المحتوى الرئيسى

"مدد يا أم العواجز".. آمل الشفاء يعود لطفل السرطان في حضرة "السيدة زينب"

05/24 10:32

تنبعث أصوات التوسل والدعاء لزائري مقام السيدة زينب، من داخل الأسوار الملتفة حول المسجد، فتتسلل من بين ثنايا الأعمدة الحديدية المتفرقة، لتصل إلى مسامع المارين أمامه، فسرعان ما تنجذب إلى الساحة المؤدية إليه، لتعلو الأصوات تدريجيًا بمجرد أن تخطو إلى بابه، فتجد عالمًا آخر ينعزل قاصدوه عن الخارج، حيث يصنع الضجيج حالة خاصة من الأجواء الروحانية المُقدسة، حينما تسمع أذناك "مدد ياستنا مدد".

ومع رفع أذان الظهر؛ انقطعت الأحاديث وتوقف النداء، لتخفت الأصوات المرتفعة، وتدخل في تلك اللحظة سيدة أربعينية، ترغرغت عيناها بالدموع التي تخفيها نظارتها، لاتعلم في الوهلة الأولى ما تمر به، حتى تنظر إلى يديها، فواحدة تحمل كيسًا صغيرًا تضع بداخله محفظتها المهترئة، وأخرى تمسك بصغيرها الذي تفهم على الفور سبب تواجده في حضرة السيدة، بالنظر إلى شعره المتساقط، وجسده الهزيل.

يعلم الطفل الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره، هول ما يمر به، بعدما أصيب بالسرطان منذ قرابة ثلاثة أشهر، حيث اعتاد في كل مرة يتوجه فيها بصحبة والدته إلى مستشفى 57357  لتلقي جلسات الكيماوي، التي يعرف أنها منقذه رغم الألم؛ أن يستغل قرب محيطها من ميدان السيدة زينب، ليطلب من والدته أن يتوجه إلى المقام الذي ترددا عليه في وقت سابق، حيث الطمأنينة والأمل، تلك التي يستشعرها قلبه بمجرد الوقوف داخل هذه البقعة الطاهرة، والتي يرى أن تأثيرها أقوى في رمضان.

يحاول الصغير أن يجد له مكانًا في هذا الزحام، ليستقر على الفور أمام المقام بعد مطالبة البعض بإفساح المجال له، تأثرًا بوضعه الصحي، فيبدأ في تطبيق ما تلح عليه والدته به، حيث تشجعه على لمس هذه القطع الحديدية الفضية التي تحاوط قبر "الست"، ليستمد منه بركاتها في هذا الشهر الكريم، ثم تردد الأم بعض الأدعية والكلمات التي يحاول الطفل أن يقلدها في حماس، إيمانًا منه بأنها طوق النجاة لشفائه بعد الجلسات العلاجية بالمستشفى.

"مدد ياطاهرة مدد..مدد ياستنا زينب يا أم العواجز" كلمات تلفظ بها أثناء مسحه على الحديد الذي يغطي المقام، رغم صعوبة إدراكه لمعانيها، فهو لايعلم إلا أنها بعض الأدعية والتوسلات تصل إلى السيدة زينب فتخترق زجاج هذه المنطقة المقدسة، لتمد الصغير بالقوة والقدرة على تحمل رحلة علاجه، ليعود إلى حياته البريئة الخالية من المتاعب ككل أقرانه.

تقف والدة الطفل خلفه، فتحتضنه بيديها تارة وتلمس الأعمدة المحيطة بالمقام تارة أخرى، متمتمة بالنداءات لـ"أم هاشم"، في محاولة منها لطلب شفاء نجلها من هذا المرض اللعين الذي أنهك جسده، وحرمه من لذة الحياة، علها تستمد قوة تمنحها القدرة على مشاركته الرحلة دون يأس، فتحتبس دمعاتها كي لاتتساقط أمامه، لتحمر عيناها وتبدأ في اللمعان، ثم ترفع المرأة صوتها ظنًا منها أنها محاولة لإخفاء رجفته عن ابنها "إدعي يا عبدالله يللا قول اشفيني يارب مدد ياستنا يللا متسكتش".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل