المحتوى الرئيسى

كيف استفادت روسيا من حربها على الإرهاب في الشرق الأوسط؟

05/21 22:20

فقدت روسيا أهم حلفائها في الشرق الأوسط، عندما غزت أمريكا العراق، وقتلت صدام، ثم أتى الربيع العربي، وقضى على حليفها الثاني معمر القذافي، ليتبقى لروسيا في المنطقة العربية، حليف واحد فقط، متمثل في النظام السوري، وطوال السنوات الثلاث الأولى من الصراع، لم تتدخل روسيا بشكل فعلي، حتى تدخلت عام 2015، بعد أن تعلمت -هي والصين- درس ليبيا جيدا، محققة انتصارات، في حرب سوريا على الإرهاب، والتي نالت من خلالها عدة مكاسب.

يعد التدخل الروسي في سورية، بمثابة تحد لهيمنة الولايات المتحدة ونظرية القطب الواحد، فمساعدة الرئيس السوري، جعلت من روسيا لاعبا في منطقة الشرق الأوسط، على عكس دور الولايات المتحدة الأمريكية المتراجع، ومع تحقيق انتصارات على أرض المعركة، وتحرير معظم الأراضي السورية، كونت روسيا تحالفات جديدة في الشرق الأوسط، بدأ من إيران الحليف الأساسي لبشار الأسد، وحزب الله، مرورا بالتنسيق مع العراق وحربها ضد التنظيمات الإرهابية، مما جعل قدم روسيا متمكنة في المنطقة، فضلا عن اعتبار سوريا، أحد مواقع موسكو الجيوسياسية، المتبقية من الحقبة السوفييتية في الشرق الأوسط.

دعمت روسيا نظام الأسد بطائرات وصواريخ وأنظمة عسكرية، تم استخدامها في القتال، والتي تعتبر أفضل دعاية ممكنة، للترسانة العسكرية الروسية، وأفضل ترويج للأسلحة، ومن ثم بيعها، حيث تحتل سوريا المرتبة السابعة بين الدول التي تشتري الأسلحة الروسية، مما يجعلها زبونا مهما لروسيا، إذ بلغت العقود العسكرية 4 مليارات دولار في عام 2011، وتسعى سوريا دائما للحصول على أسلحةٍ روسية حديثةٍ، تشمل نظم الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، وذلك لتحسين قدراتها الدفاعية.

ومن جانب آخر تمثل استخدام الأسلحة الروسية، أداة لبيان قدرات روسيا العسكرية، كونها حربا بالوكالة على أراض عربية، ثبت فيها تدخل أطراف دولية وإقليمية، حيث استطاعت روسيا وحلفاؤها جنى المكاسب.

حققت روسيا من دعمها العسكري لنظام بشار الأسد عدة مكاسب اقتصادية واستراتيجية، ومنها تحويل ميناء طرطوس إلى قاعدةٍ ثابتةٍ للسفن النووية الروسية مقابل شطب معظم الديون الروسية على سورية، وعقد صفقة أسلحةٍ روسيةٍ مع سوريا تتمثل في شراء الأخيرة (بالتقسيط أو بالدين): "طائرات ميج 29 SMT مقاتلة، ونظم بالتسيير إس 1 إي الدفاعية، ونظم صواريخ إسكندر الدفاعية، وطائرات يحاك 130، وغوّاصتين من طراز آمور 1650، وتستفيد روسيا من وجود قاعدة بحرية روسية في البحر المتوسط، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة عدد سفنها في المنطقة، وبالتالي تضاعف القوة العسكرية لروسيا في الشرق الأوسط والبحر المتوسط، ما يعني قدرتها على حماية مصالحها وتوسيع نفوذها.

عقب الأزمة مع الاتحاد الأوروبي، بعد استيلاء روسيا على جزيرة القرم، نشطت الدول الغربية في توقيع عقوبات اقتصادية على روسيا، وفي المقابل وبعد عام واحد من أزمة "القرم" تغير المسار إلى سوريا، ومن قبلها الاتفاق النووي مع إيران، والتي مثلت حليفة هامة لروسيا في الإقليم وعالميا أيضا، ومن جانب آخر استفادت من قتالها للمجاهدين من أصل روسي على أرض سوريا، بدلا من محاربتهم في موسكو.

المزيد من الضغوط على الاتحاد الأوروبي

يعتمد الاتحاد الأوربي بصورة كبيرة على إمدادات الغاز الروسي، وحتى بعد ثلاثة أعوام من أزمة أوكرانيا، ما زالت روسيا تورد الغاز، حيث وردت شركة غاز بروم" الروسية" في 2017، أكثر من ثلث كميات الغاز التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي، وكى تحكم سيطرتها على سوق الغاز عالميا، وتظل مهيمنة على  الحصّة الكبرى من السوق الأوروبية والسياسة الأوروبية، تخوض حرب أنابيب الغاز التي تمرّ من سوريا، وأهمها الخط التركي القطري الذي من الممكن أن يصل إلى أوروبا، وطرق الغاز الواصلة إلى أوروبا حتى ولو كانت من إيران، ودعمت خطتها بتوقيع شركة" آيست ميد "عقداً مع حكومة الأسد، يتضمن المسح والتنقيب عن البترول في المنطقة الممتدة من جنوب شاطئ مدينة طرطوس إلى محاذاة مدينة بانياس، يمتد العقد 25 سنةً، بتمويلٍ من موسكو، وهو ما قد يمكن روسيا من التحكم في أسعار النفط بدلا من السعودية حليفة الولايات المتحدة.

بجوار المعارك السورية، نشطت روسيا في المسارات السياسية، بين فصائل المعارضة والحكومة السورية، لتتحكم في آلية المفاوضات، وأوقات السلم والحرب من جانب، ومن جانب آخر، تضع نفسها وسيطا دوليا للسلام استثمارا لدورها في الاتفاق النووي، واستكمالا لهذا الدور، أشركت روسيا تركيا، رغم علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية، بجوار إيران، وبالتالي دعمت وجودها كباحث عن السلام في الشرق الأوسط، على عكس وصف الولايات المتحدة بالدولة المقسمة للمنطقة، وصاحبة مشروع تقسيم الشرق الأوسط، ومن هنا يشار لروسيا بالقوى الدولية التي تحافظ على بقاء الدول واستقرارها، في حين أطاح الغرب باستقرار ليبيا، ومن قبلها العراق، فضلا عن تطلع روسيا لدور في عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، استغلالا لانحياز الولايات المتحدة الأمريكية الكامل لإسرائيل، بالإضافة لكون سوريا جزءا من الصراع العربي الإسرائيلي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل