المحتوى الرئيسى

بوتين يجني ثمار الهجمات الإسرائيلية على سوريا

05/21 14:14

على مدار السنوات الماضية، شنت القوات الإسرائيلية عشرات الهجمات الجوية والصاروخية في سوريا، والتي زادت حدتها خلال الأشهر القليلة الماضية.

وكان آخرها الهجمات التي وقعت بداية الشهر الجاري، وأطلق عليها المخططون العسكريون الإسرائيليون اسم "عملية هاوس أوف كاردز"، والتي كانت الهجمات الأكبر لسلاح الجو الإسرائيلي في سوريا منذ أكتوبر 1973.

مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أشارت إلى أن الهجمات الإسرائيلية الضخمة التي استهدفت مواقع إيران، ودفاعات الرئيس السوري بشار الأسد الجوية، عززت موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قمة هرم السلطة في سوريا، دون أن يفعل أي شيء سوى الموافقة على طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على شن الهجوم.

لم تكن موافقة بوتين على الهجوم مضمونة عندما التقى نتنياهو به في موسكو، حيث حضر معه عرضا عسكريا، قبل بداية الهجوم الإسرائيلي بساعات قليلة، والذي حظي بمباركة الكرملين.

حيث قال أحد كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي، لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، "أخبرنا الروس أننا سنشن هجوما في سوريا، لكننا لم نخبرهم ما هي الأهداف"، وأضاف "لقد عملت آلية منع التعارض على أكمل وجه".

وكان موقف الكرملين تجاه مخاوف نتنياهو، بما في ذلك عدم توجيه الانتقادات لإسرائيل في أعقاب الهجوم، تطورًا جديدًا في العلاقات بين إسرائيل وروسيا كان موضع ترحيب بلا شك في تل أبيب.

اقرأ المزيد: يديعوت أحرونوت: إسرائيل أبلغت روسيا قبل شن هجماتها على سوريا

وذلك لأن روسيا لعبت دور الوسيط منذ دخولها في الحرب السورية في سبتمبر 2015 لصالح بشار الأسد، وعلى مدى عدة سنوات، شكّل تواجد روسيا المتنامي في سوريا عقبة أمام إسرائيل للقيام بعمليات عسكرية، وهو الأمر الذي تطلب حل دبلوماسي من جانب نتنياهو للتوصل إلى تفاهم مع روسيا لتجنب الحوادث والمواجهات العسكرية.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه بعد ما يقرب من عشرة لقاءات بين نتنياهو وبوتين منذ عام 2015، تمكنت إسرائيل وروسيا من تجنب المواجهات أو الحوادث العسكرية في سوريا، ولكنهما اختلفا بخصوص دور إيران في مستقبل سوريا.

على سبيل المثال، لم تأخذ معايير وقف إطلاق النار وقرارات إنشاء مناطق عدم التصعيد في جنوب غرب سوريا عام 2017، في الاعتبار، العديد من مخاوف إسرائيل الأمنية.

والأكثر من ذلك، فإن البيان الأمريكي الروسي المشترك في نوفمبر 2017 دعا إلى "تقليص أعداد المقاتلين الأجانب في جنوب سوريا والتخلص منهم نهائيًا" كجزء من عملية إنشاء منطقة التصعيد، ولكن بعد بضعة أيام، أشار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى الوجود الإيراني في سوريا "شرعي"، وقال إن روسيا لم تلتزم بضمان انسحاب إيران أو الميليشيات التابعة لها.

كما أعربت روسيا عن امتعاضها من إسرائيل في وسائل الإعلام، بعد هجومها في فبراير وأبريل ضد قاعدة "التيفور" الجوية في محافظة حمص، وهي مركز لوجستي رئيسي للحرس الثوري الإيراني حيث تضم وجود روسي أيضُا.

وأشارت عدد من التقارير إلى أنه بعد أن أسقط الأسد طائرة "إف -16" إسرائيلية في فبراير الماضي، كان نتنياهو مستعدًا للموافقة على شن رد عسكري أكثر شمولية، لكنه تراجع بعد تلقي "مكالمة هاتفية غاضبة" من بوتين.

اقرأ المزيد: روسيا: مسألة تزويد سوريا بمنظومة "إس-300" لم تحل بعد

وبالمثل، شعرت روسيا بالغضب بعد أن شنت إسرائيل غارة جوية على قاعدة "التيفور" مرة أخرى في أبريل، مما أدى إلى تدمير منظومة الدفاع الجوي قصيرة المدى "SA-15"، والمملوكة لإيران، وهو ما دفع الكرملين إلى الموافقة على بيع نظام الدفاع الجوي"S-300" إلى الأسد، كإجراء عقابي.

وكان الاحتكاك المتصاعد بين إسرائيل وروسيا لا لبس فيه، ومع ذلك تراجعت روسيا عن الاتفاق بعد اجتماع نتنياهو في موسكو والتنفيذ الناجح لعملية "هاوس أوف كاردس".

وكان أكثر إثارة للاهتمام هو السياق الذي تم فيه الإعلان عن هذا القرار، حيث قال المسؤول بالكرملين فلاديمير كوجين، عندما سئل عن إمكانية تزويد سوريا بنظام "إس -300"، "في الوقت الراهن، لا توجد أي صفقات أنظمة دفاع جوي حديثة "، وأضاف أن الجيش السوري لديه "كل ما يحتاجه"، وهو تعليق لافت، بالنظر إلى أن إسرائيل دمرت الجزء الأكبر من الدفاعات الجوية للأسد بعد استهدافها خلال عملياتها.

وقالت "ناشيونال إنترست" إن إزالة هذه العقبات والحصول على موافقة بوتين الضمنية بشن الهجوم، يعد تطور كبير، ويبدو أنه جاء نتيجة إقناع نتنياهو، الرئيس الروسي بالعديد من الأمور.

أولها، هو أن اهتمام إسرائيل الوحيد هو الرد على إيران والوكالات التابعة لها في سوريا، ولم يكن لديها مشكلة مع موقف روسيا في سوريا ولن تستهدف الأسد أو أصوله الدفاعية، حتى أن إسرائيل قالت لروسيا إنها ستحذر قوات الأسد بمجرد بدء العملية، وإذا تدخلت قوات الأسد، فسترد على تلك الأهداف، لكنها لن تستهدف الأسد نفسه.

كما أنها لن توسع النزاع إلى لبنان إذا لم تأمر إيران حزب الله بالهجوم عليها من هناك، وبالتالي تجنب التنبؤات المروعة التي حذر المحللون بشأنها لسنوات باندلاع حرب إقليمية.

اقرأ المزيد: هل تخلت روسيا عن حلفائها في سوريا؟

باختصار، عُرضِت العملية على أنها عملية محدودة من حيث المدة والنطاق، واستهدفت فقط أصول إيران، والحفاظ على الاستقرار في سوريا.

وفيما يتعلق بنقل نظام "S-300" لسوريا، من المرجح أن نتنياهو قد أقنع بوتين بأن تسليم هذا النظام إلى سوريا، سيشكل خطر لإسرائيل، وسيتم استهدافه على الفور كتهديد لأمن إسرائيل.

من ناحية أخرى، كان نشر نظام "S-400" الأكثر تقدمًا بالقرب من القواعد الساحلية الروسية، التي تديرها القوات الروسية بشكل صارم، مقبولًا من قبل إسرائيل، منذ وصوله إلى سوريا ردًا على إسقاط تركيا المقاتلة الروسية من طراز "Su-24" في ديسمبر 2015.

وجادلت إسرائيل، بأن هذا يكفي، لأن "S-400" نظام دفاع جوي على مستوى عالمي، كما أن روسيا لم تكن على قائمة الأهداف الإسرائيلية في سوريا.

ويبدو أن الاتفاق بين إسرائيل وسوريا قبل بدء العملية، سمح لتل أبيب باستهداف مواقع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في منطقة الكسوة جنوب دمشق، وفي القنيطرة المجاورة للحدود الإسرائيلية في الجولان، باستخدام طائرات مقاتلة من طراز "F-15" و"F-16" فقط.

وإذا كانت إسرائيل تعتقد أن طائراتها ستُستهدف بواسطة نظام "S-400"، أو أن المعلومات التي جمعتها ستنتقل إلى سوريا، كان الهجوم الإسرائيلي، سيعطي الأولوية لإزالة التهديد الذي تشكله الدفاعات الجوية، قبل مهاجمة مقرات القيادة والسيطرة الإيرانية، والمرافق الاستخباراتية، ومواقع القيادة اللوجيستية، ومراكز المراقبة، ومرافق تخزين القذائف، ومناطق العمليات البرية، وما إلى ذلك.

اقرأ المزيد: كيف أثر التدخل الروسي في سوريا على علاقاتها بإسرائيل؟

ولم تشر المعلومات المنشورة عن الهجوم إلى أن إسرائيل استخدمت طائراتها الشبح من  طراز "F-35"، التي أعلن عن انضمام تسع منها إلى سرب النخبة الذهبية في سلاح الجو الإسرائيلي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل