المحتوى الرئيسى

ليلة الحصاد «السعيدة» فى منزل «حامد».. «سنابل القمح زى الفلاحين»

06/06 22:00

ضجيج لا يهدأ، الكل يعمل فى دأب فى الزراعات المترامية، وما زالت عمليات جمع المحصول مستمرة. أمام البيت يتلاعب الأطفال بسنابل القمح، وفى الداخل السيدات يحضرن اللحم والخبز والأرز، طعام الرجال فى ليلة الحصاد، حانت الليلة الأخيرة فى عملية جمع محصول القمح من الأرض، ونقله، تمهيداً لدرسه فى الصباح.

فى قرية الشغبة، التى لا تبعد سوى عشر كيلومترات عن مدينة أسيوط، يعيش حامد حسين فى منزله الريفى البسيط، مرت عليه الأيام الأخيرة بصعوبة، جمع المحصول كان شاقاً، والسعال يطارده، الرياح المحملة بالأتربة غمرت الزراعات، وخلال جمع المحصول سكنت الأتربة المتراكمة صدورهم فأصابتهم بالسعال. ورغم ذلك أخذ يتحرك دون توقف وسط الأنفار الذين يعملون فى جمع المحصول من الأرض، اقتربت الشمس من المغيب، وألقت بأضوائها الذهبية على سنابل القمح، لكن العمل لا يتوقف.

وجوه متعبة.. ونساء يصنعن الطعام لـ«الشقيانين» و«جمّالة» ينقلون المحصول مقابل «حفنات دريس»

فى السابعة مساءً، ينتهى أخيراً جمع المحصول، وفى الوقت نفسه انتهت زوجة حامد من إعداد مائدة الطعام. فى الدوار بالداخل وعلى طاولة كبيرة، التف العمال ليأخذوا قسطهم من اللحم والأرز، أكلوا، وأخذ حسين الابن الأكبر لحامد فى صب المياه ليغسلوا أيديهم، سلموا وحصلوا على أجرتهم قبل أن يجففوا عرقهم وذهبوا. لم ينتهِ اليوم، أخذ حامد قسطاً من الراحة، ساعتين، وبدأ يطرق الباب، مع أصوات «رغاء الجمال»، فتح جزءاً من الباب ليظهر رجال فى جلابيب صعيدية وشالات بيضاء، يشدون الجمال.

«الجمالة» من القرية نفسها، يمتلكون أربعة جمال، هى مصدر قوت يومهم، مهمتهم نقل المحصول فى موسم الحصاد من الغيط نحو منازل الفلاحين، يحملونها على ظهور الجمال، يقودهم «وليد» رغم أنه ليس أكبرهم، أكبرهم «محمود»، بجسده الواهن، ولحيته البيضاء، ورومانى الأوسط يتحدث كثيراً، وجمله قوى، هو صاحب الحمولة الأكبر، و«رمضان» يتوارى فى الخلف، متقدم فى السن ولا يتحدث كثيراً.

فى المنزل يحتسون أكواب الشاى، يسقون الجمال، ويطعمونها، ويبدأ عملهم من الحقل، التحرك يكون مع اختفاء آخر ضوء للشمس، نحو «الغيط»، دقائق فى طريق السيارات، ثم ينعطفون نحو الزراعات، بمجرد الوصول لمكان الحقل المراد نقل محصوله، ينحرف أحدهم بجمله، يحمل عليه ما تيسر من نصيبهم من أعواد القمح: «مبيقبضوش فلوس ولكن بياخدوا جزء من كل فدان مقابل النقلة. نقدر نقول 40 قبضة على كل فدان»، يقول «حامد».

«رومانى» يتكفل بالمهمة، يحمل على كتفه أعواد القمح، ويتجه نحو حقل آخر خصصه مخزناً لجمع نصيبهم من المحصول من حقول الفلاحين، دور وآخر، يدخل الجمل إلى باحة المنزل، يزيلون عنه أكوام القمح، يرصها حامد صاحب البيت، أحد الجمال يضرب بفكه وجه «وليد» ويصيبه فى جبينه، تتصبب الدماء من وجهه، يلتف حوله المتعبون من الجمّالة، ويساعدونه فى تضميد جرحه. الطعام فى الداخل ما زال ساخناً، تجهزه زوجة حامد، يدخل الجمالة ليأخذوا نصيبهم. يستريحون بعض الوقت، ويعاودون العمل.

تبدأ أكوام أعواد القمح فى الاختفاء من الحقل، جميع ما فى الحقل نُقل إلى المنزل، تنفرج أسارير «حامد» صاحب المنزل مع قرب انتهاء عمله، الأضواء لا تخفت فى القرية، تلك هى المرحلة الأخيرة قبل «الدريس» وانتهاء الحصاد، ليلة يسعد فيها الجميع، انتهت أيام الشقاء، واقترب وقت تحول القمح من أعواد إلى غلال يجنيها صاحب كل منزل، تستعد النساء فى المنازل لتأخذ نصيبها من القمح، ليتحول إلى خبز وفطائر وحلوى، وتنتهى ليلة الحصاد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل