المحتوى الرئيسى

في الخلاف بين واشنطن وأوروبا.. ماس يدافع عن اتفاق إيران بصلابة

05/23 13:05

أظهر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس صلابة في موقفه المدافع عن الاتفاق النووي مع إيران خلال زيارته الأولى لواشنطن منذ تولي نظيره الأمريكي بومبيو منصبه. وقال ماس بعد أن أجرى مشاورات مكثفة مع أعضاء في الكونغرس الأمريكي ليلة الثلاثاء/ الأربعاء (23 أيار/ مايو 2018) " إننا في ألمانيا ، وأيضا في أوروبا، مصممون على المساهمة بشكل فعال للحفاظ على الاتفاق النووي مع العمل في نفس الوقت على ترويض طهران". مشيرا إلى أن هذا الموقف نابع من "مصلحتنا الأمنية الأساسية". وأضاف ماس "لا نريد نشر الأسلحة النووية بين دول يعبرون جزءا من الجوار الموسع لنا".

أشار وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى صعوبة حماية مصالح الشركات الألمانية في إيران من تبعات انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي ومن العقوبات الجديدة المفروضة على طهران. (13.05.2018)

رغم كل الخلافات القائمة بين روسيا وألمانيا في ملفات عديدة، إلا أن الطرفين اتفقا على ضرورة الإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران. جاء ذلك بعد أول زيارة لوزير الخارجية الألماني الجديد لروسيا. (10.05.2018)

وأوضح ماس لأعضاء في الكونغرس الأمريكي أن أوروبا موحدة في هذه القضية، مشيرا إلى تصويت بهذا الشأن في صوفيا أثناء القمة الأوروبية الأسبوع الماضي. وتابع ماس قائلا "رغم أن الاتحاد الأوروبي يشارك الولايات المتحدة القلق بشأن برنامج إيران الصاروخي أو نشاطات إيران في الأزمات الإقليمية، إلا أن الأوروبيين يتشاورون مع إيران فقط على  أساس الاتفاق النووي القائم".

يشار إلى أن الوزير الألماني ماس سيلتقي نظيره الأمريكي مايك بومبيو اليوم الأربعاء للتشاور بشأن ملف الاتفاق النووي الشائك. وكان بومبيو قد أظهر قناعة عشية اللقاء مع الوزير الألماني بأن بلاده والأوروبيين سيجدون آلية دبلوماسية للتعامل مع هذه القضية. يذكر أن الوزير الأمريكي المعروف بمواقفه المتشددة قد طرح يوم الاثنين الماضي في خطابه الأول كوزير للخارجية الأمريكية استراتيجية واشنطن الجديدة بشأن إيران والتي تضمنت قائمة طويلة من المطالب الأمريكية بهدف تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط مع تهديدات واضحة لإيران بفرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها.

ورغم الخلافات الواضحة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، أكد ماس على الأهمية الكبيرة للتحالف الاستراتيجي بين ضفتي الأطلسي. وقال ماس في هذا السياق " الولايات المتحدة هي الشريك الأول الذي نتشاور معه خارج الاتحاد الأوروبي، ولكن على هذه الشراكة تحمل الخلافات ايضا".

من جانبه صرح وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان اليوم الأربعاء أن السياسة الأميركية بشأن إيران ستشجع المحافظين على حساب المعتدلين في طهران وتزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. وقال لودريان لإذاعة "فرانس انتر"إن "هذه المجموعة من العقوبات التي تنظم ضد إيران لن تسهل الحوار، بل بالعكس، ستشجع في إيران قوة المحافظين، وهذا يضعف الرئيس (حسن) روحاني الذي يريد التفاوض". وأضاف "في نهاية المطاف هذا التموضع يمكن أن يعرض المنطقة لخطر أكبر مما تواجهه اليوم".

لم تخرج أمريكا من الحرب العالمية الثانية بخسائر على عكس نظيرتها أوروبا التي فقدت الكثير على كل المستويات، ولهذا جاءت خطة مارشال بهدف إعادة بناء الاقتصاد الأوروبي عن طريق تقديم المساعدات. ويعود اسم المشروع إلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جورج مارشال الذي أطلق المشروع في حزيران/ يونيو 1947، أمام طلاب جامعة هارفرد. مشروع مارشال عُلقت عليه آمال مهمة، كتعزيز الاستقرار السياسي والسلام في العالم.

شكل حلف الأطلسي خطوة مهمة في تاريخ العلاقات بين الجانبين الأوروبي والأمريكي. وقد اجتمعت القوتان في 1949 وأنشأت المنظمة تحت اسم "منظمة حلف شمال الأطلسي"، اختصارا "الناتو". وكان الهدف من المنظمة هو التصدي لخطر الاتحاد السوفيتي حينها. يشكل الناتو نظاماً للدفاع الجماعي، إذ تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.

في 1966 انسحبت فرنسا من قيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ما شكل زلزالاً هز وحدة حلف الناتو في وقت مبكر من تاريخ قيامه، وذلك بسبب أزمة وقعت خلال فترة رئاسة شارل ديغول لفرنسا. وأحتج ديغول على الدور القوي الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنظمة، وهو ما اعتبره علاقة خاصة بينها وبين المملكة المتحدة، قائلاً إن فرنسا تريد انتهاج خط مستقل عن الحلف وسياسة واشنطن.

من بين المحاولات المهمة التي قامت بها دول الاتحاد الأوربي لتبتعد عن "وصاية" واشنطن، الشراكة الأورومتوسطية. إذ بدأت عام 1995 من خلال مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي الذي اقترحته إسبانيا وقام الاتحاد الأوروبي بتنظيمه لتعزيز علاقاته مع البلدان المطلة على المتوسط في شمال أفريقيا وغرب آسيا. الشراكة لم تستمر طويلاً، إلا أنها وضعت أسس لعلاقات إقليمية جديدة، وشكلت نقطة تحول في العلاقات الأورومتوسطية.

في 2003، أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر معارضتهما الشديدة لقرار أمريكا وحلفائها باحتلال العراق. شكل هذا الموقف لحظة قوية عبرت فيها الدولتان الأوربيتان الكبيرتان عن رفضهما سياسة "العم سام" في الشرق الأوسط. وقادتا الاتحاد الأوربي في هذا الاتجاه، حيث أعلن الاتحاد الأوربي معارضته مبدئياً للجوء للقوة، واشترط أن تتم أي عملية عسكرية بتفويض من مجلس الأمن.

في 2017، وقع 23 عضوا في الاتحاد الأوروبي على اتفاقية "بيسكو" الرامية لتعزيز التعاون بمجال الدفاع. وشكل توقيع هذه الاتفاقية أبرز خطوة أقدمت عليها دول الاتحاد في اتجاه تشكيل ذراع عسكري تتخلص بفضله من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، وتعتمد عليه في تنفيذ سياستها وخصوصاً في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من مناطق الجوار الأوروبي.

انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني لاقى رفضاً من قبل الدول الأوروبية الثلاث الكبرى. ويشير هذا الرفض إلى سياسة الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لنهج استراتيجية مستقلة عن واشنطن، خاصة وأن الاتفاق النووي واحد من أكثر الملفات الحساسة ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما في العالم بأسره.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل