المحتوى الرئيسى

محطة كهرباء «غياضة».. مشروع «طاقة» عملاق ببنى سويف

05/25 11:42

فى صحراء قاحلة جنوب محافظة بنى سويف، تحولت الأرض الجدباء إلى مشروع عظيم لإنتاج الطاقة الكهربائية فى العالم، خلايا نحل تعمل على مدار اليوم دون انقطاع، لم يتوقف العمل على مدار ثلاث سنوات.. لا إجازة ولا مناسبة، وحتى فى ظل الظروف الجوية السيئة استمر العمل دون انقطاع، وسط إجراءات مشددة لإدارة الأمن والسلامة المهنية. داخل محطة كهرباء غياضة، قانون السلامة المهنية يسرى على الجميع دون استثناء، وفق نظم عمل محددة، غير مسموح بالخروج عنها، فلا تستطيع السيارة أن تتجاوز سرعة 15 كيلو فى الساعة، داخل المحطة، والجميع يلتزم بارتداء السترات الفسفورية، والنظارات والأحذية والخوذ.. مشرفو السلامة والأمان ينتشرون بداخل المحطة يراقبون الالتزام بالتعليمات، معدات وأجهزة وتوربينات عملاقة تم تركيبها بالمحطة تعمل بكفاءة عالية، تربطها غرفة التحكم الرئيسية التى يديرها عدد من شباب مهندسى الكهرباء، كل منهم أمام جهاز حاسب آلى يعرف دوره ويقدمه بكفاءة عالية. المشروع العملاق الذى نفذته شركة سيمنز الألمانية مع الشريك المصرى «السويدى إلكتريك»، بتكلفة أقل من التكلفة العالمية وفى وقت قياسى لا يتجاوز 36 شهراً كان محط أنظار رجال الصناعة فى العالم الذين رأوا قدرة العامل المصرى على تحقيق المعجزات إذا ما توافرت الإرادة، وأعاد وضع العمالة والشركات المصرية على خارطة الصناعة فى العالم، بعد الأرقام القياسية التى حققها العمال والشركات المنفذة للمشروع.

أكبر محطة مصرية لإنتاج الكهرباء فى العالم.. والتكلفة بلغت «2 مليار يورو»

فى إطار خطة الدولة للنهوض بقطاع الطاقة وتحقيق فائض مستقبلى، تنتظر محافظة بنى سويف حدثاً مهماً، خلال أيام قليلة، للانتهاء من حلم إنتاج 4800 ميجاوات كاملة من محطة كهرباء «غياضة»، جنوب المحافظة، بما يعادل أكثر من ضعف إنتاجية السد العالى، لتدخل مصر عصراً جديداً من عصور الطاقة، بعد أن كانت تعانى من أزمة خانقة دامت سنوات طويلة.

تعمل محطة كهرباء «غياضة» بنظاميها البسيط والمركب بتكنولوجيا h class، التى تعمل بها أكبر محطات الكهرباء فى العالم، وتكلفة إنشائها وصلت إلى مليارى يورو، بالتعاون بين شركة «السويدى إلكتريك المصرية»، و«سيمنز» الألمانية وشركة الوجه القبلى لإنتاج الكهرباء، لتسهم بنسبة تصل إلى أكثر من 18% من إجمالى إنتاج الكهرباء فى مصر، وتوفر فرص عمل دائمة ما بين 1200 إلى 1500 فرصة عمل، بالإضافة إلى توفير أكثر من 35 ألف فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر خلال 3 سنوات، أثناء مراحل إنشائها.

المهندس هانى محمد على، مدير عام بشركة الوجه القبلى لإنتاج الكهرباء، ومسئول الشركة بمحطة كهرباء غياضة، يقول لـ«الوطن»: إن «أول ماكينة عمل دخلت صحراء بنى سويف، وتحديداً فى قرية غياضة الشرقية، جنوب القاهرة، كانت فى 9 يوليو 2015، بعد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، خلال شهر مارس من العام نفسه، وتوقيع الاتفاقية بين شركة الوجه القبلى لإنتاج الكهرباء وشركة «سيمنز» الألمانية و«السويدى إلكتريك المصرية»، من أجل إنتاج 4800 ميجاوات، وفق أحدث تكنولوجيا عالمية تسمى «h class»، بتكلفة إجمالية مليارى يورو، لتكون أول محطة فى الشرق الأوسط تعمل بنظام الدورة البسيطة والمركبة فى مكان واحد».

وأضاف: «الآن يمكننا القول إن الأعمال الإنشائية انتهت، فضلاً عن دخول 4 آلاف ميجاوات بالفعل للشبكة القومية للكهرباء، ويتبقى 800 ميجاوات من وحدتين مركبتين تم الانتهاء من الإنشاءات والتراكيب الخاصة بهم، وفى مرحلة التجريب حالياً، وتتبقى لدينا أيام قليلة لافتتاحها رسمياً من قِبَل الرئيس عبدالفتاح السيسى».

إجمالى إنتاجية المحطة، 4800 ميجاوات، وفقاً لـ«هانى»، ويعمل بها ما بين 1200 إلى 1500 مهندس وفنى وعامل، وكانت الأولوية لتعيين أبناء بنى سويف والمناطق المجاورة، وهم المعنيون بإدارة المحطة وتشغيلها كونها تابعة لشركة الوجه القبلى لإنتاج الكهرباء. وتابع: «الكهرباء فى مصر حالياً تسير وفق تطوير 3 منظومات رئيسية، وهى الإنتاج والنقل والتوزيع، حيث ترتبط بصلة وثيقة، ويتم إدارتها حالياً وفق خطة استراتيجية، اهتمت الدولة بتنفيذها، أهمها منظومة الإنتاج، وهى المنظومة التى تسير بشكل جيد للغاية من خلال إنشاء كم كبير من محطات توليد الكهرباء حالياً، ووضعت الوزارة مجموعة من حلول مشكلات انقطاع الكهرباء فى بعض الأماكن، أو تذبذب التيار، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية للنقل والتوزيع، لاستيعاب الطاقة الإنتاجية، ويؤدى ذلك إلى شعور المواطن البسيط بتحسّن كبير فى قطاع الكهرباء، كذلك المستثمر الذى يشعر حالياً بانتظام التيار الكهربائى ووفرته، وما يترتب عليه من إنشاء وزيادة عدد المصانع فى الفترة الأخيرة.

تنتج أكثر من ضعف إنتاجية السد العالى بإجمالى 4800 ميجاوات وتساهم فى 18٪ من إجمالى الإنتاج الكهربائى.. ومحافظ بنى سويف: نموذج للمشروعات الكبرى التى يجب أن يحتذى بها

وأضاف أنهم تقدّموا بطلب للحصول على 30 فداناً فى المنطقة المواجهة للمحطة من أجل إنشاء منطقة سكنية ولوجيستية للعاملين، تتضمن ملاعب لممارسة الأنشطة الرياضية، بالإضافة إلى نادٍ اجتماعى، ومنطقة تجارية وأنشطة تخدم العاملين بالمحطة، حتى يتم التيسير عليهم.

وقال المهندس هانى فايد، مدير الموقع بالمحطة، عن شركة «السويدى إلكتريك»: إن «المحطة تم إنشاؤها على مصاطب بشكل مدرج تتضمّن كل مصطبة تركيبات معينة بداية من المصطبة الأساسية التى تشمل التوربينات وأبراج التبريد والمهمات الرئيسية، تليها المصطبة العليا والتى تتضمن حوش المفاتيح الخاص بتوصيل الكهرباء للشبكة القومية الموحدة، ومصطبة مبنى معالجة المياه، التى تستطيع سحب مياه النيل إلى الوحدات وتشمل مياه التبريد ومياه التعويض، لافتاً إلى أن المحطة تتكون من 4 وحدات، كل وحدة تتكون من 2 توربين غازى، بالإضافة إلى توربين بخارى وغلاية استعادة طاقة، متابعا: «الآن الوحدات الغازية فى المحطة تعمل بكامل طاقتها 100%، وتنتج 3600 ميجاوات كاملة، بالإضافة إلى دخول أول وحدة بخارية وربطها بالشبكة القومية الموحّدة للكهرباء، وهناك وحدة دخلت الخدمة مع بداية شهر مايو، وأخرى تدخل بنهاية شهر مايو، حتى تصل المحطة إلى أقصى طاقة لها وهى 4800 ميجاوات.

وأشار إلى أنهم حققوا معدلات إنجاز عالمية فى تشغيل المحطة، تعدوا خلالها الجدول الزمنى لخطة التشغيل بما يقرب من 255 يوماً قبل الموعد المحدّد، لافتاً إلى أنه منذ أول يوم عمل فى 9 يوليو من عام 2015، لم يتوقف العمل فى المحطة تحت أى ظرف، فالعمل مستمر سواء فى الأحوال الجوية السيئة أو الأعياد أو الإجازات والمناسبات، حتى إن بعض المسئولين عن التنفيذ بالمحطة لم يغادروا الموقع منذ أشهر طويلة لضمان سير العمل.

وأوضح أن ما تم من أعمال داخل المحطة منذ بداية الإنشاء وحتى الآن، بمثابة إنجاز يُحسب للمصريين ويثبت قدرتهم على العمل تحت ضغط الوقت، أو مشكلات الطبيعة الصخرية بالمنطقة، حيث وصلت كميات الحفر إلى 630 ألف متر مربع خلال 5 أشهر فقط، فضلاً عن تمهيد مساحة أرض تصل إلى أكثر من 500 ألف متر مربع، بالإضافة إلى صب ما يقرب من مليون و700 ألف متر مكعب خرسانة، لافتاً إلى أن محطة كهرباء غياضة مشروع يُحسب للدولة المصرية، لما تضيفه المحطة إلى الشبكة القومية للكهرباء، التى تصل إلى 18%، وكذلك يُحسب للمصريين الذين عملوا بمشروع، يُعد من المشروعات العالمية، وهو ما يعيد ثقة العالم فى العامل المصرى مرة أخرى، المهندس شريف حبيب محافظ بنى سويف، أكد أن مشروع محطة كهرباء غياضة، إنجاز يحمل الكثير من الأبعاد التى يجب التركيز على إبرازها وتقديمها كنموذج يُحتذى به فى المستقبل القريب فى ما يخص المشروعات العملاقة، ومن أهم تلك الأبعاد، الأمل والثقة بقدرتنا كمصريين على الإنجاز بمقاييس عالمية، حيث تم إنجاز هذا المشروع بمستوى عالمى من خلال مزيج من الشراكة العالمية فى التنفيذ والخبرات المصرية، لافتاً إلى أن هذا المشروع يحمل النكهة المصرية، ويجعلنا نسترجع عظمة المصرى الذى ترك للعالم حضارة شهدت عليها العصور منذ فجر التاريخ.

وأشار محافظ بنى سويف، إلى أن المحافظة بصدد إعداد كتاب توثيقى لمراحل إنجاز هذا العمل العملاق على أرض المحافظة، لتوثيق التحديات والمراحل ومقدار الجهد، وسباق الزمن فى الإنجاز والعمل المنظم وفق الضوابط العالمية، وأن هذا النموذج يعد شاهداً على الإنجازات التى تمّت تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى.

ساعات طويلة قضاها العاملون فى المحطة لتحقيق هذا المشروع العملاق

Comments

عاجل