المحتوى الرئيسى

تخليدًا لذكراه.. داليا تُوزّع 6 آلاف كتاب على "روح والدها"

05/22 08:26

منذ عامين تُوفي محمد إبراهيم نتيجة لأمراض الشيخوخة، رحل الرجل السبعيني مُفارقًا أسرته، تاركًا وراءه مكتبة شخصية تسع صنوفًا عديدة في مجال تخصصه؛ هندسة الكمبيوتر، حتى الأدب العالمي، المسرح والنقد.

بعد الوفاة؛ ظلّت ابنته داليا طيلة سنتين تمرّ متسائلة أمام مكتبته، لا تدري ماذا تفعل بآلاف الكتب خاصة أنها في شتي المجالات، ودّت ألا تختص أسرتها بذلك الكنز فقط، وأن تنفع الناس بكتبه؛ لتخلد اسمه.

بدأت داليا تسأل في دوائر المقربين عما يُمكن فعله، وصلت إلى اقتراح جيد؛ هو الاستعانة بمُحبين للكتب وعمل جرد للمكتبة، كخُطوة أولى "وبعدين نشوف ممكن نعمل إيه؟"، تواصلت داليا مع أناس تلتقي بهم لأول مرة، من بينهم دعاء عباس، الشابة المُحبة للكتب، "يمكن كنت بروح بيوت صحابي، فأشوف مكتباتهم، لكن دي أول مرة أجرد مكتبة لحد معرفهوش".

ثلاثة أيام متتالية، منذ الصباح الباكر وحتى المساء، تجمّع أربعة شباب مُغرمين بالقراءة برفقة داليا "كنا فاكرين إن الموضوع يخلص في يوم"، إلا أن العدد الضخم للكتب استغرق أكثر من ذلك، لم يكن شاغل الشباب في تلك الأيام سوى تصنيف الكتب، "انشغلنا لدرجة إننا مش فاضيين نطبخ، الدليفري شغال، كنا بناكل ع الأرض والكتب على الكراسي"، حالة غريبة ومميزة اتسم بها الرفاق، "كنا بنحكي عنه ونجيب في سيرته ونضحك ونعيط"، كانت تجربة جديدة على دعاء، "وقعنا في غرام الباشمهندس محمد إبراهيم".

أشبه بكتاب فارغة صفحاته كان إبراهيم بالنسبة للشباب، أما الحواديت التي تقصّها داليا عن أبيها فكانت تملأ ذلك الفراغ لديهم، تحكي دعاء عنه كأنها عرفته منذ ولادته "يمكن الجيل اللي جاي منه محمد إبراهيم كانوا بنُبل الأخلاق دي"، تتذكر إحدى الحكايات عنه، "داليا كان ليها خال تعرض لعملية نصب من شركة تجارية أجنبية، وكان ليه عندهم مبلغ كبير، راح باباها اشترى مخصوص كتاب بيتكلم عن القانون الدولي في تتبع الممارسات دي، هو استخدم الكتب أرقى استخدام في الوجود".

نُبل أخلاق المهندس تمثّلت في حكايات أخرى قصّتها داليا، حين ارتبط بوالدتها، وذات مرة التقيا في مطعم على النيل، ورغم رومانسية اللقاء "بس مكنش مركز مع ماما، كان مركز مع صياد بيحاول يصطاد وبيخيب في كل مرة"، وحينما غادر الصياد هرول وراءه الشاب ليُعطيه مبلغًا من المال، هو كل ما يملك " الحاجات الإنسانية عنده مبتاخدش وقت في التفكير".

خلال أيام الجرد اختلفت نظرة داليا لوالدها، رأته بأعين مختلفة "اللي بيقراه بيعمل بيه، مكنش بوشين"، كشفت الكتب للابنة مدى إخلاص والدها للقراءة "وأنا صغيرة لما كنت بروح معاه في معرض الكتاب كان زي طفل صغير دخل محل لعب"، منذ صغره احتفظ المهندس بختم خاص باسمه، كما امتلأت هوامش الكتب بتعليقاته، تقول دعاء "كان بيتناقش مع الكاتب، سواء كان متفق مع رأيه أو يخالفه، ويقص أي حوار أو خبر يكون متعلق بقضية الكتاب"، لم يكن المهندس محمد مُجرد قارئ عادي.

انبهر الشباب بكتب الراحل المتنوعة، "مكناش مصدقين كمّ الكتب دي"، رائحة الورق القديم تُطلّ من المكتبة، حيث احتوت على طبعات أولى وقديمة للعديد، "واكتشفنا إن فيه كتب من كتر ما بيحبها ليها أكتر من نسخة عنده"، سمحت داليا للشباب بأخذ ما يحبون من الكتب "كل حد روّح بشوية كتب أخدها، وابتديت أشوف الناس بتصور صفحات منها"، من هُنا جاءت فكرة تدشين صفحة باسم "مكتبة محمد إبراهيم".

تركّز الهدف الأساسي للصفحة على إعادة تدوير الكتب بين الناس، تم تدشين الصفحة منذ شهر، وبدأت الدائرة الصغيرة في نشر الكتب التي حصلوا عليها، ما زالت الصفحة في بدايتها، لكن داليا تتمنى انتشارها تدريجيًا، حتى تتمكن من حصول من يستحقون على الكتب "ويبقى فيه زي إعادة تدوير"، كما تحلُم بطبع ختم أبيها على كل كتاب مستعار "عشان الناس تفتكره بالخير".

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل