المحتوى الرئيسى

'إحياء علوم الإسكندرية من اليونانية للعربية' يكشف مراحل القوة بمصر

05/23 12:43

لكل دولة مراحل ضعف ومراحل قوة، ومرت على مصر مراحل متعددة ما بين هذا وذاك، ويكشف كتاب "إحياء علوم الإسكندرية من اليونانية إلى العربية" للدكتورة رضوى زكى، الباحثة الأكاديمية بقطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية، مراحل القوة في تاريخ مصر حتى يمكننا الاستفادة منها.

الكتاب صادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ويحوى 5 فصول في 366 صفحة من القطع الصغير، وحاور "الدستور" الدكتورة رضوى زكي فى السطور التالية..

*حدثينا عن المحاور الرئيسة التي يدور حولها محتوى الكتاب؟

للإسكندرية تاريخ عريق، وشرعيتها من اسم مؤسسها الإسكندر الأكبر، فحازت على نظام فريد في عمرانها وعمارتها، وحوت مختلف الأجناس والأعراق، وكانت عاصمة مصر، ذات طابع وهوية استثنائية، كما تميزت تاريخيًا، جغرافيًا، معماريًا وعمرانيًا، وكان لها فضل في تاريخ العلم القديم والوسيط، بفضل المآثر العلمية أروقة مؤسساتها الثقافية.

الكتاب يلقي الضوء على سيرة التراث العلمي السكندريّ ومحطاته الرئيسية، ويعكس وجهًا حضاريًا لتلك المدينة في مجدها وازدهارها، تلك البقعة التي لم تكن عاصمة مصر وحسب، بل عاصمة العلم والثقافة في العالم القديم، فقد كانت الإسكندرية على رأس العلم القديمة، بفضل النهضة الفكرية والعلمية التي قامت بين أروقة مجمعها العلمي، والذي احتضن حصيلة ما وصل إليه العقل البشري من فكر ومعارف في تلك الفترة، للحد الذي عُرفت به تلك الحقبة الزمنية في تاريخ الحركة العلمية باسم "العصر السكندري"، تمييزًا لها عن باقي العصور المختلفة، لما كان لها من تأثير بالغ في تاريخ العلم القديم.

*ما أهم ما يميز التجربة السكندرية العلمية؟

أبرز ما تميزت وتفردت به التجربة السكندرية العلمية هو تبلور مستوى رفيع من البحث العلمي يقوم على أساس من الدراسة الشاملة وتفهم التراث السابق عليها في ظل الرعاية التي كفلها للعلماء الملوك البطالمة ثم الأباطرة الرومان الذي حكموا أرض مصر.

ومنهج البحث العلمي على أسس سليمة قد برز في الإسكندرية للمرة الأولى في علوم متعددة، مما أدى إلى بلوغ نتائج باهرة في مجالات البحث العلمي في فروع علوم الرياضيات والطبيعة والجغرافيا والفلك، وكذلك في علم تحقيق ونقد النصوص الأدبية القديمة.

والعلوم السكندرية قبل الفتح الإسلامي لمصر اقتصرت على مجالي الطب والفلسفة المسيحية، وحين أصبح العرب المسلمون القوة العظمى الجديدة في العالم؛ كان لزامًا عليهم التعاطي مع ثقافة مغايرة، وهي الثقافة اليونانية، تلك الثقافة التي نقلت خلال الفترة الواقعة ما بين القرن الخامس الميلادي إلى القرن السابع الميلادي.

*كيف أثرت الحركة العلمية السكندرية في تقدم العلم العربي؟

الفضل الأكبر لعلماء العرب ومترجميهم في حفظ التراث اليوناني من الضياع والنسيان لأن غالبية النصوص اليونانية فُقدت، ولم يبق منها سوى التراجم العربية لتلك النصوص، واهتمت أوروبا لاحقًا في عصر إحياء العلوم بالتراث العربي العلمي فنقلوه إلى اللاتينية واليونانية، وعانى المستشرقون بنقل أغلب هذه الآثار التي كانت أساسًا لنهضتهم المستمرة ليومنا هذا، فكان لعلوم الإسكندرية الفضل على العرب.

والحركة العلمية بالإسكندرية لم تزدهر لكونها مدينة يونانية حكمها البطالمة ومن بعدهم الرومان وحسب، بل لكونها كذلك أقيمت بين ربوع بلاد النيل، فكانت علومها مختلطة بروافد مصرية، لوظهرت بشائر تآلف العلم والثقافة المصرية مع نظيرتها اليونانية نتائجه في الحياة العلمية بمدرسة الإسكندرية القديمة، وبرز هذا التناغم عن أي مكان آخر في الشرق، فالعقول اليونانية استوعبت أحسن ما قدمته مصر للعالم من معرفة.

*كيف كانت حركة الترجمة والنقل مرحلة مفصلية في عمر الحضارة العربية الإسلامية؟

من خلال الترجمة تم تعرُّف العرب المسلمين على متون علوم السابقين، وعلى رأسها العلوم اليونانية المصطبغة بالهوية السكندرية، فكان ذلك أول الغيث ومبدأه في مسيرة التحضُّر التي امتدت عدة قرونٍ تالية، كما قُدّر للعرب أن يكونوا ورثة الثقافة اليونانية التي كانت سابقة لهم، وكان أول طريق لفهم هذه الثقافة ونقلها هو ترجمتها إلى اللغة العربية، فدوافع العرب المسلمين التعرف على علوم السابقين وضع الفتوحات الإسلامية العرب وجهًا لوجه أمام العديد من الحضارات السالفة وإرثهم الفكري، وكان لابد للعرب من الاتصال بتلك الحضارات نتيجة للامتزاج السكاني والاختلاط بين الثقافات المختلفة.

والعرب ورثة الثقافة اليونانية، وكان الفكر اليوناني في الأساس منصرفًا إلى العلم بالكلية، وكانت الإسكندرية التي حلّت محل أثينا قد اصطبغت بتلك النزعة العلمية، فلهذا تأثر العرب بفلسفة وعلوم اليونان بالغ التأثر، وانصرفوا عن الأدب والشعر الخاص بهم، فعلوم اليونان المستلهمة من العلوم القديمة المصرية، وما هو ثقافي خاص، كفنون الأدب التي تخص أهل اليونان، وترجم في الجملة أهم ما وصل إليه العقل اليوناني في العلم والفلسفة في تلك الفترة.

*كيف يمكننا الاستفادة من مراحل القوة السابقة في الوقت الحالي؟

لدينا تهيئة صالحة يمكننا الاستفادة منها وتطويع مشكلاتنا لإيجاد حلول لها، ويأتي ذلك بالتخطيط من السلطة الحاكمة وتقديم الدعم المستمر وخاصة الدعم المالي، وأيضًا لابد من الإعلاء من شأن المثقفين والعلماء بتكامل هذه الأركان حينها نستطيع أن نرى تغيرا حقيقيا.

*ما رأيك فيما يخص المبادرة الرئاسية "عودة إحياء الجذور" ؟

الفكرة رائعة ونحتاجها، فهو توجه لإحياء الثقافات من جديد، والانفتاح على الآخر يعد أهم العناصر التي تحيي الازدهار لخلق الحراك المتبادل بين البلدين سواء كان هذا الحراك ثقافيا أو سياسيا أو اجتماعيا، وأتمنى أن تطرح مثل هذه المبادرات مع غيرها من الجاليات حتى يعم مبدأ التعايش والتبادل الثقافي على نطاق أوسع.

"إحياء علوم الإسكندرية من اليونانية للعربية" يكشف مراحل القوة بمصر

"إحياء علوم الإسكندرية من اليونانية للعربية" يكشف مراحل القوة بمصر

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل