المحتوى الرئيسى

«الرحلة».. طبخة أعدت على نار هادئة

06/06 14:13

يحذر معلقو كرة القدم فى مصر من «القادمون من الخلف» باعتبارهم لاعبين خارج حسابات المنافس، وهذا ما ينطبق على مسلسل «الرحلة» للمخرج حسام على، القادم من الخلف دون ضجة عالية بخطى واثقة وأحداث مرتبة بعناية، يحسبها الملول بطيئة الإيقاع بينما هى على العكس تماما.

هو رحلة ممتعة بالفعل طوال 17 حلقة، حتى كتابة هذه السطور، قصة أسست على قواعد متينة لتصمد حتى الحلقة الأخيرة دون أن تنقصها تفاصيل أو تعيبها. «طبخة» أعدت على نار هادئة فنضجت حتى صارت شهية ذات مذاق خاص. تبدأ بتفصيلة بسيطة كان لها تأثير الفراشة على بقية الأحداث، زوجة تهرب من بيت زوجية كالسجن ومن زوج مجنون وقاتل، ليغير هذا الهروب مصير كل الشخصيات الأخرى بشكل أو بآخر.

العمل الرابع للمخرج حسام على، الذى أخرج من قبل مسلسلات «استيفا» و«بنات سوبرمان» و«30 يوم»، يبدو أكثر اكتمالا ووعيا واهتماما بأدق التفاصيل، استطاع جذب المشاهد منذ المشهد الأول، محافظا على حالة من الغموض، يكشف عنه رويدا كلما مضت الأحداث، فلا يقدمها لك مباشرة ولا يعطيها لك كاملة. يختلف «الرحلة» عن «30 يوم» فى رمضان الماضى اختلافا جذريا، كأن لكل عمل مخرج مختلف، أما القصة هنا فهى غامضة لكن أطرافها واضحون فى حين خيم الغموض واللغز على أحداث «30 يوم» دون أن يعرف المشاهد من الجانى إلا فى النهاية، وهذا ما خلق تحديا متميزا هذه المرة.

مشهد البداية فى كل حلقة صار علامة مسجلة باسم حسام على، قبل بدء التترات فى كل حلقة هناك مشهد يسبقها «أفان تتر» يوضح جزءا من ماضى الشخصيات، والمفاجأة أن «على» لم يقدم تترا فى المقدمة مكتفيا باسم المسلسل والمخرج فقط. كما لم يقدم مشاهد الماضى بتأثيرات لونية مختلفة أو باهتة أو بالأبيض والأسود، بل تراها بنفس اللون الأصفر الثقيل المسيطر على المسلسل منذ بدايته، فقط يغير من زاوية التصوير، فإن رأيت زاوية الكاميرا مائلة فى أى مشهد ستدرك أنه من الماضى.

يتصدر اسم الممثل السورى باسل خياط العمل كبطل له، وهو بالفعل الشخصية المحورية التى تدور الأحداث حولها، يقدمها بأداء تفوق فيه على نفسه وعلى الأداء الجذاب لشخصية «توفيق» فى مسلسل العام الماضى «30 يوم» بضحكته المميزة وكلمة «يا ضوكتور». غاص هذه المرة فى تفاصيل الشخصية حركة وصوتا وشكلا وموضوعا، حيث استطاع تجسيد «أسامة» دكتور الكيمياء المريض النفسى المضطرب حامل العقدة النفسية الناشئة منذ الصغر، والتى وصلت به فى النهاية إلى أن يكون قاتلا متسلسلا من طراز فريد. من يقرأ هذه السطور سيتذكر حتما «لزمات» الشخصية من الحركة وطريقة السير المتشنجة وتكرار بعض الكلمات.

على الرغم من تصدر اسم باسل خياط قائمة أبطال العمل، إلا أن البطولة يمكن اعتبارها جماعية، جميع الممثلين يتبارون فى تقديم أداء راق ومتميز ومتقن، بداية من ريهام عبدالغفور المبدعة فى دور الزوجة المقهورة التى تدفع ثمن عقدة زوجها بلا ذنب جنته، وحنان مطاوع المستمرة فى تطوير أدواتها بدور مركب يدفع المشاهد إلى التعاطف معها فى كثير من الأوقات، ثم وليد فواز السيناريست الذى يكاد يفقد عقله من الشك والشعور بالخيانة، والطفلة هنا زهران التى برعت فى تقديم دور البنت ذات الخمس سنوات التى ظلت حبيسة منزل كالسجن طوال سنوات عمرها ولم تخالط أى بشر سوى والديها فقط، ومجموعة الممثلين الشباب مثل ثراء جبيل ومحمد مهران وجوليا وهاجر أحمد، بما تحمله قصصهم من تكامل للوحة الأصلية، وكذلك الفنان نور محمود الذى قدم شخصية «صلاح» وهى جديدة عليه تختلف عن أدواره السابقة، وأظهرت وجها آخر وأفردت له المساحة لينطلق.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل