المحتوى الرئيسى

بعد واقعة رشوة «التموين».. متى يُغلق «الدُرج المفتوح»؟

06/08 05:04

من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد 

«الرشوة».. روتين يومى عند المصريين

70  مليار جنيه حجم الاقتصاد الخفى يُهدر 20% من دخل الدولة

خبراء: المواطن تعايش مع «الرشوة».. و89% من المصريين يقرونها

حجم الرشاوى التى يدفعها المستثمر لتسهيل إقامة مشروع يجعله يهرب إلى دول أخرى

أثارت واقعة ضبط مسؤولين بوزارة التموين فى واقعة رشوة خلال الأيام الماضية جدلًا اجتماعيا، وطرحت علامات استفهام حول استمرار وقائع تقاضى الرشاوى بالقطاع الحكومى، على الرغم من ضربات الأجهزة الرقابية.

وألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، ومدير مكتبه، والمستشار الإعلامى لوزير التموين، والمتحدّث الرسمى للوزارة، بتهمة تقاضى رشوة تُقدّر بمليونى جنيه من إحدى شركات توريد المواد الغذائية.

وواقعة وزارة التموين هى الأخيرة فى سلسلة من وقائع الرشوة فى القطاع الحكومى، ومؤسسات الدولة، وأغلبها تكون من شركات توريد سلع متنوعة، التى تُقدّم رشاوى مادية، وعطايا عينية لمسؤولين فاسدين مقابل إرساء المناقصات عليهم، بما يخالف القانون، وأبرز تلك الوقائع قضية وزير الزراعة السابق، ومستشار وزير الصحة لشؤون أمانة المراكز الطبية المتخصصة السابق، وواقعة رشوة مجلس الدولة الشهيرة، فضلًا عن واقعة رشوة محافظ المنوفية الأخيرة.

وتدخل «الرشوة» ضمن ما يُعرف بـ«الاقتصاد الخفى»، الذى يجمع خبراء على أنه يُفقد الدولة موارد مالية تُقدّر بملايين الجنيهات، فضلًا عن التأثيرات الاقتصادية التى تسببها، المتمثّلة فى هروب المستثمرين، وتعطيل المشروعات الاقتصادية، إضافة إلى الأعباء التى تضيفها لميزانية الأسرة المصرية.

وأصبحت «الرشوة» روتينا فى الحياة اليومية للمواطن المصرى، خصوصا عند تردده على جهات ومؤسسات حكومية، فلا ينجز متطلباته إلا بعد دفع مبلغ مالى يختلف من شخص لآخر، ومؤسسة وأخرى، تحت مسميات مختلفة منها «إكرامية»، «الشاى»، «الدخان»، وغيرها من المُسمّيات. و«الرشوة» هى مبالغ مالية، أو هدايا عينية، وطلبات شخصية، يطلبها موظف ما من شخص آخر، مقابل قضاء مهام محددة، أو تسهيلها.

رئيس المركز المصرى للشفافية ومكافحة الفساد، والوكيل السابق للجهاز المركزى للمحاسبات عاصم عبد المعطى، يشير إلى أن المواطن المصرى بات متعايشًا مع الرشوة، موضحًا أنها تحوّلت إلى جزء من حياته اليومية، وأعباء تُضاف إلى تكاليف معيشته.

ويوضح عبد المعطى أن «الرشوة» تعتبر أحد أبرز أشكال الفساد، مبينا أن المواطن يضطّر لدفع رشوة لقضاء مصالحه، لافتًا إلى أن قيمة «الرشوة» تختلف من شخص إلى آخر، ومتفاوتة حسب طبيعة المهمة المطلوب إنجازها، مشيرًا إلى أن المواطن أصبح يُدخل قيمة الرشوة ضمن مصوغات قضاء مصالحه، فيخصص جزءا من موارده لها قبل الذهاب إلى المؤسسة لقضاء حاجة.

ويتفق خبراء على أن الاقتصاد الخفى بصفة عامة، و«الرشوة» كأحد أبرز أشكاله بصفة خاصة، تضر باقتصاد الدولة، بأشكال مختلفة، رغم عدم وجود إحصائيات عن حجم «الرشوة» فى مصر حتى الآن.

ويوضح عبد المعطى أن أخطر تأثيرات الرشوة على المجتمع، تتمثّل فى الجانب الاقتصادى، مؤكّدًا أنها عامل طرد للاستثمارات ليس فى مصر فقط، بل فى جميع دول العالم، وتتسبب فى إعاقة الاستثمار، وتؤدى إلى هروب المستثمرين فى الداخل أو الخارج، مبينا أن الرشوة تُكلّف المستثمر أموالا طائلة خارج دراسة الجدوى.

وتقول عضو اللجنة التنسيقية لمكافحة الفساد، والأستاذ بكلية السياسة والاقتصاد، الدكتورة غادة موسى إن «حجم الرشاوى التى يدفعها المستثمر لتسهيل إجراءات إقامة المشروعات، تدخل فى التكلفة الإجمالية لتلك المشروعات، وبالتالى تُمثل أعباء إضافية تقع على عاتق المستثمر، لأنه فى النهاية يستهدف الربح، وتلك الرشاوى تؤثّر فى حجم أرباحه، وقد يضطره ذلك إلى الهروب، والاستثمار فى دول أخرى، لأن الفساد يزعج المستثمرين».

وتضيف أن غياب الشفافية فى المشتريات الحكومية عبر المناقصات والمزايدات، تُمثّل بابًا كبيرًا تنفذ إليه الممارسات الفاسدة، لافتة إلى أن هناك دراسة «اللجنة التنسيقية لمكافحة الفساد» أظهرت أن 89% من المصريين أقروا بوجود رشوة منتشرة بوجه خاص داخل المؤسسات الحكومية.

وكشف تقرير رسمى صدر، فى وقت سابق، عن وزارة المالية المصرية، عن أن حجم الاقتصاد الخفى يتراوح ما بين 70 و75 مليار جنيه، فيمثل 20% إلى 30% من الناتج المحلى الإجمالى بميزانية الدولة.

وأوضح التقرير أن أنشطة الاقتصاد الخفى تتنوع ما بين أنشطة غير مشروعة تأتى فى مقدمتها تجارة المخدرات، الرشوة، استغلال الوظائف العامة للحصول على العمولات، والمنفعة، الاستيلاء على الأراضى المملوكة للدولة، والتعدى عليها، تجارة السلاح، الأغذية الفاسدة، سرقة الاختراعات، تجارة وتهريب الآثار، والمضاربات فى الأراضى والبورصة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل