المحتوى الرئيسى

التشدد الأمريكي تجاه إيران ... مأزق للدول العربية أيضا؟

05/22 22:04

بعد يوم واحد من إعلان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن تعهدات الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق النووي بعد الانسحاب الأميركي غير كافية، أعلنت الولايات المتحدة عن استراتيجيتها الجديدة حيال إيران. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو في عرضه "الاستراتيجية الجديدة" لبلاده "لن يكون لدى إيران مطلقاً اليد الطولى للسيطرة على الشرق الأوسط"، مشيراً بصفة خاصة إلى تدخل إيران في دول مثل سوريا ولبنان واليمن.

وحدد بومبيو قائمة تضم 12 شرطا للتوصل إلى "اتفاق جديد"، معتبراً أن تلك الشروط "قد تبدو غير واقعية"، لكنه شدّد على أنها مطالب "أساسية". وبالإضافة إلى دعوته لتوقف إيران عن تخصيب اليورانيوم، ووضع حد للصواريخ البالستية، شدد بومبيو على ضرورة أن تنسحب إيران من سوريا وتتوقف عن التدخل في نزاعات المنطقة وتمتنع عن دعم ما وصفها بالجماعات "الإرهابية". ورغم أن بومبيو لم يدعُ صراحة لتغيير النظام الإيراني إلا أنه حث الشعب الإيراني أكثر من مرة على عدم تحمل زعمائه.

وقد رفضت إيران الشروط الأمريكية على الفور، وقال الرئيس روحاني "إن حقبة هذا النوع من خطابات التهديد، قد ولت نهائياً، ولاسيما لنا في إيران"، مضيفاً "قد سمعنا هذا مئة مرة وطالما تجاهلناه"، كما أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أنه لا يمكن لأحد أن يجبر بلاده على الخروج من سوريا.

إرسال Facebook Twitter google+ Whatsapp Tumblr Digg Newsvine stumble linkedin

التشدد الأمريكي سبب لقلق العرب؟

التهديد الأمريكي لإيران بفرض "أقوى عقوبات في التاريخ" إذا لم تلتزم بشروطها القاسية للتوصل إلى "اتفاق جديد"، ودعم بعض الدول العربية للموقف الأمريكي، يثير تساؤلات فيما إذا كانت الضغوط التي تمارسها واشنطن على طهران تصب في مصلحة الدول العربية، أم أن تلك الدول ستصبح يوماً ما ضحايا هذه السياسة المتشددة، خصوصاً مع تدخل بعضها في أزمات دول عربية أخرى كما هي الحال مع إيران.

وأعربت الإمارات والبحرين عن دعمهما للاستراتيجية الأميركية حيال إيران. وأشاد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش بـ "مقاربة" بومبيو عبر عدة تغريدات، لكنه أشار إلى أن "توحيد الجهود هو الطريق الصحيح لتدرك طهران عبثية تغولها وتمددها"، مضيفاً أن المنطقة عانت من الخطاب والفعل الإيراني الذي لا يحترم السيادة والشأن الداخلي. بدورها، أعلنت البحرين أنها تجد نفسها "في موقع واحد مع الولايات المتحدة في مواجهة الخطر الإيراني، والتصدي لمحاولات إيران لتصدير العنف والإرهاب".

يبدو أن الدول الأوروبية وروسيا والصين في طريقها لوضع إتفاق جديد مع إيران حول برنامجها النووي. مشروع الإتفاق الجديد يسعى من خلاله واضعوه، إذا تم تأكيد التقرير، إلى إرضاء ترامب وإيران في آن واحد. (20.05.2018)

جدد قادة الاتحاد الأوروبي موقفهم الموحد بشأن التشبث بالاتفاق النووي مع إيران، فهل يعني ذلك أن القطيعة مع واشنطن باتت حتمية أم أن الأمر لا يعدو أن يكون سحابة صيف عابرة سرعان ما ستنقشع لتعود العلاقات الأطلسية لسابق عهدها؟ (17.05.2018)

لكن الباحث محمد عز العرب، خبير شؤون الخليج في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية لا يستبعد أن يتغير الموقف الأمريكي المنحاز لبعض الدول العربية عند تغير المصالح الأمريكية على المدى البعيد. ويضيف لـDWعربية: "أمريكا لا تنحاز إلا لمصالحها وتتجه لدعم سياسات بعض الدول في إطار تلك المصالح التي تراعي الحفاظ على أمن إسرائيل، وقد تنحاز من أجل تحقيق أهدافها تلك إلى نظم حكم سلطوية حتى".

ويشدد الباحث المصري على أن "ما تقوم به أمريكا هو دعم تصدير السلاح الآن بدعوة مواجهة إيران"، مشيراً إلى أن السياسة الأمريكية الحالية لن تؤدي لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

لكن المحللة السياسية الأمريكية الإيرانية هولي داغريس ترى في حديث مع  DW أنه وبالنظر إلى التحالف الوثيق بين بعض الممالك العربية وعلى رأسها السعودية وإدارة ترامب، فإن الحديث عن قلقها من إمكانية تغير الموقف الأمريكي تجاهها أو خوفها من تغيير أنظمتها ليس سوى "فكرة ثانوية".

"تداعيات سلبية على بعض الدول العربية"

من جانبه يرى المحلل السياسي والدبلوماسي الإيراني السابق سيد هادي أفقهي أن دعم بعض الدول العربية للضغوط الأمريكية على إيران سيكون له تداعيات سلبية على تلك الدول نفسها. وقال افقهي لـ DW عربية: "بعد أن تنتهي أمريكا من حلب بعض الدول العربية فإن عروش حكامها قد تهتز"، مشيراً إلى أن "الرغبة الأمريكية بتغيير المعادلات الإقليمية والوضع الاستراتيجي في المنطقة يتعارض مع المصالح الروسية والعربية"، محذراً الدول العربية من "التصفيق لما يقوم به ترامب".

إرسال Facebook Twitter google+ Whatsapp Tumblr Digg Newsvine stumble linkedin

وفيما إذا كانت العقوبات الأمريكية المرتقبة ستؤثر على تمويل إيران لوكلائها في الدول العربية، قالت الخبيرة في الشؤون الإيرانية هولي داغريس إن "إيران إذا أرادت القيام بشيء فستجد له طريقة ما رغم العقوبات". وأضافت: "عندما تدخلت إيران في سوريا كانت البلاد تعاني من أسوأ عقوبات في تاريخها"، مشيرة إلى أن طهران تمكنت من الالتفاف على العقوبات بطرق عديدة، سواء من خلال العمل مع وسطاء أو اللجوء للسوق السوداء أو التجارة مع الدول التي لا يستطيع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الوصول إليها.

وفي هذا السياق يعتقد الخبير محمد عز العرب أنه في حالة قيام الولايات المتحدة بخطوات تصعيدية فإن خيار التشدد لدى إيران قائم إما بشكل مباشر أو من خلال وكلائها في المنطقة، ويضيف: "قد تزيد إيران من دعم وكلائها في سوريا واليمن ولبنان والعراق بغرض إثبات وجودها ومقدار قوتها".

ويرى سيد هادي أفقهي أن "الحل الوحيد" لمعالجة الخلافات بين إيران وبعض الدول العربية هو الحوار، ويختم متسائلاً: "إذا استطاعت إيران أن تتفاهم مع القوى الكبرى للوصول إلى الاتفاق النووي، فكيف لا يمكنها التفاهم مع جيرانها؟".

كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.

الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .

سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.

في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.

طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.

أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.

في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.

في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.

في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل