المحتوى الرئيسى

شركاء جنوب إفريقيا الجدد

05/21 01:09

نشرت مؤسسة Institute For Security Studies مقالا للكاتب جاككى سيليرزــ رئيس مجلس أمناء المؤسسة ورئيس قسم الدراسات المستقبلية بالمؤسسة، يتنبأ فيه بتحديد الشركاء الجدد متوسطى القوة العالمية لجنوب إفريقيا تحت حكم الرئيس «سيريل رامافوسا» من خلال استخدام مؤشر القوة العالمى Global power Index ومجموعة البيانات « Polity IV. وتوصل الكاتب إلى أن البرازيل هى من أهم الشركاء الجدد للبلاد وذلك بسبب اهتمامها الكبير بالقارة الإفريقية.

بداية استهل الكاتب حديثه بالإشارة إلى أن جنوب إفريقيا تتطلع إلى إعادة هيكلة سياستها الخارجية على المستوى الإقليمى والعالمى. يشير تحليل معهد الدراسات الأمنية (ISS) للقوة العالمية إلى أنه فى ظل حكم الرئيس «سيريل رامافوسا»، الذى انتخب فى فبراير الماضى خلفا لجاكوب زوما، من الممكن أن تستفيد جنوب إفريقيا من الفكر الجديد والذى يتمثل فى تنوع الشركاء على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

وفى حديثها أمام البرلمان فى فبراير الماضى، لخصت وزيرة التعليم العالى «ناليدى باندور» جوهر السياسة الخارجية فى ظل حكم «رامافوسا» قائلة: «إن إفريقيا تقع فى قلب سياسة التعاون الدولى لجنوب إفريقيا، وأن التزامنا يتمثل فى تحقيق تكامل وتعاون بشكل أعمق وذلك من خلال زيادة نسب التجارة، والأسواق المشتركة، وتطوير المؤسسات القوية». وذكرت باندور «أنه قد حان الوقت للعودة إلى سياسة خارجية تعطى الأولوية لحقوق الإنسان».

من الجدير بالذكر أنه فى ظل حكم الرئيس السابق «جاكوب زوما» قوضت مكانة جنوب إفريقيا على الصعيدين الإقليمى والعالمى. ومن المؤكد أنه لم يشترك مع سلفه «ثابو مبيكى» فى اهتمامه الكبير بالسياسة الخارجية للبلاد أو فى رغبته بالنهوض بالقارة الإفريقية. وفى حين سعى «مبيكى» إلى بناء شراكات دولية وإفريقية استراتيجية، كانت علاقات «زوما» المتعددة الأطراف محدودة نسبيا باستثناء عضوية جنوب إفريقيا فى مجموعة البريكس التى تضم كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين.

فبدلا من تنوع العلاقات ما بين الدول المتقدمة والنامية ــ والتى كانت تمثل سمة بارزة للسياسة الخارجية فى ظل حكم كل من نيلسون مانديلا ومبيكى ــ انحازت جنوب إفريقيا تحت حكم «زوما» إلى الصين وروسيا. وكان هذا فى بعض الأحيان يتعارض مع مصالح الشركاء التجاريين التقليديين المهمين مثل الاتحاد الأوروبى.

وبدا أن زوما يعطى الأولوية للعلاقات الثنائية المحددة مثل علاقة جنوب إفريقيا بجمهورية إفريقيا الوسطى. فى هذه الحالة، يبدو إن جنوب إفريقيا تقوض القيم المكرسة فى الدستور فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان والالتزام بالديمقراطية والقواعد القائم عليها النظام العالمى. لقد عملت الشراكات على زيادة قوة الدولة، كما أن تناقص تعددية وتنوع الشركاء لدى جنوب إفريقيا يحد من قدرة الدولة على التأثير.

ويضيف الكاتب أنه يتعين على جنوب إفريقيا أن تعمل بجد لإعادة بناء الثقة والاحترام الدوليين، ولكنها تحتاج أولا إلى تحديد هويتها ودوافعها. يقدم معهد الدراسات الأمنية تحليلا لتحديد الشركاء متوسطى القوة المحتملين من خلال الاعتماد على مؤشر القوى العالمى Global Power Index (GPI)، وهو جزء من نظام التنبؤات المستقبلية العالمى (IFs).

يعتبر مؤشر القوى العالمى مؤشرا فريدا من نوعه إذ إنه يحاول أن يشمل جوانب القوة الناعمة فى حساباته وتوقعاته لقدرة الدولة، مثل عدد السفارات والمعاهدات التى تكون الدولة طرفا فيها. كما تشمل مكونات أخرى مثل الديموجغرافيا والتكنولوجيا وحجم الاقتصاد والقدرات العسكرية.

يسعى تحليل معهد الدراسات الأمنية إلى تحديد الشركاء الدوليين المحتملين لجنوب إفريقيا الذين تربطهم بها علاقات تجارية قوية، فهذه الدول تتشارك فى قيمها الديمقراطية، وكان من المقرر العمل على توسيعها أو الاحتفاظ بشكل عام بحصتها من القوة العالمية فى المستقبل.

ولتحديد الدول التى من المحتمل أن تكون فى نفس «درجة القوة» العالمية لجنوب إفريقيا، استخدم معهد الدراسات الأمنية مؤشر القوة العالمية للتمييز بين خمس مجموعات واسعة النطاق. فتمثل الولايات المتحدة نحو 22 ٪ من القدرات العالمية، أما الصين (13%) فتعمل على زيادة قدراتها بشكل سريع على حساب الآخرين والولايات المتحدة على وجه الخصوص. القوى الكبرى الأخرى هى اليابان (5.4٪)، ألمانيا ( 4.9 ٪)، فرنسا (4.8٪)، المملكة المتحدة ( 4.3 ٪))، روسيا 4.2٪ والهند 3.2٪.

لقد تغيرت القوة، ومن المتوقع أنه بحلول عام 2030 ستتفوق الصين على الولايات المتحدة بنسبة 19.6٪ من القوة العالمية (الولايات المتحدة ستكون 18.9٪) وستنتقل الهند إلى المركز الثالث بنسبة 5.7٪. وسيحصل الاتحاد الأوروبى (بدون المملكة المتحدة) بحلول عام 2030 على 16.8٪ من القوة العالمية فى حين أن المملكة المتحدة، بعد أن غادرت الاتحاد الأوروبى، ستحصل على 3.8٪.

فى حين تعمل الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى البالغ عددها 28 دولة فى ظل سياسة خارجية وأمنية مشتركة، ولا يمكن قول نفس الشىء على مجموعة البريكس التى ستحصل على 31٪ من قدرات القوة العالمية بحلول عام 2030، ومجموعة الدول الصناعية السبع G7 سيكون لديها 38.2٪. وسيضم الاتحاد الإفريقى فى عام 2030 خمس وخمسون دولة تمتلك مجتمعة أقل من 3٪ من قدرات القوة العالمية.

يتمثل التحدى الأساسى لجنوب إفريقيا، التى تعد حاليا العضو الأكثر حماسة فى مجموعة البريكس، فى أن عضويتها فى هذه المجموعة لا تتناسب إلى حد كبير مع ترتيبها العالمى أو قدراتها فى القوة العالمية. وفى أفضل الأحوال تكون جنوب إفريقيا هى مجرد دولة تابعة داخل المجموعة، أى لديها قدرة محدودة على التأثير فى النتائج أو السلوك.

تحت هذه التجمعات الأكبر والدول الأكثر قوة يتبع فئة واسعة من دول متوسطى القوة التى لديها ما بين 3٪ و 0.3٪ من قدرات القوة العالمية. وتشمل تلك القائمة 33 دولة، بدءا من البرازيل (بنسبة 2.2 ٪) وتنتهى بنيجيريا (0.3 ٪). وتشمل الدول الأخرى فى هذه الفئة المملكة العربية السعودية (1.8 ٪) وأستراليا (1.7٪). فى حين تمتلك المكسيك وتركيا وإندونيسيا نحو 1٪ من قدرات القوة العالمية لكل منهما.

تمتلك جنوب إفريقيا حاليا نسبة 0.4٪ من القوة العالمية ــ أى تعتبر أكثر الدول الإفريقية. وسوف ينخفض جزء من قدراتها بحلول عام 2030 عندما يكون لديها قوة أقل من نيجيريا، كما ستسبق مصر عالميا. وعلى الرغم من أن اقتصاد نيجيريا الآن هو أكبر من اقتصاد جنوب إفريقيا، فإنه لا يزال بلدا فقيرا يتمتع بقدرات قوة ناعمة محدودة أكثر بكثير من جنوب إفريقيا، وكذلك تتمتع بقدرة تكنولوجية منخفضة.

استخدمت الخطوة التالية فى تحليل معهد الدراسات الأمنية مجموعة بيانات « Polity IV» حول الديمقراطية لتحديد أى من الثلاثة ثلاثين دولة متوسطة القوة تتشارك بشكل عام قيم جنوب إفريقيا الديمقراطية والالتزام بحقوق الإنسان وفى هذه الخطوة تم حذف خمس دول من القائمة الأصلية وهما: المملكة العربية السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة وسنغافورة وتايلاند.

أما الخطوة الثالثة فتستخدم مؤشر القوة العالمى لتوقع أى من 28 دولة المتبقية ستزيد قدراتها من القوة العالمى بحلول عام 2030 أو أن تكون مثل جنوب إفريقيا، تمر بتجربة انخفاض متواضعة ولكن ليست خطيرة.

وقد نظرت الخطوة الأخيرة فى مستويات التجارة مع جنوب إفريقيا. وكان المنطق هنا هو أنه سيكون من الصعب بناء علاقات من الصفر وأن أى ارتباط مستقبلى يتطلب بناء تدفقات كبيرة للسلع والخدمات والتمويل. ولقد بقيت على القائمة فقط الدول التى تجاوزت معها التجارة الثنائية 200 مليون دولار أمريكى سنويا مع جنوب إفريقيا.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل