وسجنت على أثره خمسة عشر عاما».

عمرى ضاع فى السجن، واتحسرت لما خرجت وعرفت إن جوزى اتجوز بعد ما طلقنى وأنا فى السجن ضيعت عمرى عشانه وهو مع أول بيعة باعنى.

الغارمات فى عيون الطب النفسى

يشير دكتور علاء الغندور استشارى طب النفس إلى ضرورة وجود توعية عامة للتفرقة بين سجينة المخدرات والغارمة فلا بد من الفصل بينهما فصلا كاملا، فالغارمة تضحى من أجل الآخرين، وكل مافى الأمر أنها لم تستطع دفع المبلغ المستحق وهنا يأتى دور التوعية الإعلامية لمساندة الغارمة ومساندتها معنويا بعد خروجها.

وعن المشروع الخاص بتغيير عقوبة الغارمة بدلا من السجن للعمل فى الخدمة العامة من الناحية النفسية يضيف «فكرة رائعة فبعملها تستطيع تحصيل المال لتستفيد به  وتقضى الدين وتعيش حياة كريمة أما سجنها فلن ينفعها أو ينفع المدين، الطرفان خاسران، بالإضافة إلى أنها تخرج من السجن سلوكها مختلف لمخالطتها المجرمين.

مختتما «لحين إصدار القانون نطالب من أصحاب الحق من المدنيين عمل جدولة للديون بدلا من تسديد قسط فى سنة يسدد على 4 سنوات مثلا بعد دراسة الحالة الإجتماعية ويبقى فيه نوع من الرحمة بدلا من الفائدة  18% تصبح 7% فهناك فرق بين شخص يريد عمل مشروع فهنا الفائدة  أعلى وفرق بين شخص يريد تجهيز ابنته مثلا، هنا الغرض الانتفاع وليس للتجارة فالنظرة العمومية لابد من تغييرها وتخفيض الفائدة  أمر ضرورى يعمل نوع من التكافل الاجتماعى يساهم فى حل الأزمة..            

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل